![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
#22 | |||||||||||
|
![]()
![]() صبره على التحصيل لا يحصل العلم الذي جمعه ابن تيمية إلا بصبر على الطلب وجلد على التحصيل ، وكذلك كان هو فإنه ا ستفرغ عمره كله ليلاً ونهاراً ،صيفاً وشتاءً ، حلاً وترحالا في طلب العلم فكان يدور على المشايخ ،حتى دار على أكثر من مائة عالم ، وجل مع أرباب المقالات ، وزار أهل التخصصات ، كل ذلك وهو يلم ويحوى ما عندهم ويجمع ما لديهم، فتراه مكرراً لما يحفظ ، أو متأملاً ، أو كاتباً ، أو مناقشاً،أو مناظراً ، أو مجادلا أو مفيداً ، أو مدرساً ،أو مؤلفاً ،أو مدرسا أو مؤلفاً ، أو مراسلاً ،فكانت حياته علماً وعملاً ، ولا اعلم رجلاً من المتاجرين دفع عمره كله للعلم والتعليم كابن تيمية ، ربما وجدت علماء تفرغوا للعلم ولكن ليس كل التفرغ ؛ فعندهم ما يشغلهم من الزوجات والأبناء والمناصب والوظائف ، لكن ابن تيمية ، ربما وجدت علماء تفرغوا للعلم ولكن ليس كل التفرغ ؛ فعندهم ما يشغلهم من الزوجات والأبناء والمناصب والوظائف ، لكن ابن تيمية ليس له أسرة يقوم عليها ، ولا أبناء يشتغل بتربيتهم ، ولا تجارة يهتم بها، ولا وظيفة يقوم عليها ،ولا منصب يزاوله ، إنما شأنه وقضيته الكبرى هذا العلم ن وتعلمه ،وتعليمه ، والعمل به . دابة في نشر العلم مما زاد محبتنا لهذا الإمام أنه نشر علمه نشراً لم يسمع بمثله ، نشره بعمله فكان كل من يقرأ سيرته ويعايشه ويعرفه تمام المعرفة يتأثر بسيرته وأخلاقه وأوصافه ، - وهذا نوع من أنواع نشر العلم - ، وكان يتكلم في مجالسة كلها عن العلم ، النافع المفيد ، فلم يشتغل بقضية غير العلم ، وليس له حديث ي أمور الناس ، ولا في اسعارهم أو أخبارهم ، ولا في أخبار سفرهم وإقامتهم ، ولا في صنوف معايشهم ، إنما همه وشغله وقضيته نشر العلم النافع المفيد. فقد نشره بواسطة تدريسه ن فكان يعقد الحلقات في المساجد ليلاً ونهاراً لا يشغله عن ذلك شاغل ، وكان ربما عقد الندوات للمناظرة النافعة المفيد ، وكان ينشره بواسطة الرسائل التي عمت وانتشرت وبهرت الموافق والمخالف ، وكان ينشره عبر الكتب النافعة المفيدة التي تصل إلى عشرة مجلدات أو أكثر ، وكان ينشره عب الذهاب إلى الناس في أماكنهم والي الملوك السلاطين وغلى الأمراء ، وكان لا يجلس مجلساً إلا أنشأ قضية ، أو تحدث عن مسالة ، أو تكلم في باب من أبواب العلم ؛ فكان إما مذاكراً أو مستفيداً أو شارحاً أو مؤلفاً أو مراسلاً أو خطيباً أو مفتياً ،حتى في سجنه ؛ كان بعد أن تنتهي من عبادته وأوراده يشتغل بمراسلة الناس بالفتاوى والكتابة في العلم . ![]() صموده رغم المعوقات فابن تيمية لم يثنه ما حصل له من الأذى والكيد والمكر والمجابهة والمواجهة ، بل زاده ذلك قوة وإصرار ومضاء واستمرار ، فإنه واجه من الحسد ما الله به عليم حتى من أقرب المقربين إليه ؛ فحسده أرباب المذاهب الإسلامية ،وأهل المشارب الفقهية ، وحسده علماء الكلام ،وحسده أهل الطوائف من غير أهل السنة ،وآذاه كثير من الولاة والسلاطين ، فافتروا عليه ونسبوا إليه ما لم يقل ، ألفوا فيه الكتب والرسائل ، وأهدروا دمه ، وافتوا بقتله وضللوه ،ودعوا السلطان إلى سجنه . وبالفعل سجن خمس مرات ،وكادوا ، ومنعوا كتبه ومنعوه من التدريس ، ومنعوه من الحديث ومواجهة الناس ، وتناولوا عرضه ، وشتموه وسبوه ، وجلد مرة من المرات ، وأخرج من دمشق إلى مصر ، كل ذلك والرجل منشرح الصدر ، وصابر مصابر محتسب على ما أصابه في سبيل الله مصر على تبليغ فكرته ، مستمر عل الدعوة إلى الله عز وجل ، لا يزيده الكيد إلا قوة وثباتاً وصبراً واحتساباً ، فصار مضرب المثل في ذلك كله ، وتعجب أصدقاؤه وخصومه من شجاعته ومن إصراره – رحمه الله - ، فما ثناه حبس ولا قيد ولا جلد ردود ولا تهديد ولا وعيد عندما قام له من تجديد أمر الأمة ، بل كلما آذوه نشراً لعلمه ، وصبراً على خصومه ، وحباً لأصحابه ن وثقة في وموعود ربه، وتفويض الأمر إلى خالقه ، ورضا بكفايته ووكالته – سبحانه وتعالى - ، وتفاؤلاً بالعافية الحسنة ، وبذلك صارت له – بفضل الله – العاقبة الحسنة ، فانتشرت كتبه وتأليفه ، وانتصر على حاسديه ، وكبت خصومه وصارت الدولة له والدائرة على أعدائه . ابن تيمية ونفسه الجادة من يقرأ سيرة هذا الإمام بالتفصيل يرى الجد والمثابرة في سيرته العملية والعلمية ، فهو لا يعرف الهزل ولا الدعابة القائلة ، ولا صرف العمر في حواشي المسائل أو اللهو واللغو والعبث ، أو فضول العلوم والأعمال ، بل كان يختار أنفع المسائل وأفيد الأعمال وأفضل القربات ، فهو الجد كله وكأنه منذر جيش ، وكأنه مدعو للقاء الله في كل غد . فهو يحرص على العمل النافع المثمر المفيد من الأقوال والأعمال والمؤلفات والرسائل ، فلا يختار إلا أحسن الأبواب ، فتجده يؤلف في الأسماء والصفات ؛ لأنه يعلم أنها من أجل العلوم بل من أفضل الأبواب ،ويستفرغ جهده في باب المعتقد وفي مسالة التوحيد فيبسط القول في ذلك أكثر من بسطه في فروع المسائل ، حتى إنه ألف في الأصول أكثر مما ألف في الفروع ، وسئل عن ذلك فقال : من عبد الله في الفروع على مذهب أبي حنيفه أو مالك أو الشافعي أو أحمد فقد أصاب في الجملة ، لكن الخطورة أن يخطئ الإنسان في المعتقد أو الأصول ؛ ولذلك كفى الأمة في هذا الباب أثابه الله . ![]()
|
|||||||||||
![]() |
![]() |
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|