|
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
#1 | |||||||||||
|
![]()
![]() حفظه أما حفظه فحدث ولا حرج ؛ فقد صار ابن تيمية مضرب المثل عند أصدقائه وأعدائه ، واعترف الكل له بأنه أحفظ من رأوا ، وعدوه من الأئمة الكبار في الحفظ ، وليس حفظاً فقط بل حفظاً بفهم ، فكان يسابق حفظه نظره ، وكان يعطى الكتاب في صغره فيقرؤه مرة فينتفش في ذهنه ، وذكر عن نفسه أنه يقرأ المجلد – بحمد الله – فيرسخ في ذهنه ، وبذلك حفظ كتاب الله عز وجل ، وحفظ السنة المطهرة ، وحفظ أقوال أهل العلم ، وحفظ الآثار ، وحفظ التفاسير ، وحفظ شواهد اللغة ، فكان إذا تلكم أغلق عينيه فسالت قريحته بنهر يتدفق من العلم النافع المبارك حتى قال فيه بعض الشعراء : وقاد ذهن إذا سالت قريحته *** يكاد يخشى عليه من تلهبه ! وقد نفع الله بهذا الحفظ ؛ فقد تركت ذاكرته القوية المباركة للأمة ميراثاً مباركاً من الكتب النافعة ، وكان يملي عليه أحياناً بعض المجلدات من حفظه في السفر وفي الحبس حيث لا توجد مكتبة لدية فيأتي بالعجب العجاب ، وينقل بعض كلام الأئمة بنصه وفصه ثم يعلق عليه ، وربما استدرك ، وينقل الأحاديث من حفظه وينسبها لأصحابها ، أما القرآن فقد سال على طرف لسانه يأخذ ما شاء ويترك ما شاء فقد حفظه من الصغر حتى أصبح كتاب الله عز وجل عنده كسورة الفاتحة ، مع فهم ثاقب لما يحفظ ، فليس ناقلاً فحسب كما هو شأن كثير من الناس يحفظ المعلومة ثم لا يتصرف فيها ، بل كان يحفظها ويعيها وينزلها ويقدرها حق قدرها ، ويوظفها في المكان المناسب ، ويخرج مها ما شاء الله من الكنوز والعبر والعجائب ، فيأتي بما يشده الألباب ويذهل العقول من الفوائد والدرر والنكات العلمية . ![]() ألمعيته من تلظى لموعه كاد يعمى *** كاد من شهرة اسمه لا يسمى ! الألمعية هبة يهبها الله من يشاء ،وابن تيمية له القدح المعلى في هذا الباب ، فإذا كانت الألمعية هي سرعة الخاطر وجودة الذهن ، فإن ابن تيمية الأولي في هذا الباب عن أهل العلم ؛ فقد كان يفهم المسألة بقوٍة وجدارة ، وكان يعي منا يقرأ وكان ينتزع الفائدة ويستنبط من النص استنباطاً عجيباً ، وكان إذا حاور يفهم كلام محاوره ويرد عليه في سرعة البرق ، وكان إذا كتب يسبق خاطره قلمه ، - كما يقول عنه مترجموه - ، ومن ألمعيته أنه كان يدرك الشبهة في أسرع وقت ، ويرد عليها ويزيف الزائف من الكلام ، ويثبت الحق ، ويميز بين المتشابهات ، ويفرق بين المختلفات ، وكان يوهم بعض الأئمة في بعض الأبواب من تخصصاتهم ، فأحياناً ينقد بعض المحدثين والمؤرخين ،وبعض الفلاسفة وأهل المنطق ، وعلماء الكلام ، ويرد عليهم في تخصصاتهم فإذا هو أفهم منهم بفنهم وبتخصصهم ، ومن ألمعيته – رحمه الله – أنه إذا دخل في علم قلت لا يجيد إلا هذا العلم ، ولا يحسن إلا هذا الباب ، فيأتي بالعجب للعجاب ويسهل له هذا المسلك الذي سلكه فيكون فرداً في بابه ،ويكون وحيد عصره فيما نهجه وفيما أتخذه ؛ فألمعيته – رحمه الله – محل الشهود ومحل الاعتبار من الجميع حتى صار فرداً ووحيداً في هذا الباب . ![]()
|
|||||||||||
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
#2 | |||||||||||
|
![]()
![]() سعة علمه من العلماء من برع لكن في فن واحد ، فمنهم المحدث الجهبذ في حديثه ، ومنهم العلامة في فقهه ، ومنهم الفرد في تاريخه ، ومنهم الأوحد في ادبه ،ولكن ابن تيمية كان بحراً لا تكدره الدلاء ، فهو المنظر لأهل السنة في باب المعتقد ، وهو المحدث الناقل البصير الجهبذ في علم الحديث رواية ودراية ، وفي علم الرجال ، حتى شهد له المزي – وكفى به شاهداً – في هذا الباب ، وشهد له الذهبي ايضاً ،وهو فرد زمانه في هذا التخصص ، فكان يجرح ويعدل ويميز بين الروايات ،ويعرف هذا الفن معرفة تامة دقيقة ، وقد استولى على جميع أبوابه وعلى جميع فصوله وفنونه ، وهو في استنباط النص آية من آيات الله عز وجل ، فكان يورد الآية والحديث ثم يورد كلام أهل العلم ممن سبقه ، ثم يأتي بكلام زائد على كلامهم ، وربما انتقد كلامهم أو وافقه أو عارضة أو سكت ،وكان أعجوبة في التفسير ، يقرأ – كما ذكر عن نفسه – أكثر من مائة تفسير في الآية ، ثم يدعو الله ويتضرع إليه فيفتح عليه سبحانه وتعالى علماً في الآية لم يكن مكتوباً من ذي قبل ، وربما أملى في الآية الواحدة كراريس ، ونقلوا عنه أنه بقي سنوات طويلة في شرح : ( إنا أرسلنا نوحاً إلى قومه ) ، وكان يأتي بالآية الواحدة ربما يذكرها بعد صلاة العصر في مجلسه فيغلق عينيه ، ثم يذكر الأقوال والترجيحات والاختلافات والنقولات وما قيل فيها ، معترضاً وموجهاً ومصححاً ومقرراً حتى صلاة المغرب كما قرأ الفلسفة ورد على الفلاسفة وزيف كثيراً من اقوالهم وردها إلى الوحي ، ورد على المناطقة وتغلب عليهم بالحجة وعلا عليهم بالبرهان ، ورد على علماء الطوائف من رافضة ومعتزله وجهمية واشاعرة وصوفية ودهرية ويهود ونصارى كل ذلك وهو معتصم بالدليل ، سائر مع النص ، متحاكم إلى الوحي . ![]()
|
|||||||||||
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
#3 | |||||||||||
|
![]()
![]() همته همة تنطح الثريا وعزم *** نبوى يزعزع الأجيالا ل اعلم عالماً بعد اصحاب الرسول علية الصلاة والسلام بلغت به همته مثل ما بلغت همة ابن تيمية به ، فقد اتعبته ولكنها أوصلته غلى مراقي الحمد ، ومصاف الكرامة ، وغاية المجد ، وذروة الشرف ، وسنام القبول في الأرض ، همته حركته إلى طلب العلم النافع فلم يرض بعلم دون علم ، ولم يقنع بتخصص دون تخصص ، ولم يشبع من فن دون فن ، بل رسخ في الجميع ، ومهر في الكل ، واستحوذ على قصب السبق في المعرفة ، تتجلى همته في العبادة ، فقد كان خاشعاً منيباً مخيبتا متسنناً ، كثير الأوراد صلاة وصياماً وذكراً ودعاء وقيام ليل وجهاداً وإخلاصاً وأنابه وتواضعاً وخشية لله عز وجل وغيرة وفي التأليف ، فهو من العلماء الثلاثة الذين بلغوا الغاية في التأليف ، وهم ابن الجوزي والسيوطي بالإضافة إليه ، وقد كان أكثرهم تحقيقاً وتنقيحاً ورسوخاً وعمقاً ونفعاً وأثراً في الأمة ، حتى قيل إن مؤلفاته بلغت بالرسائل والكتب أكثر من ألف مؤلف ،ولو جمعت لكانت أكثر من خمسمائة مجلد ، وقد ضاع منها الكثير ، كما تتجلى همته في الدعوة ؛ فقد اشتغل بالدعوة الفردية ، والدعوة الجماعية ، ودعوة السلطان وحاشيته ، ودعوة العامة ، ودعوة الطوائف جميعاً ، ودعوة غير المسلمين ، فدعا بالكتابة والخطابة والدروس والمراسلة ، ودعا وهو في الحبس ، ودعا في المعركة ، ودعا بالآيات البينات ودعا بالحجج القواطع ، ودعا بالراهين الساطعة ، والأدلة اللامعة ، ودعا بالمناظر والمجاورة ، ودعا مشافهة ،ودعا كتابة ؛ فكانت حياته – رحمه الله – دعوة من أولها إلى آخرها . ![]()
|
|||||||||||
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
#4 | |||||||||||
|
![]()
![]() غيرته الغيرة وقود ملتهب يمنحه الله من يشاء ، فيأنف من الخسة ، ويرتفع عن الدناءة ، ويعشق الكمال ، ويتلهف على الفضيلة ، ويحب معالي الأمور ، وهكذا كان ابن تيمية يغار على محارم الله ، ويغضب كل الغضب إذا انتهكت حدود الله عز وجل . كان يفادى بروحه الملة وصاحبها صلى الله عليه وسلم ، وقد جلد من أجل حماية جناب المصطفى صلى الله عليه وسلم ؛ فقد اعتدى بعض النصارى على الجناب الشريف بكلام فدافع ابن تيمية ، فشكاه ذلك المعتدي إلى السلطان ، وهيج العامة على ضربه ، فجلد شيخ الإسلام في مجلس السلطان بسبب هذا ، وهذا وهذا في سبيل الله عسى إله أن يأجره كل الأجر على هذا الموقف العظيم ، وألف في ذلك ( الصارم المسلول على شاتم الرسول ) صلى الله عليه وسلم كان إذا رأى المخالفة الشرعية غيرها بما عنده من فقه فكان لا يرى منكراً إلا قام كل القيام حتى يغير هذا المنكر ويدخل السوق فيغير المنكر ويغير المنكر وينبه على الباعة وأهل المكاييل والموازين وينهى الصوفية عن ابتداعا تهم ، ويغير على المخالفين من الكهنة والسحرة والمشعوذين ، وينهى عن مخالفة السنة ظاهراً وباطناً ، ويدعو الناس إلى منهجه عليه الصلاة والسلام ،،، ويقول ك لا يسع أحد في العالم الخروج على سنته صلى الله عليه وسلم ، وكان يغار في مجلس السلطان فيقول الحق غير هياب ولا جبان ولا خائف ، بل يصدع بالحق بقلب جريء أشجع من قلب الأسد في إقدام وإصرار ، حتى هل منه السلطان ، وتعجب منه الملوك ، وخافه أرباب الدول ، واحترمه العامة والخاصة ، لما علموا من صدقه وجرأته وثباته – رحمه الله - . ![]()
|
|||||||||||
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
#5 | |||||||||||
|
![]()
![]() سلامة مشربة ابن تيمية صاحب المنهج الوسط العدل الصحيح الصافي ، فقد أخذ مشربة من كتاب الله عز وجل وسنه رسوله عليه الصلاة والسلام ، فلا تعرف له بدعة ولم تحفظ عليه مخالفة للكتاب والسنة ، بل كان دائماً مع الدليل ، مع الآية والحديث متبعاً من سلف من أئمة الإسلام من الصحابة والتابعين ، لا يخالفهم ، وإنما يشد من أزرهم ويقوي منهجهم ، ويدعو إلى مذهبهم وإلى منهجهم – رضوان الله عليهم – موقراً رسول الله صلى الله عليه وسلم ، معظماً ربه كل التعظيم ن ومحترماً أئمة الإسلام ، ولا يقول بعصمة غير الرسول عليه الصلاة والسلام ، فكان – رحمه الله – الإمام المعتبر في سلامة المنهج ، وصحة المعتقد ، وصفاء المذهب ، حتى سارت على منهجه مدارس وجامعات وجماعات وطوائف ، واستحسن أهل البصيرة ما سلكه – رحمه الله – في كتبه وفي رسائله وفي منهجه الإصلاحي فجزاه الله عنا خير الجزاء . ![]()
|
|||||||||||
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
#6 | |||||||||||
|
![]()
![]() زهده يقول هو عن الزهد : ترك ما لا ينفع في الآخرة وحقق هو هذا القول في حياته ؛ فقد أعرض إعراضاً كليا عن الدنيا واطرحها وزهد فيها ، وعاش للآخرة ، فلم يتول ولاية، ولم يتقلد منصباً ، ولم يجمع مالاً ،ولم يأخذ أعطيه ، ولم يضع درهماً على درهم أو دينار على دينار ، ولم يبن بيتاً ، ولم يتخذ سكناً ،ولم يأخذ مزرعة ، ولم يذهب في تجارة ، ولم يعمر عمارة ، ولم يتكثر من الملابس ، ولم يتآكل بالعلم ، ولم يذهب في حاجته الخاصة الدنيوية ، بل كان جل همه العلم النافع والعمل الصالح ، فما عرف في وقته أزهد منه ، وكان يرضى بالقليل من الطعام ، وكان لا يسرف في الأكل بل يكتفي بلقيمات ، وكان يلوه أصحابه على قلة أكله ، ومع ذلك لا يغير من عادته ، متقشفاً في ملبسة ، وما كانت تعرف له إلا غرفة واحدة بجانب المسجد ، مع قلة الملابس وقلة ذات اليد ، وما كان يميز بين الدراهم ولا بين الدنانير ،وكان ما يأتيه من المال دون طلب منه يصرفه في الحال على الفقراء وعلى المساكين ، ولم يمس عنده فيما يعلم درهم ولا دينار ، فأقر له الموافق والمخالف والمحب والمبغض بأنه آية عجيبة في الزهد والانقطاع إلى الله ن وإهانة الدنيا وعدم الالتفات إلى أصحابها ، وعدم توفير خدامها ، وإنما توفيره لأهل العلم وللعباد والزهاد وللصالحين عموماً . ![]() تقشفه مر شيء من هذا في الزهد ، ولكن علم أنه من شبابه لم يكن صاحب رعونة ، حيث يشغله ملبسة ومطعمه ، أو تلهيه هموم بطنه وشهواته عن معالي الأمور ، بل كان – رحمه الله – يحتزيء باليسير من اللباس واليسير من الطعام ؛ فكان يلبس الثوب الواحد والعمامة على ما تيسر من ملابس ، شأنه شأن أفراد الناس مع نظافة وطهارة ن وكان ينام على ما تيسر من فوائد هذا الحديث فراش ، فلم يتخذ الفرش الوثيرة ولا اللحاف الكثير ،ولم يعدد في اللباس ، ولم يكثر من الأطعمة ، فكان ربما اكتفى بالصنف الواحد من الطعام ، مقبلاً على شانه ، مهتماً بعلمه ، مستغرقاً أوقاته في عيادة ربه ، ما بين تلاوة وقراءة ومطالعة وذكر وتأمل وجهاد ودعوة وأمر بمعروف أو نهي عن منكر أو إصلاح بين الناس . ![]()
|
|||||||||||
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
#7 | |||||||||||
|
![]()
![]() سنيته اتباع السنة منحة ربانية وعمل صالح مبرور من أعظم أعمال العبد ، ولا يحصل ذلك إلا توفيق من الله ، وفرق بين أن يقرأ العبد السنة ويطالعها ويحفظها وبين أن يضيف إلى ابن التسنن بها وظهورها على حركاته وسكناته ، وكذلك كان ابن تيمية –رحمه الله - ؛ فقد ظهرت سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم عليه قولا ًوعملاً ، في عباداته ، في معاملاته ، في كلامه ، في أخذه وعطائه ، في سلمه وحربه ، في رضاه وغضبه ، في تأليفه وفي رسائله ، في خطبه ودروسه ومواعظه وحواره وجدله ، فكان من نظر إليه ذكر الله عز وجل وتذكر سيرة الرسول عليه الصلاة والسلام ، وكان معظماً للرسول صلى الله عليه وسلم ، موقراً له، خاشعاً بين يدي سنته ، مستسلماً لحكمه ، معظماً لحديثه ، متبعاً لآثاره مقتدياً بكل ما صح عنه عليه الصلاة والسلام ، فظهرت بركته على أصحابه وطلابه وتلاميذه ، حتى قالوا ما رأينا أكثر عملاً بالسنة من ابن تيمية ، ولا رأينا من لاحت عليه معالم السنة في كل حركة من حركاته من شيخ الإسلام ، حتى إن من رآه تذكر رسول الهدى صلى الله عليه وسلم ، يذكرك به في لباسه ، في عمامته ، في قميصه ، في نومه ، في يقظته ، في أكله وشربه في ذهابه وآياته ، في مخالطته للناس وفي عزلته ، مستمسكاً بالسنة حرفاً وجملة وأثراً أثراً ، فغفر الله له . ![]() سلفيته ابن تيمية هو إمام السلفية في عهده والعهود التي لحقته ، فكان على منهج السلف اعتقاداً وتعبداً وعملاً وجهاداً ، فهو السلفي بمعنى الكلمة ،فلا يعرف في عهده ولا بعده من احتذى حذو السلف أو اقتدى بالسلف أو اقتدى بالسلف حذو القذة كابن تيمية ، فإنه قرر مذهبهم في المعتقد ؛ في الأسماء والصفات ، في توحيد الربوبية والألوهية ، في اليوم الآخر ، في القضاء والقدر ، في الوعد والوعيد ، في حب أهل البيت ، في حب الصحابه ، وفي كل مسألة كبيرة أو صغيرة من المسائل كان على منهج السلف ، ولم تعرف له مخالفة – رحمه الله - ، وليس معصوماً لكنه رجاع إلى الحق ، وكان مقصده أن يقرر مذهب السلف ، وهو الذي نظره وأظهر للناس ، وألف فيه وشرحه وبسطه وأوضحه وأزال الشبه عنه ، ونفض الغبار الذي تراكم عليه في القرون التي تلت التابعين ورد على خصوم هذا المنهج ، ودحض اقاويلهم ، ودمغهم بالدليل ، وداسهم بالبرهان ، فأظهر هذا المنهج أيما إظهار ، ونصره أيما نصر ، وخدمه أيما خدمة ، فصار معلوماً للخاص العام ، وعلمه في دروسه وفي خطبه ، ودعا إليه سراً وجهراً ، حتى في مجالس الملوك ، وفي ديوان السلطان ، وفي بلاط الوزراء والأمراء ن وفي مجامع القضاة فكان ينتصر لهذا المذهب ويغضب له ، ويرى أنه الحق وأنه الأسلم والأعلم والأحكم ، وكل رسائله ومؤلفاته وكتبه تشهد بذلك ، فلو قلت : إن الناصر – حقيقة – لمذهب السلف من عصر ابن تيمية إلى الآن هو ابن تيمية لما ابتعدت عن الصواب ، وكل من أتي بعده في الغالب من متبع السلف استفاد منه ، ونهج نهجه ، وانتفع بكتبه ، وسار على منواله ، فمن مقل ومستكثر ، فرحم الله هذا إمام ، ما أحسن تقريره لمذهب السلف ، وما أوضح شرحه ، وما ابسط عبارته ، وما أحسن مقاله ، وما أجمل تأليفه في هذا الباب ، حتى إنا نقر – والحمد لله – بأننا استفدنا كل الفائدة من هذا الإمام في معرفة منهج السلف في المعتقد ، وفي العبادات ، وفي السنن ، وفي كل شأن من شؤون الدين ؛ فجزاه الله عنا خير الجزاء . ![]()
|
|||||||||||
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|