الملتقى الجماهيري للشاعر محمد بن فطيس المري

الملتقى الجماهيري للشاعر محمد بن فطيس المري (http://www.m-f6es.com/vb/index.php)
-   منتدى إسلاميات (http://www.m-f6es.com/vb/forumdisplay.php?f=35)
-   -   سلسلـة˚◦◦˚◦◦قصص أنبياءالله ˚◦◦˚◦◦عليهـم السلام (http://www.m-f6es.com/vb/showthread.php?t=7069)

الماسـه 08-01-2011 01:27 PM

سلسلـة˚◦◦˚◦◦قصص أنبياءالله ˚◦◦˚◦◦عليهـم السلام
 
[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]
[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]


أخـــوانــي أخــواتي من هنا
سوف يكون لنا لقاء مع صفحات مضيئه ض29ض29
مــع قصص الانبياء عليهم السلام



[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]


لقد بدأ الله جلّت حكمته خلق هذه السلالة من
الناس في الأرض بخلق أبي البشر
(آدم عليه السلام) من طين.
قال تعالى:

{إِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِنْ
طِينٍ فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ
مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ} [ص: 71-72].


[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]


وكان الله سبحانه وتعالى
قضى لحكمته ورحمته
بتدارك هذا النوع الإِنساني
بتنبيهه على الخير والشر،
وتعريفه بالحق والباطل،


[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]


كما تقتضي أن تُّحبَّب إليه الفضيلة،
وتُكرَّه إليه الرذيلة، وأن تهديه إلى سلوك سبيل الحق
والخير والكمال، ليتم بذلك ابتلاؤه واختباره،
ووضعه في ظروف الامتحان الملائمة
للمنح التي وهبه الله إياها.


[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]


وقضى آدم في الأرض فترة استغفار وإنابة،
فتاب الله عليه، ثم اجتباه بالرسالة وهداه.

قال الله تعالى: {ثُمَّ اجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَتَابَ عَلَيْهِ وَهَدَى} [طه: 122].



[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]



وكان آدم عليه السلام رسولاً لذريته.


ثم تكاثر الناس وتوزَّعوا في جهات الأرض،
ينتجعون الرزق والماء في مختلف بقاعها،

وفق النظام الفطري في تكاثر الخلق،
وتوزّعهم في شتات الأرض،
حتى كان منهم الشعوب والقبائل.


[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]



ثم بتطاول العهد نَسُوا وصايا أبيهم آدم،
وضيَّعوا دينهم، ولعبت بهم الأهواء،

وأضلّتهم وساوس الشياطين، ففسقوا
واعتدَوْا وظلموا
وكفروا بالله، فتداركهم
الله بإرسال الرسل المعلِّمين، المبشرين
والمنذرين

[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]



حتى لم يدعْ أمة من الأمم إلا أرسل فيها رسولاً،
يدعو إلى الله، وينذر بعذابه من يكفر به ويخالف أمره.

قال الله تعالى:


{إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ بِالْحَقِّ بَشِيرًا وَنَذِيرًا
وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلا خلا فِيهَا نَذِيرٌ} [فاطر: 24].


[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]


وقال أيضاً: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولا أَنْ اُعْبُدُوا
اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ فَمِنْهُمْ مَنْ هَدَى اللَّهُ وَمِنْهُمْ
مَنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلالَةُ فَسِيرُوا فِي الأَرْضِ
فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ} [النحل: 36].



[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]


فهاتان الآيتان تدلاَّن على أنه ما من أمة
من الأمم السابقة إلا سبق أن أرسل الله فيها
رسولاً ينذرها، فلم يَدَع الله أمة منعزلة
من أمم الأرض تتيه في ضلالها وغيّها،


[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]


دون أن يتداركها بالتنبيه على لسان بعض رسله.
ومن هؤلاء الرسل من قص الله علينا قصصهم،
وذكر لنا أسماءهم، ومنهم من لم يذكرهم
ولم يقص قصصهم،


[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]

كما قال تعالى:

{وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلا مِنْ قَبْلِكَ مِنْهُمْ مَنْ قَصَصْنَا
عَلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ نَقْصُصْ عَلَيْكَ وَمَا كَانَ
لِرَسُولٍ أَنْ يَأْتِيَ بِآيَةٍ إِلا بِإِذْنِ اللَّهِ فَإِذَا جَاءَ
أَمْرُ اللَّهِ قُضِيَ بِالْحَقِّ وَخَسِرَ هُنَالِكَ الْمُبْطِلُونَ} [غافر: 78].





من هنا بإذن الله نبداء السلسة

بنبي الله آدم عليه السلام

[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]

الماسـه 08-01-2011 01:33 PM

رد: سلسلـة˚◦◦˚◦◦قصص أنبياءالله ˚◦◦˚◦◦عليهـم السلام
 
[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]


من قصص الأنبياء

الحلقــــة الأولـــى


آدم عليه السلام



أبو البشر، خلقه الله بيده وأسجد له الملائكة
وعلمه الأسماء وخلق له زوجته وأسكنهما الجنة
وأنذرهما أن لا يقربا شجرة معينة ولكن الشيطان
وسوس لهما فأكلا منها فأنزلهما الله إلى الأرض
ومكن لهما سبل العيش بها وطالبهما
بعبادة الله وحده وحض الناس على ذلك،
وجعله خليفته في الأرض،
وهو رسول الله إلى أبنائه وهو أول الأنبياء.



[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]

خلق آدم عليه السلام:


أخبر الله سبحانه وتعالى ملائكة
بأنه سيخلق بشرا خليفة له في الأرض.
فقال الملائكة:
(أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ
الدِّمَاء وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ).


[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]

ويوحي قول الملائكة هذا بأنه كان لديهم
تجارب سابقة في الأرض , أو إلهام وبصيرة
, يكشف لهم عن شيء من فطرة هذا المخلوق
, ما يجعلهم يتوقعون أنه سيفسد في الأرض ,
وأنه سيسفك الدماء
. . ثم هم - بفطرة الملائكة البريئة
التي لا تتصور إلا الخير المطلق
- يرون التسبيح بحمد الله والتقديس له
, هو وحده الغاية للوجود
. . وهو متحقق بوجودهم هم


[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]

يسبحون بحمد الله
ويقدسون له, ويعبدونه
ولا يفترون عن عبادته !



[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]

هذه الحيرة والدهشة التي
ثارت في نفوس الملائكة
بعد معرفة خبر خلق آدم..
أمر جائز على الملائكة،
ولا ينقص من أقدارهم شيئا،
لأنهم، رغم قربهم من الله،
وعبادتهم له، وتكريمه لهم،



[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]


لا يزيدون على كونهم عبيدا لله،
لا يشتركون معه في علمه،
ولا يعرفون حكمته الخافية،
ولا يعلمون الغيب .
لقد خفيت عليهم حكمة الله تعالى ,
في بناء هذه الأرض وعمارتها ,
وفي تنمية الحياة ,
وفي تحقيق إرادة الخالق في تطويرها
وترقيتها وتعديلها ,



[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]

على يد خليفة الله في أرضه .
هذا الذي قد يفسد أحيانا ,
وقد يسفك الدماء أحيانا .
عندئذ جاءهم القرار من العليم بكل شيء
, والخبير بمصائر الأمور: (إِنِّي أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ).


[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]

وما ندري نحن كيف قال الله
أو كيف يقول للملائكة .
وما ندري كذلك كيف يتلقى
الملائكة عن الله ،


[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]

فلا نعلم عنهم سوى ما بلغنا من صفاتهم في كتاب الله
. ولا حاجة بنا إلى الخوض في شيء
من هذا الذي لا طائل وراء الخوض فيه .
إنما نمضي إلى مغزى القصة
ودلالتها كما يقصها القرآن .


[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]

أدركت الملائكة أن الله سيجعل في الأرض خليفة.
. وأصدر الله سبحانه وتعالى أمره
إليهم تفصيلا، فقال إنه سيخلق بشرا
من طين، فإذا سواه ونفخ فيه
من روحه


[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]

فيجب على الملائكة أن تسجد له،
والمفهوم أن هذا سجود تكريم
لا سجود عبادة، لأن سجود
العبادة لا يكون إلا لله وحده.


[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]

جمع الله سبحانه وتعالى قبضة من تراب الأرض،
فيها الأبيض والأسود والأصفر والأحمر -
ولهذا يجيء الناس ألوانا مختلفة -
ومزج الله تعالى التراب بالماء
فصار صلصالا من حمأ مسنون.
تعفن الطين وانبعثت له رائحة..
وكان إبليس يمر عليه فيعجب
أي شيء يصير هذا الطين؟


[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]

سجود الملائكة لآدم:


من هذا الصلصال خلق الله تعالى آدم
.. سواه بيديه سبحانه ،
ونفخ فيه من روحه سبحانه ..
فتحرك جسد آدم ودبت فيه الحياة..
فتح آدم عينيه فرأى الملائكة كلهم ساجدين له


[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]

ما عدا إبليس الذي كان يقف مع الملائكة
، ولكنه لم يكن منهم، لم يسجد ..
فهل كان إبليس من الملائكة ?
الظاهر أنه لا . لأنه لو كان من الملائكة ما عصى



[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]

فالملائكة لا يعصون الله ما أمرهم
ويفعلون ما يؤمرون . .
وسيجيء أنه خلق من نار .
والمأثور أن الملائكة خلق من نور
. . ولكنه كان مع الملائكة وكان مأموراً بالسجود .



[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]

أما كيف كان السجود ?
وأين ? ومتى ?
كل ذلك في علم الغيب عند الله .

ومعرفته لا تزيد في مغزى القصة شيئاً..


[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]


فوبّخ الله سبحانه وتعالى إبليس:
(قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَن تَسْجُدَ
لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنتَ مِنَ الْعَالِينَ)


[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]

فردّ بمنطق يملأه الحسد:
(قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِّنْهُ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ)


[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]

هنا صدر الأمر الإلهي العالي
بطرد هذا المخلوق المتمرد القبيح:
(قَالَ فَاخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ) وإنزال
اللعنة عليه إلى يوم الدين. ولا نعلم
ما المقصود بقوله سبحانه (مِنْهَا)
فهل هي الجنة ? أم هل هي رحمة الله
. . هذا وذلك جائز .


[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]

ولا محل للجدل الكثير .
فإنما هو الطرد واللعنة
والغضب جزاء التمرد
والتجرؤ على أمر الله الكريم .


[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]

قَالَ فَالْحَقُّ وَالْحَقَّ أَقُولُ
(84) لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنكَ وَمِمَّن تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ (85) (ص)


[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]

هنا تحول الحسد إلى حقد .
وإلى تصميم على الانتقام
في نفس إبليس:
(قَالَ رَبِّ فَأَنظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ)


[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]

واقتضت مشيئة الله للحكمة
المقدرة في علمه أن يجيبه إلى ما طلب
, وأن يمنحه الفرصة التي أراد.
فكشف الشيطان عن هدفه الذي ينفق فيه حقده:


[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]

(قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ)
ويستدرك فيقول: (إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ)
فليس للشيطان أي سلطان على عباد الله المؤمنين .



[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]

وبهذا تحدد منهجه وتحدد طريقه .
إنه يقسم بعزة الله ليغوين جميع الآدميين .
لا يستثني إلا من ليس له عليهم سلطان
. لا تطوعاً منه ولكن عجزاً عن بلوغ
غايته فيهم ! وبهذا يكشف عن الحاجز بينه
وبين الناجين من غوايته وكيده ;


[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]

والعاصم الذي يحول بينهم وبينه .
إنه عبادة الله التي تخلصهم لله .

هذا هو طوق النجاة . وحبل الحياة
! . . وكان هذا وفق إرادة الله
وتقديره في الردى والنجاة


[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]

فأعلن - سبحانه - إرادته .

وحدد المنهج والطريق:

(لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنكَ وَمِمَّن تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ) .


[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]

فهي المعركة إذن بين الشيطان
وأبناء آدم , يخوضونها على علم
. والعاقبة مكشوفة لهم في وعد الله
الصادق الواضح المبين .
وعليهم تبعة ما يختارون لأنفسهم

بعد هذا البيان .
وقد شاءت رحمة الله ألا يدعهم
جاهلين ولا غافلين . فأرسل إليهم المنذرين .


[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]


تعليم آدم الأسماء:


ثم يروي القرآن الكريم قصة
السر الإلهي العظيم الذي أودعه الله
هذا الكائن البشري ,


[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]

وهو يسلمه مقاليد الخلافة:
(وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاء كُلَّهَا) .


[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]

سر القدرة على الرمز بالأسماء
للمسميات . سر القدرة على تسمية
الأشخاص والأشياء بأسماء يجعلها -
وهي ألفاظ منطوقة - رموزا
لتلك الأشخاص والأشياء المحسوسة .
وهي قدرة ذات قيمة كبرى في حياة
الإنسان على الأرض .


[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]

ندرك قيمتها حين نتصور الصعوبة الكبرى ,
لو لم يوهب الإنسان القدرة
على الرمز بالأسماء للمسميات ,
والمشقة في التفاهم والتعامل ,
حين يحتاج كل فرد لكي يتفاهم
مع الآخرين على شيء أن يستحضر هذا الشيء
بذاته أمامهم ليتفاهموا بشأنه


[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]

الشأن شأن نخلة فلا سبيل إلى التفاهم عليه
إلا باستحضار جسم النخلة ! الشأن شأن جبل .
فلا سبيل إلى التفاهم عليه إلا بالذهاب إلى الجبل
! الشأن شأن فرد من الناس


[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]

فلا سبيل إلى التفاهم عليه
إلا بتحضير هذا الفرد من الناس . . .
إنها مشقة هائلة لا تتصور معها حياة !


[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]

وإن الحياة ما كانت لتمضي في طريقها
لو لم يودع الله هذا
الكائن القدرة على الرمز بالأسماء للمسميات .

[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]

أما الملائكة فلا حاجة لهم بهذه الخاصية ,
لأنها لا ضرورة لها في وظيفتهم .
ومن ثم لم توهب لهم .


[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]

فلما علم الله آدم هذا السر ,
وعرض عليهم ما عرض لم يعرفوا الأسماء
. لم يعرفوا كيف يضعون الرموز
اللفظية للأشياء والشخوص . .


[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]

وجهروا أمام هذا العجز بتسبيح ربهم ,
والاعتراف بعجزهم ,
والإقرار بحدود علمهم
, وهو ما علمهم . .


[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]

ثم قام آدم بإخبارهم بأسماء الأشياء
. ثم كان هذا التعقيب الذي يردهم
إلى إدراك حكمة العليم الحكيم:
(قَالَ أَلَمْ أَقُل لَّكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ
غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنتُمْ تَكْتُمُونَ)



[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]

أراد الله تعالى أن يقول للملائكة
إنه عَـلِـمَ ما أبدوه من الدهشة
حين أخبرهم أنه سيخلق آدم،
كما علم ما كتموه من الحيرة
في فهم حكمة الله، كما علم ما أخفاه
إبليس من المعصية والجحود..


[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]

أدرك الملائكة أن آدم هو المخلوق
الذي يعرف.. وهذا أشرف شيء فيه..
قدرته على التعلم والمعرفة..
كما فهموا السر في أنه سيصبح خليفة في الأرض،
يتصرف فيها ويتحكم فيها.. بالعلم والمعرفة..


معرفة بالخالق.. وهذا ما يطلق عليه
اسم الإيمان أو الإسلام.. وعلم بأسباب
استعمار الأرض وتغييرها والتحكم فيها
والسيادة عليها..


[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]

ويدخل في هذا النطاق كل العلوم المادية على الأرض.

إن نجاح الإنسان في معرفة هذين الأمرين
(الخالق وعلوم الأرض) يكفل له
حياة أرقى.. فكل من الأمرين مكمل للآخر.


[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]

سكن آدم وحواء في الجنة:



اختلف المفسرون في كيفية خلق حواء.
ولا نعلم إن كان الله قد خلق حواء
في نفس وقت خلق آدم أم بعده
[/COLOR]
[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]


لكننا نعلم أن الله سبحانه وتعالى
أسكنهما معا في الجنة. لا نعرف
مكان هذه الجنة. فقد سكت القرآن عن مكانها


[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]

[COLOR="Blue"]واختلف المفسرون فيها على خمسة وجوه.
قال بعضهم: إنها جنة المأوى،
وأن مكانها السماء.

[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]

ونفى بعضهم ذلك لأنها
لو كانت جنة المأوى لحرم دخولها
على إبليس ولما جاز فيها وقوع عصيان.


[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]


وقال آخرون:
إنها جنة المأوى خلقها الله لآدم وحواء.
وقال غيرهم: إنها جنة من جنات
الأرض تقع في مكان مرتفع.


[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]

وذهب فريق إلى التسليم في أمرها والتوقف..
ونحن نختار هذا الرأي.
إن العبرة التي نستخلصها
من مكانها لا تساوي شيئا
بالقياس إلى العبرة التي
تستخلص مما حدث فيها.


[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]

لم يعد يحس آدم الوحدة.
كان يتحدث مع حواء كثيرا.
وكان الله قد سمح لهما
بأن يقتربا من كل شيء
وأن يستمتعا بكل شيء،


[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]

ما عدا شجرة واحدة.
فأطاع آدم وحواء
أمر ربهما بالابتعاد عن الشجرة.
غير أن آدم إنسان، والإنسان ينسى،
وقلبه يتقلب، وعزمه ضعيف.


[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]

واستغل إبليس إنسانية آدم
وجمع كل حقده في صدره،
واستغل تكوين آدم النفسي..
وراح يثير في نفسه يوما بعد يوم.


[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]

راح يوسوس إليه يوما بعد يوم:
(هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لَّا يَبْلَى) .


[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]

تسائل أدم بينه وبين نفسه.
ماذا يحدث لو أكل من الشجرة ..؟


[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]

ربما تكون شجرة الخلد حقا،
وكل إنسان يحب الخلود.
ومرت الأيام وآدم وحواء
مشغولان بالتفكير في هذه الشجرة
.

[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]

ثم قررا يوما أن يأكلا منها.
نسيا أن الله حذرهما من الاقتراب منها.
نسيا أن إبليس عودهما القديم.
ومد آدم يده إلى الشجرة
وقطف منها إحدى الثمار
وقدمها لحواء.
وأكل الاثنان من الثمرة المحرمة.


[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]

ليس صحيحا ما تذكره صحف اليهود
من إغواء حواء لآدم وتحميلها
مسئولية الأكل من الشجرة.
إن نص القرآن لا يذكر حواء.

إنما يذكر آدم
-كمسئول عما حدث-
عليه الصلاة والسلام.


[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]

وهكذا أخطأ الشيطان وأخطأ آدم.
أخطأ الشيطان بسبب الكبرياء،
وأخطأ آدم بسبب الفضول.


[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]

لم يكد آدم ينتهي من الأكل
حتى اكتشف أنه أصبح عار،
وأن زوجته عارية.


[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]

وبدأ هو وزوجته يقطعان
أوراق الشجر لكي يغطي بهما
كل واحد منهما جسده العاري.


[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]

وأصدر الله تبارك وتعالى
أمره بالهبوط من الجنة.



هبوط آدم وحواء إلى الأرض:

وهبط آدم وحواء إلى الأرض.
واستغفرا ربهما وتاب إليه.


[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]

فأدركته رحمة ربه التي تدركه دائما
عندما يثوب إليها ويلوذ بها ...
وأخبرهما الله أن الأرض هي مكانهما الأصلي..
يعيشان فيهما، ويموتان عليها،
ويخرجان منها يوم البعث.


[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]

يتصور بعض الناس أن خطيئة
آدم بعصيانه هي التي أخرجتنا
من الجنة.

ولولا هذه الخطيئة لكنا اليوم هناك.
وهذا التصور غير منطقي
لأن الله تعالى حين شاء
أن يخلق آدم قال للملائكة:
"إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً"
ولم يقل لهما إني جاعل في الجنة خليفة.



[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]

لم يكن هبوط آدم إلى الأرض هبوط إهانة،
وإنما كان هبوط كرامة
كما يقول العارفون بالله.
كان الله تعالى يعلم أن آدم وحواء


[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]

سيأكلان من الشجرة.
ويهبطان إلى الأرض.
أما تجربة السكن في لجنة
فكانت ركنا من أركان الخلافة
في الأرض. ليعلم آدم وحواء


[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]

ويعلم جنسهما من بعدهما
أن الشيطان طرد الأبوين
من الجنة، وأن الطريق
إلى الجنة يمر بطاعة الله
وعداء الشيطان



[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]

الماسـه 08-02-2011 03:11 PM

رد: سلسلـة˚◦◦˚◦◦قصص أنبياءالله ˚◦◦˚◦◦عليهـم السلام
 
[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]



من قصص الأنبياء
الحلقـــة التانيــــه



إدريس عليه السلام


نبذة:


كان صديقا نبيا ومن الصابرين،
أول نبي بعث في الأرض بعد آدم
وهو أبو جد نوح أنزلت
عليه ثلاثون صحيفة،



[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]


ودعا إلى وحدانية الله وآمن به
ألف إنسان،
وهو أول من خط بالقلم
وأول من خاط الثياب ولبسها
وأول من نظر في علم
النجوم وسيرها



[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]

سيرته:

إدريس عليه السلام هو أحد
الرسل الكرام الذين
أخبر الله تعالى عنهم
في كتابة العزيز


[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]



وذكره في بضعة مواطن
من سور القرآن، وهو
ممن يجب الإيمان بهم تفصيلاً
أي يجب اعتقاد نبوته
ورسالته على سبيل القطع
والجزم لأن القرآن قد
ذكره باسمه وحدث عن شخصه
فوصفه بالنبوة والصديقية.


[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]


نسبه:


هو إدريس بن يارد بن مهلائيل
وينتهي نسبه إلى شيث بن آدم
عليه السلام واسمه عند العبرانيين
(خنوخ) وفي الترجمة العربية
(أخنوخ) وهو من أجداد
نوح عليه السلام



[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]


وهو أول بني آدم أعطي
النبوة بعد (آدم) و
(شيث) عليهما السلام وذكر
ابن إسحاق أنه أول من خط
بالقلم، وقد أدرك من حياة
آدم عليه السلام 308 سنوات
لأن آدم عمر طويلاً زهاء 1000 ألف سنة.


[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]


حياته:

وقد أختلف العلماء في مولده
ونشأته، فقال بعضهم إن
إدريس ولد ببابل، وقال
آخرون إنه ولد بمصر والصحيح الأول،



[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]


وقد أخذ في أول عمره بعلم
شيث بن آدم، ولما كبر

آتاه الله النبوة فنهي المفسدين
من بني آدم عن مخالفتهم
شريعة (آدم) و (شيث)
فأطاعه نفر قليل،
وخالفه جمع غفير



[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]


فنوى الرحلة عنهم وأمر
من أطاعه منهم بذلك
فثقل عليهم الرحيل عن
أوطانهم فقالوا له،
وأين نجد إذا رحلنا
مثل (بابل) فقال إذا
هاجرنا رزقنا الله غيره،


[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]


فخرج وخرجوا حتى وصلوا
إلى أرض مصر فرأوا
النيل فوقف على النيل
وسبح الله، وأقام إدريس
ومن معه بمصر يدعو الناس
إلى الله وإلى مكارم الأخلاق.


[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]


وكانت له مواعظ وآداب فقد
دعا إلى دين الله، وإلى عبادة
الخالق جل وعلا، وتخليص
النفوس من العذاب في الآخرة،
بالعمل الصالح في الدنيا



[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]


وحض على الزهد في هذه الدنيا
الفانية الزائلة، وأمرهم بالصلاة
والصيام والزكاة وغلظ
عليهم في الطهارة من الجنابة،


[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]



وحرم المسكر من كل شي
من المشروبات وشدد فيه
أعظم تشديد وقيل إنه
كان في زمانه 72 لساناً
يتكلم الناس بها


[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]



وقد علمه الله تعالى منطقهم جميعاً
ليعلم كل فرقة منهم بلسانهم.
وهو أول من علم السياسة المدنية،
ورسم لقومه قواعد تمدين المدن،



[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]



فبنت كل فرقة من الأمم مدناً
في أرضها وأنشئت في
زمانه 188 مدينة
وقد اشتهر بالحكمة فمن حكمة
قوله (خير الدنيا حسرة، وشرها ندم)



[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]



وقوله (السعيد من نظر إلى نفسه
وشفاعته عند ربه
أعماله الصالحة) وقوله
(الصبر مع الإيمان يورث الظفر).


[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]



وفاته:

وقد أُخْتُلِفَ في موته..
فعن ابن وهب، عن جرير بن حازم،
عن الأعمش، عن شمر بن عطية،
عن هلال بن يساف قال: سأل
ابن عباس كعباً وأنا حاضر
فقال له: ما قول الله تعالى
لإدريس
{وَرَفَعْنَاهُ مَكَاناً عَلِيّاً}؟


[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]



فقال كعب: أما إدريس فإن
الله أوحى إليه: أني أرفع لك
كل يوم مثل جميع عمل بني
آدم - لعله من أهل زمانه
- فأحب أن يزداد عملاً


[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]



فأتاه خليل له من الملائكة،
فقال "له": إن الله أوحى إلي كذا
وكذا فكلم ملك الموت حتى
ازداد عملاً، فحمله بين
جناحيه ثم صعد به إلى السماء،



[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]



فلما كان في السماء الرابعة
تلقاه ملك الموت منحدراً،
فكلم ملك الموت في الذي
كلمه فيه إدريس، فقال: وأين إدريس؟


[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]



قال هو ذا على ظهري، فقال ملك
الموت: يا للعجب! بعثت
وقيل لي اقبض روح إدريس
في السماء الرابعة،
فجعلت أقول: كيف أقبض
روحه في السماء الرابعة
وهو في الأرض؟!


[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]



فقبض روحه هناك. فذلك قول
الله عز وجل {وَرَفَعْنَاهُ مَكَاناً عَلِيّاً}.
ورواه ابن أبي حاتم عند تفسيرها.
وعنده فقال لذلك الملك سل لي

ملك الموت كم بقي من عمري؟
فسأله وهو معه: كم بقي من عمره؟



[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]



فقال: لا أدري حتى أنظر،
فنظر فقال إنك لتسألني
عن رجل ما بقي من عمره
إلا طرفة عين، فنظر الملك
إلى تحت جناحه إلى إدريس
فإذا هو قد قبض وهو لا يشعر.
وهذا من الإسرائيليات،
وفي بعضه نكارة.




[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]



وقول ابن أبي نجيح عن مجاهد
في قوله: {وَرَفَعْنَاهُ مَكَاناً عَلِيّاً}
قال: إدريس رفع ولم يمت كما
رفع عيسى. إن أراد أنه لم
يمت إلى الآن ففي هذا نظر،




[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]



وإن أراد أنه رفع حياً
إلى السماء ثم قبض
هناك. فلا ينافي ما
تقدم عن كعب الأحبار.
والله أعلم.


[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]



وقال العوفي عن ابن عباس
في قوله: {وَرَفَعْنَاهُ مَكَاناً عَلِيّاً}
: رفع إلى السماء
السادسة فمات بها،


[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]


وهكذا قال الضحاك. والحديث
المتفق عليه من أنه في
السماء الرابعة أصح،
وهو قول مجاهد وغير واحد.



[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]



وقال الحسن البصري:
{وَرَفَعْنَاهُ مَكَاناً عَلِيّاً}
قال: إلى الجنة،
وقال قائلون رفع
في حياة أبيه يرد
بن مهلاييل والله أعلم.



[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]



وقد زعم بعضهم أن
إدريس لم يكن قبل
نوح بل في زمان
بني إسرائيل.


[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]



قال البخاري:
ويذكر عن ابن مسعود
وابن عباس أن
إلياس هو إدريس،



[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]



واستأنسوا في ذلك بما جاء
في حديث الزهري عن أنس
في الإسراء: أنه لما مرّ به
عليه السلام قال له مرحباً
بالأخ الصالح والنبي الصالح،



[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]



ولم يقل كما قال آدم و إبراهيم:
مرحباً بالنبي الصالح
والابن الصالح، قالوا:
فلو كان في عمود نسبه
لقال له كما قالا له.




[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]



وهذا لا يدل ولابد، قد لا
يكون الراوي حفظه جيداً،
أو لعله قاله على سبيل
الهضم والتواضع،



[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]



ولم ينتصب له في مقام
الأبوة كما انتصب لآدم
أبي البشر، وإبراهيم
الذي هو خليل الرحمن،

وأكبر أولي العزم بعد
محمد صلوات الله عليهم أجمعين



[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]



الماسـه 08-03-2011 03:32 PM

رد: سلسلـة˚◦◦˚◦◦قصص أنبياءالله ˚◦◦˚◦◦عليهـم السلام
 

[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]

الحلقــــة التالتــــه
من قصص الانبيــاء


نوح عليه السلام

نبذة:

كان نوح تقيا صادقا أرسله الله ليهدي قومه وينذرهم عذاب الآخرة
ولكنهم عصوه وكذبوه، ومع ذلك استمر يدعوهم إلى الدين الحنيف


[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]


فاتبعه قليل من الناس، واستمر الكفرة في طغيانهم
فمنع الله عنهم المطر
ودعاهم نوح أن يؤمنوا حتى يرفع الله عنهم العذاب فآمنوا
فرفع الله عنهم العذاب ولكنهم رجعوا إلى كفرهم،
وأخذ يدعوهم 950 سنة


[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]


ثم أمره الله ببناء السفينة وأن يأخذ معه زوجا من كل نوع ثم جاء
الطوفان فأغرقهم أجمعين.


[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]


حال الناس قبل بعثة نوح:


قبل أن يولد قوم نوح عاش خمسة رجال صالحين من أجداد قوم نوح عاشوا زمنا ثم ماتوا،
كانت أسماء الرجال الخمسة هي: (ودَّ، سُواع، يغوث، يعوق، نسرا).


[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]


بعد موتهم صنع الناس لهم تماثيل في مجال الذكرى والتكريم
ومضى الوقت ومات الذين نحتوا التماثيل وجاء أبنائهم..
ومات الأبناء وجاء أبناء الأبناء.. ثم نسجت قصصا وحكايات
حول التماثيل تعزو لها قوة خاصة



[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]


وإستغل إبليس الفرصة وأوهم الناس أن هذه تماثيل
آلهة تملك النفع وتقدر على الضرر وبدأ
الناس يعبدون هذه التماثيل



[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]


إرسال نوح عليه السلام


كان نوح على الفطرة مؤمنا بالله تعالى قبل بعثته
إلى الناس وكل الأنبياء مؤمنون بالله تعالى قبل بعثتهم
وكان كثير الشكر لله عزّ وجلّ فاختاره الله لحمل الرسالة
فخرج نوح على قومه وبدأ دعوته
يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَـهٍ غَيْرُهُ إِنِّيَ أَخَافُ
عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ
بهذه الجملة الموجزة وضع نوح قومه أمام حقيقة الألوهية
وحقيقة البعث هناك إله خالق وهو وحده الذي يستحق العبادة




[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]

وهناك موت ثم بعث ثم يوم للقيامة يوم عظيم،
فيه عذاب يوم عظيم.شرح نوح لقومه أنه يستحيل أن يكون
هناك غير إله واحد هو الخالق
أفهمهم أن الشيطان قد خدعهم زمنا طويلا، وأن الوقت قد
جاء ليتوقف هذا الخداع،



[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]

حدثهم نوح عن تكريم الله للإنسان. كيف خلقه، ومنحه الرزق
وأعطاه نعمة العقل، وليست عبادة الأصنام غير ظلم خانق للعقل.
تحرك قوم نوح في اتجاهين بعد دعوته. لمست الدعوة قلوب
الضعفاء والفقراء والبؤساء،
وانحنت على جراحهم وآلامهم بالرحمة



[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]


أما الأغنياء والأقوياء والكبراء، تأملوا الدعوة بعين الشك ولما
كانوا يستفيدون من بقاء الأوضاع على ما هي عليه
فقد بدءوا حربهم ضد نوح



[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]


في البداية اتهموا نوحا بأنه بشر مثلهم:
فَقَالَ الْمَلأُ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن قِوْمِهِ مَا نَرَاكَ إِلاَّ بَشَرًا مِّثْلَنَا
قال تفسير القرطبي: الملأ الذين كفروا من قومه هم الرؤساء
الذين كانوا في قومه. يسمون الملأ لأنهم مليئون بما يقولون.



[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]


قال هؤلاء الملأ لنوح: أنت بشر يا نوح.
رغم أن نوحا لم يقل غير ذلك، وأكد أنه مجرد بشر..
والله يرسل إلى الأرض رسولا من البشر، لأن الأرض يسكنها البشر ولو
كانت الأرض تسكنها الملائكة لأرسل الله رسولا من الملائكة
إستمرت الحرب بين الكافرين ونوح




[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]



في البداية تصور الكفرة يومها أن دعوة نوح لا تلبث أن تنطفئ
وحدها فلما وجدوا الدعوة تجتذب الفقراء والضعفاء
وأهل الصناعات البسيطة بدءوا الهجوم على نوح من هذه الناحية




[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]



هاجموه في أتباعه، وقالوا له: لم يتبعك غير
الفقراء والضعفاء والأراذل.هكذا اندلع الصراع بين
نوح ورؤساء قومه ولجأ الذين كفروا إلى المساومة





[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]



قالوا لنوح اسمع يا نوح. إذا أردت أن نؤمن لك
فاطرد الذين آمنوا بك
إنهم ضعفاء وفقراء ونحن سادة القوم وأغنياؤهم..
ويستحيل أن تضمنا دعوة واحدة مع هؤلاء.
واستمع نوح إلى كفار قومه وأدرك أنهم يعاندون،
ورغم ذلك كان طيبا في رده




[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]




أفهم قومه أنه لا يستطيع أن يطرد المؤمنين لأنهم
أولا ليسوا ضيوفه، إنما هم ضيوف الله.. وليست الرحمة
بيته الذي يدخل فيه من يشاء أو يطرد منه من يشاء،
إنما الرحمة بيت الله الذي يستقبل فيه من يشاء.




[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]




كان نوح يناقش كل حجج الكافرين بمنطق الأنبياء الكريم الوجيه
وهو منطق الفكر الذي يجرد نفسه من الكبرياء الشخصي وهوى المصالح الخاصة.
قال لهم إن الله قد آتاه الرسالة والنبوة والرحمة.
ولم يروا هم ما آتاه الله، وهو بالتالي لايجبرهم على
الإيمان برسالته وهم كارهون



[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]


إن كلمة لا إله إلا الله لا تفرض على أحد من البشر.
أفهمهم أنه لا يطلب منهم مقابلا لدعوته، لا يطلب
منهم مالا فيثقل عليهم، إن أجره على الله، هو الذي يعطيه ثوابه.



[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]




أفهمهم أنه لا يستطيع أن يطرد الذين آمنوا بالله،
وأن له حدوده كنبي. وحدوده لا تعطيه حق طرد
المؤمنين لسببين:
أنهم سيلقون الله مؤمنين به فكيف يطرد مؤمنا بالله؟

ثم أنه لو طردهم لخاصموه عند الله، ويجازي من طردهم،
فمن الذي ينصر نوحا من الله لو طردهم؟
وهكذا انتهى نوح إلى أن مطالبة قومه له بطرد المؤمنين جهل منهم.



[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]




وعاد نوح يقول لهم أنه لا يدعى لنفسه أكثر مما له من حق وأخبرهم
بتذللـه وتواضعه لله عز وجل،
فهو لا يدعي لنفسه ما ليس له من خزائن الله،
وهي إنعامه على من يشاء من عباده، وهو لا يعلم الغيب، لأن الغيب علم
اختص الله تعالى وحده به. أخبرهم أيضا أنه ليس ملكا. بمعنى
أن منزلته ليست كمنزلة الملائكة




[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]


قال لهم نوح: إن الذين تزدري أعينكم وتحتقر وتستثقل
إن هؤلاء المؤمنين الذي تحتقرونهم لن تبطل أجورهم وتضيع لاحتقاركم لهم،
الله أعلم بما في أنفسهم. هو الذي يجازيهم عليه
ويؤاخذهم به أظلم نفسي لو قلت إن الله لن يؤتيهم خيرا.



[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]


وسئم الملأ يومها من هذا الجدل الذي يجادله نوح حكى الله
موقفهم منه في سورة (هود)قَالُواْ يَا نُوحُ قَدْ جَادَلْتَنَا
فَأَكْثَرْتَ جِدَالَنَا فَأْتَنِا بِمَا تَعِدُنَا إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (32)


[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]


قَالَ إِنَّمَا يَأْتِيكُم بِهِ اللّهُ إِن شَاء وَمَا أَنتُم بِمُعْجِزِينَ (33)
وَلاَ يَنفَعُكُمْ نُصْحِي إِنْ أَرَدتُّ أَنْ أَنصَحَ لَكُمْ إِن كَانَ اللّهُ يُرِيدُ
أَن يُغْوِيَكُمْ هُوَ رَبُّكُمْ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (34) (هود)

أضاف نوح إغواءهم إلى الله تعالى تسليما بأن الله هو الفاعل
في كل حال غير أنهم استحقوا الضلال بموقفهم الاختياري
وملئ حريتهم وكامل إرادتهم



[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]


فالإنسان صانع لأفعاله ولكنه محتاج في صدورها عنه
إلى ربه بهذه النظرة يستقيم معنى مساءلة الإنسان عن أفعاله.
كل ما في الأمر أن الله ييسر كل مخلوق لما خلق له، سواء
أكان التيسير إلى الخير أم إلى الشر.. وهذا من تمام
الحرية وكمالها. يختار الإنسان بحريته فييسر له الله تعالى
طريق ما اختاره.



[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]


اختار كفار قوم نوح طريق الغواية فيسره الله لهم.
وتستمر المعركة وتطول المناقشة بين الكافرين من قوم نوح وبينه
إذا انهارت كل حجج الكافرين ولم يعد لديهم ما يقال،
بدءوا يخرجون عن حدود الأدب ويشتمون نبي الله:

قَالَ الْمَلأُ مِن قَوْمِهِ إِنَّا لَنَرَاكَ فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ (60) (الأعراف)



[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]


ورد عليهم نوح بأدب الأنبياء العظيم:


قَالَ يَا قَوْمِ لَيْسَ بِي ضَلاَلَةٌ وَلَكِنِّي رَسُولٌ مِّن رَّبِّ الْعَالَمِينَ (61)
أُبَلِّغُكُمْ رِسَالاَتِ رَبِّي وَأَنصَحُ لَكُمْ وَأَعْلَمُ مِنَ اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ (62) (الأعراف)
ويستمر نوح في دعوة قومه إلى الله. ساعة بعد ساعة. ويوما بعد يوم.
وعاما بعد عام. ومرت الأعوام ونوح يدعو قومه.
كان يدعوهم ليلا ونهارا، وسرا وجهرا،



[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]

يضرب لهم الأمثال. ويشرح لهم الآيات ويبين لهم قدرة الله
في الكائنات، وكلما دعاهم إلى الله فروا منه،
وكلما دعاهم ليغفر الله لهم جعلوا أصابعهم في
آذانهم واستكبروا عن سماع الحق.


[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]

واستمر نوح يدعو قومه إلى الله ألف سنة إلا خمسين عاما.
وكان يلاحظ أن عدد المؤمنين لا يزيد، بينما يزيد عدد الكافرين.
وحزن نوح غير أنه لم يفقد الأمل، وظل يدعو قومه ويجادلهم،
وظل قومه على الكبرياء والكفر والتبجح. وحزن
نوح على قومه. لكنه لم يبلغ درجة اليأس.


[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]

ظل محتفظا بالأمل طوال 950 سنة. ويبدو أن أعمار الناس
قبل الطوفان كانت طويلة، وربما يكون هذا العمر
الطويل لنوح معجزة خاصة له.

وجاء يوم أوحى الله إليه، أنه لن يؤمن من قومك إلا من
قد آمن. أوحى الله إليه ألا يحزن عليهم.
ساعتها دعا نوح على الكافرين بالهلاك:


[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]

وَقَالَ نُوحٌ رَّبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا (26) (نوح)

برر نوح دعوته بقوله:
إِنَّكَ إِن تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبَادَكَ وَلَا يَلِدُوا إِلَّا فَاجِرًا كَفَّارًا (26) (نوح)
ثم أصدر الله تعالى حكمه على الكافرين بالطوفان.
أخبر الله تعالى عبده نوحا أنه سيصنع سفينة
(بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا)



[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]


أي بعلم الله وتعليمه وعلى مرأى منه وطبقا لتوجيهاته ومساعدة
الملائكة أصدر الله تعالى أمره إلى نوح:

(وَلاَ تُخَاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُواْ إِنَّهُم مُّغْرَقُونَ)
يغرق الله الذين ظلموا مهما كانت أهميتهم أو قرابتهم للنبي،
وينهى الله نبيه أن يخاطبه أو يتوسط لهم.


[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]

وبدأ نوح يغرس الشجر ويزرعه ليصنع منه السفينة إنتظر
سنوات ثم قطع ما زرعه وبدأ نجارته كانت سفينة
عظيمة الطول والارتفاع والمتانة
وقد اختلف المفسرون في حجمها وهيئتها وعدد طبقاتها
ومدة عملها والمكان الذي عملت فيه ومقدار طولها، وعرضها
على أقوال متعارضة لم يصح منها شي



[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]

وقال الفخر الرازي في هذا كله: أعلم أن هذه المباحث
لا تعجبني لأنها أمور لا حاجة إلى معرفتها البتة ولا يتعلق
بمعرفتها فائدة أصلا.
نحن نتفق مع الرازي في مقولته هذه فنحن لا نعرف عن حقيقة
هذه السفينة إلا ما حدثنا الله به تجاوز الله تعالى هذه
التفصيلات التي لا أهمية لها، إلى مضمون القصة ومغزاها المهم



[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]

بدأ نوح يبني السفينة ويمر عليه الكفار فيرونه
منهمكا في صنع السفينة والجفاف سائد، وليست
هناك أنهار قريبة أو بحار.
كيف ستجري هذه السفينة إذن يا نوح؟
هل ستجري على الأرض؟
أين الماء الذي يمكن أن تسبح فيه سفينتك؟


[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]


لقد جن نوح، وترتفع ضحكات الكافرين وتزداد سخريتهم
من نوح وكانوا يسخرون منه قائلين: صرت نجارا بعد أن كنت نبيا!
إن قمة الصراع في قصة نوح تتجلى في هذه المساحة الزمنية
إن الباطل يسخر من الحق يضحك عليه طويلا، متصورا
أن الدنيا ملكه وأن الأمن نصيبه وأن العذاب غير واقع.
.



[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]

غير أن هذا كله مؤقت بموعد حلول الطوفان.
عندئذ يسخر المؤمنون من الكافرين، وتكون سخريتهم هي الحق.
إنتهى صنع السفينة وجلس نوح ينتظر أمر الله أوحى الله
إلى نوح أنه إذا فار التنور هذا علامة على بدء الطوفان

[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]

قيل في تفسير التنور أنه بركان في المنطقة وقيل أن الفرن
الكائن في بيت نوح إذا خرج منه الماء
وفار كان هذا أمرا لنوح بالحركة.


[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]


وجاء اليوم الرهيب فار التنور. وأسرع نوح يفتح سفينته
ويدعو المؤمنين به وهبط جبريل عليه السلام إلى الأرض
حمل نوح إلى السفينة من كل حيوان وطير ووحش زوجين اثنين بقرا
وثورا فيلا وفيلة، عصفورا وعصفوره
نمرا ونمرة، إلى آخر المخلوقات


[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]


كان نوح قد صنع أقفاصا للوحوش وهو يصنع السفينة.
وساق جبريل عليه السلام أمامه من كل زوجين اثنين،
لضمان بقاء نوع الحيوان والطير على الأرض وهذا معناه
أن الطوفان أغرق الأرض كلها،


[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]


فلولا ذلك ما كان هناك معنى لحمل هذه الأنواع من الحيوان والطير
وبدأ صعود السفينة. صعدت الحيوانات والوحوش والطيور
وصعد من آمن بنوح، وكان عدد المؤمنين قليلا.
لم تكن زوجة نوح مؤمنة به فلم تصعد وكان أحد
أبنائه يخفي كفره ويبدي الإيمان أمام نوح فلم يصعد هو الآخر.


[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]


وكانت أغلبية الناس غير مؤمنة هي الأخرى فلم تصعد وصعد المؤمنون
قال ابن عباس رضي الله عنهما: آمن من قوم نوح ثمانون إنسانا.
ارتفعت المياه من فتحات الأرض إنهمرت من السماء
أمطارا غزيرة بكميات لم تر مثلها الأرض فالتقت أمطار السماء بمياه الأرض
وصارت ترتفع ساعة بعد ساعة. فقدت البحار هدوئها،
وانفجرت أمواجها تجور على اليابسة، وتكتسح الأرض.
وغرقت الكرة الأرضية للمرة الأولى في المياه.


[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]


ارتفعت المياه أعلى من الناس. تجاوزت قمم الأشجار،
وقمم الجبال، وغطت سطح الأرض كله. وفي بداية
الطوفان نادى نوح ابنه كان إبنه يقف بمعزل منه
ويحكي لنا المولى عز وجل الحوار القصير الذي دار
بين نوح عليه السلام وابنه قبل أن يحول بينهما الموج فجأة.


[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]


نادى نوح ابنه قائلا: يَا بُنَيَّ ارْكَب مَّعَنَا وَلاَ تَكُن مَّعَ الْكَافِرِينَ
ورد الابن عليه: قَالَ سَآوِي إِلَى جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ الْمَاء
عاد نوح يخاطبه: قَالَ لاَ عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللّهِ إِلاَّ مَن رَّحِمَ
وانتهى الحوار بين نوح وابنه:

وَحَالَ بَيْنَهُمَا الْمَوْجُ فَكَانَ مِنَ الْمُغْرَقِينَ
انظر إلى تعبير القرآن الكريم
(وَحَالَ بَيْنَهُمَا الْمَوْجُ) أنهى الموج حوارهما فجأة.


[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]

نظر نوح فلم يجد ابنه. لم يجد غير جبال الموج التي ترتفع
وترفع معها السفينة، وتفقدها رؤية كل شيء غير المياه.
وشاءت رحمة الله أن يغرق الابن بعيدا عن عين الأب، رحمة منه بالأب،
واعتقد نوح أن ابنه المؤمن تصور أن الجبل سيعصمه من الماء، فغرق.



[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]


واستمر الطوفان.
استمر يحمل سفينة نوح. بعد ساعات من بدايته كانت كل عين تطرف
على الأرض قد هلكت غرقا لم يعد باقيا من الحياة
والأحياء غير هذا الجزء الخشبي من سفينة نوح،
وهو ينطوي على الخلاصة المؤمنة من أهل الأرض. وأنواع الحيوانات
والطيور التي اختيرت بعناية. ومن الصعب اليوم تصور
هول الطوفان أو عظمته.



[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]


كان شيئا مروعا يدل على قدرة الخالق كانت السفينة
تجري بهم في موج كالجبال
ويعتقد بعض العلماء الجيولوجيا اليوم إن انفصال القارات
\وتشكل الأرض في صورتها الحالية، قد وقعا نتيجة طوفان قديم جبار،
ثارت فيه المياه ثورة غير مفهومة حتى غطت سطح الجزء
اليابس من الأرض، وارتفعت فيه قيعان المحيطات ووقع فيه
ما نستطيع تسميته بالثورة الجغرافية.


[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]

استمر طوفان نوح زمنا لانعرف مقداره. ثم صدر الأمر الإلهي إلى السماء
أن تكف عن الإمطار وإلى الأرض أن تستقر وتبتلع الماء
وإلى أخشاب السفينة أن ترسو على الجودي،
وهو اسم مكان قديم يقال أنه جبل في العراق. طهر الطوفان

الأرض وغسلها.

[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]

قال تعالى في سورة (هود):

وَقِيلَ يَا أَرْضُ ابْلَعِي مَاءكِ وَيَا سَمَاء أَقْلِعِي وَغِيضَ الْمَاء
وَقُضِيَ الأَمْرُ وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ وَقِيلَ بُعْداً لِّلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (44) (هود)

(وَغِيضَ الْمَاء) بمعنى نقص الماء وانصرف عائدا إلى فتحات الأرض.
(وَقُضِيَ الأَمْرُ) بمعنى أنه أحكم وفرغ منه يعني هلك الكافرون
من قوم نوح تماما ويقال أن الله أعقم أرحامهم
أربعين سنة قبل الطوفان



[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]


فلم يكن فيمن هلك طفل أو صغير
(وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ) بمعنى رست عليه، وقيل
كان ذلك يوم عاشوراء فصامه نوح، وأمر من معه بصيامه
(وَقِيلَ بُعْداً لِّلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) أي هلاكا لهم. طهر الطوفان
الأرض منهم وغسلها. ذهب الهول بذهاب الطوفان.

وانتقل الصراع من الموج إلى نفس نوح.. تذكر ابنه الذي غرق.


[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]

لم يكن نوح يعرف حتى هذه اللحظة أن ابنه كافر
كان يتصور أنه مؤمن عنيد آثر النجاة باللجوء
إلى جبل وكان الموج قد أنهى حوارهما قبل أن يتم..
فلم يعرف نوح حظ ابنه من الإيمان.

[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]


تحركت في قلب الأب عواطف الأبوة. قال تعالى في سورة (هود):
وَنَادَى نُوحٌ رَّبَّهُ فَقَالَ رَبِّ إِنَّ ابُنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ
وَعْدَكَ الْحَقُّ وَأَنتَ أَحْكَمُ الْحَاكِمِينَ (45) (هود)

[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]


أراد نوح أن يقول لله أن ابنه من أهله المؤمنين.وقد
وعده الله بنجاة أهله المؤمنين
قال الله سبحانه وتعالى،
مطلعا نوحا على حقيقة ابنه للمرة الأولى:
يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ فَلاَ تَسْأَلْنِ
مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنِّي أَعِظُكَ أَن تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ (46) (هود)

[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]


قال القرطبي نقلا عن شيوخه من العلماء وهو الرأي الذي نؤثره:
كان ابنه عنده -أي نوح- مؤمنا في ظنه، ولم
يك نوح يقول لربه: (إِنَّ ابُنِي مِنْ أَهْلِي)
إلا وذلك عنده كذلك، إذ محال أن يسأل هلاك الكفار



[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]

ثم يسأل في إنجاء بعضهم. وكان ابنه يسرّ الكفر
ويظهر الإيمان. فأخبر الله تعالى نوحا بما
هو منفرد به من علم الغيوب.
أي علمت من حال ابنك ما لم تعلمه أنت. وكان الله حين يعظه
أن يكون من الجاهلين، يريد أن يبرئه من تصور
أن يكون ابنه مؤمنا، ثم يهلك مع الكافرين.



[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]

وثمة درس مهم تنطوي عليه الآيات الكريمة التي تحكي قصة
نوح وابنه أراد الله سبحانه وتعالى أن يقول لنبيه الكريم
أن ابنه ليس من أهله لأنه لم يؤمن بالله،
وليس الدم هو الصلة الحقيقية بين الناس. ابن النبي هو
ابنه في العقيدة هو من يتبع الله والنبي، وليس ابنه من يكفر به ولو كان من صلبه
هنا ينبغي أن يتبرأ المؤمن من غير المؤمن. وهنا أيضا
ينبغي أن تتصل بين المؤمنين صلات العقيدة فحسب.
لا اعتبارات الدم أو الجنس أو اللون أو الأرض.


[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]

واستغفر نوح ربه وتاب إليه ورحمه الله وأمره
أن يهبط من السفينة محاطا ببركة الله ورعايته.
وهبط نوح من سفينته أطلق سراح الطيور والوحش
فتفرقت في الأرض نزل المؤمنون بعد ذلك
ولا يحكي لنا القرآن الكريم قصة
من آمن مع نوح بعد نجاتهم من الطوفان.




[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]

الماسـه 08-04-2011 02:18 PM

رد: سلسلـة˚◦◦˚◦◦قصص أنبياءالله ˚◦◦˚◦◦عليهـم السلام
 

[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]


الحلقــة الرابعــة
من قصص الانبيــاء


هود عليه السلام
نبذة:

أرسل إلى قوم عاد الذين كانوا بالأحقاف، وكانوا
أقوياء الجسم والبنيان وآتاهم الله الكثير من رزقه
ولكنهم لم يشكروا الله على ما آتاهم وعبدوا الأصنام فأرسل
لهم الله هودا نبيا مبشرا، كان حكيما ولكنهم كذبوه وآذوه
فجاء عقاب الله وأهلكهم بريح صرصر عاتية استمرت سبع ليال وثمانية أيام.


[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]

سيرته:

عبادة الناس للأصنام:


بعد أن ابتلعت الأرض مياه الطوفان الذي أغرق من كفر بنوح عليه السلام،
قام من آمن معه ونجى بعمارة الأرض. فكان كل من
على الأرض في ذلك الوقت من المؤمنين. لم يكن بينهم كافر واحد.
ومرت سنوات وسنوات. مات الآباء والأبناء وجاء أبناء الأبناء.
نسى الناس وصية نوح، وعادت عبادة الأصنام. انحرف الناس عن
عبادة الله وحده، وتم الأمر بنفس الخدعة القديمة.


[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]


قال أحفاد قوم نوح: لا نريد أن ننسى آبائنا الذين نجاهم الله من
الطوفان. وصنعوا للناجين تماثيل ليذكروهم بها، وتطور
هذا التعظيم جيلا بعد جيل، فإذا الأمر ينقلب إلى العبادة،
وإذا بالتماثيل تتحول بمكر من الشيطان إلى آلهة مع الله.
وعادت الأرض تشكو من الظلام مرة ثانية. وأرسل الله
سيدنا هودا إلى قومه.


[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]


إرسال هود عليه السلام:


كان "هود" من قبيلة اسمها "عاد" وكانت هذه القبيلة تسكن
مكانا يسمى الأحقاف.. وهو صحراء تمتلئ بالرمال، وتطل على
البحر. أما مساكنهم فكانت خياما كبيرة لها
أعمدة شديدة الضخامة والارتفاع، وكان قوم عاد أعظم
أهل زمانهم في قوة الأجسام، والطول والشدة..


[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]



كانوا عمالقة وأقوياء، فكانوا يتفاخرون بقوتهم.
فلم يكن في زمانهم أحد في قوتهم. ورغم ضخامة أجسامهم،
كانت لهم عقول مظلمة. كانوا يعبدون الأصنام،
ويدافعون عنها، ويحاربون من أجلها،
ويتهمون نبيهم ويسخرون منه. وكان المفروض،
ما داموا قد اعترفوا أنهم أشد الناس قوة،
أن يروا أن الله الذي خلقهم هو أشد منهم قوة.


[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]


قال لهم هود نفس الكلمة التي يقولها كل رسول.
لا تتغير ولا تنقص ولا تتردد ولا تخاف ولا تتراجع.
كلمة واحدة هي الشجاعة كلها، وهي الحق وحده
(يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَـهٍ غَيْرُهُ أَفَلاَ تَتَّقُونَ).



[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]



وسأله قومه: هل تريد أن تكون سيدا علينا بدعوتك؟ وأي أجر تريده؟

إن هذه الظنون السئية تتكرر على ألسنة الكافرين عندما
يدعوهم نبيهم للإيمان بالله وحده. فعقولهم الصغيرة
لا تتجاوز الحياة الدنيوية. ولا يفكروا
إلا بالمجد والسلطة والرياسة.

[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]


أفهمهم هود أن أجره على الله، إنه لا يريد منهم شيئا
غير أن يغسلوا عقولهم في نور الحقيقة. حدثهم
عن نعمة الله عليهم، كيف جعلهم خلفاء لقوم نوح،
كيف أعطاهم بسطة في الجسم، وشدة في البأس، كيف
أسكنهم الأرض التي تمنح الخير والزرع. كيف أرسل عليهم

المطر الذي يحيى به الأرض. وتلفت قوم هود حولهم فوجدوا
أنهم أقوى من على الأرض، وأصابتهم الكبرياء وزادوا في العناد.


[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]


قالوا لهود: كيف تتهم آلهتنا التي وجدنا آباءنا يعبدونها؟
قال هود: كان آباؤكم مخطئين.
قال قوم هود: هل تقول يا هود إننا بعد أن نموت ونصبح ترابا
يتطاير في الهواء، سنعود إلى الحياة؟
قال هود: ستعودون يوم القيامة، ويسأل الله كل واحد فيكم عما فعل.



[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]


انفجرت الضحكات بعد هذه الجملة الأخيرة. ما أغرب ادعاء هود.
هكذا تهامس الكافرون من قومه. إن الإنسان يموت، فإذا
مات تحلل جسده، فإذا تحلل جسده تحول إلى تراب، ثم يهب الهواء
ويتطاير التراب. كيف يعود هذا كله إلى أصله؟! ثم ما معنى
وجود يوم للقيامة؟ لماذا يقوم الأموات من موتهم؟


[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]



استقبل هود كل هذه الأسئلة بصبر كريم.. ثم بدأ يحدث قومه عن يوم القيامة..
أفهمهم أن إيمان الناس بالآخرة ضرورة تتصل بعدل الله، مثلما
هي ضرورة تتصل بحياة الناس. قال لهم ما يقوله كل نبي
عن يوم القيامة. إن حكمة الخالق المدبر لا تكتمل بمجرد بدء الخلق،
ثم انتهاء حياة المخلوقين في هذه الأرض. إن هذه الحياة اختبار،
يتم الحساب بعدها. فليست تصرفات الناس في الدنيا واحدة،

هناك من يظلم، وهناك من يقتل، وهناك من يعتدي.. وكثيرا
ما نرى الظالمين يذهبون بغير عقاب، كثيرا ما نرى المعتدين يتمتعون
في الحياة بالاحترام والسلطة. أين تذهب شكاة المظلومين؟


[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]


وأين يذهب ألم المضطهدين؟ هل يدفن معهم في التراب بعد الموت؟

إن العدالة تقتضي وجود يوم للقيامة. إن الخير لا ينتصر
دائما في الحياة. أحيانا ينظم الشر جيوشه ويقتل حملة الخير.
هل تذهب هذه الجريمة بغير عقاب؟

إن ظلما عظيما يتأكد لو افترضنا أن يوم القيامة لن يجئ.


[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]



ولقد حرم الله تعالى الظلم على نفسه وجعله محرما بين عباده.
ومن تمام العدل وجود يوم للقيامة والحساب والجزاء.
ذلك أن يوم القيامة هو اليوم الذي تعاد فيه جميع
القضايا مرة أخرى أمام الخالق، ويعاد نظرها مرة أخرى.
ويحكم فيها رب العالمين سبحانه. هذه هي الضرورة
الأولى ليوم القيامة، وهي تتصل بعدالة الله ذاته.



[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]


وثمة ضرورة أخرى ليوم القيامة، وهي تتصل بسلوك الإنسان نفسه.
إن الاعتقاد بيوم الدين، والإيمان ببعث الأجساد، والوقوف للحساب،
ثم تلقي الثواب والعقاب، ودخول الجنة أو النار،
هذا شيء من شأنه أن يعلق أنظار البشر وقلوبهم بعالم
أخر بعد عالم الأرض، فلا تستبد بهم ضرورات الحياة، ولا يستعبدهم
الطمع، ولا تتملكهم الأنانية، ولا يقلقهم أنهم لم يحققوا جزاء
سعيهم في عمرهم القصير المحدود، وبذلك يسمو الإنسان على الطين الذي خلق
منه إلى الروح الذي نفخه ربه فيه. ولعل مفترق الطريق بين الخضوع
لتصورات الأرض وقيمها وموازينها، والتعلق بقيم الله العليا،
والانطلاق اللائق بالإنسان، يكمن في الإيمان بيوم القيامة.



[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]



حدثهم هود بهذا كله فاستمعوا إليه وكذبوه. قالوا له هيهات هيهات..
واستغربوا أن يبعث الله من في القبور، استغربوا أن يعيد الله خلق
الإنسان بعد تحوله إلى التراب، رغم أنه خلقه من قبل من التراب.
وطبقا للمقاييس البشرية، كان ينبغي أن يحس المكذبون للبعث أن
إعادة خلق الإنسان من التراب والعظام أسهل من خلقه الأول.
لقد بدأ الله الخلق فأي صعوبة في إعادته؟! إن الصعوبة -طبقا
للمقياس البشري- تكمن في الخلق. وليس المقياس البشري غير مقياسٍ بشري
ينطبق على الناس، أما الله، فليست هناك أمور صعبة أو سهلة بالنسبة إليه
سبحانه، تجري الأمور بالنسبة إليه سبحانه بمجرد الأمر



[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]



يروي المولى عزل وجل موقف الملأ (وهم الرؤساء) من دعوة هود عليه السلام.
سنرى هؤلاء الملأ في كل قصص الأنبياء. سنرى رؤساء القوم وأغنيائهم
ومترفيهم يقفون ضد الأنبياء. يصفهم الله تعالى بقوله:
(وَأَتْرَفْنَاهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا) من مواقع الثراء والغنى والترف،
يولد الحرص على استمرار المصالح الخاصة. ومن مواقع الثراء
والغنى والترف والرياسة، يولد الكبرياء. ويلتفت الرؤساء في القوم
إلى أنفسهم ويتساءلون: أليس هذا النبي بشرا مثلنا، يأكل مما نأكل،
ويشرب مما نشرب؟ بل لعله بفقره يأكل أقل مما نأكل، ويشرب في
أكواب صدئة، ونحن نشرب في أكواب الذهب والفضة.. كيف يدعي أنه

على الحق ونحن على الباطل؟ هذا بشر .. كيف نطيع بشرا مثلنا؟
ثم.. لماذا اختار الله بشرا من بيننا ليوحى إليه؟



[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]



قال رؤساء قوم هود:
أليس غريبا أن يختار الله من بيننا بشرا ويوحي إليه؟!
تسائل هو: ما هو الغريب في ذلك؟ إن الله الرحيم بكم قد أرسلني إليكم لأحذركم.
إن سفينة نوح، وقصة نوح ليست ببعيدة عنكم، لا تنسوا ما حدث،
لقد هلك الذين كفروا بالله، وسيهلك الذين يكفرون بالله دائما،
مهما يكونوا أقوياء.



[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]


قال رؤساء قوم هود: من الذي سيهلكنا يا هود؟
قال هود: الله .
قال الكافرون من قوم هود: ستنجينا آلهتنا.

وأفهمهم هود أن هذه الآلهة التي يعبدونها لتقربهم من الله،
هي نفسها التي تبعدهم عن الله. أفهمهم أن الله هو وحده الذي ينجي الناس،
وأن أي قوة أخرى في الأرض لا تستطيع أن تضر أو تنفع.



[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]



واستمر الصراع بين هود وقومه. وكلما استمر الصراع ومرت الأيام،
زاد قوم هود استكبارا وعنادا وطغيانا وتكذيبا لنبيهم.
وبدءوا يتهمون "هودا" عليه السلام بأنه سفيه مجنون.
قالوا له يوما: لقد فهمنا الآن سر جنونك. إنك تسب آلهتنا
وقد غضبت آلهتنا عليك، وبسبب غضبها صرت مجنونا.



[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]


انظروا للسذاجة التي وصل إليها تفكيرهم. إنهم يظنون أن هذه
الحجارة لها قوى على من صنعها. لها تأثير على الإنسان مع
أنا لا تسمع ولا ترى ولا تنطق. لم يتوقف هود عند هذيانهم،
ولم يغضبه أن يظنوا به الجنون والهذيان، ولكنه توقف عند قولهم:
(وَمَا نَحْنُ بِتَارِكِي آلِهَتِنَا عَن قَوْلِكَ وَمَا نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ).


[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]



بعد هذا التحدي لم يبق لهود إلا التحدي. لم يبق له إلا التوجه إلى الله وحده.
لم يبق أمامه إلا إنذار أخير ينطوي على وعيد للمكذبين
وتهديدا لهم.. وتحدث هود:

إِن نَّقُولُ إِلاَّ اعْتَرَاكَ بَعْضُ آلِهَتِنَا بِسُوَءٍ قَالَ
إِنِّي أُشْهِدُ اللّهِ وَاشْهَدُواْ أَنِّي بَرِيءٌ مِّمَّا تُشْرِكُونَ (54)
مِن دُونِهِ فَكِيدُونِي جَمِيعًا ثُمَّ لاَ تُنظِرُونِ (55)


[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]

إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللّهِ رَبِّي وَرَبِّكُم مَّا مِن دَآبَّةٍ إِلاَّ هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا
إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ فَإِن تَوَلَّوْاْ فَقَدْ أَبْلَغْتُكُم مَّا أُرْسِلْتُ بِهِ إِلَيْكُمْ و
َيَسْتَخْلِفُ رَبِّي قَوْمًا غَيْرَكُمْ وَلاَ تَضُرُّونَهُ شَيْئًا إِنَّ رَبِّي عَلَىَ كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ (57) (هود)




[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]



إن الإنسان ليشعر بالدهشة لهذه الجرأة في الحق. رجل واحد يواجه
قوما غلاظا شدادا وحمقى. يتصورون أن أصنام الحجارة تستطيع الإيذاء.
إنسان بمفرده يقف ضد جبارين فيسفه عقيدتهم، ويتبرأ
منهم ومن آلهتهم، ويتحداهم أن يكيدوا له بغير إبطاء أو إهمال،
فهو على استعداد لتلقي كيدهم، وهو على استعداد لحربهم فقد توكل على الله.
والله هو القوي بحق، وهو الآخذ بناصية كل دابة في الأرض. سواء
الدواب من الناس أو دواب الوحوش أو الحيوان. لا شيء يعجز الله.




[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]



بهذا الإيمان بالله، والثقة بوعده، والاطمئنان إلى نصره..
يخاطب هود الذين كفروا من قومه. وهو يفعل ذلك رغم وحدته
وضعفه، لأنه يقف مع الأمن الحقيقي ويبلغ عن الله. وهو في حديثه
يفهم قومه أنه أدى الأمانة، وبلغ الرسالة. فإن كفروا فسوف يستخلف
الله قوما غيرهم، سوف يستبدل بهم قوما آخرين. وهذا معناه
أن عليهم أن ينتظروا العذاب.


[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]


هلاك عاد:


وهكذا أعلن هود لهم براءته منهم ومن آلهتهم.
وتوكل على الله الذي خلقه، وأدرك أن العذاب واقع بمن كفر من قومه.
هذا قانون من قوانين الحياة. يعذب الله الذين كفروا،
مهما كانوا أقوياء أو أغنياء أو جبابرة أو عمالقة.



[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]


انتظر هود وانتظر قومه وعد الله. وبدأ الجفاف في الأرض.
لم تعد السماء تمطر. وهرع قوم هود إليه. ما هذا
الجفاف يا هود؟ قال هود: إن الله غاضب عليكم، ولو آمنتم
فسوف يرضى الله عنكم ويرسل المطر فيزيدكم قوة إلى قوتكم.
وسخر قوم هود منه وزادوا في العناد والسخرية والكفر.



[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]



وزاد الجفاف، واصفرت الأشجار الخضراء ومات الزرع.
وجاء يوم فإذا سحاب عظيم يملأ السماء. وفرح قوم هود وخرجوا
من بيوتهم يقولون: (هَذَا عَارِضٌ مُّمْطِرُنَا).



[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]



تغير الجو فجأة. من الجفاف الشديد والحر إلى البرد الشديد القارس.
بدأت الرياح تهب. ارتعش كل شيء، ارتعشت الأشجار والنباتات
والرجال والنساء والخيام. واستمرت الريح. ليلة بعد ليلة،
ويوما بعد يوم. كل ساعة كانت برودتها تزداد. وبدأ قوم هود يفرون،


[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]


أسرعوا إلى الخيام واختبئوا داخلها، اشتد هبوب الرياح
واقتلعت الخيام، واختبئوا تحت الأغطية، فاشتد هبوب الرياح
وتطايرت الأغطية. كانت الرياح تمزق الملابس وتمزق الجلد
وتنفذ من فتحات الجسم وتدمره. لا تكاد الريح تمس شيئا
إلا قتلته ودمرته، وجعلته كالرميم.


[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]


استمرت الرياح مسلطة عليهم سبع ليال وثمانية أيام لم تر
الدنيا مثلها قط. ثم توقفت الريح بإذن ربها. لم
يعد باقيا ممن كفر من قوم هود إلا ما يبقى من النخل الميت.
مجرد غلاف خارجي لا تكاد تضع يدك عليه حتى يتطاير ذرات في الهواء.

نجا هود ومن آمن معه.. وهلك الجبابرة..
وهذه نهاية عادلة لمن يتحدى الله ويستكبر عن عبادته.



[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]

الماسـه 08-05-2011 02:29 PM

رد: سلسلـة˚◦◦˚◦◦قصص أنبياءالله ˚◦◦˚◦◦عليهـم السلام
 
[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]

الحلقـــة الخامســــه
من قصص الانبيــــاء



صالح عليه السلام
نبذة:

أرسله الله إلى قوم ثمود وكانوا قوما جاحدين آتاهم الله رزقا كثيرا
ولكنهم عصوا ربهم وعبدوا الأصنام وتفاخروا بينهم بقوتهم
فبعث الله إليهم صالحا مبشرا ومنذرا ولكنهم كذبوه وعصوه
وطالبوه بأن يأتي بآية ليصدقوه فأتاهم بالناقة
وأمرهم أن لا يؤذوها ولكنهم أصروا على كبرهم فعقروا
الناقة وعاقبهم الله بالصاعقة فصعقوا جزاء
لفعلتهم ونجى الله صالحا والمؤمنين



[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]


سيرته:

إرسال صالح عليه السلام لثمود:

جاء قوم ثمود بعد قوم عاد، وتكررت قصة العذاب بشكل
مختلف مع ثمود. كانت ثمود قبيلة تعبد الأصنام هي الأخرى،
فأرسل الله سيدنا "صالحا" إليهم.. وقال صالح لقومه:
(يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَـهٍ غَيْرُهُ)
نفس الكلمة التي يقولها كل نبي..
لا تتبدل ولا تتغير، كما أن الحق لا يتبدل ولا يتغير.



[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]



فوجئ الكبار من قوم صالح بما يقوله.. إنه يتهم آلهتهم
بأنها بلا قيمة، وهو ينهاهم عن عبادتها ويأمرهم بعبادة الله وحده.
وأحدثت دعوته هزة كبيرة في المجتمع.. وكان صالح معروفا بالحكمة
والنقاء والخير. كان قومه يحترمونه قبل أن يوحي الله إليه
ويرسله بالدعوة إليهم.. وقال قوم صالح له:


[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]



قَالُواْ يَا صَالِحُ قَدْ كُنتَ فِينَا مَرْجُوًّا قَبْلَ هَـذَا أَتَنْهَانَا
أَن نَّعْبُدَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا وَإِنَّنَا لَفِي شَكٍّ مِّمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ مُرِيبٍ (62)(هود)

تأمل وجهة نظر الكافرين من قوم صالح. إنهم يدلفون إليه
من باب شخصي بحت. لقد كان لنا رجاء فيك. كنت مرجوا فينا
لعلمك وعقلك وصدقك وحسن تدبيرك، ثم خاب رجاؤنا فيك..
أتنهانا أن نعبد ما يعبد آباؤنا؟! يا للكارثة..
كل شيء يا صالح إلا هذا. ما كنا نتوقع منك أن تعيب
آلهتنا التي وجدنا آبائنا عاكفين عليها..




[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]


وهكذا يعجب القوم مما يدعوهم إليه. ويستنكرون ما هو واجب وحق،
ويدهشون أن يدعوهم أخوهم صالح إلى عبادة الله وحده.
لماذا؟ ما كان ذلك كله إلا لأن آبائهم كانوا يعبدون هذه الآلهة.


[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]



معجزة صالح عليه السلام:

ورغم نصاعة دعوة صالح عليه الصلاة والسلام، فقد بدا
واضحا أن قومه لن يصدقونه. كانوا يشكون في دعوته،
واعتقدوا أنه مسحور، وطالبوه بمعجزة تثبت أنه
رسول من الله إليهم. وشاءت إرادة الله أن تستجيب لطلبهم.

وكان قوم ثمود ينحتون من الجبال بيوتا عظيمة. كانوا يستخدمون
الصخر في البناء، وكانوا أقوياء قد فتح الله عليهم رزقهم
من كل شيء. جاءوا بعد قوم عاد فسكنوا الأرض التي استعمروها.



[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]



قال صالح لقومه حين طالبوه بمعجزة ليصدقوه:

وَيَا قَوْمِ هَـذِهِ نَاقَةُ اللّهِ لَكُمْ آيَةً فَذَرُوهَا تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللّهِ
وَلاَ تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابٌ قَرِيبٌ (64) (هود)
والآية هي المعجزة، ويقال إن الناقة كانت معجزة لأن صخرة
بالجبل انشقت يوما وخرجت منها الناقة.. ولدت من غير
الطريق المعروف للولادة. ويقال إنها كانت معجزة لأنها كانت
تشرب المياه الموجودة في الآبار في يوم فلا تقترب بقية
الحيوانات من المياه في هذا اليوم، وقيل إنها كانت معجزة




[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]



لأنها كانت تدر لبنا يكفي لشرب الناس جميعا في هذا اليوم
الذي تشرب فيه الماء فلا يبقى شيء للناس. كانت هذه الناقة معجزة،
وصفها الله سبحانه وتعالى بقوله:
(نَاقَةُ اللّهِ) أضافها لنفسه سبحانه
بمعنى أنها ليست ناقة عادية وإنما هي معجزة من الله. وأصدر الله أمره
إلى صالح أن يأمر قومه بعدم المساس بالناقة أو إيذائها أو قتلها،
أمرهم أن يتركوها تأكل في أرض الله، وألا يمسوها بسوء، وحذرهم أنهم
إذا مدوا أيديهم بالأذى للناقة فسوف يأخذهم عذاب قريب.



[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]



في البداية تعاظمت دهشة ثمود حين ولدت الناقة من صخور الجبل..
كانت ناقة مباركة. كان لبنها يكفي آلاف الرجال والنساء
والأطفال. كان واضحا إنها ليست مجرد ناقة عادية،
وإنما هي آية من الله. وعاشت الناقة بين قوم صالح، آمن منهم
من آمن وبقي أغلبهم على العناد والكفر. وذلك لأن الكفار عندما
يطلبون من نبيهم آية، ليس لأنهم يريدون التأكد من صدقه
والإيمان به، وإنما لتحديه وإظهار عجزه أمام البشر.


[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]



لكن الله كان يخذلهم بتأييد أنبياءه بمعجزات من عنده.
كان صالح عليه الصلاة والسلام يحدث قومه برفق وحب،
وهو يدعوهم إلى عبادة الله وحده، وينبههم إلى أن الله قد
أخرج لهم معجزة هي الناقة، دليلا على صدقه وبينة على دعوته.
وهو يرجو منهم أن يتركوا الناقة تأكل في أرض الله، وكل الأرض أرض الله.
وهو يحذرهم أن يمسوها بسوء خشية وقوع عذاب الله عليهم.




[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]



كما ذكرهم بإنعام الله عليهم: بأنه جعلهم خلفاء من بعد قوم عاد..
وأنعم عليهم بالقصور والجبال المنحوتة والنعيم والرزق والقوة.
لكن قومه تجاوزوا كلماته وتركوه، واتجهوا إلى الذين آمنوا بصالح.
يسألونهم سؤال استخفاف وزراية: أَتَعْلَمُونَ أَنَّ صَالِحًا مُّرْسَلٌ مِّن رَّبِّهِ ؟!
قالت الفئة الضعيفة التي آمنت بصالح: إِنَّا بِمَا أُرْسِلَ بِهِ مُؤْمِنُونَ
فأخذت الذين كفروا العزة بالإثم.. قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُواْ إِنَّا بِالَّذِيَ
آمَنتُمْ بِهِ كَافِرُونَ . هكذا باحتقار واستعلاء وغضب.



[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]


تآمر الملأ على الناقة:

وتحولت الكراهية عن سيدنا صالح إلى الناقة المباركة.
تركزت عليها الكراهية، وبدأت المؤامرة تنسج خيوطها ضد
الناقة. كره الكافرون هذه الآية العظيمة، ودبروا في أنفسهم أمرا.
وفي إحدى الليالي، انعقدت جلسة لكبار القوم، وقد أصبح
من المألوف أن نرى أن في قصص الأنبياء هذه التدابير للقضاء
على النبي أو معجزاته أو دعوته تأتي من رؤساء القوم،
فهم من يخافون على مصالحهم إن تحول الناس للتوحيد،
ومن خشيتهم إلى خشية الله وحده. أخذ رؤساء القوم يتشاورون فيما يجب
القيام به لإنهاء دعوة صالح. فأشار عليهم واحد منهم بقتل
الناقة ومن ثم قتل صالح نفسه.
وهذا هو سلاح الظلمة والكفرة في كل زمان ومكان،



[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]



يعمدون إلى القوة والسلاح بدل الحوار والنقاش بالحجج والبراهين.
لأنهم يعلمون أن الحق يعلوا ولا يعلى عليه، ومهما امتد
بهم الزمان سيظهر الحق ويبطل كل حججهم. وهم لا يريدون
أن يصلوا لهذه المرحلة، وقرروا القضاء على الحق قبل أن تقوى شوكته.
لكن أحدهم قال: حذرنا صالح من المساس بالناقة، وهددنا
بالعذاب القريب.



[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]



فقال أحدهم سريعا قبل أن يؤثر كلام من سبقه
على عقول القوم: أعرف من يجرأ على قتل الناقة. ووقع
الاختيار على تسعة من جبابرة القوم. وكانوا رجالا
يعيثون الفساد في الأرض، الويل لمن يعترضهم.
هؤلاء هم أداة الجريمة. اتفق على موعد الجريمة
ومكان التنفيذ. وفي الليلة المحددة. وبينما كانت
الناقة المباركة تنام في سلام. انتهى المجرمون التسعة
من إعداد أسلحتهم وسيوفهم وسهامهم، لارتكاب الجريمة.
هجم الرجال على الناقة فنهضت الناقة مفزوعة.
امتدت الأيدي الآثمة القاتلة إليها. وسالت دمائها.




[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]


هلاك ثمود:

علم النبي صالح بما حدث فخرج غاضبا على قومه. قال لهم:
ألم أحذركم من أن تمسوا الناقة؟
قالوا: قتلناها فأتنا بالعذاب واستعجله..
ألم تقل أنك من المرسلين؟
قال صالح لقومه: تَمَتَّعُواْ فِي دَارِكُمْ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ ذَلِكَ وَعْدٌ غَيْرُ مَكْذُوبٍ
بعدها غادر صالح قومه. تركهم ومضى. انتهى الأمر ووعده
الله بهلاكهم بعد ثلاثة أيام.




[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]


ومرت ثلاثة أيام على الكافرين من قوم صالح وهم يهزءون من
العذاب وينتظرون، وفي فجر اليوم الرابع: انشقت السماء
عن صيحة جبارة واحدة. انقضت الصيحة على الجبال فهلك فيها كل شيء حي.
هي صرخة واحدة.. لم يكد أولها يبدأ وآخرها يجيء حتى
كان كفار قوم صالح قد صعقوا جميعا صعقة واحدة.
هلكوا جميعا قبل أن يدركوا ما حدث. أما الذين آمنوا
بسيدنا صالح، فكانوا قد غادروا المكان مع نبيهم ونجوا.





[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]

الماسـه 08-06-2011 03:17 PM

رد: سلسلـة˚◦◦˚◦◦قصص أنبياءالله ˚◦◦˚◦◦عليهـم السلام
 
[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]

الحلقــــة السادســـــه
من قصص الانبيــاء

يوسف عليه السلام
نبذة:

ولد سيدنا يوسف وكان له 11 أخا وكان أبوه يحبه كثيرا
وفي ذات ليلة رأى أحد عشر كوكبا والشمس والقمر له ساجدين،
فقص على والده ما رأى فقال له ألا يقصها على إخوته،
ولكن الشيطان وسوس لإخوته فاتفقوا على أن يلقوه
في غيابات الجب وادعوا أن الذئب أكله، ثم مر به ناس من
البدو فأخذوه وباعوه بثمن بخس واشتراه عزيز مصر وطلب
من زوجته أن ترعاه، ولكنها أخذت تراوده عن نفسه

فأبى فكادت له ودخل السجن، ثم أظهر الله براءته وخرج من السجن ،
واستعمله الملك على شئون الغذاء التي أحسن إدارتها في سنوات القحط،
ثم اجتمع شمله مع إخوته ووالديه وخروا له سجدا وتحققت رؤياه.



[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]

سيرته:

قبل أن نبدأ بقصة يوسف عليه السلام، نود الإشارة لعدة أمور.
أولها اختلاف طريقة رواية قصة يوسف عليه السلام في
القرآن الكريم عن بقية قصص الأنبياء، فجاءت قصص الأنبياء
في عدة سور، بينما جاءت قصة يوسف كاملة في سورة واحدة.
قال تعالى في سورة (يوسف):



[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]


نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَـذَا الْقُرْآنَ
وَإِن كُنتَ مِن قَبْلِهِ لَمِنَ الْغَافِلِينَ (يوسف)
واختلف العلماء لم سميت هذه القصة أحسن القصص؟
قيل إنها تنفرد من بين قصص القرآن باحتوائها على عالم
كامل من العبر والحكم.. وقيل لأن يوسف تجاوز عن إخوته
وصبر عليهم وعفا عنهم.. وقيل لأن فيها ذكر الأنبياء والصالحين،
والعفة والغواية، وسير الملوك والممالك، والرجال والنساء،
وحيل النساء ومكرهن، وفيها ذكر التوحيد والفقه، وتعبير الرؤيا وتفسيرها،




[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]



فهي سورة غنية بالمشاهد والانفعالات.. وقيل:
إنها سميت أحسن القصص لأن مآل من كانوا فيها جميعا كان إلى السعادة.
ومع تقديرنا لهذه الأسباب كلها.. نعتقد أن ثمة سببا مهما يميز هذه القصة..
إنها تمضي في خط واحد منذ البداية إلى النهاية.. يلتحم مضمونها وشكلها،
ويفضي بك لإحساس عميق بقهر الله وغلبته ونفاذ أحكامه رغم وقوف البشر ضدها.
(وَاللّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ) هذا ما تثبته قصة يوسف بشكل حاسم،
لا ينفي حسمه أنه تم بنعومة وإعجاز.




[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]



لنمضي الآن بقصة يوسف -عليه السلام-
ولنقسمها لعدد من الفصول والمشاهد ليسهل علينا تتبع الأحداث.
المشهد الأول من فصل طفوله يوسف:
ذهب يوسف الصبي الصغير لأبيه، وحكى له عن رؤيا رآها.
أخبره بأنه رأى في المنام أحد عشر كوكبا والشمس والقمر ساجدين له.
استمع الأب إلى رؤيا ابنه وحذره أن يحكيها لأخوته.
فلقد أدرك يعقوب -عليه السلام- بحدسه وبصيرته
أن وراء هذه الرؤية شأنا عظيما لهذا الغلام.


[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]




لذلك نصحه
بأن لا يقص رؤياه على إخوته خشية أن يستشعورا ما وراءها
لأخيهم الصغير -غير الشقيق، حيث تزوج يعقوب من امرأة
ثانية أنجبت له يوسف وشقيقه- فيجد الشيطان من هذا
ثغرة في نفوسهم، فتمتلئ نفوسهم بالحقد، فيدبروا
له أمرا يسوؤه. استجاب يوسف لتحذير أبيه..
لم يحدث أخوته بما رأى، وأغلب الظن أنهم كانوا
يكرهونه إلى الحد الذي يصعب فيه أن يطمئن إليهم
ويحكي لهم دخائله الخاصة وأحلامه.




[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]


المشهد الثاني:
اجتمع أخوة يوسف يتحدثون في أمره.
(إِذْ قَالُواْ لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ أَحَبُّ إِلَى أَبِينَا مِنَّا وَنَحْنُ عُصْبَةٌ إ
ِنَّ أَبَانَا لَفِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ) أي نحن مجموعة قوية تدفع وتنفع،
فأبونا مخطئ في تفضيل هذين الصبيين على مجموعة من الرجال
النافعين! فاقترح أحدهم حلا للموضوع
:
(اقْتُلُواْ يُوسُفَ أَوِ اطْرَحُوهُ أَرْضًا).




[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]


إنه الحقد وتدخل الشيطان الذي ضخم حب أبيهم ليوسف
وإيثاره عليهم حتى جعله يوازي القتل. أكبر جرائم
الأرض قاطبة بعد الشرك بالله. وطرحه في أرض بعيدة نائية
مرادف للقتل، لأنه سيموت هناك لا محاله. ولماذا هذا كله؟!
حتى لا يراه أبوه فينساه فيوجه حبه كله لهم.
ومن ثم يتوبون عن جريمتهم
(وَتَكُونُواْ مِن بَعْدِهِ قَوْمًا صَالِحِينَ).



[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]


قال قائل منهم -حرك الله أعماقه بشفقة خفية، أو أثار الله
في أعماقه رعبا من القتل: ما الداعي لقتله؟ إن كنتم
تريدون الخلاص منه، فلنلقه في بئر تمر عليها القوافل..
ستلتقطه قافلة وترحل به بعيدا.. سيختفي عن وجه أبيه..
ويتحقق غرضنا من إبعاده.
انهزمت فكرة القتل، واختيرت فكرة النفي والإبعاد.
نفهم من هذا أن الأخوة، رغم شرهم وحسدهم،
كان في قلوبهم، أو في قلوب بعضهم، بعض خير لم يمت بعد.




[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]



المشهد الثالث:
توجه الأبناء لأبيهم يطلبون منه السماح ليوسف بمرافقتهم.
دار الحوار بينهم وبين أبيهم بنعومة وعتاب خفي،
وإثارة للمشاعر.. مَا لَكَ لاَ تَأْمَنَّا عَلَى يُوسُفَ ..؟
أيمكن أن يكون يوسف أخانا، وأنت تخاف عليه من بيننا
ولا تستأمننا عليه، ونحن نحبه وننصح له ونرعاه؟



[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]



لماذا لا ترسله معنا يرتع ويلعب؟
وردا على العتاب الاستنكاري الأول جعل يعقوب عليه السلام
ينفي -بطريقة غير مباشرة- أنه لا يأمنهم عليه،
ويعلل احتجازه معه بقلة صبره على فراقه وخوفه عليه من الذئاب:
قَالَ إِنِّي لَيَحْزُنُنِي أَن تَذْهَبُواْ بِهِ وَأَخَافُ أَن يَأْكُلَهُ
الذِّئْبُ وَأَنتُمْ عَنْهُ غَافِلُونَ .
ففندوا فكرة الذئب الذي يخاف أبوه أن يأكله..
نحن عشرة من الرجال.. فهل نغفل عنه ونحن كثرة؟
نكون خاسرين غير أهل للرجولة لو وقع ذلك.. لن يأكله
الذئب ولا داعي للخوف عليه.
وافق الأب تحت ضغط أبنائه.. ليتحقق قدر الله وتتم
القصة كما تقتضي مشيئته!





[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]



المشهد الرابع:

خرج الأخوة ومعهم يوسف، وأخذوه للصحراء. اختاروا
بئرا لا ينقطع عنها مرور القوافل وحملوه وهموا
بإلقائه في البئر.. وأوحى الله إلى يوسف أنه ناج فلا يخاف..
وأنه سيلقاهم بعد يومهم هذا وينبئهم بما فعلوه.




[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]




المشهد الخامس:

عند العشاء جاء الأبناء باكين ليحكوا لأبيهم قصة الذئب المزعومة.
أخبروه بأنهم ذهبوا يستبقون، فجاء ذئب على غفلة،
وأكل يوسف. لقد ألهاهم الحقد الفائر عن سبك الكذبة،
فلو كانوا أهدأ أعصابا ما فعلوها من المرة الأولى
التي يأذن لهم فيها يعقوب باصطحاب يوسف معهم!




[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]





ولكنهم كانوا معجلين لا يصبرون، يخشون ألا تواتيهم
الفرصة مرة أخرى. كذلك كان التقاطهم لحكاية الذئب دليلا على التسرع،
وقد كان أبوهم يحذرهم منها أمس، وهم ينفونها.
فلم يكن من المستساغ أن يذهبوا في الصباح ليتركوا
يوسف للذئب الذي حذرهم أبوهم منه أمس! وبمثل هذا
التسرع جاءوا على قميصه بدم كذب لطخوه به في غير إتقان ونسوا
في انفعالهم أن يمزقوا قميص يوسف.. جاءوا بالقميص كما هو سليما،





[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]




ولكن ملطخا بالدم.. وانتهى كلامهم بدليل قوي على كذبهم حين قالوا:
(وَمَا أَنتَ بِمُؤْمِنٍ لِّنَا وَلَوْ كُنَّا صَادِقِينَ) أي وما أنت بمطمئن
لما نقوله، ولو كان هو الصدق، لأنك تشك فينا ولا تطمئن لما نقوله.
أدرك يعقوب من دلائل الحال ومن نداء قلبه ومن الأكذوبة الواضحة،
أن يوسف لم يأكله الذئب، وأنهم دبروا له مكيدة ما،
وأنهم يلفقون له قصة لم تقع، فواجههم بأن نفوسهم قد
حسنت لهم أمرا منكرا وذللته ويسرت لهم ارتكابه؛




[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]




وأنه سيصبر متحملا متجملا لا يجزع ولا يفزع ولا يشكو،
مستعينا بالله على ما يلفقونه من حيل وأكاذيب:
قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنفُسُكُمْ أَمْرًا فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ
المشهد الأخير من الفصل الأول من حياة سيدنا يوسف عليه السلام:
أثناء وجود يوسف بالبئر، مرت عليه قافلة.. قافلة في طريقها
إلى مصر.. قافلة كبيرة.. سارت طويلا حتى سميت سيارة..
توقفوا للتزود بالماء..




[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]




وأرسلوا أحدهم للبئر فأدلى الدلو فيه..
تعلق يوسف به.. ظن من دلاه أنه امتلأ بالماء فسحبه..
ففرح بما رأى.. رأى غلاما متعلقا بالدلو.. فسرى على يوسف حكم
الأشياء المفقودة التي يلتقطها أحد.. يصير عبدا لمن التقطه..
هكذا كان قانون ذلك الزمان البعيد.
فرح به من وجده في البداية، ثم زهد فيه حين فكر في
همه ومسئوليته، وزهد فيه لأنه وجده صبيا صغيرا..
وعزم على التخلص منه لدى وصوله إلى مصر.. ولم يكد يصل إلى مصر
حتى باعه في سوق الرقيق بثمن زهيد، دراهم معدودة.
ومن هناك اشتراه رجل تبدو عليه الأهمية




[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]


انتهت المحنة الأولى في حياة هذا النبي الكريم،
لبتدأ المحنة الثانية، والفصل الثاني من حياته.
ثم يكشف الله تعالى مضمون القصة البعيد في بدايتها
(وَاللّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَـكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ).
لقد انطبقت جدران العبودية على يوسف. ألقي في البئر،
أهين، حرم من أبيه، التقط من البئر، صار عبدا يباع في الأسواق،




[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]



اشتراه رجل من مصر، صار مملوكا لهذا الرجل.. انطبقت المأساة،
وصار يوسف بلا حول ولا قوة.. هكذا يظن أي إنسان..
غير أن الحقيقة شيء يختلف عن الظن تماما.
ما نتصور نحن أنه مأساة ومحنة وفتنة.. كان هو أول سلم يصعده
يوسف في طريقه إلى مجده.. (وَاللّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ) ..
ينفذ تدبيره رغم تدبير الآخرين. ينفذ من خلاله تدبير
الآخرين فيفسده ويتحقق وعد الله، وقد وعد الله يوسف بالنبوة.




[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]



وها هو ذا يلقي محبته على صاحبه الذي اشتراه..
وها هو ذا السيد يقول لزوجته أكرمي مثواه عسى أن ينفعنا
أو نتخذه ولدا. وليس هذا السيد رجلا هين الشأن.. إنما هو رجل مهم..
رجل من الطبقة الحاكمة في مصر.. سنعلم بعد قليل أنه
وزير من وزراء الملك.



[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]




وزير خطير سماه القرآن "العزيز"، وكان قدماء المصريين
يطلقون الصفات كأسماء على الوزراء. فهذا العزيز..
وهذا العادل.. وهذا القوي.. إلى آخره.. وأرجح الآراء
أن العزيز هو رئيس وزراء مصر.
وهكذا مكن الله ليوسف في الأرض..
سيتربى كصبي في بيت رجل يحكم.
وسيعلمه الله من تأويل الأحاديث والرؤى.. وسيحتاج إليه
الملك في مصر يوما. (وَاللّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَـكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ).
تم هذا كله من خلال فتنة قاسية تعرض لها يوسف.




[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]



ثم يبين لنا المولى عز وجل كرمه على يوسف فيقول:
وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (22) (يوسف)
كان يوسف أجمل رجل في عصره.. وكان نقاء أعماقه وصفاء
سريرته يضفيان على وجهه مزيدا من الجمال. وأوتي صحة
الحكم على الأمور.. وأوتي علما بالحياة وأحوالها.
وأوتي أسلوبا في الحوار يخضع قلب من يستمع إليه..
وأوتي نبلا وعفة، جعلاه شخصية إنسانية لا تقاوم.





[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]



وأدرك سيده أن الله قد أكرمه بإرسال يوسف إليه..
اكتشف أن يوسف أكثر من رأى في حياته أمانة واستقامة
وشهامة وكرما.. وجعله سيده مسئولا عن بيته وأكرمه وعامله كابنه.
ويبدأ المشهد الأول من الفصل الثاني في حياته:
في هذا المشهد تبدأ محنة يوسف الثانية، وهي أشد
وأعمق من المحنة الأولى. جاءته وقد أوتي صحة الحكم
وأوتي العلم -رحمة من الله- ليواجهها وينجو منها جزاء
إحسانه الذي سجله الله له في قرآنه. يذكر الله تعالى هذه
المحنة في كتابه الكريم:



[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]




وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَن نَّفْسِهِ وَغَلَّقَتِ الأَبْوَابَ وَقَالَتْ
هَيْتَ لَكَ قَالَ مَعَاذَ اللّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ (23)
وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا لَوْلا أَن رَّأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ
وَالْفَحْشَاء إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ (24) (يوسف)




[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]



لا يذكر السياق القرآني شيئا عن سنها وسنه، فلننظر في ذلك
من باب التقدير. لقد أحضر يوسف صبيا من البئر، كانت
هي زوجة في الثلاثة والعشرين مثلا، وكان هو في الثانية عشرا.
بعد ثلاثة عشر عاما صارت هي في السادسة والثلاثين ووصل عمره
إلى الخامسة والعشرين. أغلب الظن أن الأمر كذلك. إن تصرف
المرأة في الحادثة وما بعدها يشير إلى أنها مكتملة جريئة.



[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]



والآن، لنتدبر معنا في كلمات هذه الآيات.

(وَرَاوَدَتْهُ) صراحة (عَن نَّفْسِهِ )، وأغلقت (الأَبْوَابَ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ).
لن تفر مني هذه المرة. هذا يعني أنه كانت هناك مرات سابقة
فر فيها منها. مرات سابقة لم تكن الدعوة فيها بهذه الصراحة
وهذا التعري. فيبدوا أن امرأة العزيز سئمت تجاهل يوسف
لتلميحاتها المستمرة وإباءه.. فقررت أن تغير خطتها.
خرجت من التلميح إلى التصريح.. أغلقت الأبواب ومزقت
أقنعة الحياء وصرحت بحبها وطالبته بنفسه.





[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]




ثم يتجاوزز السياق القرآني الحوار الذي دار بين امرأة
العزيز ويوسف عليه السلام، ولنا أن نتصور كيف حاولت إغراءه
إما بلباسها أو كلماتها أو حركاتها. لكن ما يهمنا
هنا هو موقف يوسف -عليه السلام- من هذا الإغواء.




[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]



يقف هذا النبي الكريم في وجه سيدته قائلا
(قَالَ مَعَاذَ اللّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ)
أعيذ نفسي بالله أن أفعل هذا مع زوجة من أكرمني بأن
نجاني من الجب وجعل في هذه الدار مثواي الطيب الآمن.
ولا يفلح الظالمون الذين يتجاوزون حدود الله، فيرتكبون
ما تدعينني اللحظة إليه.



[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]



ثم (وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا لَوْلا أَن رَّأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ)
اتفق المفسرون حول همها بالمعصية، واختلفوا حول همه.
فمنهم من أخذ بالإسرائيليات وذكر أن يعقوب ظهر له،
أو جبريل نزل إليه، لكن التلفيق والاختلاق ظاهر في هذه
الزوايات الإسرائيلية. ومن قائل: إنها همت به تقصد
المعصية وهم بها يقصد المعصية ولم يفعل، ومن قائل:
إنها همت به لتقبله وهم بها ليضربها، ومن قائل: إن هذا
الهم كان بينهما قبل الحادث. كان حركة نفسية داخل نفس
يوسف في السن التي اجتاز فيها فترة المراهقة. ثم صرف الله عنه.




[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]




وأفضل تفسير تطمئن إليه نفسي أن هناك تقديما وتأخيرا في الآية.
قال أبو حاتم: كنت أقرأ غريب القرآن على أبي عبيدة،
فلما أتيت على قوله تعالى: (وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا).
قال أبو عبيدة: هذا على التقديم والتأخير. بمعنى
ولقد همت به.. ولولا أن رأى برهان ربه لهم بها. يستقيم هذا
التفسير مع عصمة الأنبياء.. كما يستقيم مع روح
الآيات التي تلحقه مباشرة
(كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاء إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ)




[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]




وهذه الآية التي تثبت أن يوسف من عباد الله المخلصين،
تقطع في نفس الوقت بنجاته من سلطان الشيطان.
قال تعالى لإبليس يوم الخلق (إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ)
وما دام يوسف من عباده المخلصين، فقد وضح الأمر بالنسبة إليه.
لا يعني هذا أن يوسف كان يخلو من مشاعر الرجولة،
ولا يعني هذا أنه كان في نقاء الملائكة وعدم احتفالهم بالحس.
إنما يعني أنه تعرض لإغراء طويل قاومه فلم تمل نفسه يوما،
ثم أسكنها تقواها كونه مطلعا على برهان ربه،




[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]



عارفا أنه يوسف بن يعقوب النبي، ابن إسحق النبي،
ابن إبراهيم جد الأنبياء وخليل الرحمن.
يبدو أن يوسف -عليه السلام- آثر الانصراف متجها إلى الباب
حتى لا يتطور الأمر أكثر. لكن امرأة العزيز لحقت به لتمسكه،
تدفهعا الشهوة لذلك. فأمسكت قميصه من الخلف، فتمزق في يدها.
وهنا تقطع المفاجأة. فتح الباب زوجها -العزيز.
وهنا تتبدى المرأة المكتملة، فتجد الجواب حاضرا
على السؤال البديهي الذي يطرح الموقف. فتقول متهمة الفتى:

قَالَتْ مَا جَزَاء مَنْ أَرَادَ بِأَهْلِكَ سُوَءًا إِلاَّ أَن يُسْجَنَ أَوْ عَذَابٌ أَلِيمٌ



[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]




واقترحت هذه المراة -العاشقة- سريعا العقاب -المأمون-
الواجب تنفيذه على يوسف، خشية أن يفتك به العزيز من شدة غضبه.
بيّنت للعزيز أن أفضل عقاب له هو السجن. بعد هذا الاتهام الباطل
والحكم السريع جهر يوسف بالحقيقة ليدافع عن نفسه: قَالَ هِيَ رَاوَدَتْنِي عَن نَّفْسِي



[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]




تجاوز السياق القرآني رد الزوج، لكنه بين كيفية تبرأة
يوسف -عليه السلام- من هذه التهمة الباطلة:
وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِّنْ أَهْلِهَا إِن كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِن قُبُلٍ فَصَدَقَتْ وَهُوَ مِنَ الكَاذِبِينَ (26)
وَإِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِن دُبُرٍ فَكَذَبَتْ وَهُوَ مِن الصَّادِقِينَ (27)
فَلَمَّا رَأَى قَمِيصَهُ قُدَّ مِن دُبُرٍ قَالَ إِنَّهُ مِن كَيْدِكُنَّ إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ (28) (يوسف)




[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]



لا نعلم إن كان الشاهد مرافقا للزوج منذ البداية،
أم أن العزيز استدعاه بعد الحادثة ليأخذ برأيه..
كما أشارت بعض الروايات أن هذا الشاهد رجل كبير،
بينما أخبرت روايات أخرى أنه طفل رضيع. كل هذا جائز.
وهو لا يغير من الأمر شيئا. ما يذكره القرآن أن الشاهد
أمرهم بالنظر للقميص، فإن كان ممزقا من الأمام فذلك من
أثر مدافعتها له وهو يريد الاعتداء عليها فهي صادقة وهو كاذب.




[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]



وإن كان قميصه ممزقا من الخلف فهو إذن من أثر تملصه منها
وتعقبها هي له حتى الباب، فهي كاذبة وهو صادق.
فَلَمَّا رَأَى قَمِيصَهُ قُدَّ مِن دُبُرٍ قَالَ إِنَّهُ مِن كَيْدِكُنَّ إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ (28) (يوسف)
فتأكد الزوج من خيانة زوجته عندما رأى قميص يوسف ممزق من الخلف.
لكن الدم لم يثر في عروقه ولم يصرخ ولم يغضب. فرضت عليه قيم
الطبقة الراقية التي وقع فيها الحادث أن يواجه الموقف بلباقة
وتلطف.. نسب ما فعلته إلى كيد النساء عموما. وصرح بأن كيد النساء
عموم عظيم. وهكذا سيق الأمر كما لو كان ثناء يساق. ولا نحسب أنه يسوء
المرأة أن يقال لها:



[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]




(إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ). فهو دلالة على أنها
أنثى كاملة مستوفية لمقدرة الأنثى على الكيد. بعدها التفت الزوج
إلى يوسف قائلا له: (يُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هَـذَا) أهمل هذا الموضوع ولا تعره
اهتماما ولا تتحدث به. هذا هو المهم.. المحافظة على الظواهر..
ثم يوجه عظة -مختصرة- للمرأة التي ضبطت متلبسة بمراودة فتاها
عن نفسها وتمزيق قميصه: (وَاسْتَغْفِرِي لِذَنبِكِ إِنَّكِ كُنتِ مِنَ الْخَاطِئِينَ).
انتهى الحادث الأول.. لكن الفتنة لم تنته.. فلم يفصل سيد البيت بين
المرأة وفتاها.. كل ما طلبه هو إغلاق الحديث في هذا الموضوع. غير
أن هذا الموضوع بالذات. وهذا الأمر يصعب تحقيقه في قصر يمتلئ
بالخدم والخادمات والمستشارين والوصيفات.





[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]




لمشهد الثاني:


بدأ الموضوع ينتشر.. خرج من القصر إلى قصور الطبقة
الراقية يومها.. ووجدت فيه نساء هذه الطبقة مادة شهية للحديث.
إن خلو حياة هذه الطبقات من المعنى، وانصرافها إلى اللهو،
يخلعان أهمية قصوى على الفضائح التي ترتبط بشخصيات شهيرة..
وزاد حديث المدينة (وَقَالَ نِسْوَةٌ فِي الْمَدِينَةِ امْرَأَةُ الْعَزِيزِ
تُرَاوِدُ فَتَاهَا عَن نَّفْسِهِ قَدْ شَغَفَهَا حُبًّا إِنَّا لَنَرَاهَا فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ)
وانتقل الخبر من فم إلى فم.. ومن بيت إلى بيت.. حتى وصل لامرأة العزيز.





[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]




المشهد الثالث:


فَلَمَّا سَمِعَتْ بِمَكْرِهِنَّ أَرْسَلَتْ إِلَيْهِنَّ وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَأً و
َآتَتْ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِّنْهُنَّ سِكِّينًا وَقَالَتِ اخْرُجْ عَلَيْهِنَّ فَلَمَّا
رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ وَقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ وَقُلْنَ حَاشَ لِلّهِ مَا هَـذَا بَشَرًا
إِنْ هَـذَا إِلاَّ مَلَكٌ كَرِيمٌ (31) قَالَتْ فَذَلِكُنَّ الَّذِي لُمْتُنَّنِي
فِيهِ وَلَقَدْ رَاوَدتُّهُ عَن نَّفْسِهِ فَاسَتَعْصَمَ وَلَئِن لَّمْ يَفْعَلْ مَا
آمُرُهُ لَيُسْجَنَنَّ وَلَيَكُونًا مِّنَ الصَّاغِرِينَ (32) (يوسف)




[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]




عندما سمعت امرأة العزيز بما تتناقله نساء الطبقة
العليا عنها، قررت أن تعد مأدبة كبيرة في القصر.
وأعدت الوسائد حتى يتكئ عليها المدعوات. واختارت
ألوان الطعام والشراب وأمرت أن توضع السكاكين الحادة
إلى جوار الطعام المقدم. ووجهت الدعوة لكل من تحدثت عنها.
وبينما هن منشغلات بتقطيع اللحم أو تقشير الفاكهة،




[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]



فاجأتهن بيوسف: وَقَالَتِ اخْرُجْ عَلَيْهِنَّ فَلَمَّا
(فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ) بهتن لطلعته، ودهشن.
(وَقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ)
وجرحن أيديهن بالسكاكين للدهشة
المفاجئة. (وَقُلْنَ حَاشَ لِلّهِ) وهي كلمة تنزيه تقال في
هذا الموضع تعبيرا عن الدهشة بصنع الله..



[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]



(مَا هَـذَا بَشَرًا إِنْ هَـذَا إِلاَّ مَلَكٌ كَرِيمٌ) يتضح من هذه التعبيرات
أن شيئا من ديانات التوحيد تسربت لأهل ذلك الزمان.
ورأت المرأة أنها انتصرت على نساء طبقتها، وأنهن لقين
من طلعة يوسف الدهش والإعجاب والذهول. فقالت قولة المرأة
المنتصرة، التي لا تستحي أمام النساء من بنات جنسها وطبقتها،




[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]



والتي تفتخر عليهن بأن هذا متناول يدها؛ وإن كان قد استعصم في
المرة الأولى فهي ستحاول المرة تلو الأخرى إلى أن يلين:
انظرن ماذا لقيتن منه من البهر والدهش والإعجاب! لقد
بهرني مثلكن فراودته عن نفسه لكنه استعصم، وإن لم يطعني
سآمر بسجنه لأذلّه.
إنها لم ترى بأسا من الجهر بنزواتها الأنثوية أما نساء طبقتها.
فقالتها بكل إصرار وتبجح، قالتها مبيّنة أن الإغراء
الجديد تحت التهديد.



[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]



واندفع النسوة كلهم إليه يراودنه عن نفسه..
كل منهن أرادته لنفسها.. ويدلنا على ذلك أمران.
الدليل الأول هو قول يوسف عليه السلام
(رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ) فلم يقل (ما تدعوني إليه)..
والأمر الآخر هو سؤال الملك لهم فيما بعد
(قَالَ مَا خَطْبُكُنَّ إِذْ رَاوَدتُّنَّ يُوسُفَ عَن نَّفْسِهِ).
أمام هذه الدعوات -




[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]




سواء كانت بالقول أم بالحركات واللفتات-
استنجد يوسف بربه ليصرف عنه محاولاتهن لإيقاعه في حبائلهن،
خيفة أن يضعف في لحظة أمام الإغراء الدائم، فيقع فيما يخشاه
على نفسه. دعى يوسف الله دعاء الإنسان العارف ببشريته،
الذي لا يغتر بعصمته؛ فيريد مزيدا من عناية الله وحياطته،
ويعاونه على ما يعترضه من فتة وكيد وإغراء.
(قَالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ وَإِلاَّ تَصْرِفْ عَنِّي
كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُن مِّنَ الْجَاهِلِينَ)
واستجاب له الله..
وصرف عنه كيد النسوة.




[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]



وهذا الصرف قد يكون بإدخال اليأس في نفوسهن من استجابته
لهن، بعد هذه التجربة؛ أو بزيادة انصرافه عن الإغراء
حتى ما يحس في نفسه أثرا منه. أو بهما جميعا. وهكذا
اجتاز يوسف المحنة الثانية بلطف الله ورعايته، فهو الذي سمع
الكيد ويسمع الدعاء، ويعلم ما وراء الكيد وما وراء الدعاء.
ما انتهت المحنة الثانية إلا لتبدأ الثالثة.. لكن
هذه الثالثة هي آخر محن الشدة.




[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]




يسجن يوسف عليه السلام والفصل الثالث من حياته:
ربما كان دخوله للسجن بسبب انتشار قصته مع امرأة
العزيز ونساء طبقتها، فلم يجد أصحاب هذه البيوت طريقة
لإسكات هذه الألسنة سوى سجن هذا الفتى الذي دلت كل
الآيات على برائته، لتنسى القصة. قال تعالى في سورة (يوسف):
ثُمَّ بَدَا لَهُم مِّن بَعْدِ مَا رَأَوُاْ الآيَاتِ لَيَسْجُنُنَّهُ حَتَّى حِينٍ (35) (يوسف)




[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]




وهكذا ترسم الآية الموجزة جو هذا العصر بأكمله..
جو الفساد الداخلي في القصور، جو الأوساط الأرستقراطية..
وجو الحكم المطلق.
إن حلول المشكلات في الحكم المطلق هي السجن.. وليس هذا
بغريب على من يعبد آلهة متعددة. كانوا على عبادة غير الله..
ولقد رأينا من قبل كيف تضيع حريات الناس حين ينصرفون عن عبادة
الله إلى عبادة غيره. وها نحن أولاء نرى في قصة يوسف شاهدا
حيا يصيب حتى الأنبياء.




[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]


يتبـــــــــــع>>>>>

الماسـه 08-06-2011 03:24 PM

رد: سلسلـة˚◦◦˚◦◦قصص أنبياءالله ˚◦◦˚◦◦عليهـم السلام
 
صدر قرارا باعتقاله وأدخل السجن. بلا قضية ولا محاكمة،
ببساطة ويسر.. لا يصعب في مجتمع تحكمه آلهة متعددة
أن يسجن بريء. بل لعل الصعوبة تكمن في محاولة شيء غير ذلك.
دخل يوسف السجن ثابت القلب هادئ الأعصاب أقرب إلى الفرح لأنه
نجا من إلحاح زوجة العزيز ورفيقاتها، وثرثرة وتطفلات الخدم.
كان السجن بالنسبة إليه مكانا هادئا يخلو فيه ويفكر في ربه.
ويبين لنا القرآن الكريم المشهد الأول من هذا الفصل:




[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]




يختصر السياق القرآني ما كان من أمر يوسف في السجن..
لكن الواضح أن يوسف -عليه السلام- انتهز فرصة وجوده
في السجن، ليقوم بالدعوة إلى الله. مما جعل السجناء
يتوسمون فيه الطيبة والصلاح وإحسان العبادة والذكر والسلوك.
انتهز يوسف -عليه السلام- هذه الفرصة ليحدث الناس عن رحمة
الخالق وعظمته وحبه لمخلوقاته، كان يسأل الناس: أيهما أفضل..





[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]





أن ينهزم العقل ويعبد أربابا متفرقين.. أم ينتصر العقل
ويعبد رب الكون العظيم؟ وكان يقيم عليهم الحجة بتساؤلاته
الهادئة وحواره الذكي وصفاء ذهنه، ونقاء دعوته.
وفي أحد الأيام، قَدِمَ له سجينان يسألانه تفسير أحلامهما،
بعد أن توسما في وجهه الخير. إن أول ما قام به يوسف -عليه السلام-
هو طمأنتهما أنه سيؤول لهم الرؤى، لأن ربه علمه علما خاصا،
جزاء على تجرده هو وآباؤه من قبله لعبادته وحده، وتخلصه
من عبادة الشركاء..




[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]




وبذلك يكسب ثقتهما منذ اللحظة الأولى بقدرته على تأويل رؤياهما،
كما يكسب ثقتهما كذلك لدينه. ثم بدأ بدعوتهما إلى التوحيد،
وتبيان ما هم عليه من الظلال. قام بكل هذا برفق
ولطف ليدخل إلى النفوس بلا مقاومة.
بعد ذلك فسر لهما الرؤى. بيّن لهما أن أحدها سيصلب،
والآخر سينجو، وسيعمل في قصر الملك. لكنه لم يحدد من هو صاحب
البشرى ومن هو صاحب المصير السيئ تلطفا وتحرجا من المواجهة بالشر والسوء.





[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]




وتروي بعض التفاسير أن هؤلاء الرجلين كانا يعملان في القصر،
أحدهما طباخا، والآخر يسقي الناس، وقد اتهما بمحاولة تسميم الملك.
أوصى يوسف من سينجو منهما أن يذكر حاله عن الملك.
لكن الرجل لم ينفذ الوصية. فربما ألهته حياة القصر
المزدحمة يوسف وأمره. فلبث في السجن بضع سنين. أراد الله بهذا
أن يعلم يوسف -عليه السلام- درسا.
فقد ورد في إحدى الرويات أنه جاءه جبريل قال: يا يوسف
من نجّاك من إخوتك؟ قال: الله. قال: من أنقذك من الجب؟ قال:
الله. قال: من حررك بعد أن صرت عبدا؟ قال: الله. قال:
من عصمك من النساء؟ قال: الله. قال: فعلام تطلب النجاة من غيره؟
وقد يكون هذا الأمر زيادة في كرم الله عليه واصطفاءه
له، فلم يجعل قضاء حاجته على يد عبد ولا سبب يرتبط بعبد.




[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]




المشهد الثاني:
في هذا المشهد تبدأ نقطة التحول..
التحول من محن الشدة إلى محن الرخاء.. من محنة العبودية
والرق لمحنة السلطة والملك.
في قصر الحكم.. وفي مجلس الملك: يحكي الملك لحاشيته
رؤياه طالبا منهم تفسيرا لها.
(وَقَالَ الْمَلِكُ إِنِّي
أَرَى سَبْعَ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعَ سُنبُلاَتٍ خُضْرٍ
وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ يَا أَيُّهَا الْمَلأُ أَفْتُونِي فِي رُؤْيَايَ إِن كُنتُمْ لِلرُّؤْيَا تَعْبُرُونَ)
لكن المستشارين والكهنة لم يقوموا بالتفسير. ربما لأنهم لم
يعرفوا تفسيرها، أو أنهم أحسوا أنها رؤيا سوء فخشوا
أن يفسروها للملك، وأرادوا أن يأتي التفسير من خارج الحاشية -
التي تعودت على قول كل ما يسر الملك فقط. وعللوا عدم
التفسير بأن قالوا للملك أنها أجزاء من أحلام مختلطة ببعضها
البعض، ليست رؤيا كاملة يمكن تأويلها.




[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]




المشهد الثالث:


وصل الخبر إلى الساقي -الذي نجا من السجن..
تداعت أفكاره وذكره حلم الملك بحلمه الذي رآه في السجن،
وذكره السجن بتأويل يوسف لحلمه. وأسرع إلى الملك وحدثه عن يوسف.
قال له: إن يوسف هو الوحيد الذي يستطيع تفسير رؤياك.
وأرسل الملك ساقيه إلى السجن ليسأل يوسف. ويبين لنا الحق سبحانه
كيف نقل الساقي رؤيا الملك ليوسف بتعبيرات الملك نفسها،
لأنه هنا بصدد تفسير حلم، وهو يريد أن يكون التفسير مطابقا
تماما لما رءاه الملك. وكان الساقي يسمي يوسف بالصديق، أي
الصادق الكثير الصدق.. وهذا ما جربه من شأنه من قبل.




[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]




جاء الوقت واحتاج الملك إلى رأي يوسف..
(وَاللّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَـكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ).
سُئِلَ يوسف عن تفسير حلم الملك.. فلم يشترط خروجه من السجن
مقابل تفسيره. لم يساوم ولم يتردد ولم يقل شيئا غير
تفسير الرؤيا.. هكذا ببراءة النبي حين يلجأ إليه
الناس فيغيثهم.. وإن كان هؤلاء أنفسهم سجانيه وجلاديه.




[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]




لم يقم يسوف -عليه السلام- بالتفسير المباشر المجرد للرؤيا.
وإنما قدم مع التفسير النصح وطريقة مواجهة المصاعب
التي ستمر بها مصر. أفهم يوسف رسول الملك أن مصر ستمر
عليها سبع سنوات مخصبة تجود فيها الأرض بالغلات. وعلى
المصريين ألا يسرفوا في هذه السنوات السبع. لأن وراءها
سبع سنوات مجدبة ستأكل ما يخزنه المصريون، وأفضل خزن للغلال
أن تترك في سنابلها كي لا تفسد أو يصيبها السوس
أو يؤثر عليها الجو.



[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]




بهذا انتهى حلم الملك.. وزاد يوسف تأويله لحلم الملك
بالحديث عن عام لم يحلم به الملك، عام من الرخاء.
عام يغاث فيه الناس بالزرع والماء، وتنمو كرومهم فيعصرون خمرا،
وينمو سمسمهم وزيتونهم فيعصرون زيتا. كان هذا العام الذي لا يقابله
رمز في حلم الملك. علما خاصا أوتيه يوسف. فبشر به
الساقي ليبشر به الملك والناس.




[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]



المشهد الرابع:

عاد الساقي إلى الملك. أخبره بما قال يوسف، دهش الملك
دهشة شديدة. ما هذا السجين..؟ إنه يتنبأ لهم بما سيقع،
ويوجههم لعلاجه.. دون أن ينتظر أجرا أو جزاء.
أو يشترط خروجا أو مكافأة. فأصدر الملك أمره بإخراج يوسف
من السجن وإحضاره فورا إليه. ذهب رسول الملك إلى السجن.
ولا نعرف إن كان هو الساقي الذي جاءه أول مرة.





[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]




أم أنه شخصية رفيعة مكلفة بهذه الشؤون. ذهب إليه في سجنه.
رجا منه أن يخرج للقاء الملك.. فهو يطلبه على عجل.
رفض يوسف أن يخرج من السجن إلا إذا ثبتت براءته. لقد رباه ربه وأدبه.
ولقد سكبت هذه التربية وهذا الأدب في قلبه السكينة والثقة
والطمأنينة. ويظهر أثر التربية واضحا في الفارق بين الموقفين:
الموقف الذي يقول يوسف فيه للفتى: اذكرني عند ربك،
والموقف الذي يقول فيه: ارجع إلى ربك فاسأله ما بال النسوة
الاتي قطعن أيدهن، الفارق بين الموقفين كبير.




[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]



المشهد الخامس:


تجاوز السياق القرآني عما حدث بين الملك ورسوله، وردة فعل الملك.
ليقف بنا أمام المحاكة. وسؤال الملك لنساء الطبقة العليا
عما فعلنه مع يوسف. يبدوا أن الملك سأل عن القصة ليكون على بينة
من الظروف قبل أن يبدأ التحقيق، لذلك جاء سؤاله دقيقا للنساء.
فاعترف النساء بالحقيقة التي يصعب إنكارها
(قُلْنَ حَاشَ لِلّهِ مَا عَلِمْنَا عَلَيْهِ مِن سُوءٍ).




[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]




وهنا تتقدم المرأة المحبة ليوسف، التي يئست منه،
ولكنها لا تستطيع أن تخلص من تعلقها به.. تتقدم لتقول كل شيء
بصراحة. يصور السياق القرآني لنا اعتراف امرأة العزيز،
بألفاظ موحية، تشي بما وراءها من انفعالات ومشاعر عميقة
(أَنَاْ رَاوَدتُّهُ عَن نَّفْسِهِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ) شهادة كاملة بإثمها هي،
وبراءته ونظافته وصدقه هو. شهادة لا يدفع إليها خوف أو خشية
أو أي اعتبار آخر.. يشي السياق القرآني بحافز أعمق من هذا كله.
حرصها على أن يحترمها الرجل الذي أهان كبرياءها الأنثوية،




[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]



ولم يعبأ بفتنتها الجسدية. ومحاولة يائسة لتصحيح صورتها في ذهنه.
لا تريده أن يستمر على تعاليه واحتقاره لها كخاطئة. تريد
أن تصحح فكرته عنها: (ذَلِكَ لِيَعْلَمَ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ).
لست بهذا السوء الذي يتصوره فيني. ثم تمضي في هذه المحاولة
والعودة إلى الفضيلة التي يحبها يوسف ويقدرها
(وَأَنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي كَيْدَ الْخَائِنِينَ). وتمضي خطوة أخرى في
هذه المشاعر الطيبة (وَمَا أُبَرِّىءُ نَفْسِي إِنَّ
النَّفْسَ لأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلاَّ مَا رَحِمَ رَبِّيَ إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَّحِيمٌ).





[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]




إن تأمل الآيات يوحي بأن امرأة العزيز قد تحولت إلى دين يوسف.
تحولت إلى التوحيد. إن سجن يوسف كان نقلة هائلة في حياتها.
آمنت بربه واعتنقت ديانته.
ويصدر الأمر الملكي بالإفراج عنه وإحضاره.
يهمل السياق القرآني بعد ذلك قصة امرأة العزيز تماما،
يسقطها من المشاهد، فلا نعرف ماذا كان من أمرها بعد شهادتها
الجريئة التي أعلنت فيها ضمنا إيمانها بدين يوسف.




[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]




وقد لعبت الأساطير دورها في قصة المرأة.. قيل: إن زوجها مات
وتزوجت من يوسف، فاكتشف أنها عذراء، واعترفت له أن زوجها كان
شيخا لا يقرب النساء.. وقيل: إن بصرها ضاع بسبب استمرارها في البكاء
على يوسف، خرجت من قصرها وتاهت في طرقات المدينة، فلما صار يوسف كبيرا
للوزراء، ومضى موكبه يوما هتفت به امرأة ضريرة تتكفف الناس: سبحان
من جعل الملوك عبيدا بالمعصية، وجعل العبيد ملوكا بالطاعة.



[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]




سأل يوسف: صوت من هذا؟ قيل له: امرأة العزيز. انحدر حالها بعد عز.
واستدعاها يوسف وسألها: هل تجدين في نفسك من حبك لي شيئا؟

قالت: نظرة إلى وجهك أحب إلي من الدنيا يا يوسف.. ناولني نهاية سوطك.
فناولها. فوضعته على صدرها، فوجد السوط يهتز في يده اضطرابا
وارتعاشا من خفقان قلبها.

وقيلت أساطير أخرى، يبدو فيها أثر المخيلة الشعبية وهي تنسج قمة
الدراما بانهيار العاشقة إلى الحضيض.. غير أن السياق القرآني
تجاوز تماما نهاية المرأة.



[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]





أغفلها من سياق القصة، بعد أن شهدت ليوسف.. وهذا يخدم
الغرض الديني في القصة، فالقصة أساسا قصة يوسف وليست قصة المرأة..
وهذا أيضا يخدم الغرض الفني.. لقد ظهرت المرأة ثم اختفت في
الوقت المناسب.. اختفت في قمة مأساتها.. وشاب اختفاءها غموض
فني معجز.. ولربما بقيت في الذاكرة باختفائها هذا زمنا
أطول مما كانت تقضيه لو عرفنا بقية قصتها.




[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]




ويبدأ فصل جديد من فصول حياة يوسف عليه السلام:

بعد ما رأى الملك من أمر يوسف. براءته، وعلمه، وعدم
تهافته على الملك. عرف أنه أمام رجل كريم، فلم يطلبه
ليشكره أو يثني عليه، وإنما طلبه ليكون مستشاره. وعندما
جلس معه وكلمه، تحقق له صدق ما توسمه فيه. فطمئنه على
أنه ذو مكانه وفي أمان عنده. فماذا قال يوسف؟




[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]




لم يغرق الملك شكرا، ولم يقل له: عشت يا مولاي وأنا عبدك
الخاضع أو خادمك الأمين، كما يفعل المتملقون للطواغيت؛ كلا
إنما طالب بما يعتقد أنه قادر على أن ينهض به من الأعباء
في الازمة القادمة.
كما وأورد القرطبي في تفسيره. أن الملك قال فيما قاله:
لو جمعت أهل مصر ما أطاقوا هذا الأمر.. ولم يكونوا فيه أمناء.

كان الملك يقصد الطبقة الحاكمة وما حولها من طبقات..
إن العثور على الأمانة في الطبقة المترفة شديد الصعوبة.




[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]




اعتراف الملك ليوسف بهذه الحقيقة زاد من عزمه على تولي هذا الامر،
لأنقاذ مصر وما حولها من البلاد من هذه المجاعة.. قال يوسف:
(اجْعَلْنِي عَلَى خَزَآئِنِ الأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ). لم يكن يوسف في
كلمته يقصد النفع أو الاستفادة. على العكس من ذلك. كان يحتمل
أمانة إطعام شعوب جائعة لمدة سبع سنوات.. شعوب يمكن أن تمزق
حكامها لو جاعت.. كان الموضوع في حقيقته تضحية من يوسف.





[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]



لا يثبت السياق القرآني أن الملك وافق.. فكأنما يقول القرآن الكريم
إن الطلب تضمن الموافقة.. زيادة في تكريم يوسف، وإظهار مكانته
عند الملك.. يكفي أن يقول ليجاب.. بل ليكون قوله هو الجواب،
ومن ثم يحذف رد الملك.. ويفهمنا شريط الصور المعروضة أن يوسف
قد صار في المكان الذي اقترحه.




[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]




وهكذا مكن الله ليوسف في الأرض.. صار مسؤولا عن خزائن مصر واقتصادها..
صار كبيرا للوزراء.. وجاء في رواية أن الملك قال ليوسف:
يا يوسف ليس لي من الحكم إلا الكرسي.. ولا ينبئنا السياق القرآني
كيف تصرف يوسف في مصر.. نعرف أنه حكيم عليم.. نعرف أنه
أمين وصادق.. لا خوف إذا على اقتصاد مصر.



[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]



المشهد الثاني من هذا الفصل:

دارت عجلة الزمن.. طوى السياق دورتها، ومر مرورا سريعا
على سنوات الرخاء، وجاءت سنوات المجاعة.. وهنا يغفل السياق
القرآني بعد ذلك ذكر الملك والوزراء في السورة كلها..
كأن الأمر كله قد صار ليوسف. الذي اضطلع بالعبء في الأزمة
الخانقة الرهيبة. وأبرز يوسف وحده على مسرح الحوادث,
وسلط عليه كل الأضواء.





[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]


يتبــــــع>>>>

الماسـه 08-06-2011 03:25 PM

رد: سلسلـة˚◦◦˚◦◦قصص أنبياءالله ˚◦◦˚◦◦عليهـم السلام
 
أما فعل الجدب والمجاعة فقد أبرزه السياق في مشهد إخوة يوسف,
يجيئون من البدو من أرض كنعان البعيدة يبحثون عن الطعام
في مصر. ومن ذلك ندرك اتساع دائرة المجاعة, كما كيف صارت مصر -
بتدبير يوسف - محط أنظار جيرانها ومخزن الطعام في المنطقة كلها.
لقد اجتاح الجدب والمجاعة أرض كنعان وما حولها. فاتجه إخوة يوسف
- فيمن يتجهون - إلى مصر. وقد تسامع الناس بما فيها
من فائض الغلة منذ السنوات السمان. فدخلوا على عزيز مصر,




[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]



وهم لا يعلمون أن أخاهم هو العزيز. إنه يعرفهم فهم لم يتغيروا
كثيرا. أما يوسف فإن خيالهم لا يتصور قط أنه العزيز! وأين الغلام
العبراني الصغير الذي ألقوه في الجب منذ عشرين عاما
أو تزيد من عزيز مصر شبه المتوج في سنه وزيه وحرسه
ومهابته وخدمه وحشمه وهيله وهيلمانه?
ولم يكشف لهم يوسف عن نفسه. فلا بد من دروس يتلقونها:
(فَدَخَلُواْ عَلَيْهِ فَعَرَفَهُمْ وَهُمْ لَهُ مُنكِرُونَ ). ولكنا ندرك من السياق
أنه أنزلهم منزلا طيبا, ثم أخذ في إعداد الدرس الأول:
( وَلَمَّا جَهَّزَهُم بِجَهَازِهِمْ قَالَ ائْتُونِي بِأَخٍ لَّكُم مِّنْ أَبِيكُمْ).




[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]




فنفهم من هذا أنه تركهم يأنسون إليه, واستدرجهم حتى ذكروا
له من هم على وجه التفصيل, وأن لهم أخا صغيرا من أبيهم لم يحضر
معهم لأن أباه يحبه ولا يطيق فراقه. فلما جهزهم بحاجات الرحلة قال لهم:
إنه يريد أن يرى أخاهم هذا. (قَالَ ائْتُونِي بِأَخٍ لَّكُم مِّنْ أَبِيكُمْ). وقد رأيتم
أنني أوفي الكيل للمشترين. فسأوفيكم نصيبكم حين يجيء معكم; ورأيتم أنني
أكرم النزلاء فلا خوف عليه بل سيلقى مني الإكرام المعهود:
(أَلاَ تَرَوْنَ أَنِّي أُوفِي الْكَيْلَ وَأَنَاْ خَيْرُ الْمُنزِلِينَ ).



[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]




ولما كانوا يعلمون كيف يضن أبوهم بأخيهم الأصغر - وبخاصة بعد ذهاب يوسف
- فقد أظهروا أن الأمر ليس ميسورا, وإنما في طريقه عقبات من ممانعة أبيهم,
وأنهم سيحاولون إقناعه, مع توكيد عزمهم - على الرغم من هذه العقبات -
على إحضاره معهم حين يعودون: (قَالُواْ سَنُرَاوِدُ عَنْهُ أَبَاهُ وَإِنَّا لَفَاعِلُونَ).
ولفظ (نراود) يصور الجهد الذي يعلمون أنهم باذلوه.





[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]




أما يوسف فقد أمر غلمانه أن يدسوا البضاعة التي حضر بها

إخوته ليستبدلوا بها القمح والعلف. وقد تكون خليطا من نقد ومن
غلات صحراوية أخرى من غلات الشجر الصحراوي, ومن الجلود وسواها
مما كان يستخدم في التبادل في الأسواق. أمر غلمانه بدسها في رحالهم -
والرحل متاع المسافر - لعلهم يعرفون حين يرجعون
أنها بضاعتهم التي جاءوا بها.



[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]




المشهد الثالث:

ندع يوسف في مصر . لنشهد يعقوب وبنيه في أرض كنعان.
رجع الأخوة إلى أبيهم.. وقبل أن ينزلوا أحمال الجمال ويفكوا
متاعهم، دخلوا على أبيهم. قائلين له بعتاب: إن لم ترسل معنا
أخانا الصغير في المرة القادمة فلن يعطينا عزيز مصر الطعام.
وختموا كلامهم بوعد جديد ليعقوب عليه السلام (وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ).

ويبدوا أن هذا الوعد قد أثار كوامن يعقوب. فهو ذاته وعدهم له
في يوسف! فإذا هو يجهز بما أثاره الوعد من شجونه:




[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]




قَالَ هَلْ آمَنُكُمْ عَلَيْهِ إِلاَّ كَمَا أَمِنتُكُمْ عَلَى أَخِيهِ مِن قَبْلُ فَاللّهُ خَيْرٌ
حَافِظًا وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ (64) (يوسف)

وفتح الأبناء أوعيتهم ليخرجوا ما فيها من غلال.. فإذا هم
يجدون فيها بضاعتهم التي ذهبوا يشترون بها.. مردودة إليهم
مع الغلال والطعام.. ورد الثمن يشير إلى عدم الرغبة في البيع،
أو هو إنذار بذلك.. وربما كان إحراجا لهم ليعودوا لسداد الثمن مرة أخرى.
وأسرع الأبناء إلى أبيهم (قَالُواْ يَا أَبَانَا مَا نَبْغِي) ..
لم نكذب عليك.. لقد رد إلينا الثمن الذي ذهبنا نشتري به.





[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]




هذا معناه أنهم لن يبيعوا لنا إلا إذا ذهب أخونا معنا.
واستمر حوارهم مع الأب.. أفهموه أن حبه لابنه والتصاقه به
يفسدان مصالحهم، ويؤثران على اقتصادهم، وهم يريدون أن يتزودوا
أكثر، وسوف يحفظون أخاهم أشد الحفظ وأعظمه.. وانتهى الحوار باستسلام
الأب لهم.. بشرط أن يعاهدوه على العودة بابنه، إلا إذا خرج
الأمر من أيديهم وأحيط بهم.. نصحهم الأب ألا يدخلوا -وهم
أحد عشر رجلا- من باب واحد من أبواب بمصر.. كي لا يستلفتوا انتباه أحد..
وربما خشي عليهم أبوهم شيئا كالسرقة أو الحسد..
لا يقول لنا السياق القرآني ماذا كان الأب يخشى،
ولو كان الكشف عن السبب مهما لقيل.



[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]



المشهد الرابع:

عاد إخوة يوسف الأحد عشر هذه المرة.
وَلَمَّا دَخَلُواْ عَلَى يُوسُفَ آوَى إِلَيْهِ أَخَاهُ قَالَ إِنِّي أَنَاْ
أَخُوكَ فَلاَ تَبْتَئِسْ بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ (69) (يوسف)

يقفز السياق قفزا إلى مشهد يوسف وهو يحتضن أخاه ويكشف له
وحده سر قرابته، ولا ريب أن هذا لم يحدث فور دخول الإخوة
على يوسف، وإلا لانكشفت لهم قرابة يوسف، إنما وقع هذا في خفاء
وتلطف، فلم يشعر إخوته، غير أن السياق المعجز يقفز
إلى أول خاطر ساور يوسف عند دخولهم عليه ورؤيته لأخيه..
وهكذا يجعله القرآن أول عمل، لأنه أول خاطر، وهذه من دقائق
التعبير في هذا الكتاب العظيم.




[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]




يطوي السياق كذلك فترة الضيافة، وما دار فيها بين يوسف وإخوته،
ويعرض مشهد الرحيل الأخير.. ها هو ذا يوسف يدبر شيئا لإخوته..
يريد أن يحتفظ بأخيه الصغير معه.
يعلم أن احتفاظه بأخيه سيثير أحزان أبيه، وربما حركت الأحزان الجديدة
أحزانه القديمة، وربما ذكره هذا الحادث بفقد يوسف.. يعلم يوسف هذا كله..
وها هو ذا يرى أخاه.. وليس هناك دافع قاهر لاحتفاظه به، لماذا
يفعل ما فعل ويحتفظ بأخيه هكذا!؟
يكشف السياق عن السر في ذلك.. إن يوسف يتصرف بوحي من الله..
يريد الله تعالى أن يصل بابتلائه ليعقوب إلى الذروة.. حتى إذا
جاوز به منطقة الألم البشري المحتمل وغير المحتمل، ورآه صابرا
رد عليه ابنيه معا، ورد إليه بصره.


[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]




أمر يوسف -عليه السلام- رجاله أن يخفوا كأس الملك الذهبية في متاع أخيه خلسة..
وكانت الكأس تستخدم كمكيال للغلال.. وكانت لها قيمتها كمعيار في
الوزن إلى جوار قيمتها كذهب خالص. أخفى الكأس في متاع أخيه..
وتهيأ إخوة يوسف للرحيل، ومعهم أخوهم.. ثم أغلقت أبواب العاصمة..
(ثُمَّ أَذَّنَ مُؤَذِّنٌ أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسَارِقُونَ)..!!
كانت صرخة الجند تعني وقوف القوافل جميعا.. وانطلق الاتهام فوق
رؤوس الجميع كقضاء خفي غامض.. أقبل الناس، وأقبل معهم إخوة يوسف..
( مَّاذَا تَفْقِدُونَ)؟
هكذا تسائل إخوة يوسف..



[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]



قال الجنود: (نَفْقِدُ صُوَاعَ الْمَلِكِ)..
ضاعت كأسه الذهبية.. ولمن يجيء بها مكافأة.. سنعطيه حمل بعير من الغلال.
قال إخوة يوسف ببراءة: لم نأت لنفسد في الأرض ونسرق! قال
الحراس (وكان يوسف قد وجههم لما يقولونه): أي جزاء تحبون توقيعه على السارق؟
قال إخوة يوسف: في شريعتنا نعتبر من سرق عبدا لمن سرقه.
قال الحارس: سنطبق عليكم قانونكم الخاص.. لن نطبق عليكم
القانون المصري الذي يقضي بسجن السارق.
كانت هذه الإجابة كيدا وتدبيرا من الله تعالى،



[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]



ألهم يوسف أن يحدث بها ضباطه..
ولولا هذا التدبير الإلهي لامتنع على يوسف أن يأخذ أخاه.. فقد كان
دين الملك أو قانونه لا يقضي باسترقاق من سرق. وبدأ التفتيش.
كان هذا الحوار على منظر ومسمع من يوسف، فأمر جنوده بالبدء بتفتيش
رحال أخوته أولا قبل تفتيش رحل أخيه الصغير. كي لا يثير شبهة في
نتيجة التفتيش.
اطمأن إخوة يوسف إلى براءتهم من السرقة وتنفسوا الصعداء،
فلم يبقى إلا أخوهم الصغير. وتم استخراج الكأس من رحله.
فأمر يوسف بأخذ أخيه عبدا، قانونهم الذي طبقه القضاء على الحادث.
أعقب ذلك مشهد عنيف المشاعر..



[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]



إن إحساس الإخوة براحة الإنقاذ والنجاة
من التهمة، جعلهم يستديرون باللوم على شقيق يوسف (
قَالُواْ إِن يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَّهُ مِن قَبْلُ) إنهم يتنصلون من تهمة السرقة..
ويلقونها على هذا الفرع من أبناء يعقوب.
سمع يوسف بأذنيه اتهامهم له، وأحس بحزن عميق.. كتم يوسف أحزانه
في نفسه ولم يظهر مشاعره.. قال بينه وبين نفسه
(أَنتُمْ شَرٌّ مَّكَانًا وَاللّهُ أَعْلَمْ بِمَا تَصِفُونَ). لم يكن هذا سبابا لهم،
بقدر ما كان تقريرا حكيما لقاعدة من قواعد الأمانة.
أراد أن يقول بينه وبين نفسه: إنكم بهذا القذف شر مكانا
عند الله من المقذوف، لأنكم تقذفون بريئين بتهمة السرقة..
والله أعلم بحقيقة ما تقولون.



[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]



سقط الصمت بعد تعليق الإخوة الأخير.. ثم انمحى إحساسهم بالنجاة،
وتذكروا يعقوب.. لقد أخذ عليهم عهدا غليظا، ألا يفرطوا في ابنه.
وبدءوا استرحام يوسف: يوسف أيها العزيز.. يوسف أيها الملك..
إِنَّ لَهُ أَبًا شَيْخًا كَبِيرًا فَخُذْ أَحَدَنَا مَكَانَهُ إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ
قال يوسف بهدوء: كيف تريدون أن نترك من وجدنا كأس الملك عنده..
ونأخذ بدلا منه أنسانا آخر..؟ هذا ظلم.. ونحن لا نظلم.
كانت هي الكلمة الأخيرة في الموقف. وعرفوا أن لا جدوى بعدها من الرجاء،
فانسحبوا يفكرون في موقفهم المحرج أمام أبيهم حين يرجعون.





[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]



المشهد الخامس:

عقدوا مجلسا يتشاورون فيه. لكن السياق القرآني لا يذكر أقوالهم جميعا.
إنما يثبت آخرها الذي يكشف عما انتهوا إليه. ذكر القرآن قول كبيرهم
إذ ذكّرهم بالموثق المأخوذ عليهم، كما ذكرهم بتفريطهم
في يوسف من قبل. ثم يبين قراره الجازم: ألا يبرح مصر،
وألا يواجه أباه، إلا أن يأذن أبوه، أو يقضي الله له بحكم، فيخض له
وينصاع. وطلب منهم أن يرجعوا إلى أبيهم فيخبروه صراحة بأن ابنه سرق،
فَاُخِذَ بما سرق. ذلك ما علموه شهدوا به. أما إن كان بريئا،
وكا هناك أمر وراء هذا الظاهر لا يعلمونه،




[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]



فهم غير موكلين بالغيب.
وإن كان في شك من قولهم فليسأل أهل القرية التي كانوا فيها -
أي أهل مصر- وليسأل القافلة التي كانوا فيها، فهم لم يكونوا
وحدهم، فالقوافل الكثيرة كانت ترد مصر لتأخذ الطعام.



[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]


المشهد السادس:

فعل الأبناء ما أمرهم به أخوهم الكبير، وحكوا ليعقوب -عليه السلام-
ما حدث. استمع يعقوب إليهم وقال بحزن صابر، وعين دامعة:
(بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنفُسُكُمْ أَمْرًا فَصَبْرٌ جَمِيلٌ عَسَى اللّهُ
أَن يَأْتِيَنِي بِهِمْ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ).
(بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنفُسُكُمْ أَمْرًا فَصَبْرٌ جَمِيلٌ)
كلمته ذاتها يوم فقد يوسف..
لكنه في هذه المرة يضيف إليها الأمل أن يرد الله عليه
يوسف وأخاه فيرد ابنه الآخر المتخلف هناك.



[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]



هذا الشعاع من أين جاء إلى قلب هذا الرجل الشيخ؟ إنه الرجاء في الله،
والاتصال الوثيق به، والشعور بوجوده ورحمته. وهو مؤمن بأن الله يعلم حاله،
ويعلم ما وراء هذه الأحداث والامتحانات. ويأتي بكل أمر في وقته المناسب،
عندما تتحق حكمته في ترتيب الأسباب والنتائج.
(وَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقَالَ يَا أَسَفَى عَلَى يُوسُفَ وَابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ)
وهي صورة مؤثرة للوالد المفجوع. يحس أنه منفرد بهمه، وحيد بمصابه،
لا تشاركه هذه القلوب التي حوله ولا تجاوبه، فينفرد في معزل،
يندب فجيعته في ولده الحبيب يوسف. الذي لم ينسه، ولم تهوّن
من مصيبته السنون، والذي تذكره به نكبته الجديدة في أخيه الأصغر فتغلبه
على صبره الجميل.




[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]



أسلمه البكاء الطويل إلى فقد بصره..
أو ما يشبه فقد بصره. فصارت أمام عينيه غشاوة بسبب البكاء
لا يمكن أن يرى بسببها. والكظيم هو الحزين الذي لا يظهر حزنه.
ولم يكن يعقوب -عليه السلام- يبكي أمام أحد.. كان بكاؤه شكوى
إلى الله لا يعلمها إلا الله.
ثم لاحظ أبناؤه أنه لم يعد يبصر ورجحوا أنه يبكي على يوسف،
وهاجموه في مشاعره الإنسانية كأب.. حذروه بأنه سيهلك نفسه:
قَالُواْ تَالله تَفْتَأُ تَذْكُرُ يُوسُفَ حَتَّى تَكُونَ حَرَضًا أَوْ تَكُونَ مِنَ الْهَالِكِينَ (85)
قَالَ إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللّهِ وَأَعْلَمُ مِنَ اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ (86) (يوسف)
ردهم جواب يعقوب إلى حقيقة بكائه..




[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]




إنه يشكو همه إلى الله.. ويعلم من
الله ما لا يعلمون.. فليتركوه في بكائه وليصرفوا همهم لشيء أجدى عليهم
(يَا بَنِيَّ اذْهَبُواْ فَتَحَسَّسُواْ مِن يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلاَ تَيْأَسُواْ
مِن رَّوْحِ اللّهِ إِنَّهُ لاَ يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ اللّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ)
إنه يكشف لهم في عمق أحزانه عن أمله في روح الله..
إنه يشعر بأن يوسف لم يمت كما أنبئوه.. لم يزل حيا، فليذهب
الإخوة بحثا عنه.. وليكن دليلهم في البحث،
هذا الأمل العميق في الله.



[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]



المشهد السابع:


تحركت القافلة في طريقها إلى مصر..
إخوة يوسف في طريقهم إلى العزيز.. تدهور حالهم
الاقتصادي وحالهم النفسي.. إن فقرهم وحزن أبيهم ومحاصرة
المتاعب لهم، قد هدت قواهم تماما.. ها هم أولاء يدخلون على يوسف..
معهم بضاعة رديئة.. جاءوا بثمن لا يتيح لهم شراء شيء ذي بال..
وعندما دخلوا على يوسف - عليه السلام- رجوه أن يتصدق عليهم
(فَلَمَّا دَخَلُواْ عَلَيْهِ قَالُواْ يَا أَيُّهَا الْعَزِيزُ مَسَّنَا
وَأَهْلَنَا الضُّرُّ وَجِئْنَا بِبِضَاعَةٍ مُّزْجَاةٍ فَأَوْفِ لَنَا الْكَيْلَ وَتَصَدَّقْ عَلَيْنَآ
إِنَّ اللّهَ يَجْزِي الْمُتَصَدِّقِينَ)
انتهى الأمر بهم إلى التسول..
إنهم يسألونه أن يتصدق عليهم.. ويستميلون قلبه،
بتذكيره أن الله يجزي المتصدقين.



[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]



عندئذ.. وسط هوانهم وانحدار حالهم..
حدثهم يوسف بلغتهم، بغير واسطة ولا مترجم:

قَالَ هَلْ عَلِمْتُم مَّا فَعَلْتُم بِيُوسُفَ وَأَخِيهِ إِذْ أَنتُمْ جَاهِلُونَ (89)
قَالُواْ أَإِنَّكَ لَأَنتَ يُوسُفُ قَالَ أَنَاْ يُوسُفُ وَهَـذَا أَخِي قَدْ مَنَّ اللّهُ
عَلَيْنَا إِنَّهُ مَن يَتَّقِ وَيِصْبِرْ فَإِنَّ اللّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ (90)
قَالُواْ تَاللّهِ لَقَدْ آثَرَكَ اللّهُ عَلَيْنَا وَإِن كُنَّا لَخَاطِئِينَ (91) (يوسف)
يكاد الحوار يتحرك بأدق تعبير عن مشاعرهم الداخلية..
فاجأهم عزيز مصر بسؤالهم عما فعلوه بيوسف.. كان يتحدث
بلغتهم فأدركوا أنه يوسف.. وراح الحوار يمضي فيكشف لهم
خطيئتهم معه.. لقد كادوا له وَاللّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ



[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]



مرت السنوات، وذهب كيدهم له.. ونفذ تدبير الله المحكم الذي
يقع بأعجب الأسباب.. كان إلقاؤه في البئر هو بداية صعوده
إلى السلطة والحكم.. وكان إبعادهم له عن أبيه سببا في زيادة
حب يعقوب له. وها هو ذا يملك رقابهم وحياتهم، وهم يقفون في
موقف استجداء عطفه.. إنهم يختمون حوارهم معه بقولهم
(قَالُواْ تَاللّهِ لَقَدْ آثَرَكَ اللّهُ عَلَيْنَا وَإِن كُنَّا لَخَاطِئِينَ)
إن روح الكلمات واعترافهم بالخطأ يشيان بخوف مبهم
غامض يجتاح نفوسهم..



[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]



ولعلهم فكروا في انتقامه منهم وارتعدت فرائصهم..
ولعل يوسف أحس ذلك منهم فطمأنهم بقوله
(قَالَ لاَ تَثْرَيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ)
لا مؤاخذة، ولا لوم، انتهى الأمر من نفسي وذابت جذوره..
لم يقل لهم إنني أسامحكم أو أغفر لكم، إنما دعا الله أن يغفر لهم،
وهذا يتضمن أنه عفا عنهم وتجاوز عفوه، ومضى بعد ذلك خطوات..
دعا الله أن يغفر لهم.. وهو نبي ودعوته مستجابة..
وذلك تسامح نراه آية الآيات في التسامح.



[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]



ها هو ذا يوسف ينهي حواره معهم بنقلة مفاجئة لأبيه..
يعلم أن أباه قد ابيضت عيناه من الحزن عليه..
يعلم أنه لم يعد يبصر.. لم يدر الحوار حول أبيه لكنه يعلم..
يحس قلبه.. خلع يوسف قميصه وأعطاه لهم
(اذْهَبُواْ بِقَمِيصِي هَـذَا فَأَلْقُوهُ عَلَى وَجْهِ أَبِي يَأْتِ بَصِيرًا
وَأْتُونِي بِأَهْلِكُمْ أَجْمَعِينَ).
وعادت القافلة إلى فلسطين.



[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]



المشهد الثامن:


ما أنت خرجت القافلة من مصر، حتى قال يعقوب -عليه السلام-
لمن حوله في فلسطين: إني أشم رائحة يوسف، لولا أنكم تقولون
في أنفسكم أنني شيخ خرِف لصدقتم ما أقول. فرد عليه من حوله ().



[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]




لكن المفاجأة البعيدة تقع. وصلت القافلة، وألقى البشير
قميض يوسف على وجه يعقوب -عليهما السلام- فارتدّ بصره.
هنا يذكر يعقوب حقيقة ما يعلمه من ربه
(قَالَ أَلَمْ أَقُل لَّكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ مِنَ اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ).
فاععترف الأخوة بخطئهم، وطلبوا من أباهم الاستغفار لهم،
فهو نبي ودعاءه مستجاب. إلا أن يعقوب عليه السلام
(قَالَ سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّيَ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ)
ونلمح هنا أن في قلب يعقوب شيئا من بنيه، وأنه لم يصف لهم بعد،
وإن كان يعدهم باستغفار الله لهم بعد أن يصفو ويسكن ويستريح.


[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]


ها هو المشهد الأخير في قصة يوسف:
بدأت قصته برؤيا.. وها هو ذا الختام، تأويل رؤياه:
فَلَمَّا دَخَلُواْ عَلَى يُوسُفَ آوَى إِلَيْهِ أَبَوَيْهِ وَقَالَ ادْخُلُواْ
مِصْرَ إِن شَاء اللّهُ آمِنِينَ (99) وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ و
َخَرُّواْ لَهُ سُجَّدًا وَقَالَ يَا أَبَتِ هَـذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِن قَبْلُ
قَدْ جَعَلَهَا رَبِّي حَقًّا وَقَدْ أَحْسَنَ بَي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ وَجَاء
بِكُم مِّنَ الْبَدْوِ مِن بَعْدِ أَن نَّزغَ الشَّيْطَانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي
إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِّمَا يَشَاء إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ (100)
(يوسف)



[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]


تأمل الآن مشاعره ورؤياه تتحقق..
إنه يدعو ربه (رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِن تَأْوِيلِ
الأَحَادِيثِ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ أَنتَ وَلِيِّي فِي الدُّنُيَا
وَالآخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ)..
هي دعوة واحدة.. تَوَفَّنِي مُسْلِمًا





[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]

الماسـه 08-07-2011 05:03 PM

رد: سلسلـة˚◦◦˚◦◦قصص أنبياءالله ˚◦◦˚◦◦عليهـم السلام
 


[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]
الحلقــة السابعـــه
من قصص الانبياء

موسى عليه السلام
نبذة:

أرسله الله تعالى إلى فرعون وقومه، وأيده بمعجزتين،
إحداهما هي العصا التي تلقف الثعابين، أما الأخرى
فكانت يده التي يدخلها في جيبه فتخرج بيضاء من غير سوء،
دعا موسى إلى وحدانية الله فحاربه فرعون وجمع له السحرة
ليكيدوا له ولكنه هزمهم بإذن الله تعالى، ثم أمره الله أن يخرج
من مصر مع من اتبعه، فطارده فرعون بجيش عظيم، ووقت
أن ظن أتباعه أنهم مدركون أمره الله أن يضرب البحر بعصاه
لتكون نجاته وليكون هلاك فرعون الذي جعله الله عبرة للآخرين.




[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]



أرسل موسى وهارون عليهما السلام لأشد الشعوب كرها للحق
وابتعادا عنه.. لذلك كانت حياتهما مليئة بالأحداث والمواقف.
ولكي نستطيع عرض هذه القصة بالشكل الصحيح..
تم تقسيمها إلى أربعة أجزاء، كل جزء يتناول مرحلة من
مراحل حياة هذين النبيين الكريمين.



[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]



أجزاء القصة:
الجزء الاول:

يتناول نشأة موسى عليه السلام، وخروجه من مصر
إلى مدين هاربا من فرعون وجنوده، ولقاءه بربه في الوادي المقدس.



[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]



سيرته:
أثناء حياة يوسف علي السلام بمصر، تحولت مصر إلى التوحيد.
توحيد الله سبحانه، وهي الرسالة التي كان يحملها جميع
الرسل إلى أقواهم. لكن بعد وفاته، عاد أهل مصر إلى ضلالهم
وشركهم. أما أبناء يعقوب، أو أبناء إسرائيل، فقد اختلطوا
بالمجتمع المصري، فضلّ منهم من ضل، وبقي على التوحيد من بقي.
وتكاثر أبناء إسرائيل وتزايد عددهم، واشتغلوا في العديد من الحرف.




[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]




ثم حكم مصر ملك جبار كان المصريون يعبدونه. ورأى هذا الملك بني
إسرائيل يتكاثرون ويزيدون ويملكون. وسمعهم يتحدثون
عن نبوءة تقول إن واحدا من أبناء إسرائيل سيسقط فرعون
مصر عن عرشه. فأصدر الفرعون أمره ألا يلد أحد من بني إسرائيل،
أي أن يقتل أي وليد ذكر. وبدأ تطبيق النظام،
ثم قال مستشارون فرعون له، إن الكبار من بني إسرائيل يموتون بآجالهم،
والصغار يذبحون، وهذا سينتهي إلى إفناء بني إسرائيل،





[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]



فستضعف مصر لقلة الأيدي العاملة بها. والأفضل أن تنظم
العملية بأن يذبحون الذكور في عام ويتركونهم في العام الذي يليه.
ووجد الفرعون أن هذا الحل أسلم. وحملت أم موسى بهارون
في العام الذي لا يقتل فيه الغلمان، فولدته علانية آمنة.
فلما جاء العام الذي يقتل فيه الغلمان ولد موسى. حمل ميلاده
خوفا عظيما لأمه. خافت عليه من القتل. راحت ترضعه في السر.
ثم جاءت عليها ليلة مباركة أوحى الله إليها فيها للأم بصنع
صندوق صغير لموسى.




[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]





ثم إرضاعه ووضعه في الصندوق. وإلقاءه في النهر.
كان قلب الأم، وهو أرحم القلوب في الدنيا، يمتلئ بالألم
وهي ترمي ابنها في النيل، لكنها كانت تعلم أن الله أرحم بموسى منها،
والله هو ربه ورب النيل. لم يكد الصندوق يلمس مياه النيل
حتى أصدر الخالق أمره إلى الأمواج أن تكون هادئة حانية
وهي تحمل هذا الرضيع الذي سيكون نبيا فيما بعد، ومثلما
أصدر الله تعالى أمره للنار أن تكون بردا وسلاما على إبراهيم،
كذلك أصدر أمره للنيل أن يحمل موسى بهدوء ورفق حتى يسلمه
إلى قصر فرعون. وحملت مياه النيل هذا الصندوق العزيز
إلى قصر فرعون. وهناك أسلمه الموج للشاطئ.



[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]




رفض موسى للمراضع:
وفي ذلك الصباح خرجت زوجة فرعون تتمشى في حديقة القصر.
وكانت زوجة فرعون تختلف كثيرا عنه. فقد كان هو كافرا
وكانت هي مؤمنة. كان هو قاسيا وكانت هي رحيمة. كان جبارا
وكانت رقيقة وطيبة. وأيضا كانت حزينة، فلم تكن تلد.
وكانت تتمنى أن يكون عندها ولد.
وعندما ذهبت الجواري ليملأن الجرار من النهر،




[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]





وجدن الصندوق، فحملنه كما هو إلى زوجة فرعون. فأمرتهن
أن يفتحنه ففتحنه. فرأت موسى بداخله فأحست بحبه في قلبها.
فلقد ألقى الله في قلبها محبته فحملته من الصندوق.
فاستيقظ موسى وبدأ يبكي. كان جائعا يحتاج إلى رضعة الصباح فبكى.
فجاءت زوجة فرعون إليه، وهي تحمل بين بيدها طفلا رضيعا.
فسأل من أين جاء هذا الرضيع؟ فحدثوه بأمر الصندوق.
فقال بقلب لا يعرف الرحمة: لابد أنه أحد أطفال بني إسرائيل.



[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]






أليس المفروض أن يقتل أطفال هذه السنة؟
فذكّرت آسيا -امرأة فرعون- زوجها بعدم قدرتهم على وطلبت
منه أن يسمح لها بتربيته. سمح لها بذلك.
عاد موسى للبكاء من الجوع. فأمرت بإحضار المراضع.
فحضرت مرضعة من القصر وأخذت موسى لترضعه فرفض أن يرضع منها.
فحضرت مرضعة ثانية وثالثة وعاشرة وموسى يبكي ولا يريد أن يرضع.
فاحتارت زوجة فرعون ولم تكن تعرف ماذا تفعل.




[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]




لم تكن زوجة فرعون هي وحدها الحزينة الباكية بسبب رفع
موسى لجميع المراضع. فلقد كانت أم موسى هي الأخرى حزينة باكية.
لم تكد ترمي موسى في النيل حتى أحست أنها ترمي قلبها في النيل.
غاب الصندوق في مياه النيل واختفت أخباره. وجاء الصباح على
أم موسى فإذا قلبها فارغ يذوب حزنا على ابنها، وكادت تذهب
إلى قصر فرعون لتبلغهم نبأ ابنها وليكن ما يكون.



[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]




لولا أن الله تعالى ربط على قلبها وملأ بالسلام نفسها فهدأت
واستكانت وتركت أمر ابنها لله. كل ما في الأمر أنها قالت لأخته:
اذهبي بهدوء إلى المدينة وحاولي أن تعرفي ماذا حدث لموسى.
وذهبت أخت موسى بهدوء ورفق إلى جوار قصر فرعون، فإذا بها
تسمع القصة الكاملة. رأت موسى من بعيد وسمعت بكاءه، ورأتهم
حائرين لا يعرفون كيف يرضعونه، سمعت أنه يرفض كل المراضع.
وقالت أخت موسى لحرس فرعون:




[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]



هل أدلكم على أهل بيت يرضعونه
ويكفلونه ويهتمون بأمره ويخدمونه؟
ففرحت زوجة فرعون كثيرا لهذا الأمر، وطلبت منها أن تحضر المرضعة.
وعادت أخت موسى وأحضرت أمه. وأرضعته أمه فرضع.
وتهللت زوجة فرعون وقالت: "خذيه حتى تنتهي فترة رضاعته
وأعيديه إلينا بعدها، وسنعطيك أجرا عظيما على تربيتك له".
وهكذا رد الله تعالى موسى لأمه كي تقر عينها ويهدأ قلبها
ولا تحزن ولتعلم أن وعد الله حق وأن كلماته سبحانه تنفذ
رغم أي شيء. ورغم كل شيء.


[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]




نشأة موسى في بيت فرعون:

أتمت أم موسى رضاعته وأسلمته لبيت فرعون. كان موضع حب الجميع.
كان لا يراه أحد إلا أحبه. وها هو ذا في أعظم قصور الدنيا
يتربى بحفظ الله وعنايته. بدأت تربية موسى في بيت فرعون.
وكان هذا البيت يضم أعظم المربين والمدرسين في ذلك الوقت.
كانت مصر أيامها أعظم دولة في الأرض. وكان فرعون
أقوى ملك في الأرض، ومن الطبيعي أن يضم قصره أعظم المدربين
والمثقفين والمربين في الأرض.



[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]





وهكذا شاءت حكمة الله تعالى
أن يتربى موسى أعظم تربية وأن يتعهده أعظم المدرسين،
وأن يتم هذا كله في بيت عدوه الذي سيصطدم به فيما بعد
تنفيذا لمشيئة الخالق.
وكبر موسى في بيت فرعون. كان موسى يعلم أنه ليس ابنا لفرعون،
إنما هو واحد من بني إسرائيل. وكان يرى كيف يضطهد
رجال فرعون وأتباعه بني إسرائيل.. وكبر موسى وبلغ أشده..
(وَدَخَلَ الْمَدِينَةَ عَلَى حِينِ غَفْلَةٍ مِّنْ أَهْلِهَا)



[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]




وراح يتمشى فيها. فوجد رجلا من اتباع فرعون وهو يقتتل
مع رجل من بني إسرائيل، واستغاث به الرجل الضعيف فتدخل
موسى وأزاح بيده الرجل الظالم فقتله. كان موسى قويا جدا،
ولم يكن يقصد قتل الظالم، إنما أراد إزاحته فقط،
لكن ضربته هذه قتلته. ففوجئ موسى به وقد مات وقال لنفسه:
(هَذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ عَدُوٌّ مُّضِلٌّ مُّبِينٌ). ودعا موسى ربه:
(قَالَ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي). وغفر الله تعالى له،
(إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ).



[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]





أصبح موسى (فِي الْمَدِينَةِ خَائِفًا يَتَرَقَّبُ). كان هذا حال موسى،
حال إنسان مطارد، فهو خائف، يتوقع الشر في كل خطوة،
وهو مترقب، يلتفت لأوهى الحركات وأخفاها.
ووعد موسى بأن لا يكون ظهيرا للمجرمين. لن يتدخل في
المشاجرات بين المجرمين والمشاغبين ليدافع عن أحد من قومه.
وفوجئ موسى أثناء سيره بنفس الرجل الذي أنقذه بالأمس
وهو يناديه ويستصرخه اليوم. كان الرجل مشتبكا في عراك
مع أحد المصريين. وأدرك موسى بأن هذا الإسرائيلي مشاغب.




[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]





أدرك أنه من هواة المشاجرات. وصرخ موسى في الإسرائيلي
يعنفه قائلا: (إِنَّكَ لَغَوِيٌّ مُّبِينٌ). قال موسى كلمته واندفع
نحوهما يريد البطش بالمصري. واعتقد الإسرائيلي أن موسى
سيبطش به هو. دفعه الخوف من موسى إلى استرحامه صارخا،
وذكّره بالمصري الذي قتله بالأمس. فتوقف موسى، سكت عنه الغضب
وتذكر ما فعله بالأمس، وكيف استغفر وتاب ووعد ألا يكون نصيرا
للمجرمين. استدار موسى عائدا ومضى وهو يستغفر ربه.


[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]




وأدرك المصري الذي كان يتشاجر مع الإسرائيلي أن موسى
هو قاتل المصري الذي عثروا على جثته أمس. ولم يكن أحد
من المصررين يعلم من القاتل. فنشر هذا المصري الخبر في
أرجاء المدينة. وانكشف سر موسى وظهر أمره. وجاء رجل مصري
مؤمن من أقصى المدينة مسرعا. ونصح موسى بالخروج من مصر،
لأن المصريين ينوون قلته.
لم يذكر القرآن الكريم اسم الرجل الذي جاء يحذر موسى.



[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]





ونرجح أنه كان رجلا مصريا من ذوي الأهمية، فقد اطلع على
مؤامرة تحاك لموسى من مستويات عليا، ولو كان شخصية عادية لما عرف.
يعرف الرجل أن موسى لم يكن يستحق القتل على ذنبه بالأمس..
لقد قتل الرجل خطأ. فيجب أن تكون عقوبته السجن على أقصى تقدير.
لكن رؤساء القوم وعليتهم، الذين يبدوا أنهم كانوا يكرهون موسى
لأنه من بني إسرائيل، ولأنه نجى من العام الذي يقتل فيه
كل مولود ذكر، وجدوا هذه الفرصة مناسبة للتخلص من موسى،
فهو قاتل المصري، لذا فهو يستحق القتل.
خرج موسى من مصر على الفور. خائفا يتلفت ويتسمع ويترقب.
في قلبه دعاء لله (رَبِّ نَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ).



[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]





وكان القوم ظالمين حقا. ألا يريدون تطبيق عقوبة
القتل العمد عليه، وهو لم يفعل شيئا أكثر من أنه
مد يده وأزاح رجلا فقتله خطأ؟
خرج موسى من مصر على عجل. لم يذهب إلى قصر فرعون
ولم يغير ملابسه ولم يأخذ طعاما للطريق ولم يعد للسفر
عدته. لم يكن معه دابة تحمله على ظهرها وتوصله.
ولم يكن في قافلة. إنما خرج بمجرد أن جاءه الرجل
المؤمن وحذره من فرعون ونصحه أن يخرج. اختار طريقا
غير مطروق وسلكه. دخل في الصحراء مباشرة واتجه إلى
حيث قدرت له العناية الإلهية أن يتجه. لم يكن موسى يسير
قاصدا مكانا معينا. هذه أول مرة يخرج فيها ويعبر الصحراء وحده.



[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]



موسى في مدين:

ظل يسير بنفسية المطارد حتى وصل إلى مكان. كان هذا المكان هو مدين.
جلس يرتاح عند بئر عظيمة يسقي الناس منها دوابهم.
وكان خائفا طوال الوقت أن يرسل فرعون من وراءه من يقبض عليه.
لم يكد موسى يصل إلى مدين حتى ألقى بنفسه تحت شجرة واستراح.
نال منه الجوع والتعب، وسقطت نعله بعد أن ذابت من مشقة
السير على الرمال والصخور والتراب. لم تكن معه نقود لشراء
نعل جديدة. ولم تكن معه نقود لشراء طعام أو شراب.
لاحظ موسى جماعة من الرعاة يسقون غنمهم،


[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]




ووجد امرأتين تكفان غنمهما أن يختلطا بغنم القوم،
أحس موسى بما يشبه الإلهام أن الفتاتين في حاجة إلى المساعدة.
تقدم منهما وسأل هل يستطيع أن يساعدهما في شيء.
قالت إحداهما: نحن ننتظر أن ينتهي الرعاة من سقي غنمهم لنسقي.
سأل موسى: ولماذا لا تسقيان؟
قالت الأخرى: لا نستطيع أن نزاحم الرجال.



[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]



اندهش موسى لأنهما ترعيان الغنم. المفروض أن يرعى الرجال الأغنام.
هذه مهمة شاقة ومتعبة وتحتاج إلى اليقظة.
سأل موسى: لماذا ترعيان الغنم؟
فقالت واحدة منهما: أبونا شيخ كبير لا تساعده صحته
على الخروج كل يوم للرعي.
فقال موسى: سأسقي لكما.
سار موسى نحو الماء. وسقى لهم الغنم مع بقية الرعاة.
وفي رواية أن أن الرعاة قد وضعوا على فم البئر بعد
أن انتهوا منها صخرة ضخمة لا يستطيع أن يحركها غير عدد من الرجا

الماسـه 08-07-2011 05:05 PM

رد: سلسلـة˚◦◦˚◦◦قصص أنبياءالله ˚◦◦˚◦◦عليهـم السلام
 



قال تعالى لموسى وهارون:
(فَأْتِيَاهُ فَقُولَا إِنَّا رَسُولَا رَبِّكَ فَأَرْسِلْ مَعَنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَا تُعَذِّبْهُمْ).
هذه هي المهمة المحددة. وهي مهمة سوف تصطدم بآلاف العقبات.
إن فرعون يعذب بني إسرائيل ويستعبدهم ويكلفهم من الأعمال ما
لا طاقة لهم به، ويستحيي نسائهم، ويذبح أبنائهم،
ويتصرف فيهم كما لو كانوا ملكا خاصا ورثه مع ملك مصر.
يعلم موسى أن النظام المصري يقوم في بنيانه الأساسي على
استعباد بني إسرائيل واستغلال عملهم وجهدهم وطاقاتهم في الدولة،
فهل يفرط الفرعون في بناء الدولة الأساسي ببساطة ويسر؟
ذهبت الأفكار وجاءت، فاختصرت مشقة الطريق. ورفع الستار عن مشهد المواجهة



[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]



الجزء الثاني:
يتناول عوده موسى عليه السلام لمصر داعيا إلى الله وحده،
والصراع بين موسى وفرعون في مصر، وغرق فرعون وجنوده.

مواجهة فرعون:
واجه موسى فرعون بلين ورفق كما أمره الله. وحدثه عن الله.
عن رحمته وجنته. عن وجوب توحيده وعبادته. حاول إيقاظ جوانبه
الإنسانية في الحديث. ألمح إليه أنه يملك مصر،
ويستطيع لو أراد أن يملك الجنة. وكل ما عليه هو أن يتقي الله.
استمع فرعون إلى حديث موسى ضجرا شبه هازئ وقد تصوره مجنونا
تجرأ على مقامه السامي. ثم سأل فرعون موسى ماذا يريد.


[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]





فأجاب موسى أنه يريد أن يرسل معه بني إسرائيل.

ويعجب فرعون وهو يرى موسى يواجهه بهذه الدعوى العظيمة،
ويطلب إليه ذلك الطلب الكبير. فآخر عهد فرعون بموسى أنهم
ربوه في قصره بعد أن التقطوا تابوته. وأنه هرب بعد قتله
للقبطي الذي وجده يتعارك مع الإسرائيلي. فما أبعد المسافة
بين آخر عهد فرعون بموسى إذن وهذه الدعوى العظيمة
التي يواجهه بها بعد عشر سنين! ومن ثم بدأ فرعون يذكره بماضيه.
يذكره بتربيته له فهل هذا جزاء التربية والكرامة التي لقيتها
عندنا وأنت وليد؟ لتأتي الآن لتخالف ديانتنا،


[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]




وتخرج على الملك الذي تربيت في قصره، وتدعوا إلى إله غيره؟!
ويذكره بحادث مقتل القبطي في تهويل وتجسيم. فلا يتحدث عنها
بصريح العبارة وإنما يقول (وَفَعَلْتَ فَعْلَتَكَ الَّتِي فَعَلْتَ)
فعلتك البشعة الشنيعة (وَأَنتَ مِنَ الْكَافِرِينَ)
برب العالمين
الذي تقول به اليوم، فأنت لم تكن وقتها تتحدث عن رب العالمين!
لم تتحدث بشيء عن هذه الدعوى التي تدعيها اليوم؛
ولم تخطرنا بمقدمات هذا الأمر العظيم؟!




[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]



وظن فرعون أنه رد على موسى ردا لن يملك معه جوابا.
إلا أن الله استجاب لدعاء موسى من قبل، فانطلق لسانه:
(قَالَ فَعَلْتُهَا إِذًا وَأَنَا مِنَ الضَّالِّينَ) فعلت تلك الفعلة
وأنا بعد جاهل، أندفع اندفاع العصبية لقومي، لا اندفاع
العقيدة التي عرفتها اليوم بما أعطاني ربي من الحكة.
(فَفَرَرْتُ مِنكُمْ لَمَّا خِفْتُكُمْ) على نفسي. فقسم الله لي الخير
فوهب لي الحكمة (وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُرْسَلِينَ).



[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]




ويكمل موسى خطابه لفرعون بنفس القوة:
(وَتِلْكَ نِعْمَةٌ تَمُنُّهَا عَلَيَّ أَنْ عَبَّدتَّ بَنِي إِسْرَائِيلَ)
فما كانت تربيتي في بيتك وليدا إلا من جراء استعبادك
لبني إسرائيل، وقتل أبنائهم، مما دفع أمي لوضعي في
التابوت وإلقاءه في اليم، فتلتقطه فأتربى في بيتك،
لا في بيت أبويّ. فهل هذا هو ما تمنه علي، وهل هذا هو فضلك العظيم؟!



[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]




عند هذا الحد تدخل الفرعون في الحديث.. قَالَ فِرْعَوْنُ وَمَا رَبُّ الْعَالَمِينَ
قال موسى: رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا إن كُنتُم مُّوقِنِينَ
التفت فرعون لمن حوله وقال هازئا: أَلَا تَسْتَمِعُونَ
قال موسى متجاوزا سخرية الفرعون: رَبُّكُمْ وَرَبُّ آبَائِكُمُ الْأَوَّلِينَ
قال فرعون مخاطبا من جاءوا مع موسى من بني إسرائيل:
إِنَّ رَسُولَكُمُ الَّذِي أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ لَمَجْنُونٌ



[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]




عاد موسى يتجاوز اتهام الفرعون وسخريته ويكمل:
رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَمَا بَيْنَهُمَا إِن كُنتُمْ تَعْقِلُونَ
نلاحظ أن فرعون لم يكن يسأل موسى عن رب العالمين
أو رب موسى وهارون بقصد السؤال البريء والمعرفة.
إنما كان يهزأ. ولقد أجابه موسى إجابة جامعة مانعة محكمة
(قَالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى).
هو الخالق. خالق الأجناس جميعا والذوات جميعا.
وهو هاديها بما ركب في فطرتها وجبلتها من خواص تهديها
لأسباب عيشها.



[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]




وهو الموجه لها على أي حال. وهو القابض على ناصيتها
في كل حال. وهو العليم بها والشاهد عليها في جميع الأحوال.
لم تؤثر هذه العبارة الرائعة والموجزة في فرعون.
وها هو ذا يسأل: (فَمَا بَالُ الْقُرُونِ الْأُولَى) لم تعبد ربك هذا؟
لم يزل فرعون ماضيا في استكباره واستهزائه.
ويرد موسى ردا يستلفته إلى أن القرون الأولى التي لم تعبد الله،
والتي عبدته معا، لن تترك بغير مساءلة وجزاء.


[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]




كل شيء معلوم عند الله تعالى. هذه القرون الأولى
(عِلْمُهَا عِندَ رَبِّي فِي كِتَابٍ). أحصى الله ما عملوه في كتاب.
(لَّا يَضِلُّ رَبِّي). أي لا يغيب عنه شيء. (وَلَا يَنسَى).
أي لا يغيب عن شيء. ليطمئن الفرعون بالا من ناحية القرون
الأولى والأخيرة وما بينهما. إن الله يعرف كل شيء ويسجل
عليها ما عملته ولا يضيع شيئا من أجورهم.



[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]




ثم استلفت موسى نظر فرعون إلى آيات الله في الكون.
ودار به مع حركة الرياح والمطر والنبات وأوصله مرة ثانية
إلى الأرض، وهناك افهمه أن الله خلق الإنسان من الأرض، وسيعيده
إليها بالموت، ويخرجه منها بالبعث، إن هناك بعثا إذن.
وسيقف كل إنسان يوم القيامة أمام الله تعالى. لا استثناء لأحد.

سيقف كل عباد الله وخلقه أمامه يوم القيامة. بما في ذلك الفرعون. بهذا



[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]



جاء موسى مبشرا ومنذرا.
لم يعجب فرعون هذا النذير، وتصاعد الحوار بينه وبين موسى.
فالطغيان لا يخشى شيئا كخشيته يقظة الشعوب، وصحوة القلوب؛
ولا يكره أحدا كما يكره الداعين إلى الوعي واليقظة؛
ولا ينقم على أحد كما ينقم على من يهزون الضمائر الغافية.
لذلك هاج فرعون على موسى وثار، وأنهى الحوار معه بالتهديد
الصريح. وهذا هو سلاح الطغاة عندما يفتقرون للحج
والبراهين والمنطق:
(قَالَ لَئِنِ اتَّخَذْتَ إِلَهًا غَيْرِي لَأَجْعَلَنَّكَ مِنَ الْمَسْجُونِينَ).



[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]




إلا أن موسى -عليه السلام- لم يفقد رباطة جأشه. كيف يفقدها
وهو رسول الله، والله معه ومع أخيه؟ وبدأ الإقناع بأسلوب جديد،
وهو إظهار المعجزة (قَالَ أَوَلَوْ جِئْتُكَ بِشَيْءٍ مُّبِينٍ) فهو
يتحدى فرعون، ويحرجه أمام ملأه، فلو رفض فرعون الإصغاء،
سيظهر واضحا أنه خائف من حجة موسى
(قَالَ فَأْتِ بِهِ إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ).
ألقى موسى عصاه في ردهة القصر العظيمة. لم تكد العصا تلمس الأرض
حتى تحولت إلى ثعبان هائل يتحرك بسرعة. ثم أدخل يده
في جيبه وأخرجها فإذا هي بيضاء كالقمر.


[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]




تحدي السحرة:

وتبدأ الجولة الثانية بين الحق والباطل. حيث شاور فرعون
الملأ من حوله فيما يجب فعله. والملأ لهم مصلحة في أن تبقى
الأمور على ما هي عليه، فهم مقربون من فرعون،
ولهم نفوذ وسلطان. فأشاروا أن يرد على سحر موسى بسحر
مثله، فيجمع السحرة لتحدي موسى وأخاه.



[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]



حدد الميقات، وهو يوم الزينة. وبدأت حركة إعداد الجماهير
وتحميسهم فدعوهم للتجمع وعدم التخلف عن الموعد،
ليراقبوا فوز السحرة وغلبتهم على موسى الإسرائيلي!
والجماهير دائما تتجمع لمثل هذه الأمور.
أما السحرة، فقد ذهبوا لفرعون ليطمئنون على الأجر والمكافأة
إن غلبوا موسى. فهم جماعة مأجورة، تبذل مهارتها مقابل
الأجر الذي تنتظره؛ ولا علاقة لها بعقيدة ولا صلة لها بقضية،
ولا شيء سوى الأجر والمصلحة. وهم هم ألاء يستوثقون من الجزاء
على تعبهم ولعبهم وبراعتهم في الخداع.




[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]





وها هو ذا فرعون يعدهم بما هو أكثر من الأجر. يعدهم
أن يكونوا من المقربين إليه. وهو بزعمه الملك والإله!
وفي ساحة المواجهة. والناس مجتمعون، وفرعون ينظر.
حضر موسى وأخاه هارون عليهما السلام، وحضر السحرة وفي
أيديهم كل ما أتقنوه من ألعاب وحيل، وكلهم ثقة بفوزهم
في هذا التحدي. لذا بدءوا بتخيير موسى:
(إِمَّا أَن تُلْقِيَ وَإِمَّا أَن نَّكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَلْقَى)



[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]



وتتجلى ثقة موسى -عليه السلام- في الجانب الآخر واستهانته
بالتحدي (بَلْ أَلْقُوا) فرمى السحرة عصيهم وحبالهم
بعزة فرعون
(فَأَلْقَوْا حِبَالَهُمْ وَعِصِيَّهُمْ وَقَالُوا بِعِزَّةِ فِرْعَوْنَ إِنَّا لَنَحْنُ الْغَالِبُونَ).
رمى السحرة بعصيهم وحبالهم فإذا المكان يمتلئ
بالثعابين فجأة (سَحَرُواْ أَعْيُنَ النَّاسِ وَاسْتَرْهَبُوهُمْ وَجَاءوا بِسِحْرٍ عَظِيمٍ).
وحسبنا أن يقرر القرآن الكريم أنه سحر عظيم (وَجَاءوا بِسِحْرٍ عَظِيمٍ)،
لندرك أي سحر كان. وحسبنا أن نعلم أنهم (سَحَرُواْ أَعْيُنَ النَّاسِ)




[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]



وأثاروا الرهبة في قلوبهم (وَاسْتَرْهَبُوهُمْ) لنتصور أي سحر كان.
فنظر موسى عليه السلام لى حبال السحرة وعصيهم وشعر بالخوف.
في هذه اللحظة، يذكّره ربّه بأن معه القوة الكبرى. فهو الأعلى.
ومعه الحق، أما هم فمعهم الباطل. معه العقيدة ومعهم الحرفة.
معه الإيمان بصدق الذي دفعه لما هو فيه ومعهم الأجر
على المباراة ومغانم الحياة. موسى متصل بالقوة الكبرى
والسحرة يخدمون مخلوقا بشريا فانيا مهما يكن طاغية جبارا
لا تخف (وَأَلْقِ مَا فِي يَمِينِكَ) وستهزمهم، فهو سحر من تدبير ساحر وعمله.
والساحر لا يفلح أنى ذهب وفي أي طريق سار،
لأنه يعتمد على الخيال والإيهام والخداع،
ولا يعتمد على حقيقة ثابتة باقية.



[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]




اطمأن موسى ورفع عصاه وألقاها. لم تكد عصا موسى تلامس
الأرض حتى وقعت المعجزة الكبرى. وضخامة المعجزة
حولت مشاعر ووجدان السحرة، الذين جاءوا للمباراة
وهم أحرص الناس على الفوز لنيل الأجر. الذي بلغت
براعتهم لحد أن يشعر موسى بالخوف من عملهم.
تحولت مشاعرهم بحيث لم يسعفهم الكلام للتعبير:
(فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سُجَّداً قَالُوا آمَنَّا بِرَبِّ هَارُونَ وَمُوسَى).




[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]




إنه فعل الحق في الضمائر. ونور الحق في المشاعر،
ولمسة الحق في القلوب المهيأة لتلقي الحق والنور
واليقين. إن السحرة هم أعلم الناس بحقيقة فنهم،
ومدى ما يمكن أن يبلغ إليه. وهم أعرف الناس بالذي جاء
به موسى. فهم أعلم إن كان هذا من عمل بشر أو ساحر،
أو أنه من القدرة التي تفوق قدرة البشر والسحر.
والعالم في فنه هو أكثر الناس استعدادا للتسليم
بالحقيقة حين تتكشف له، لأنه أقرب إدراكا لهذه الحقيقة،
ممن لا يعرفون في هذا الفن إلا القشور.




[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]




ومن هنا تحول السحرة من التحدي السافر إلى التسليم
المطلق، الذي يجددون برهانه في أنفسهم عن يقين.
هزت هذه المفاجأة العرش من تحته. مفاجأة استسلام
السحرة -وهم من كهنة المعابد- لرب العالمين.
رب موسى وهارون. بعد أن تم جمعهم لإبطال دعوة موسى
وهارون لرب العالمين! ولأن العرش والسلطان أهم شيء
في حيات الطواغيت، فهم مستعدون لارتكاب أي جريمة
في سبيل المحافظة عليهما.



[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]



تسائل فرعون مستغربا (آمَنتُم بِهِ قَبْلَ أَن آذَنَ لَكُمْ) كأنما
كان عليهم أن يستأذنوه في أن يعودوا للحق. لكنه طاغية
متكبر متجبر أعمى السلطان عينيه عن الحق. ويزيد في
طغيانه فيقول (إِنَّ هَـذَا لَمَكْرٌ مَّكَرْتُمُوهُ فِي الْمَدِينَةِ لِتُخْرِجُواْ مِنْهَا أَهْلَهَا)
إن غلبته لكم في يومكم هذا إنما كان عن تشاور منكم
ورضا منكم لذلك، وهو يعلم وكل من له عقل أن هذا الذي قاله
من أبطل الباطل. ويظل الطاغية يتهدد
(فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ) ويتوعد
(لأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُم مِّنْ خِلاَفٍ ثُمَّ لأُصَلِّبَنَّكُمْ أَجْمَعِينَ)



[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]




لكن النفس البشرية حين تستيقن حقيقة الإيمان،
تستعلي على قوة الأرض، وتستهين ببأس الطغاة،
وتنتصر فيها العقيدة على الحياة, وتختار الخلود الدائم
على الحياة الفانية. (قَالُواْ إِنَّا إِلَى رَبِّنَا مُنقَلِبُونَ)
إنه الإيمان الذي لا يتزعزع ولا يخضع.
ويعلن السحرة حقيقة المعركة
(وَمَا تَنقِمُ مِنَّا إِلاَّ أَنْ آمَنَّا بِآيَاتِ رَبِّنَا لَمَّا جَاءتْنَا)
فلا يطلبون الصفح والعفو من عدوّهم، إنما يطلبون الثبات
والصبر من ربهم (رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَتَوَفَّنَا مُسْلِمِين).
فيقف الطغيان عاجزا أما هذا الوعي وهذا الاطمئنان.
عاجزا عن رد هؤلاء المؤمنين لطريق الباطل من جديد.
فينفذ تهديده، ويصلبهم على جذوع النخل.

الماسـه 08-07-2011 05:16 PM

رد: سلسلـة˚◦◦˚◦◦قصص أنبياءالله ˚◦◦˚◦◦عليهـم السلام
 
]التآمر على موسى ومن آمن معه:
وتبدأ جولة جديدة بين الحق والباطل. فهاهم علية
القوم من المصريين، يتآمرون ويحرضون فرعون ويهيجونه
على موسى ومن آمن معه، ويخوّفونه من عاقبة التهاون معهم.
وهم يرون الدعوة إلى ربوبية الله وحدة إفسادا في الأرض.
حيث يترتب عليها بطلان شرعية حكم فرعون ونظامه كله.
وقد كان فرعون يستمد قوته من ديانتهم الباطلة،
حيث كان فرعون ابن الآلهة. فإن عبد موسى ومن معه الله رب العالمين،



[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]




لن تكون لفرعون أي سطوة عليهم. فاستثارت هذه
الكلمات فرعون، وأشعرته بالخطر الحقيقي على نظامه كله
ففكر بوحشيته المعتادة وقرر
(قَالَ سَنُقَتِّلُ أَبْنَاءهُمْ وَنَسْتَحْيِـي نِسَاءهُمْ وَإِنَّا فَوْقَهُمْ قَاهِرُونَ)
لم يكن هذا التنكيل الوحشي جديدا على بني إسرائيل.
فقد نُفِّذ عليهم هذا الحكم في إبان مولد موسى عليه السلام.




[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]




فبدأ موسى -عليه السلام- يوصي قومه باحتمال الفتنة،
والصبر على البلية، والاستعانة بالله عليها.
وأن الأرض لله يورثها من يشاء من عباده. والعاقبة
لمن يتقي الله ولا يخشى أحدا سواه
(قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اسْتَعِينُوا بِاللّهِ وَاصْبِرُواْ إِنَّ الأَرْضَ لِلّهِ
يُورِثُهَا مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ).



[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]




إلا أن قومه بدءوا يشتكون من العذاب الذي حل بهم
(قَالُواْ أُوذِينَا مِن قَبْلِ أَن تَأْتِينَا وَمِن بَعْدِ مَا جِئْتَنَا)
إنها كلمات ذات ظل! وإنها لتشي بما وراءها من تبرم!
أوذينا قبل مجيئك وما تغير شيء بمجيئك. وطال هذا
الأذى حتى ما تبدو له نهاية! فيمضي النبي الكريم على نهجه.
يذكرهم بالله، ويعلق رجاءهم به، ويلوح لهم بالأمل في هلاك عدوهم.
واستخلافهم في الأرض. مع التحذير من فتنة الاستخلاف،
فاستخلاف الله لهم إنما هو ابتلاء لهم،




[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]



فهو استخلاف للامتحان:
(قَالَ عَسَى رَبُّكُمْ أَن يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ وَيَسْتَخْلِفَكُمْ فِي الأَرْضِ فَيَنظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ).
وينقلنا القرآن الكريم إلى فصل آخر من قصة موسى عليه السلام.
ومشهد آخر من مشاهد المواجهة بين الحق والباطل.
حيث يحكي لما قصة تشاور فرعون مع الملأ في قتل موسى.
(وَقَالَ فِرْعَوْنُ ذَرُونِي أَقْتُلْ مُوسَى وَلْيَدْعُ رَبَّهُ إِنِّي أَخَافُ أَن يُبَدِّلَ
دِينَكُمْ أَوْ أَن يُظْهِرَ فِي الْأَرْضِ الْفَسَادَ) أما موسى عليه السلام
فالتجأ إلى الركن الركين، والحصن الحصين، ولاذ بحامي اللائذين،
ومجير المستجيرين (وَقَالَ مُوسَى إِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُم مِّن
كُلِّ مُتَكَبِّرٍ لَّا يُؤْمِنُ بِيَوْمِ الْحِسَابِ).




[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]




موقف الرجل المؤمن من آل فرعون:

كادت فكرة فرعون أن تحصل على التصديق لولا رجل من آل فرعون.
رجل من رجال الدولة الكبار، لا يذكر القرآن اسمه، لأن اسمه
لا يهم، لم يذكر صفته أيضا لأن صفته لا تعني شيئا، إنما ذكر
القرآن أنه رجل مؤمن. ذكره بالصفة التي لا قيمة لأي صفة بعدها.
تحدث هذا الرجل المؤمن، وكان (يَكْتُمُ إِيمَانَهُ)، تحدث في الاجتماع
الذي طرحت فيه فكرة قتل موسى وأثبت عقم الفكرة وسطحيتها.
قال إن موسى لم يقل أكثر من أن الله ربه، وجاء بعد ذلك بالأدلة
الواضحة على كونه رسولا،



[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]



وهناك احتمالان لا ثالث لهما:
أن يكون موسى كاذبا، أو يكون صادقا، فإذا كان كاذبا (فَعَلَيْهِ كَذِبُهُ)،
وهو لم يقل ولم يفعل ما يستوجب قتله. وإذا كان صادقا
وقتلناه، فما هو الضمان من نجاتنا من العذاب الذي يعدنا به؟
تحدث المؤمن الذي يكتم إيمانه فقال لقومه:
إننا اليوم في مراكز الحكم والقوة. من ينصرنا من بأس الله إذا جاء؟
ومن ينقذنا من عقوبته إذا حلت؟ إن إسرافنا وكذبنا قد يضيعاننا.
وبدت كلماته مقنعة. إنه رجل ليس متهما في ولائه لفرعون.
وهو ليس من أتباع موسى. والمفروض أنه يتكلم بدافع
الحرص على عرش الفرعون. ولا شيء يسقط العروش كالكذب
والإسراف وقتل الأبرياء.


[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]




ومن هذا الموضع استمدت كلمات الرجل المؤمن قوتها.
بالنسبة إلى فرعون ووزرائه ورجاله. ورغم أن فرعون وجد
فكرته في قتل موسى، صريعة على المائدة. رغم تخويف
الرجل المؤمن لفرعون. رغم ذلك قال الفرعون كلمته التاريخية
التي ذهبت مثلا بعده لكل الطغاة:
(قَالَ فِرْعَوْنُ مَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَى وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشَاد



[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]



هذه كلمة الطغاة دائما حين يواجهون شعوبهم
(مَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَى). هذا رأينا الخاص، وهو رأي يهديكم
سبيل الرشاد. وكل رأي غيره خاطئ. وينبغي الوقوف ضده واستئصاله.
لم تتوقف المناقشة عند هذا الحد. قال فرعون كلمته ولكنه لم
يقنع بها الرجل المؤمن. وعاد الرجل المؤمن يتحدث وأحضر لهم
أدلة من التاريخ، أدلة كافية على صدق موسى. وحذّرهمخ
من المساس به. لقد سبقتهم أمم كفرت برسلها، فأهلكها الله:
قوم نوح، قوم عاد، قوم ثمود.



[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]





ثم ذكّرهم بتاريخ مصر نفسه. ذكّرهم بيوسف عليه السلام
حين جاء بالبينات، فشك فيه الناس ثم آمنوا به بعد
أن كادت النجاة تفلت منهم، ما الغرابة في إرسال الله للرسل؟
إن التاريخ القديم ينبغي أن يكون موضع نظر. لقد انتصرت
القلة المؤمنة حين أصبحت مؤمنة على الكثرة الكافرة.
وسحق الله تعالى الكافرين. أغرقهم بالطوفان، وصعقهم بالصرخة.
أو خسف بهم الأرض. ماذا ننتظر إذن؟ ومن أين نعلم أن
وقوفنا وراء الفرعون لن يضيعنا ويهلكنا جميعا؟
كان حديث الرجل المؤمن ينطوي على عديد من التحذيرات المخيفة.
ويبدو أنه أقنع الحاضرين بأن فكرة قتل موسى فكرة غير
مأمونة العواقب. وبالتالي فلا داعي لها.



[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]





إلا أن الطاغية فرعون حاول مرة أخرى المحاورة والتمويه،
كي لا يواجه الحق جهرة، ولا يعترف بدعوة الوحدانية التي
تهز عرشه. وبعيد عن احتمال أن يكون هذا فهم فرعون وإدراكه.
فطلب أن يبنى له بناء عظيم، يصعد عليه ليرى إله موسى
الذي يدعيه. وبعيدا أن يكون جادا في البحث عن إله موسى
على هذا النحو المادي الساذج. وقد بلغ فراعنة مصر من
الثقافة حدا يبعد معه هذا التصور. وإنما هو الاستهتار
والسخرية من جهة. والتظاهر بالإنصاف والتثبت من جهة أخرى.



[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]




بعد هذا الاستهتار، وهذا الإصرار، ألقى الرجل المؤمن
كلمته الأخيرة مدوية صريحة:
وَقَالَ الَّذِي آمَنَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُونِ أَهْدِكُمْ سَبِيلَ الرَّشَادِ (38)
يَا قَوْمِ إِنَّمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا مَتَاعٌ وَإِنَّ الْآخِرَةَ
هِيَ دَارُ الْقَرَارِ (39) مَنْ عَمِلَ سَيِّئَةً فَلَا يُجْزَى إِلَّا مِثْلَهَا
وَمَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُوْلَئِكَ يَدْخُلُونَ
الْجَنَّةَ يُرْزَقُونَ فِيهَا بِغَيْرِ حِسَابٍ (40) وَيَا قَوْمِ مَا لِي أَدْعُوكُمْ
إِلَى النَّجَاةِ وَتَدْعُونَنِي إِلَى النَّارِ (41) تَدْعُونَنِي لِأَكْفُرَ بِاللَّهِ
وَأُشْرِكَ بِهِ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ وَأَنَا أَدْعُوكُمْ إِلَى الْعَزِيزِ الْغَفَّارِ (42)
لَا جَرَمَ أَنَّمَا تَدْعُونَنِي إِلَيْهِ لَيْسَ لَهُ دَعْوَةٌ فِي الدُّنْيَا وَلَا فِي
الْآخِرَةِ وَأَنَّ مَرَدَّنَا إِلَى اللَّهِ وَأَنَّ الْمُسْرِفِينَ هُمْ أَصْحَابُ النَّارِ (43)
فَسَتَذْكُرُونَ مَا أَقُولُ لَكُمْ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ (44) (غافر)
أنهى الرجل المؤمن حديثه بهذه الكلمات الشجاعة. بعدها انصرف.
انصرف فتحول الجالسون من موسى إليه. بدءوا يمكرون للرجل
المؤمن. بدءوا يتحدثون عما صدر منه. فتدخلت عناية الله تعالى
(فَوَقَاهُ اللَّهُ سَيِّئَاتِ مَا مَكَرُوا وَحَاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذَابِ)

وأنجته من فرعون وجنوده.



[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]



ابتلاء الله أهل مصر:

أما حال مصر في تلك الفترة. فلقد مضى فرعون في تهديده،
فقتل الرجال واستحيا النساء. وظل موسى وقومه يحتملون العذاب،
ويرجون فرج الله، ويصبرون على الابتلاء. وظل فرعون في ظلاله وتحدّيه.
فتدخلت قوة الله سبحانه وتعالى، وشاء الله تعالى أن يشدد
على آل فرعون. ابتلاء لهم وتخويفا، ولكي يصرفهم عن الكيد
لموسى ومن آمن معه، وإثباتا لنبوة موسى وصدقه في الوقت نفسه.
وهكذا سلط على المصريين أعوام الجدب. أجدبت الأرض وشح
النيل ونقصت الثمار وجاع الناس، واشتد القحط. لكن آل فرعون



[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]



لم يدركوا العلاقة بين كفرهم وفسقهم وبين بغيهم وظلمهم لعباد الله.
فأخذوا يعللون الأسباب. فعندما تصيبهم حسنة، يقولون إنها من
حسن حظهم وأنهم يستحقونها. وإن أصابتهم سيئة قالوا هي من شؤم
موسى ومن معه عليهم، وأنها من تحت رأسهم!
وأخذتهم العزة بالإثم فاعتقدوا أن سحر موسى هو المسئول عما
أصابهم من قحط. وصور لهم حمقهم أن هذا الجدب الذي أصاب أرضهم،
آية جاء بها موسى ليسحرهم بها،



[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]




وهي آية لن يؤمنوا بها مهما حدث.
فشدد الله عليهم لعلهم يرجعون إلى الله، ويطلقون بني إسرائيل
ويرسلونهم معه. فأرسل عليهم الطوفان، والجراد، والقمل
-وهو السوس- والضفادع، والدم. ولا يذكر القرآن إن كانت
جملة واحدة، أم واحدة تلو الأخرى. وتذكر بعض الروايات
أنها جاءت متتالية وحدة تلو الأخرى. إلا أن المهم هو طلب
آل فرعون من موسى أن يدعو لهم ربه لينقذهم من هذا البلاء.
وبعدونه في كل مرة أن يرسلوا بني إسرائيل إذا أنجاهم
ورفع عنهم هذا البلاء (قَالُواْ يَا مُوسَى ادْعُ لَنَا رَبَّكَ بِمَا
عَهِدَ عِندَكَ لَئِن كَشَفْتَ عَنَّا الرِّجْزَ لَنُؤْمِنَنَّ لَكَ وَلَنُرْسِلَنَّ مَعَكَ بَنِي إِسْرَآئِيلَ).
فكان موسى -عليه السلام- يدعو الله بأن يكشف عنهم العذاب.




[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]





وما أن ينكشف البلاء حتى ينقضون عهدهم، ويعودون إلى ما كانوا
فيه (فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُمُ الرِّجْزَ إِلَى أَجَلٍ هُم بَالِغُوهُ إِذَا هُمْ يَنكُثُونَ).
لم يهتد المصريون، ولم يوفوا بعهودهم، بل على العكس من
ذلك. خرج فرعون لقومه، وأعلن أنه إله. أليس له ملك مصر،
وهذه الأنهار تجري من تحته، أعلن أن موسى ساحر كذاب.
ورجل فقير لا يرتدي أسورة واحدة من الذهب.
ويعبّر القرآن الكريم عن أمر فرعون وقومه:
(فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ). استخف بعقولهم. واستخف بحريتهم.
واستخف بمستقبلهم. واستخف بآدميتهم. فأطاعوه.
أليست هذه طاعة غريبة. تنمحي الغرابة حين نعلم أنهم
كانوا قوما فاسقين. إن الفسق يصرف الإنسان عن الالتفات
لمستقبله ومصالحه وأموره، ويورده الهلاك. وذلك ما
وقع لقوم فرعون


خروج بني إسرائيل من مصر:

بدا واضحا أن فرعون لن يؤمن لموسى. ولن يكف عن تعذيبه
لبني إسرائيل، ولن يكف عن استخفافه بقومه. هنالك دعا
موسى وهارون على فرعون.
وَقَالَ مُوسَى رَبَّنَا إِنَّكَ آتَيْتَ فِرْعَوْنَ وَمَلأهُ زِينَةً وَأَمْوَالاً فِي
الْحَيَاةِ الدُّنْيَا رَبَّنَا لِيُضِلُّواْ عَن سَبِيلِكَ رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَى
أَمْوَالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَلاَ يُؤْمِنُواْ حَتَّى يَرَوُاْ الْعَذَابَ الأَلِيمَ (88)
قَالَ قَدْ أُجِيبَت دَّعْوَتُكُمَا فَاسْتَقِيمَا وَلاَ تَتَّبِعَآنِّ سَبِيلَ الَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ (89) (يونس)



[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]



لم يكن قد آمن مع موسى فريق من قومه. فانتهى الأمر،
وأوحي إلى موسى أن يخرج من مصر مع بني إسرائيل.
وأن يكور رحيلهم ليلا، بعد تدبير وتنظيم لأمر الرحيل.
ونبأه أن فرعون سيتبعهم بجنده؛ وأمره أن يقوم قومه
إلى ساحل البحر (وهو في الغالب عند التقاء خليج
السويس بمطقة البحيرات).


[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]




وبلغت الأخبار فرعون أن موسى قد صحب قومه وخرج. فأرسل
أوامره في مدن المملكة لحشد جيش عظيم. ليدرك موسى وقومه،
ويفسد عليهم تدبيرهم. أعلن فرعون التعبئة العامة.
وهذا من شأنه أن يشكل صورة في الأذهان،
أن موسى وقومه يشكلون خطرا فعلى فرعون وملكه،
فيكف يكون إلها من يخشى فئة صغيرا يعبدون إله آخر؟!
لذلك كان لا بد من تهوين الأمر وذلك بتقليل شأن قوم
موسى وحجمهم (إِنَّ هَؤُلَاء لَشِرْذِمَةٌ قَلِيلُونَ) لكننا نطاردهم
لأنهم أغاظونا، وعلى أي حال، فنحن حذرون مستعدون
ممسكون بزمام الأمور.



[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]




وقف موسى أمام البحر. وبدا جيش الفرعون يقترب،
وظهرت أعلامه. وامتلأ قوم موسى بالرعب. كان الموقف حرجا
وخطيرا. إن البحر أمامهم والعدو ورائهم وليس معهم
سفن أو أدوات لعبور البحر، كما ليست أمامهم فرصة
واحدة للقتال. إنهم مجموعة من النساء والأطفال والرجال
غير المسلحين. سيذبحهم فرعون عن آخرهم.
صرخت بعض الأصوات من قوم موسى: سيدركنا فرعون.
قال موسى: (كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ).


[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]




لم يكن يدري موسى كيف ستكون النجاة، لكن قلبه كان ممتلئا
بالثقة بربه، واليقين بعونه، والتأكد من النجاة،
فالله هو اللي يوجهه ويرعاه. وفي اللحظة الأخيرة، يجيء
الوحي من الله (فَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنِ اضْرِب بِّعَصَاكَ الْبَحْرَ)
فضربه، فوقعت المعجزة (فَانفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ)
وتحققه المستحيل في منطق الناس، لكن الله إن أراد شيئا
قال له كن فيكون.


[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]





ووصل فرعون إلى البحر. شاهد هذه المعجزة.
شاهد في البحر طريقا يابسا يشقه نصفين. فأمر جيشه بالتقدم.
وحين انتهى موسى من عبور البحر. وأوحى الله إلى موسى
أن يترك البحر على حاله (وَاتْرُكْ الْبَحْرَ رَهْوًا إِنَّهُمْ جُندٌ مُّغْرَقُونَ).
وكان الله تعالى قد شاء إغراق الفرعون. فما أن صار فرعون
وجنوده في منتصف البحر، حتى أصدر الله أمره، فانطبقت الأمواج
على فرعون وجيشه. وغرق فرعون وجيشه. غرق العناد ونجا الإيمان بالله.



[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]




ولما عاين فرعون الغرق، ولم يعد يملك النجاة
(قَالَ آمَنتُ أَنَّهُ لا إِلِـهَ إِلاَّ الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ
وَأَنَاْ مِنَ الْمُسْلِمِينَ) سقطت عنه كل الأقنعة الزائفة،
وتضائل، فلم يكتفي بأن يعلن إيمانه، بل والاستسلام أيضا
(وَأَنَاْ مِنَ الْمُسْلِمِينَ) لكن بلا فائدة، فليس الآن وقت اختيار،
بعد أن سبق العصيان والاستكبار
(آلآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ).


[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]




انتهى وقت التوبة المحدد لك وهلكت. انتهى الأمر
ولا نجاة لك. سينجو جسدك وحده. لن تأكله الأسماك،
ولين يحمله التيار بعيدا عن الناس، بل سينجو جسدك
لتكون آية لمن خلفك.
فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً وَإِنَّ كَثِيرًا
مِّنَ النَّاسِ عَنْ آيَاتِنَا لَغَافِلُونَ (92) (يونس)
أسدل الستار على طغيان الفرعون. ولفظت الأمواج جثته
إلى الشاطئ. بعد ذلك. نزل الستار تماما عن المصريين.




[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]





لقد خرجوا يتبعون خطا موسى وقومه ويقفون أثرهم. فكان
خروجهم هذا هو الأخير. وكان إخراجا لهم من كل ما هم فيه
من جنات وعيون وكنوز؛ فلم يعودوا بعدها لهذا النعيم!
لا يحدثنا القرآن الكريم عما فعله من بقى من المصررين في
مصر بعد سقوط نظام الفرعون وغرقه مع جيشه. لا يحدثنا عن
ردود فعلهم بعد أن دمر الله ما كان يصنع فرعون وقومه وما كانوا
يشيدون. يسكت السياق القرآني عنهم. ويستبعدهم
تماما من التاريخ والأحداث.



[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]



]الجزء الثالث:

يتناول حياة موسى عليه السلام مع بني إسرائيل
بعد غرق فرعون،والأحداث العظيمة التي حدثت
أثناء ضياعهم في صحراء سيناء.


[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]




نفسية بني إسرائيل الذليلة:

لقد مات فرعون مصر. غرق أمام عيون المصريين
وبني إسرائيل. ورغم موته، فقد ظل أثره باقيا
في نفوس المصريين وبني إسرائيل. من الصعب على سنوات
القهر الطويلة والذل المكثف أن تمر على نفوس الناس مر
الكرام. لقد عوّد فرعون بني إسرائيل الذل لغير الله.



[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]



هزم أرواحهم وأفسد فطرتهم فعذبوا موسى عذابا شديدا
بالعناد والجهل.
كانت معجزة شق البحر لم تزل طرية في أذهانهم، حين مروا
على قوم يعبدون الأصنام. وبدلا من أن يظهروا استيائهم
لهذا الظلم للعقل، ويحمدوا الله أن هداهم للإيمان.
بدلا من ذلك التفتوا إلى موسى وطلبوا منه أن يجعل لهم إلها
يعبدونه مثل هؤلاء الناس.


[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]




أدركتهم الغيرة لمرأى الأصنام،
ورغبوا في مثلها، وعاودهم الحنين لأيام الشرك القديمة
التي عاشوها في ظل فرعون. واستلفتهم موسى إلى جهلهم هذا،
وبيّن لهم أن عمل هؤلاء باطل، وأن الله فضل بني إسرائيل على
العالمين فكيف يجحد هذا التفضيل ويجعل لهم صنما يعبدونه
من دون الله. ثم ذكّرهم بفرعون وعذابه لهم، وكيف أن الله نجاهم منه،
فكيف بعد ذلك يشركون بالله مالا يضر ولا ينفع.


[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]

الماسـه 08-07-2011 05:28 PM

رد: سلسلـة˚◦◦˚◦◦قصص أنبياءالله ˚◦◦˚◦◦عليهـم السلام
 


موعد موسى لملاقاة ربه:
انتهت المرحلة الأولى من مهمة موسى عليه السلام،
وهي تخليص بني إسرائيل من حياة الذل والتعذيب على يد
فرعون وجنده. والسير بهم إلى الديار المقدسة.
لكن القوم لم يكونوا على استعداد للمهمة الكبرى،
مهمة الخلافة في الأرض بدين الله. وكان الاختبار الأول أكبر
دليل على ذلك. فما أن رأوا قوما يعبدون صنما،
حتى اهتزت عقيدة التوحيد في نفوسهم، وطلبوا من موسى أن
يجعل لهم وثنا يعبدوه. فكان لا بد من رسالة مفصلة لتربية
هذه الأمة وإعدادها لما هم مقبلون عليه. من أجل هذه
الرسالة كانت مواعدة الله لعبده موسى ليلقاه. وكانت هذه المواعدة
إعداد لنفس موسى ليتهيأ للموقف الهائل العظيم. فاستخلف
في قومه أخاه هارون عليه السلام.






[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]





كانت فترة الإعداد ثلاثين ليلة، أضيف إليها عشر، فبلغت عدتها
أربعين ليلة. يروض موسى فيها نفسه على اللقاء الموعود؛
وينعزل فيها عن شواغل الأرض؛ فتصفو روحه وتتقوى عزيمته.
ويذكر ابن كثير في تفسيره عن أمر هذه الليالي: "فذكر
تعالى أنه واعد موسى ثلاثين ليلة؛ قال المفسرون: فصامها
موسى -عليه السلام- وطواها،




[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]





فلما تم الميقات استاك بلحاء
شجرة، فأمره الله تعالى أن يكمل العشرة أربعين".
كان موسى بصومه -أربعين ليلة- يقترب من ربه أكثر. وكان
موسى بتكليم الله له يزداد حبا في ربه أكثر. فطلب موسى أن يرى الله.
ونحن لا نعرف أي مشاعر كانت تجيش في قلب موسى عليه الصلاة والسلام
حين سأل ربه الرؤية. أحيانا كثيرة يدفع الحب البشري الناس
إلى طلب المستحيل. فما بالك بالحب الإلهي، وهو أصل الحب؟ إن
عمق إحساس موسى بربه، وحبه لخالقه، واندفاعه الذي لم يزل
يميز شخصيته. دفعه هذا كله إلى أن يسأل الله الرؤية.



[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]




وجاءه رد الحق عز وجل: قَالَ لَن تَرَانِي
ولو أن الله تبارك وتعالى قالها ولم يزد عليها شيئا، لكان هذا
عدلا منه سبحانه، غير أن الموقف هنا موقف حب إلهي من جانب
موسى. موقف اندفاع يبرره الحب ولهذا أدركت رحمة الله تعالى موسى.
أفهمه أنه لن يراه، لأن أحدا من الخلق لا يصمد لنور الله. أمره
أن ينظر إلى الجبل، فإن استقر مكانه فسوف يراه.
قال تعالى: (وَلَـكِنِ انظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ
تَرَانِي فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ موسَى صَعِقًا)
لا يصمد لنور الله أحد. فدكّ الجبل،



[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]





وصار مسوّى في الأرض. وسقط موسى
مغشيا عليه غائبا عن وعيه. فلما أفاق قال سبحانك تنزهت
وتعاليت عن أن ترى بالأبصار وتدرك. وتبت إليك عن تجاوزني للمدى
في سؤالك! وأنا أول المؤمنين بك وبعظمتك.
ثم تتداركه رحمة ربه من جديد. فيتلقى موسى -عليه السلام- البشرى.
بشرى الاصطفاء. مع التوجيه له بالرسالة إلى قومه بعد الخلاص.
قال تعالى:
(قَالَ يَا مُوسَى إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسَالاَتِي
وَبِكَلاَمِي فَخُذْ مَا آتَيْتُكَ وَكُن مِّنَ الشَّاكِرِينَ)
وقف كثير من المفسرين أمام قوله تعالى لموسى:
(إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسَالاَتِي وَبِكَلاَمِي).




[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]






وأجريت مقارنات
بينه وبين غيره من الأنبياء. فقيل إن هذا الاصطفاء كان خاصا
بعصره وحده، ولا ينسحب على العصر الذي سبقه لوجود إبراهيم فيه،
وإبراهيم خير من موسى، أيضا لا ينطبق هذا الاصطفاء على العصر
الذي يأتي بعده، لوجود محمد بن عبد الله فيه، وهو أفضل منهما.
ونحب أن نبتعد عن هذا الجدال كله. لا لأننا نعتقد أن كل
الأنبياء سواء. إذا إن الله سبحانه وتعالى يحدثنا أنه فضل بعض
النبيين على بعض، ورفع درجات بعضهم على البعض. غير أن هذا
التفضيل ينبغي أن يكون منطقة محرمة علينا، ولنقف نحن
في موقع الإيمان بجميع الأنبياء لا نتعداه. ولنؤد نحوهم فروض
الاحترام على حد سواء.



[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]







لا ينبغي أن يخوض الخاطئون في درجات
المعصومين المختارين من الله. ليس من الأدب أن نفاضل نحن بين
الأنبياء. الأولى أن نؤمن بهم جميعا.
ثم يبين الله تعالى مضمون الرسالة (وَكَتَبْنَا لَهُ فِي الأَلْوَاحِ مِن
كُلِّ شَيْءٍ مَّوْعِظَةً وَتَفْصِيلاً لِّكُلِّ شَيْءٍ فَخُذْهَا بِقُوَّةٍ وَأْمُرْ قَوْمَكَ يَأْخُذُواْ
بِأَحْسَنِهَا سَأُرِيكُمْ دَارَ الْفَاسِقِينَ) ففيها كل شيء يختص بموضوع
الرسالة وغايتها من بيان الله وشريعته والتوجيهات المطلوبة
لإصلاح حال هذه الأمة وطبيعتها التي أفسدها الذل وطول الأمد!



[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]





]عبادة العجل:
انتهى ميقات موسى مع ربه تعالى. وعاد غضبان أسفا إلى قومه.
فلقد أخبره الله أن قموه قد ضلّوا من بعده. وأن رجلا من بني
إسرائيل يدعى السّامري هو من أضلّهم. انحدر موسى من قمة
الجبل وهو يحمل ألواح التوراة، قلبه يغلي بالغضب والأسف.
نستطيع أن نتخيل انفعال موسى وثورته وهو يحث خطاه نحو قومه.
لم يكد موسى يغادر قومه إلى ميقات ربه. حتى وقعت فتنة
السامري. وتفصيل هذه الفتنة أن بني إسرائيل حين خرجوا
من مصر، صحبوا معهم كثيرا من حلي المصريين وذهبهم،
حيث كانت نساء بني إسرائيل قد استعرنه للتزين به، وعندما
أمروا بالخروج حملوه معهم. ثم قذفوها لأنها حرام. فأخذها
السامري، وصنع منها تمثالا لعجل.




[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]





وكان السامري فيما يبدو نحاتا محترفا أو صائغا سابقا،
فصنع العجل مجوفا من الداخل،
ووضعه في اتجاه الريح، بحيث يدخل الهواء من فتحته الخلفية
ويخرج من أنفه فيحدث صوتا يشبه خوار العجول الحقيقية.
ويقال إن سر هذا الخوار، أن السامري كان قد أخذ قبضة من
تراب سار عليه جبريل -عليه السلام- حين نزل إلى الأرض في
معجزة شق البحر. أي أن السامري أبصر بما لم يبصروا به،
فقبض قبضة من أثر الرسول -جبريل عليه السلام- فوضعها مع
الذهب وهو يصنع منه العجل.




[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]





وكان جبريل لا يسير على شيء
إلا دبت فيه الحياة. فلما أضاف السامري التراب إلى الذهب،
ثم صنع منه العجل، خار العجل كالعجول الحقيقية.
وهذه هي القصة التي قالها السامري لموسى عليه السلام.
بعد ذلك، خرج السامري على بني إسرائيل بما صنعه..
سألوه: ما هذا يا سامري؟
قال: هذا إلهكم وإله موسى!
قالوا: لكن موسى ذهب لميقات إلهه.
قال السامري: لقد نسي موسى. ذهب للقاء ربه هناك، بينما ربه هنا.
وهبت موجة من الرياح فدخلت من دبر العجل الذهب وخرجت من
فمه فخار العجل. وعبد بنو إسرائيل هذا العجل.




[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]






لعل دهشة ا
لقارئ تثور لهذه الفتنة. كيف يمكن الاستخفاف بعقول القوم
لهذه الدرجة؟! لقد وقعت لهم معجزات هائلة. فكيف ينقلبون
إلى عبادة الأصنام في لحظة؟ تزول هذه الدهشة لو نظرنا في نفسية
القوم الذين عبدوا العجل. لقد تربوا في مصر، أيام كانت
مصر تعبد الأصنام وتقدس فيما تقدس العجل أبيس، وتربوا على
الذل والعبودية، فتغيرت نفوسهم، والتوت فطرتهم، ومرت عليهم
معجزات الله فصادفت نفوسا تالفة الأمل. لم يعد هناك ما يمكن أن
يصنعه لهم أحد. إن كلمات الله لم تعدهم إلى الحق، كما أن
المعجزات الحسية لم تقنعهم بصدق الكلمات،





[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]





ظلوا داخل أعماقهم
من عبدة الأوثان. كانوا وثنيين مثل سادتهم المصريين القدماء.
ولهذا السبب انقلبوا إلى عبادة العجل.
وفوجئ هارون عليه الصلاة والسلام يوما بأن بني إسرائيل يعبدون
عجلا من الذهب. انقسموا إلى قسمين: الأقلية المؤمنة أدركت
أن هذا هراء. والأغلبية الكافرة طاوعت حنينها لعبادة الأوثان.
ووقف هارون وسط قومه وراح يعظهم. قال لهم: إنكم فتنتم به،
هذه فتنة، استغل السامري جهلكم وفتنكم بعجله. ليس هذا ربكم
ولا رب موسى (وَإِنَّ رَبَّكُمُ الرَّحْمَنُ فَاتَّبِعُونِي وَأَطِيعُوا أَمْرِي).
ورفض عبدة العجل موعظة هارون. لكن هارون -عليه السلام- عاد
يعظهم ويذكرهم بمعجزات الله التي أنقذهم بها، وتكريمه ورعايته
لهم، فأصموا آذانهم ورفضوا كلماته،



[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]





واستضعفوه وكادوا يقتلونه،
وأنهوا مناقشة الموضوع بتأجيله حتى عودة موسى. كان واضحا
أن هارون أكثر لينا من موسى، لم يكن يهابه القوم للينه وشفقته.
وخشي هارون أن يلجأ إلى القوة ويحطم لهم صنمهم الذي يعبدونه
فتثور فتنة بين القوم. فآثر هارون تأجيل الموضوع إلى أن يحضر موسى.
كان يعرف أن موسى بشخصيته القوية، يستطيع أن يضع حدا
لهذه الفتنة. واستمر القوم يرقصون حول العجل.
انحدر موسى عائدا لقومه فسمع صياح القوم وجلبتهم وهم يرقصون
حول العجل. توقف القوم حين ظهر موسى وساد صمت. صرخ موسى يقول:
(بِئْسَمَا خَلَفْتُمُونِي مِن بَعْدِيَ).اتجه موسى نحو هارون وألقى ألواح
التوراة من يده على الأرض. كان إعصار الغضب داخل موسى
يتحكم فيه تماما. مد موسى يديه






[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]






وأمسك هارون من شعر رأسه
وشعر لحيته وشده نحوه وهو يرتعش. قال موسى:
يَا هَارُونُ مَا مَنَعَكَ إِذْ رَأَيْتَهُمْ ضَلُّوا (92) أَلَّا تَتَّبِعَنِ أَفَعَصَيْتَ أَمْرِي (93) (طه)
إن موسى يتساءل هل عصى هارون أمره. كيف سكت على هذه الفتنة؟
كيف طاوعهم على البقاء معهم ولم يخرج ويتركهم ويتبرأ منهم؟
كيف سكت عن مقاومتهم أصلا؟ إن الساكت عن الخطأ مشترك فيه
بشكل ما. زاد الصمت عمقا بعد جملة موسى الغاضبة. وتحدث
هارون إلى موسى. رجا منه أن يترك رأسه ولحيته. بحق انتمائهما
لأم واحدة. وهو يذكره بالأم ولا يذكره بالأب ليكون ذلك
أدعى لاستثارة مشاعر الحنو في نفسه.



[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]






أفهمه أن الأمر ليس فيه عصيان له. وليس فيه رضا بموقف
عبدة العجل. إنما خشي أن يتركهم ويمضي، فيسأله موسى كيف
لم يبق فيهم وقد تركه موسى مسؤولا عنهم، وخشي لو قاومهم
بعنف أن يثير بينهم قتالا فيسأله موسى كيف فرق بينهم
ولم ينتظر عودته.
أفهم هارون أخاه موسى برفق ولين أن القوم استضعفوه،
وكادوا يقتلونه حين قاومهم. رجا منه أن يترك رأسه
ولحيته حتى لا يشمت به الأعداء، ويستخف به القوم زيادة
على استخفافهم به. أفهمه أنه ليس ظالما مثلهم عندما
سكت عن ظلمهم.





[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]






أدرك موسى أنه ظلم هارون في غضبه الذي أشعلته غيرته
على الله تعالى وحرصه على الحق. أدرك أن هارون تصرف أفضل
تصرف ممكن في هذه الظروف. ترك رأسه ولحيته واستغفر الله له
ولأخيه. التفت موسى لقومه وتساءل بصوت لم يزل يضطرب غضبا:
(يَا قَوْمِ أَلَمْ يَعِدْكُمْ رَبُّكُمْ وَعْدًا حَسَنًا أَفَطَالَ عَلَيْكُمُ الْعَهْدُ أَمْ
أَرَدتُّمْ أَن يَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبٌ مِّن رَّبِّكُمْ فَأَخْلَفْتُم مَّوْعِدِي).





[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]






إنه يعنفهم ويوبخهم ويلفتهم بإشارة سريعة إلى غباء
ما عملوه. عاد موسى يقول غاضبا أشد الغضب:
(إِنَّ الَّذِينَ اتَّخَذُواْ الْعِجْلَ سَيَنَالُهُمْ غَضَبٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَذِلَّةٌ
فِي الْحَياةِ الدُّنْيَا وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُفْتَرِينَ).
لم تكد الجبال تبتلع أصداء الصوت الغاضب حتى نكس القوم
رءوسهم وأدركوا خطأهم. كان افتراؤهم واضحا على الحق
الذي جاء به موسى. أبعد كل ما فعله الله تعالى لهم، ينكفئون
على عبادة الأصنام؟! أيغيب موسى أربعين يوما ثم يعود
ليجدهم يعبدون عجلا من الذهب. أهذا تصرف قوم، عهد الله
إليهم بأمانة التوحيد في الأرض؟




[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]





التفت موسى إلى السامري بعد حديثه القصير مع هارون.
لقد أثبت له هارون براءته كمسئول عن قومه في غيبته،
كما سكت القوم ونكسوا رءوسهم أمام ثورة موسى، لم يبق
إلا المسئول الأول عن الفتنة. لم يبق إلا السامري.
تحدث موسى إلى السامري وغضبه لم يهدأ بعد: قَالَ فَمَا
خَطْبُكَ يَا سَامِرِيُّ
إنه يسأله عن قصته، ويريد أن يعرف منه ما الذي حمله
على ما صنع. قال السامري: بَصُرْتُ بِمَا لَمْ يَبْصُرُوا بِهِ
رأيت جبريل وهو يركب فرسه فلا تضع قدمها على شيء
إلا دبت فيه الحياة. فَقَبَضْتُ قَبْضَةً مِّنْ أَثَرِ الرَّسُولِ
أخذت حفنة من التراب الذي سار عليه جبريل وألقيتها
على الذهب. فَنَبَذْتُهَا وَكَذَلِكَ سَوَّلَتْ لِي نَفْسِي
هذا ما ساقتني نفسي إليه.





[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]






لم يناقش موسى، عليه السلام السامري في ادعائه. إنما
قذف في وجهه حكم الحق. ليس المهم أن يكون السامري قد
رأى جبريل، عليه السلام، فقبض قبضة من أثره. ليس المهم
أن يكون خوار العجل بسبب هذا التراب الذي سار عليه
فرس جبريل، أو يكون الخوار بسبب ثقب اصطنعه السامري
ليخور العجل. المهم في الأمر كله جريمة السامري، وفتنته
لقوم موسى، واستغلاله إعجاب القوم الدفين بسادتهم المصريين،
وتقليدهم لهم في عبادة الأوثان. هذه هي الجريمة التي حكم
فيها موسى عليه السلام: (قَالَ فَاذْهَبْ فَإِنَّ لَكَ فِي الْحَيَاةِ
أَن تَقُولَ لَا مِسَاسَ وَإِنَّ لَكَ مَوْعِدًا لَّنْ تُخْلَفَهُ وَانظُرْ إِلَى إِلَهِكَ
الَّذِي ظَلْتَ عَلَيْهِ عَاكِفًا لَّنُحَرِّقَنَّهُ ثُمَّ لَنَنسِفَنَّهُ فِي الْيَمِّ نَسْفًا).





[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]





حكم موسى على السامري بالوحدة في الدنيا. يقول بعض المفسرين:
إن موسى دعا على السامري بأن لا يمس أحدا، معاقبة
له على مسه ما لم يكن ينبغي له مسه.
ونعتقد أن الأمر أخطر كثيرا من هذه النظرة السريعة.
إن السامري أراد بفتنته ضلال بني إسرائيل وجمعهم حول عجله
الوثني والسيادة عليهم، وقد جاءت عقوبته مساوية لجرمه،
لقد حكم عليه بالنبذ والوحدة. هل مرض السامري مرضا جلديا
بشعا صار الناس يأنفون من لمسه أو مجرد الاقتراب منه؟ هل جاءه
النبذ من خارج جسده؟ لا نعرف ماذا كان من أمر الأسلوب الذي
تمت به وحدة السامري ونبذ المجتمع له.





[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]





كل ما نعرفه أن موسى أوقع عليه عقوبة رهيبة، كان أهون منها
القتل، فقد عاش السامري منبوذا محتقرا لا يلمس شيئا ولا يمس
أحدا ولا يقترب منه مخلوق. هذه هي عقوبته في الدنيا، ويوم
القيامة له عقوبة ثانية، يبهمها السياق لتجيء ظلالها في
النفس أخطر وأرعب.
نهض موسى بعد فراغه من السامري إلى العجل الذهب وألقاه
في النار. لم يكتف بصهره أمام عيون القوم المبهوتين،





[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]






وإنما نسفه في البحر نسفا. تحول الإله المعبود أمام
عيون المفتونين به إلى رماد يتطاير في البحر. ارتفع
صوت موسى: (إِنَّمَا إِلَهُكُمُ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَسِعَ كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا)
هذا هو إلهكم، وليس ذلك الصنم الذي لا يملك لنفسه نفعا ولا ضرا.
بعد أن نسف موسى الصنم، وفرغ من الجاني الأصلي، التفت
إلى قومه، وحكم في القضية كلها فأفهمهم أنهم ظلموا
أنفسهم وترك لعبدة العجل مجالا واحدا للتوبة.
وكان هذا المجال أن يقتل المطيع من بني
إسرائي من عصى.



[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]




قال تعالى:
وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنفُسَكُمْ
بِاتِّخَاذِكُمُ الْعِجْلَ فَتُوبُواْ إِلَى بَارِئِكُمْ فَاقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ
ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ عِندَ بَارِئِكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ
الرَّحِيم (54) (البقرة)
كانت العقوبة التي قررها موسى على عبدة العجل مهولة،
وتتفق مع الجرم الأصلي. إن عبادة الأوثان إهدار لحياة
العقل وصحوته، وهي الصحوة التي تميز الإنسان عن غيره
من البهائم والجمادات، وإزاء هذا الإزهاق لصحوة العقل،
تجيء العقوبة إزهاقا لحياة الجسد نفسه، فليس بعد
العقل للإنسان حياة يتميز بها. ومن نوع الجرم جاءت
العقوبة. جاءت قاسية ثم رحم الله تعالى وتاب. إِنَّهُ هُوَ
التَّوَّابُ الرَّحِيم .





[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]






الماسـه 08-07-2011 05:34 PM

رد: سلسلـة˚◦◦˚◦◦قصص أنبياءالله ˚◦◦˚◦◦عليهـم السلام
 

أخيرا. سَكَتَ عَن مُّوسَى الْغَضَبُ. تأمل تعبير القرآن الكريم
الذي يصور الغضب في صورة كائن يقود تصرفات موسى،
ابتداء من إلقائه لألواح التوراة، وشده للحية أخيه ورأسه.
وانتهاء بنسف العجل في البحر، وحكمه بالقتل على من
اتخذوه ربا. أخيرا سكت عن موسى الغضب. زايله غضبه في الله
، وذلك أرفع أنواع الغضب وأجدرها بالاحترام والتوقير.
التفت موسى إلى مهمته الأصلية حين زايله غضبه فتذكر أنه
ألقى ألواح التوراة. وعاد موسى يأخذ الألواح ويعاود دعوته إلى الله.



[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]



رفع الجبل فوق رؤوس بني إسرائيل:
عاد موسى إلى هدوئه، واستأنف جهاده في الله، وقرأ
ألواح التوراة على قومه. أمرهم في البداية أن يأخذوا
بأحكامها بقوة وعزم. ومن المدهش أن قومه ساوموه على
الحق. قالوا: انشر علينا الألواح فإن كانت أوامرها
ونواهيها سهلة قبلناها. فقال موسى: بل اقبلوها بما فيها.
فراجعوا مرارا، فأمر الله تعالى ملائكته فرفعت الجبل على
رءوسهم حتى صار كأنه غمامة فوقهم، وقيل لهم: إن لم تقبلوها
بما فيها سقط ذلك الجبل عليكم، فقبلوا بذلك، وأمروا
بالسجود فسجدوا. وضعوا خدودهم على الأرض وراحوا ينظرون
إلى الجبل فوقهم هلعا ورعبا.




[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]





وهكذا أثبت قوم موسى أنهم لا يسلمون وجوههم لله إلا
إذا لويت أعناقهم بمعجزة حسية باهرة تلقي الرعب في
القلوب وتنثني الأقدام نحو سجود قاهر يدفع الخوف إليه
دفعا. وهكذا يساق الناس بالعصا الإلهية إلى الإيمان.
يقع هذا في ظل غياب الوعي والنضج الكافيين لقيام
الاقتناع العقلي. ولعلنا هنا نشير مرة أخرى إلى نفسية
قوم موسى، وهي المسئول الأول عن عدم اقتناعهم إلا بالقوة
الحسية والمعجزات الباهرة. لقد تربى قوم موسى ونشئوا
وسط هوان وذل،





[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]






أهدرت فيهما إنسانيتهم والتوت فطرته.
ولم يعد ممكنا بعد ازدهار الذل في نفوسهم واعتيادهم إياه
، لم يعد ممكنا أن يساقوا إلى الخير إلا بالقوة. لقد
اعتادوا أن تسيرهم القوة القاهرة لسادتهم القدامى،
ولا بد لسيدهم الجديد (وهو الإيمان) من أن يقاسي الأهوال
لتسييرهم، وأن يلجأ مضطرا إلى أسلوب القوة لينقذهم من
الهلاك. لم تمر جريمة عبادة العجل دون آثار



[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]




اختيار سبعين رجلا لميقات الله:
أمر موسى بني إسرائيل أن يستغفروا الله ويتوبوا إليه.
اختار منهم سبعين رجلا، الخيّر فالخيّر، وقال انطلقوا
إلى الله فتوبوا إليه مما صنعتم وسلوه التوبة على من تركتم
وراءكم من قومكم. صوموا وتطهروا وطهروا ثيابكم.
خرج موسى بهؤلاء السبعين المختارين لميقات حدده له الله تعالى.
دنا موسى من الجبل. وكلم الله تعالى موسى،
وسمع السبعون موسى وهو يكلم ربه.



[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]





ولعل معجزة كهذه المعجزة تكون الأخير، وتكون كافية لحمل
الإيمان إلى القلوب مدى الحياة. غير أن السبعين المختارين
لم يكتفوا بما استمعوا إليه من المعجزة. إنما طلبوا رؤية
الله تعالى. قالوا سمعنا ونريد أن نرى. قالوا لموسى ببساطة:
(يَا مُوسَى لَن نُّؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً).



[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]




هي مأساة تثير أشد الدهشة. وهي مأساة تشير إلى صلابة
القلوب واستمساكها بالحسيات والماديات. كوفئ الطلب
المتعنت بعقوبة صاعقة. أخذتهم رجفة مدمرة صعقت أرواحهم
وأجسادهم على الفور. ماتوا.
أدرك موسى ما أحدثه السبعون المختارون فملأه الأسى وقام
يدعو ربه ويناشده أن يعفو عنهم ويرحمهم، وألا يؤاخذهم
بما فعل السفهاء منهم، وليس طلبهم رؤية الله تبارك وتعالى
وهم على ما هم فيه من البشرية الناقصة وقسوة القلب غير
سفاهة كبرى. سفاهة لا يكفر عنها إلا الموت.


[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]




قد يطلب النبي رؤية ربه، كما فعل موسى، ورغم انطلاق
الطلب من واقع الحب العظيم والهوى المسيطر، الذي يبرر
بما له من منطق خاص هذا الطلب، رغم هذا كله يعتبر طلب
الرؤية تجاوزا للحدود، يجازى عليه النبي بالصعق، فما
بالنا بصدور هذا الطلب من بشر خاطئين، بشر يحددون
للرؤية مكانا وزمانا، بعد كل ما لقوه من معجزات وآيات..؟
أليس هذا سفاهة كبرى..؟ وهكذا صعق من طلب الرؤية..
ووقف موسى يدعو ربه ويستعطفه ويترضاه.. يحكي المولى
عز وجل دعاء موسى عليه السلام بالتوبة على قومه في سورة الأعراف:





[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]



وَاخْتَارَ مُوسَى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلاً لِّمِيقَاتِنَا فَلَمَّا أَخَذَتْهُمُ
الرَّجْفَةُ قَالَ رَبِّ لَوْ شِئْتَ أَهْلَكْتَهُم مِّن قَبْلُ وَإِيَّايَ أَتُهْلِكُنَا
بِمَا فَعَلَ السُّفَهَاء مِنَّا إِنْ هِيَ إِلاَّ فِتْنَتُكَ تُضِلُّ بِهَا مَن تَشَاء و
َتَهْدِي مَن تَشَاء أَنتَ وَلِيُّنَا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنتَ خَيْرُ الْغَافِرِين (155)
وَاكْتُبْ لَنَا فِي هَـذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ إِنَّا هُدْنَـا
إِلَيْكَ قَالَ عَذَابِي أُصِيبُ بِهِ مَنْ أَشَاء وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ
فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَـاةَ وَالَّذِينَ

هُم بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ (156) الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ
الأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِندَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ
يَأْمُرُهُم بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ
وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَآئِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأَغْلاَلَ الَّتِي كَانَتْ
عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُواْ بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُواْ النُّورَ
الَّذِيَ أُنزِلَ مَعَهُ أُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (157) (الأعراف)




[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]



هذه كانت كلمات موسى لربه وهو يدعوه ويترضاه. ورضي الله
تعالى عنه وغفر لقومه فأحياهم بعد موتهم، واستمع المختارون
في هذه اللحظات الباهرة من تاريخ الحياة إلى النبوءة
بمجيء محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم.

سنلاحظ طريقة الربط بين الحاضر والماضي في الآية، إن الله
تعالى يتجاوز زمن مخاطبة الرسول في الآيات إلى زمنين سابقين
، هما نزول التوراة ونزول الإنجيل، ليقرر أنه (تعالى)
بشّر بمحمد في هذين الكتابين الكريمين. نعتقد أن
إيراد هذه البشرى جاء يوم صحب موسى من قومه سبعين
رجلا هم شيوخ بني إسرائيل وأفضل من فيهم، لميقات ربه.
في هذا اليوم الخطير بمعجزاته الكبرى، تم إيراد
البشرى بآخر أنبياء الله عز وجل.






[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]







يقول ابن كثير في كتابه قصص الأنبياء، نقلا عن قتادة:
إن موسى قال لربه: يا رب إني أجد في الألواح أمة
هي خير أمة أخرجت للناس، يأمرون بالمعروف وينهون
عن المنكر. رب اجعلهم أمتي.
قال: تلك أمة أحمد.
قال: ربي إني أجد في الألواح أمة أناجيلهم في صدورهم
يقرءونها. وكان من قبلهم يقرءون كتابهم نظرا، حتى إذا
رفعوها لم يحفظوا شيئا ولم يعرفوه. وإن الله أعطاهم من
الحفظ شيئا لم يعطه أحدا من الأمم. رب اجعلهم أمتي.
قال: تلك أمة أحمد.



[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]





قال: رب إني أجد في الألواح أمة يؤمنون بالكتاب الأول
وبالكتاب الآخر، ويقاتلون فضول الضلالة. فاجعلهم أمتي.
قال: تلك أمة أحمد.
قال: رب إني أجد في الألواح أمة صدقاتهم يأكلونها في بطونهم
، ويؤجرون عليها، وكان من قبلهم من الأمم إذا تصدق أحدهم
بصدقة فقبلت منه بعث الله عليها نارا فأكلتها، وإن ردت عليه
تركت فتأكلها السباع والطير. وإن الله أخذ صدقاتهم من
غنيهم لفقيرهم. رب فاجعلهم أمتي.
قال: تلك أمة أحمد.
قال: رب فإني أجد في الألواح أمة إذا هم أحدهم بحسنة ثم
عملها كتبت له عشرة أمثالها إلى سبعمائة ضعف. رب اجعلهم أمتي.
قال: تلك أمة أحمد.




[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]


الماسـه 08-07-2011 05:35 PM

رد: سلسلـة˚◦◦˚◦◦قصص أنبياءالله ˚◦◦˚◦◦عليهـم السلام
 


]نزول المن والسلوى:
سار موسى بقومه في سيناء. وهي صحراء ليس فيها شجر يقي
من الشمس، وليس فيها طعام ولا ماء. وأدركتهم رحمة الله
فساق إليهم المن والسلوى وظللهم الغمام. والمن مادة
يميل طعمها إلى الحلاوة وتفرزها بعض أشجار الفاكهة.
وساق الله إليهم السلوى، وهو نوع من أنواع الطيور يقال
إنه (السمان). وحين اشتد بهم الظمأ إلى الماء، وسيناء
مكان يخلو من الماء، ضرب لهم موسى بعصاه الحجر
فانفجرت منه اثنتا عشرة عينا من المياه
.




[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]




وكان بنو
إسرائيل ينقسمون إلى 12 سبطا. فأرسل الله المياه لكل
مجموعة. ورغم هذا الإكرام والحفاوة، تحركت في النفوس
التواءاتها المريضة. واحتج قوم موسى بأنهم سئموا
من هذا الطعام، واشتاقت نفوسهم إلى البصل والثوم
والفول والعدس، وكانت هذه الأطعمة أطعمة مصرية تقليدية.
وهكذا سأل بنو إسرائيل نبيهم موسى أن يدعو الله ليخرج
لهم من الأرض هذه الأطعمة.



[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]





وعاد موسى يستلفتهم إلى ظلمهم لأنفسهم، وحنينهم لأيام
هوانهم في مصر، وكيف أنهم يتبطرون على خير الطعام وأكرمه
، ويريدون بدله أدنى الطعام وأسوأه.

السير باتجاه بيت المقدس:
سار موسى بقومه في اتجاه البيت المقدس. أمر موسى قومه
بدخولها وقتال من فيها والاستيلاء عليها. وها قد جاء
امتحانهم الأخير. بعد كل ما وقع لهم من المعجزات
والآيات والخوارق. جاء دورهم ليحاربوا -بوصفهم
مؤمنين- قوما من عبدة الأصنام.





[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]






رفض قوم موسى دخول الأراضي المقدسة. وحدثهم موسى
عن نعمة الله عليهم. كيف جعل فيهم أنبياء، وجعلهم ملوكا
يرثون ملك فرعون، وآتاهم مَّا لَمْ يُؤْتِ أَحَدًا مِّن الْعَالَمِينَ.
وكان رد قومه عليه أنهم يخافون من القتال. قالوا:
إن فيها قوما جبارين، ولن يدخلوا الأرض
المقدسة حتى يخرج منها هؤلاء.





[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]





وانضم لموسى وهارون اثنان من القوم. تقول كتب القدماء
إنهم خرجوا في ستمائة ألف. لم يجد موسى من بينهم غير
رجلين على استعداد للقتال. وراح هذان الرجلان يحاولان إقناع
القوم بدخول الأرض والقتال. قالا: إن مجرد دخولهم من الباب
سيجعل لهم النصر. ولكن بني إسرائيل جميعا كانوا يتدثرون
بالجبن ويرتعشون في أعماقهم.




[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]






مرة أخرى تعاودهم طبيعتهم التي عاودتهم قبل ذلك حين رأوا
قوما يعكفون على أصنامهم. فسدت فطرتهم، وانهزموا من الداخل،
واعتادوا الذل، فلم يعد في استطاعتهم أن يحاربوا.
وإن بقي في استطاعتهم أن يتوقحوا على نبي الله موسى وربه.
وقال قوم موسى له كلمتهم الشهيرة:
(فَاذْهَبْ أَنتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ)
هكذا بصراحة وبلا التواء.



[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]





أدرك موسى أن قومه ما عادوا يصلحون لشيء. مات الفرعون
ولكن آثاره في النفوس باقية يحتاج شفاؤها لفترة طويلة.
عاد موسى إلى ربه يحدثه أنه لا يملك إلا نفسه وأخاه.
دعا موسى على قومه أن يفرق الله بينه وبينهم.

وأصدر الله تعالى حكمه على هذا الجيل الذي فسدت فطرته
من بني إسرائيل. كان الحكم هو التيه أربعين عاما.
حتى يموت هذا الجيل أو يصل إلى الشيخوخة.
ويولد بدلا منه جيل آخر، جيل لم يهزمه أحد من الداخل،
ويستطيع ساعتها أن يقاتل وأن ينتصر.




[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]





]قصة البقرة:

بدأت أيام التيه. بدأ السير في دائرة مغلقة. تنتهي من
حيث تبدأ، وتبدأ من حيث تنتهي، بدأ السير إلى غير مقصد.
ليلا ونهارا وصباحا ومساء. دخلوا البرية عند سيناء.

مكث موسى في قومه يدعوهم إلى الله. ويبدو أن نفوسهم كانت
ملتوية بشكل لا تخطئه عين الملاحظة، وتبدو لجاجتهم
وعنادهم فيما يعرف بقصة البقرة. فإن الموضوع لم
يكن يقتضي كل هذه المفاوضات بينهم وبين موسى، كما
أنه لم يكن يستوجب كل هذا التعنت.






[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]





وأصل قصة البقرة
أن قتيلا ثريا وجد يوما في بني إسرائيل، واختصم أهله
ولم يعرفوا قاتله، وحين أعياهم الأمر لجئوا لموسى
ليلجأ لربه. ولجأ موسى لربه فأمره أن يأمر قومه
أن يذبحوا بقرة. وكان المفروض هنا أن يذبح القوم
أول بقرة تصادفهم. غير أنهم بدءوا مفاوضتهم باللجاجة.
اتهموا موسى بأنه يسخر منهم ويتخذهم هزوا، واستعاذ
موسى بالله أن يكون من الجاهلين ويسخر منهم. أفهمهم
أن حل القضية يكمن في ذبح بقرة.






[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]





إن الأمر هنا أمر معجزة، لا علاقة لها بالمألوف في الحياة،
أو المعتاد بين الناس. ليست هناك علاقة بين ذبح البقرة
ومعرفة القاتل في الجريمة الغامضة التي وقعت، لكن
متى كانت الأسباب المنطقية هي التي تحكم حياة بني
إسرائيل؟ إن المعجزات الخارقة هي القانون السائد
في حياتهم، وليس استمرارها في حادث البقرة أمرا يوحي
بالعجب أو يثير الدهشة.




[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]




لكن بني إسرائيل هم بنو إسرائيل. مجرد التعامل معهم
عنت. تستوي في ذلك الأمور الدنيوية المعتادة، وشؤون
العقيدة المهمة. لا بد أن يعاني من يتصدى لأمر من
أمور بني إسرائيل. وهكذا يعاني موسى من إيذائهم له
واتهامه بالسخرية منهم، ثم ينبئهم أنه جاد فيما
يحدثهم به، ويعاود أمره أن يذبحوا بقرة، وتعود
الطبيعة المراوغة لبني إسرائيل إلى الظهور، تعود
اللجاجة والالتواء، فيتساءلون: أهي بقرة عادية كما
عهدنا من هذا الجنس من الحيوان؟ أم أنها خلق تفرد

بمزية، فليدع موسى ربه ليبين ما هي. ويدعو موسى ربه
فيزداد التشديد عليهم، وتحدد البقرة أكثر من ذي قبل،
بأنها بقرة وسط. ليست بقرة مسنة، وليست بقرة فتية. بقرة متوسطة.






[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]





إلى هنا كان ينبغي أن ينتهي الأمر، غير أن المفاوضات
لم تزل مستمرة، ومراوغة بني إسرائيل لم تزل هي التي
تحكم مائدة المفاوضات. ما هو لون البقرة؟ لماذا يدعو
موسى ربه ليسأله عن لون هذا البقرة؟ لا يراعون مقتضيات
الأدب والوقار اللازمين في حق الله تعالى وحق نبيه الكريم، وكيف

أنهم ينبغي أن يخجلوا من تكليف موسى بهذا الاتصال المتكرر
حول موضوع بسيط لا يستحق كل هذه اللجاجة والمراوغة. ويسأل
موسى ربه ثم يحدثهم عن لون البقرة المطلوبة. فيقول أنها
بقرة صفراء، فاقع لونها تسر الناظرين.



[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]





وهكذا حددت البقرة بأنها صفراء، ورغم وضوح الأمر، فقد عادوا
إلى اللجاجة والمراوغة. فشدد الله عليهم كما شددوا على نبيه
وآذوه. عادوا يسألون موسى أن يدعو الله ليبين ما هي، فإن
البقر تشابه عليهم، وحدثهم موسى عن بقرة ليست معدة
لحرث ولا لسقي، سلمت من العيوب، صفراء لا شية فيها،
بمعنى خالصة الصفرة. انتهت بهم اللجاجة إلى التشديد.
وبدءوا بحثهم عن بقرة بهذه الصفات الخاصة.
أخيرا وجدوها عند يتيم فاشتروها وذبحوها.




[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]





وأمسك موسى جزء من البقرة (وقيل لسانها) وضرب به
القتيل فنهض من موته. سأله موسى عن قاتله فحدثهم
عنه (وقيل أشار إلى القاتل فقط من غير أن يتحدث)
ثم عاد إلى الموت. وشاهد بنو إسرائيل معجزة إحياء
الموتى أمام أعينهم، استمعوا بآذانهم إلى اسم القاتل.
انكشف غموض القضية التي حيرتهم زمنا طال بسبب لجاجتهم وتعنتهم.




[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]




نود أن نستلفت انتباه القارئ إلى سوء أدب القوم مع نبيهم
وربهم، ولعل السياق القرآني يورد ذلك عن طريق تكرارهم
لكلمة "ربك" التي يخاطبون بها موسى. وكان الأولى بهم أن
يقولوا لموسى، تأدبا، لو كان لا بد أن يقولوا: (ادْعُ لَنَا رَبَّكَ)
ادع لنا ربنا. أما أن يقولوا له: فكأنهم يقصرون
ربوبية الله تعالى على موسى. ويخرجون أنفسهم من شرف
العبودية لله. انظر إلى الآيات كيف توحي بهذا كله.
ثم تأمل سخرية السياق منهم لمجرد إيراده لقولهم:
(الآنَ جِئْتَ بِالْحَقِّ) بعد أن أرهقوا نبيهم ذهابا وجيئة

بينهم وبين الله عز وجل، بعد أن أرهقوا نبيهم بسؤاله عن صفة
البقرة ولونها وسنها وعلاماتها المميزة، بعد تعنتهم وتشديد
الله عليهم، يقولون لنبيهم حين جاءهم بما يندر وجوده
ويندر العثور عليه في البقر عادة.





[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]






ساعتها قالوا له: "الآنَ جِئْتَ بِالْحَقِّ". كأنه كان يلعب قبلها
معهم، ولم يكن ما جاء هو الحق من أول كلمة لآخر كلمة.
ثم انظر إلى ظلال السياق وما تشي به من ظلمهم:
(فَذَبَحُوهَا وَمَا كَادُواْ يَفْعَلُونَ) ألا توحي لك ظلال الآيات
بتعنتهم وتسويفهم ومماراتهم ولجاجتهم في الحق؟ هذه

اللوحة الرائعة تشي بموقف بني إسرائيل على موائد
المفاوضات. هي صورتهم على مائدة المفاوضات مع نبيهم الكريم موسى.




[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]




إيذاء بني إسرائيل لموسى:

قاسى موسى من قومه أشد المقاساة، وعانى عناء عظيما،
واحتمل في تبليغهم رسالته ما احتمل في سبيل الله. ولعل
مشكلة موسى الأساسية أنه بعث إلى قوم طال عليهم العهد
بالهوان والذل، وطال بقاؤهم في جو يخلو من الحرية، وطال
مكثهم وسط عبادة الأصنام، ولقد نجحت المؤثرات العديدة
المختلفة في أن تخلق هذه النفسية الملتوية الخائرة
المهزومة التي لا تصلح لشيء. إلا أن تعذب أنبيائها ومصلحيها.



[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]





وقد عذب بنو إسرائيل موسى عذابا نستطيع -نحن أبناء هذا
الزمان- أن ندرك وقعه على نفس موسى النقية الحساسة الكريمة.
ولم يقتصر العذاب على العصيان والغباء واللجاجة والجهل
وعبادة الأوثان، وإنما تعدى الأمر إلى إيذاء موسى في شخصه.


قال تعالى:

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا
مُوسَى فَبَرَّأَهُ اللَّهُ مِمَّا قَالُوا وَكَانَ عِندَ اللَّهِ وَجِيهًا (69) (الأحزاب)



[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]





ونحن لا تعرف كنه هذا الإيذاء، ونستبعد رواية بعض العلماء
التي يقولون فيها أن موسى كان رجلا حييا يستتر دائما
ولا يحب أن يرى أحد من الناس جسده فاتهمه اليهود بأنه مصاب
بمرض جلدي أو برص، فأراد الله أن يبرئه مما قالوا، فذهب يستحم
يوما ووضع ثيابه على حجر، ثم خرج فإذا الحجر يجري بثيابه
وموسى يجري وراء الحجر عاريا حتى شاهده بنو إسرائيل عاريا
وليس بجلده عيب. نستبعد هذه القصة لتفاهتها، فإنها إلى
جوار خرافة جري الحجر بملابسه، لا تعطي موسى حقه من التوقير
، وهي تتنافى مع عصمته كنبي.

ونعتقد أن اليهود آذوا موسى إيذاء نفسيا، هذا هو الإيذاء
الذي يدمي النفوس الكريمة ويجرحها حقا، ولا نعرف كيف كان
هذا الإيذاء، ولكننا نستطيع تخيل المدى العبقري الآثم
الذي يستطيع بلوغه بنو إسرائيل في إيذائهم لموسى.



[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]







فترة التيه:

ولعل أعظم إيذاء لموسى، كان رفض بني إسرائيل القتال من أجل
نشر عقيدة التوحيد في الأرض، أو على أقل تقدير، السماح لهذه
العقيدة أن تستقر على الأرض في مكان، وتأمن على نفسها،
وتمارس تعبدها في هدوء. لقد رفض بنو إسرائيل القتال.
وقالوا لموسى كلمتهم الشهيرة:
(فَاذْهَبْ أَنتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ).


[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]




وبهذه النفسية حكم الله عليهم بالتيه. وكان الحكم يحدد أربعين عاما
كاملة، وقد مكث بنو إسرائيل في التيه أربعين سنة، حتى فني جيل بأكمله.

فنى الجيل الخائر المهزوم من الداخل، وولد في ضياع الشتات وقسوة
التيه جيل جديد. جيل لم يتربى وسط مناخ وثني، ولم يشل روحه انعدام
الحرية. جيل لم ينهزم من الداخل، جيل لم يعد يستطيع الأبناء فيه
أن يفهموا لماذا يطوف الآباء هكذا بغير هدف في تيه لا يبدو له أول
ولا تستبين له نهاية. إلا خشية من لقاء العدو. جيل صار مستعدا لدفع
ثمن آدميته وكرامته من دمائه. جيل لا يقول لموسى
(فَاذْهَبْ أَنتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ).






[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]








جيل آخر يتبنى قيم الشجاعة العسكرية، كجزء مهم من نسيج أي ديانة
من ديانات التوحيد. أخيرا ولد هذا الجيل وسط تيه
الأربعين عاما.

ولقد قدر لموسى. زيادة في معاناته ورفعا لدرجته عند الله تعالى.
قدر له ألا تكتحل عيناه بمرأى هذا الجيل. فقد مات موسى عليه الصلاة
والسلام قبل أن يدخل بنو إسرائيل الأرض التي كتب الله عليهم دخولها.

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم حين كان قومه يؤذونه في الله:
قد أوذي موسى بأكثر من ذلك فصبر.
مات هارون قبل موسى بزمن قصير. واقترب أجل موسى،
عليه الصلاة والسلام. وكان لم يزل في التيه.



[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]






قال يدعو ربه: رب أدنني إلى الأرض المقدسة رمية حجر.

أحب أن يموت قريبا من الأرض التي هاجر إليها. وحث قومه عليها.
ولكنه لم يستطع، ومات في التيه. ودفن عند كثيب أحمر حدث عنه
آخر أنبياء الله في الأرض حين أسرى به. قال محمد صلى الله عليه وسلم:
لما أسري بي مررت بموسى وهو قائم يصلي في قبره عند الكثيب الأحمر.

تروي الأساطير عديدا من الحكايات حول موت موسى، وتحكي أنه

ضرب ملك الموت حين جاء يستل روحه، وأمثال هذه الروايات كثيرة.
لكننا لا نحب أن نخوض في هذه الروايات حتى لا ننجرف وراء
الإسرائيليات التي دخلت بعض كتب التفسير.

مات موسى -عليه الصلاة والسلام- في التيه،
وتولى يوشع بن نون أمر بني إسرائيل.





[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]


الماسـه 08-08-2011 02:01 PM

رد: سلسلـة˚◦◦˚◦◦قصص أنبياءالله ˚◦◦˚◦◦عليهـم السلام
 

[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]

الحلقـــة التامنـــه
من قصص الانبياء

لوط عليه السلام

نبذة:

أرسله الله ليهدي قومه ويدعوهم إلى عبادة الله، وكانوا قوما
ظالمين يأتون الفواحش ويعتدون على الغرباء وكانوا يأتون
الرجال شهوة من دون النساء فلما دعاهم لوط لترك
المنكرات أرادوا أن يخرجوه هو وقومه فلم يؤمن به
غير بعض من آل بيته، أما امرأته فلم تؤمن ولما يئس لوط
دعا الله أن ينجيهم ويهلك المفسدين فجاءت له الملائكة
وأخرجوا لوط ومن آمن به وأهلكوا الآخرين بحجارة مسومة.



[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]


سيرته:

حال قوم لوط:

دعى لوط قومه إلى عبادة الله وحده لا شريك له،
ونهاهم عن كسب السيئات والفواحش. واصطدمت دعوته
بقلوب قاسية وأهواء مريضة ورفض متكبر. وحكموا
على لوط وأهله بالطرد من القرية. فقد كان القوم
الذين بعث إليهم لوط يرتكبون عددا كبيرا من الجرائم البشعة.
كانوا يقطعون الطريق، ويخونون الرفيق، ويتواصون بالإثم،
ولا يتناهون عن منكر، وقد زادوا في سجل جرائمهم جريمة
لم يسبقهم بها أحد من العالمين. كانوا يأتون الرجال
شهوة من دون النساء.



[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]




لقد اختلت المقاييس عند قوم لوط.. فصار الرجال أهدافا
مرغوبة بدلا من النساء، وصار النقاء والطهر جريمة تستوجب الطرد..
كانوا مرضى يرفضون الشفاء ويقاومونه.. ولقد كانت تصرفات قوم لوط
تحزن قلب لوط.. كانوا يرتكبون جريمتهم علانية في ناديهم..
وكانوا إذا دخل المدينة غريب أو مسافر أو ضيف لم ينقذه
من أيديهم أحد.. وكانوا يقولون للوط: استضف أنت النساء
ودع لنا الرجال..




[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]



واستطارت شهرتهم الوبيلة، وجاهدهم لوط جهادا عظيما،
وأقام عليهم حجته، ومرت الأيام والشهور والسنوات،
وهو ماض في دعوته بغير أن يؤمن له أحد..
لم يؤمن به غير أهل بيته.. حتى أهل بيته لم يؤمنوا
به جميعا. كانت زوجته كافرة.
وزاد الأمر بأن قام الكفرة بالاستهزاء برسالة لوط عليه السلام،
فكانوا يقولون: (ائْتِنَا بِعَذَابِ اللَّهِ إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ).
فيئس لوط منهم، ودعا الله أن ينصره ويهلك المفسدين



[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]




ذهاب الملائكة لقوم لوط:

خرج الملائكة من عند إبراهيم قاصدين قرية لوط..
بلغوا أسوار سدوم.. وابنة لوط واقفة تملأ وعاءها من مياه النهر..
رفعت وجهها فشاهدتهم.. فسألها أحد الملائكة: يا جارية..
هل من منزل؟
قالت [وهي تذكر قومها]: مكانكم لا تدخلوا حتى أخبر أبي وآتيكم..
أسرعت نحو أبيها فأخبرته. فهرع لوط يجري نحو الغرباء.
فلم يكد يراهم حتى (سِيءَ بِهِمْ وَضَاقَ بِهِمْ ذَرْعًا وَقَالَ هَـذَا يَوْمٌ عَصِيبٌ)
سألهم: من أين جاءوا؟ .. وما هي وجهتهم؟..
فصمتوا عن إجابته. وسألوه أن يضيفهم..




[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]



استحى منهم وسار أمامهم قليلا ثم توقف والتفت إليهم يقول:
لا أعلم على وجه الأرض أخبث من أهل هذا البلد.
قال كلمته ليصرفهم عن المبيت في القرية، غير أنهم غضوا
النظر عن قوله ولم يعلقوا عليه، وعاد يسير معهم ويلوي
عنق الحديث ويقسره قسرا ويمضي به إلى أهل القرية -
حدثهم أنهم خبثاء.. أنهم يخزون ضيوفهم.. حدثهم أنهم يفسدون
في الأرض. وكان الصراع يجري داخله محاولا التوفيق بين أمرين..
صرف ضيوفه عن المبيت في القرية دون إحراجهم، وبغير إخلال بكرم
الضيافة.. عبثا حاول إفهامهم والتلميح لهم أن يستمروا
في رحلتهم، دون نزول بهذه القرية.



[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]



سقط الليل على المدينة.. صحب لوط ضيوفه إلى بيته..
لم يرهم من أهل المدينة أحد.. لم تكد زوجته تشهد
الضيوف حتى تسللت خارجة بغير أن تشعره. أسرعت إلى قومها
وأخبرتهم الخبر.. وانتشر الخبر مثل النار في الهشيم.
وجاء قوم لوط له مسرعين.. تساءل لوط بينه وبين نفسه:
من الذي أخبرهم؟.. وقف القوم على باب البيت..
خرج إليهم لوط متعلقا بأمل أخير، وبدأ بوعظهم:



[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]



(هَـؤُلاء بَنَاتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ).. قال لهم: أمامكم النساء
-زوجاتكم- هن أطهر.. فهن يلبين الفطرة السوية..
كما أن الخالق -جلّ في علاه- قد هيّئهن لهذا الأمر.
(فَاتَّقُواْ اللّهَ).. يلمس نفوسهم من جانب التقوى بعد أن لمسها
من جانب الفطرة.. اتقوا الله وتذكروا أن الله يسمع ويرى..
ويغضب ويعاقب وأجدر بالعقلاء اتقاء غضبه.
(وَلاَ تُخْزُونِ فِي ضَيْفِي).. هي محاولة يائسة لِلَمْس نخوتهم وتقاليدهم.
و ينبغي عليهم إكرام الضيف لا فضحه.
(أَلَيْسَ مِنكُمْ رَجُلٌ رَّشِيدٌ).. أليس فيكم رجل عاقل؟..
إن ما تريدونه -لو تحقق- هو عين الجنون.



[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]




إلا أن كلمات لوط عليه السلام لم تلمس الفطرة المنحرفة المريضة،
ولا القلب الجامد الميت، ولا العقل المريض الأحمق..
ظلت الفورة الشاذة على اندفاعها.
أحس لوط بضعفه وهو غريب بين القوم.. نازح إليهم من بعيد بغير
عشيرة تحميه، ولا أولاد ذكور يدافعون عنه.. دخل لوط غاضبا
وأغلق باب بيته.. كان الغرباء الذين استضافهم يجلسون هادئين
صامتين.. فدهش لوط من هدوئهم..




[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]




وازدادت ضربات القوم
على الباب.. وصرخ لوط في لحظة يأس خانق:
(قَالَ لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ)
تمنى أن تكون له قوة تصدهم عن ضيفه..
وتمنى لو كان له ركن شديد يحتمي فيه ويأوي إليه.. غاب عن لوط
في شدته وكربته أنه يأوي إلى ركن شديد.. ركن الله الذي لا يتخلى
عن أنبيائه وأوليائه.. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم،
وهو يقرأ هذه الآية: "رحمة الله على لوط..
كان يأوي إلى ركن شديد".




[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]




هلاك قوم لوط:
عندما بلغ الضيق ذروته.. وقال النبي كلمته.. تحرك ضيوفه
ونهضوا فجأة.. أفهموه أنه يأوي إلى ركن شديد..
فقالوا له لا تجزع يا لوط ولا تخف.. نحن ملائكة..
ولن يصل إليك هؤلاء القوم.. ثم نهض جبريل، عليه السلام،
وأشار بيده إشارة سريعة، ففقد القوم أبصارهم.
التفتت الملائكة إلى لوط وأصدروا إليه أمرهم أن يصحب أهله
أثناء الليل ويخرج.. سيسمعون أصواتا مروعة تزلزل الجبال..
لا يلتفت منهم أحد.. كي لا يصيبه ما يصيب القوم.. أي عذاب هذا؟..
هو عذاب من نوع غريب، يكفي لوقوعه بالمرء مجرد النظر إليه..
أفهموه أن امرأته كانت من الغابرين.. امرأته كافرة مثلهم
وستلتفت خلفها فيصيبها ما أصابهم.




[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]



سأل لوط الملائكة: أينزل الله العذاب بهم الآن.. أنبئوه
أن موعدهم مع العذاب هو الصبح..
(أَلَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ)؟
خرج لوط مع بناته وزوجته.. ساروا في الليل وغذوا السير..
واقترب الصبح.. كان لوط قد ابتعد مع أهله.. ثم جاء
أمر الله تعالى.. قال العلماء: اقتلع جبريل، عليه السلام،
بطرف جناحه مدنهم السبع من قرارها البعيد.. رفعها جميعا
إلى عنان السماء حتى سمعت الملائكة أصوات ديكتهم ونباح كلابهم،
قلب المدن السبع وهوى بها في الأرض..
أثناء السقوط كانت السماء تمطرهم بحجارة من الجحيم..



[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]



حجارة صلبة قوية يتبع بعضها بعضا، ومعلمة بأسمائهم،
ومقدرة عليهم.. استمر الجحيم يمطرهم.. وانتهى قوم لوط تماما..
لم يعد هناك أحد.. نكست المدن على رؤوسها، وغارت في
الأرض، حتى انفجر الماء من الأرض.. هلك قوم لوط ومحيت مدنهم.
كان لوط يسمع أصوات مروعة.. وكان يحاذر أن يلتفت خلفه..
نظرت زوجته نحو مصدر الصوت فانتهت.. تهرأ جسدها وتفتت
مثل عمود ساقط من الملح.



[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]



قال العلماء: إن مكان المدن السبع.. بحيرة غريبة..
ماؤها أجاج.. وكثافة الماء أعظم من كثافة مياه البحر الملحة..
وفي هذه البحيرة صخور معدنية ذائبة.. توحي بأن هذه الحجارة
التي ضرب بها قوم لوط كانت شهبا مشعلة. يقال إن البحيرة
الحالية التي نعرفها باسم "البحر الميت" في فلسطين..
هي مدن قوم لوط السابقة.



[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]



انطوت صفحة قوم لوط.. ا
نمحت مدنهم وأسمائهم من الأرض..
سقطوا من ذاكرة الحياة والأحياء.. وطويت صفحة من صفحات
الفساد.. وتوجه لوط إلى إبراهيم.. زار إبراهيم وقص عليه
نبأ قومه.. وأدهشه أن إبراهيم كان يعلم.. ومضى لوط في
دعوته إلى الله.. مثلما مضى الحليم الأواه المنيب إبراهيم
في دعوته إلى الله..
مضى الاثنان ينشران الإسلام في الأرض.




[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]

الماسـه 08-09-2011 02:35 PM

رد: سلسلـة˚◦◦˚◦◦قصص أنبياءالله ˚◦◦˚◦◦عليهـم السلام
 

[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]


الحلقـــة التاسعـ9ـه
من قصص الانبياء


شعيب عليه السلام
نبذة:

أرسل شعيب إلى قوم مدين وكانوا يعبدون الأيكة وكانوا
ينقصون المكيال والميزان ولا يعطون الناس حقهم فدعاهم
إلى عبادة الله وأن يتعاملوا بالعدل ولكنهم أبوا واستكبروا
واستمروا في عنادهم وتوعدوه بالرجم والطرد وطالبوه
بأن ينزل عليهم كسفا من السماء فجاءت الصيحة
وقضت عليهم جميعا.


[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]

سيرته:

دعوة شعيب عليه السلام:
لقد برز في قصة شعيب أن الدين ليس قضية توحيد
وألوهية فقط، بل إنه كذلك أسلوب لحياة الناس..
أرسل الله تعالى شعيبا إلى أهل مدين. فقال شعيب
(يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَـهٍ غَيْرُه)
نفس الدعوة التي يدعوها كل نبي.. لا تختلف من نبي
إلى آخر.. لا تتبدل ولا تتردد. هي أساس العقيدة..



[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]


وبغير هذه الأساس يستحيل أن ينهض بناء.
بعد تبيين هذا الأساس.. بدأ شعيب في توضيح الأمور
الاخرى التي جاءت بها دعوته (وَلاَ تَنقُصُواْ الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ
إِنِّيَ أَرَاكُم بِخَيْرٍ وَإِنِّيَ أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ مُّحِيطٍ)
بعد قضية التوحيد مباشرة.. ينتقل النبي إلى قضية المعاملات
اليومية.. قضية الأمانة والعدالة.. كان أهل مدين ينقصون
المكيال والميزان، ولا يعطون الناس حقهم..



[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]



وهي رذيلة تمس نظافة القلب واليد.. كما تمس كمال المروءة
والشرف، وكان أهل مدين يعتبرون بخس الناس أشياءهم..
نوعا من أنواع المهارة في البيع والشراء.. ودهاء في الأخذ
والعطاء.. ثم جاء نبيهم وأفهمهم أن هذه دناءة وسرقة..
أفهمهم أنه يخاف عليهم بسببها من عذاب يوم محيط..
انظر إلى تدخل الإسلام الذي بعث به شعيب في حياة الناس،
إلى الحد الذي يرقب فيه عملية البيع والشراء. قال:
(وَيَا قَوْمِ أَوْفُواْ الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ وَلاَ تَبْخَسُواْ
النَّاسَ أَشْيَاءهُمْ وَلاَ تَعْثَوْاْ فِي الأَرْضِ مُفْسِدِينَ)


[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]


لم يزل شعيب ماضيا في دعوته.. ها هو ذا يكرر نصحه لهم
بصورة إيجابية بعد صورة النهي السلبية..إنه يوصيهم
أن يوفوا المكيال والميزان بالقسط.. بالعدل والحق..
وهو يحذرهم أن يبخسوا الناس أشيائهم.
لنتدبر معا في التعبير القرآني القائل:
(وَلاَ تَبْخَسُواْ النَّاسَ أَشْيَاءهُمْ) كلمة الشيء تطلق على الأشياء
المادية والمعنوية.. أي أنها ليست مقصورة على البيع والشراء
فقط، بل تدخل فيها الأعمال، أو التصرفات الشخصية.



[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]


ويعني النص تحريم الظلم، سواء كان ظلما في وزن
الفاكهة أو الخضراوات، أو ظلما في تقييم مجهود
الناس وأعمالهم.. ذلك أن ظلم الناس يشيع في جو
الحياة مشاعر من الألم واليأس واللامبالاة، وتكون
النتيجة أن ينهزم الناس من الداخل، وتنهار علاقات
العمل، وتلحقها القيم.. ويشيع الاضطراب في الحياة..


[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]



ولذلك يستكمل النص تحذيره من الإفساد في الأرض:
(وَلاَ تَعْثَوْاْ فِي الأَرْضِ مُفْسِدِينَ) العثو هو تعمد الإفساد
والقصد إليه فلا تفسدوا في الأرض متعمدين قاصدين
(بَقِيَّةُ اللّهِ خَيْرٌ لَّكُمْ).. ما عند الله خير لكم.. (إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ).
بعدها يخلي بينهم وبين الله الذي دعاهم إليه..
ينحي نفسه ويفهمهم أنه لا يملك لهم شيئا..


[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]


ليس موكلا عليهم
ولا حفيظا عليهم ولا حارسا لهم.. إنما هو رسول يبلغهم رسالات ربه:
(وَمَا أَنَاْ عَلَيْكُم بِحَفِيظٍ)
بهذا الأسلوب يشعر شعيب قومه بأن الأمر جد، وخطير،
وثقيل.. إذ بين لهم عاقبة إفسادهم وتركهم أمام
العاقبة وحدهم.


[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]


رد قوم شعيب:

كان هو الذي يتكلم.. وكان قومه يستمعون..
توقف هو عن الكلام وتحدث قومه: (قَالُواْ يَا شُعَيْبُ
أَصَلاَتُكَ تَأْمُرُكَ أَن نَّتْرُكَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا أَوْ أَن نَّفْعَلَ
فِي أَمْوَالِنَا مَا نَشَاء إِنَّكَ لَأَنتَ الْحَلِيمُ الرَّشِيدُ)
كان أهل مدين كفارا يقطعون السبيل، ويخيفون المارة،
ويعبدون الأيكة.. وهي شجرة من الأيك حولها غيضة ملتفة بها..


[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]


وكانوا من أسوأ الناس معاملة، يبخسون المكيال
والميزان ويطففون فيهما، ويأخذون بالزائد ويدفعون
بالناقص.. انظر بعد هذا كله إلى حوارهم مع شعيب:
(قَالُواْ يَا شُعَيْبُ أَصَلاَتُكَ تَأْمُرُكَ أَن نَّتْرُكَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا)... ؟
بهذا التهكم الخفيف والسخرية المندهشة.. واستهوال الأمر..
لقد تجرأت صلاة شعيب وجنت وأمرته أن يأمرهم أن يتركوا
ما كان يعبد آباؤهم..


[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]



ولقد كان آباؤهم يعبدون الأشجار والنباتات..
وصلاة شعيب تأمرهم أن يعبدوا الله وحده.. أي جرأة
من شعيب..؟ أو فلنقل أي جرأة من صلاة شعيب..؟
بهذا المنطق الساخر الهازئ وجه قوم شعيب خطابهم
إلى نبيهم.. ثم عادوا يتساءلون بدهشة ساخرة:
(أَوْ أَن نَّفْعَلَ فِي أَمْوَالِنَا مَا نَشَاء) تخيل يا شعيب
أن صلاتك تتدخل في إرادتنا، وطريقة تصرفنا في أموالنا..
ما هي علاقة الإيمان والصلاة بالمعاملات المادية؟
بهذا التساؤل الذي ظنه قوم شعيب قمة في الذكاء..


[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]


طرحوا أمامه قضية الإيمان، وأنكروا أن تكون لها
علاقة بسلوك الناس وتعاملهم واقتصادهم. هذه
المحاولة للتفريق بين الحياة الاقتصادية والإسلام،
وقد بعث به كل الأنبياء، وإن اختلفت أسماؤه..
هذه المحاولة قديمة من عمر قوم شعيب. لقد أنكروا
أن يتدخل الدين في حياتهم اليومية، وسلوكهم واقتصادهم
وطريقة إنفاقهم لأموالهم بحرية.. إن حرية إنفاق المال
أو إهلاكه أو التصرف فيه شيء لا علاقة له بالدين..


[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]

هذه حرية الإنسان الشخصية.. وهذا ماله الخاص، ما
الذي أقحم الدين على هذا وذاك؟.. هذا هو فهم قوم
شعيب للإسلام الذي جاء به شعيب، وهو لا يختلف كثيرا
أو قليلا عن فهم عديد من الأقوام في زماننا الذي نعيش فيه.
ما للإسلام وسلوك الإنسان الشخصي وحياتهم الاقتصادية وأسلوب
الإنتاج وطرق التوزيع وتصرف الناس في أموالهم كما يشاءون..؟
ما للإسلام وحياتنا اليومية..؟

[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]


ثم يعودون إلى السخرية منه والاستهزاء بدعوته
(إِنَّكَ لَأَنتَ الْحَلِيمُ الرَّشِيدُ) أي لو كنت حليما
رشيدا لما قلت ما تقول.
أدرك شعيب أن قومه يسخرون منه لاستبعادهم تدخل الدين
في الحياة اليومية.. ولذلك تلطف معهم تلطف صاحب الدعوة
الواثق من الحق الذي معه، وتجاوز سخريتهم لا يباليها،
ولا يتوقف عندها، ولا يناقشها.. تجاوز السخرية إلى الجد..


[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]


أفهمهم أنه على بينة من ربه.. إنه نبي يعلم وهو
لا يريد أن يخالفهم إلى ما ينهاهم عنه، إنه لا ينهاهم
عن شيء ليحقق لنفسه نفعا منه، إنه لا ينصحهم بالأمانة
ليخلوا له السوق فيستفيد من التلاعب.. إنه لا يفعل شيئا
من ذلك.. إنما هو نبي.. وها هو ذا يلخص لهم كل دعوات
الأنبياء هذا التلخيص المعجز: (إِنْ أُرِيدُ إِلاَّ الإِصْلاَحَ مَا اسْتَطَعْتُ)
إن ما يريده هو الإصلاح.. هذه هي دعوات الأنبياء في مضمونها
الحقيقي وعمقها البعيد..


[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]


إنهم مصلحون أساسا، مصلحون للعقول،
والقلوب، والحياة العامة، والحياة الخاصة.
بعد أن بين شعيب عليه السلام لقومه أساس دعوته، وما يجب عليهم
الالتزام به، ورأى منهم الاستكبار، حاول إيقاض مشاعرهم بتذكيرهم
بمصير من قبلهم من الأمم، وكيف دمرهم الله بأمر منه. فذكرهم
قوم نوح، وقوم هود، وقوم صالح، وقوم لوط. وأراهم أن سبيل
النجاة هو العودة لله تائبين مستغفرين، فالمولى غفور رحيم.


[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]


تحدي وتهديد القوم لشعيب:

لكن قوم شعيب أعرضوا عنه قائلين:
(قَالُواْ يَا شُعَيْبُ مَا نَفْقَهُ كَثِيرًا مِّمَّا تَقُولُ وَإِنَّا
لَنَرَاكَ فِينَا ضَعِيفًا)
إنه ضعيف بمقياسهم. ضعيف لأن الفقراء
والمساكيهم فقط اتبعوه، أما علية القوم فاستكبروا
وأصروا على طغيانهم. إنه مقياس بشري خاطئ، فالقوة بيد الله،
والله مع أنبياءه. ويستمر الكفرة في تهديهم قائلين:
(وَلَوْلاَ رَهْطُكَ لَرَجَمْنَاكَ وَمَا أَنتَ عَلَيْنَا بِعَزِيزٍ)


[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]


لولا أهلك وقومك ومن يتبعك لحفرنا لك حفرة
وقتلناك ضربا بالحجارة.نرى أنه عندما أقام شعيب
-عليه السلام- الحجة على قومه، غيروا أسلوبهم،
فتحولوا من السخرية إلى التهديد. وأظهروا
حقيقة كرههم له. لكن شعيب تلطف معهم.. تجاوز
عن إساءتهم إليه وسألهم سؤالا كان هدفه إيقاظ عقولهم:
(قَالَ يَا قَوْمِ أَرَهْطِي أَعَزُّ عَلَيْكُم مِّنَ اللّهِ) يا لسذاجة هؤلاء.


[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]


إنهم يسيئون تقدير حقيقة القوى التي تتحكم في الوجود..
إن الله هو وحده العزيز.. والمفروض أن يدركوا ذلك..
المفروض ألا يقيم الإنسان وزنا في الوجود لغير الله..
ولا يخشى في الوجود غير الله.. ولا يعمل حسابا في الوجود
لقوة غير الله .. إن الله هو القاهر فوق عباده.
ويبدو أن قوم شعيب ضاقوا ذرعا بشعيب. فاجتمع رؤساء قومه.
ودخلوا مرحلة جديدة من التهديد.. هددوه أولا بالقتل،



[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]


وها هم أولاء يهددونه بالطرد من قريتهم.. خيروه بين
التشريد، والعودة إلى ديانتهم وملتهم التي تعبد
الأشجار والجمادات.. وأفهمهم شعيب أن مسألة عودته
في ملتهم مسألة لا يمكن حتى التفكير بها فكيف بهم
يسألونه تنفيذها. لقد نجاه الله من ملتهم، فكيف يعود
إليها؟ أنه هو الذي يدعوهم إلى ملة التوحيد..
فكيف يدعونه إلى الشرك والكفر؟ ثم أين تكافؤ الفرص؟


[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]


أنه يدعوهم برفق ولين وحب.. وهم يهددونه بالقوة.
واستمر الصراع بين قوم شعيب ونبيهم.. حمل الدعوة ضده
الرؤساء والكبراء والحكام.. وبدا واضحا أن لا أمل فيهم..
لقد أعرضوا عن الله.. أداروا ظهورهم لله. فنفض شعيب يديه منهم.
لقد هجروا الله، وكذبوا نبيه، واتهموه بأنه مسحور وكاذب..
فليعمل كل واحد.. ولينتظروا جميعا أمر الله.



[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]


هلاك قوم شعيب:

وانتقل الصراع إلى تحد من لون جديد. راحوا يطالبونه
بأن يسقط عليهم كسفا من السماء إن كان من الصادقين..
راحوا يسألونه عن عذاب الله.. أين هو..؟ وكيف هو..؟
ولماذا تأخر..؟ سخروا منه.. وانتظر شعيب أمر الله.
أوحى الله إليه أن يخرج المؤمنين ويخرج معهم من القرية..
وخرج شعيب.. وجاء أمره تعالى:
وَلَمَّا جَاء أَمْرُنَا نَجَّيْنَا شُعَيْبًا وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ بِرَحْمَةٍ
مَّنَّا وَأَخَذَتِ الَّذِينَ ظَلَمُواْ الصَّيْحَةُ فَأَصْبَحُواْ فِي
دِيَارِهِمْ جَاثِمِينَ (94) كَأَن لَّمْ يَغْنَوْاْ فِيهَا أَلاَ بُعْدًا لِّمَدْيَنَ
كَمَا بَعِدَتْ ثَمُودُ (94) (هود)



[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]



هي صيحة واحدة.. صوت جاءهم من غمامة أظلتهم..
ولعلهم فرحوا بما تصوروا أنها تحمله من المطر..
ثم فوجئوا أنهم أمام عذاب عظيم ليوم عظيم..
انتهى الأمر. أدركتهم صيحة جبارة جعلت كل واحد فيهم
يجثم على وجهه في مكانه الذي كان فيه في داره..
صعقت الصيحة كل مخلوق حي.. لم يستطع أن يتحرك
أو يجري أو يختبئ أو ينقذ نفسه.. جثم في مكانه
مصروعا بصيحة.






[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]

الماسـه 08-10-2011 02:46 PM

رد: سلسلـة˚◦◦˚◦◦قصص أنبياءالله ˚◦◦˚◦◦عليهـم السلام
 
[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]


الحلقــــة العاشـــره
من قصص الأنبياء

أيوب عليه السلام
نبذة:

من سلالة سيدنا إبراهيم كان من النبيين الموحى
إليهم، كان أيوب ذا مال وأولاد كثيرين ولكن الله
ابتلاه في هذا كله فزال عنه، وابتلي في جسده
بأنواع البلاء واستمر مرضه 13 أو 18 عاما اعتزله
فيها الناس إلا امرأته صبرت وعملت لكي توفر قوت يومهما
حتى عافاه الله من مرضه وأخلفه في كل ما ابتلي فيه،
ولذلك يضرب المثل بأيوب في صبره وفي بلائه،
روي أن الله يحتج يوم القيامة بأيوب عليه السلام
على أهل البلاء.



[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]


سيرته:
ضربت الأمثال في صبر هذا النبي العظيم. فكلما
ابتلي إنسانا ابتلاء عظيما أوصوه بأن يصبر كصبر
أيوب عليه السلام.. وقد أثنى الله تبارك وتعالى على
عبده أيوب في محكم كتابه (إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِرًا نِعْمَ
الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ) والأوبة هي العودة إلى الله تعالى..



[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]



وقد كان أيوب دائم العودة إلى الله بالذكر والشكر
والصبر. وكان صبره سبب نجاته وسر ثناء الله عليه.
والقرآن يسكت عن نوع مرضه فلا يحدده.. وقد نسجت
الأساطير عديدا من الحكايات حول مرضه..


[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]



مرض أيوب

كثرت الروايات والأساطير التي نسجت حول مرض أيوب،
ودخلت الإسرائيليات في كثير من هذه الروايات.
ونذكر هنا أشهرها:
أن أيوب عليه السلام كان ذا مال وولد كثير،
ففقد ماله وولده، وابتلي في جسده، فلبث في بلائه
ثلاث عشرة سنة, فرفضه القريب والبعيد إلا زوجته
ورجلين من إخوانه.




[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]


وكانت زوجته تخدم الناس بالأجر، لتحضر لأيوب الطعام.
ثم إن الناس توقفوا عن استخدامها، لعلمهم أنها امرأة
أيوب، خوفاً أن ينالهم من بلائه، أو تعديهم بمخالطته.
فلما لم تجد أحداً يستخدمها باعت لبعض بنات الأشراف
إحدى ضفيرتيها بطعام طيب كثير، فأتت به أيوب،
فقال: من أين لك هذا؟ وأنكره، فقالت: خدمت به أناساً،



[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]



فلما كان الغد لم تجد أحداً، فباعت الضفيرة الأخرى
بطعام فأتته به فأنكره أيضاً، وحلف لا يأكله حتى تخبره
من أين لها هذا الطعام؟ فكشفت عن رأسها خمارها،
فلما رأى رأسها محلوقاً، قال في دعائه:
(رب إني مسني الضر وأنت أرحم الراحمين).
وحلف أن يضربها مئة سوط إذا شفى.



[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]


وقيل أن امرأة أيوب أخبرته أنها لقيت طبيبا في الطريق
عرض أن يداوي أيوب إذا رضي أن يقول أنت شفيتي بعد علاجه،
فعرف أيوب أن هذا الطبيب هو إبليس، فغضب وحلف
أن يضربها مئة ضربة.
أما ما كان من أمر صاحبي أيوب، فقد كانا يغدوان
إليه ويروحان, فقال أحدهما للآخر:



[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]



لقد أذنب أيوب ذنبا عظيما وإلا لكشف عنه هذا البلاء,
فذكره الآخر لأيوب, فحزن ودعا الله. ثم خرج لحاجته
وأمسكت امرأته بيده فلما فرغ أبطأت عليه,
فأوحى الله إليه أن اركض برجلك, فضرب برجله الأرض
فنبعت عين فاغتسل منها فرجع صحيحا, فجاءت امرأته
فلم تعرفه, فسألته عن أيوب فقال: إني أنا هو,



[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]



وكان له أندران: أحدهما: للقمح والآخر: للشعير,
فبعث الله له سحابة فأفرغت في أندر القمح الذهب
حتى فاض, وفي أندر الشعير الفضة حتى فاض.
وفي الصحيح أن رسول الله صلى الله لعيه وسلم قال:
"بينما ‏‏أيوب يغتسل عريانا خر عليه رجل جراد
من ذهب فجعل يحثي في ثوبه فناداه ربه يا ‏‏ أيوب ‏
‏ألم أكن أغنيتك عما ترى قال بلى يا رب ولكن
لا غنى لي عن بركتك" (رجل جراد ‏أي جماعة جراد).



[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]


فلما عوفي أمره الله أن يأخذ عرجونا فيه مائة شمراخ
(عود دقيق) فيضربها ضربة واحدة لكي لا يحنث في قسمه
وبذلك يكون قد بر في قسمه. ثم جزى الله -عز وجل-
أيوب -عليه السلام- على صبره بأن آتاه أهله
(فقيل: أحيى الله أبناءه. وقيل: آجره فيمن سلف وعوضه
عنهم في الدنيا بدلهم، وجمع له شمله بكلهم في الدار الآخرة)



[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]


وذكر بعض العلماء أن الله رد على امرأته شبابها حتى ولدت
له ستة وعشرين ولدا ذكرا.
هذه أشهر رواية عن فتنة أيوب وصبره.. ولم يذكر فيها
أي شيء عن تساقط لحمه، وأنه لم يبقى منه إلا العظم والعصب
. فإننا نستبعد أن يكون مرضه منفرا أو مشوها


[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]


كما تقول أساطير القدماء.. نستبعد ذلك لتنافيه
مع منصب النبوة..ويجدر التنبيه بأن دعاء أيوب ربه
(أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ). قد يكون القصد
منه شكوى أيوب -عليه السلام- لربه جرأة الشيطان عليه
وتصوره أنه يستطيع أن يغويه. ولا يعتقد أيوب أن ما به
من مرض قد جاء بسبب الشيطان.


[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]

هذا هو الفهم الذي يليق
بعصمة الأنبياء وكمالهم.
وروى الطبري أن مدة عمره كانت ثلاثا وتسعين سنة فعلى
هذا فيكون عاش بعد أن عوفي عشر سنين , والله أعلم.
وأنه أوصى إلى ولده حومل، وقام بالأمر بعده ولده بشر بن أيوب،
وهو الذي يزعم كثير من الناس أنه ذو الكفل فالله أعلم.





[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]

الماسـه 08-11-2011 03:36 PM

رد: سلسلـة˚◦◦˚◦◦قصص أنبياءالله ˚◦◦˚◦◦عليهـم السلام
 
[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]

الحلقة الحاديــة عشر
من قصص الأنبياء


يونس عليه السلام
نبذة:

أرسله الله إلى قوم نينوى فدعاهم إلى عبادة الله وحده
ولكنهم أبوا واستكبروا فتركهم وتوعدهم بالعذاب
بعد ثلاث ليال فخشوا على أنفسهم فآمنوا فرفع الله عنهم
العذاب، أما يونس فخرج في سفينة وكانوا على وشك
الغرق فاقترعوا لكي يحددوا من سيلقى من الرجال
فوقع ثلاثا على يونس فرمى نفسه في البحر فالتقمه
الحوت وأوحى الله إليه أن لا يأكله فدعا يونس ربه
أن يخرجه من الظلمات فاستجاب الله له وبعثه إلى
مائة ألف أو يزيدون


[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]


سيرته

كان يونس بن متى نبيا كريما أرسله الله إلى قومه فراح يعظهم،
وينصحهم، ويرشدهم إلى الخير، ويذكرهم بيوم القيامة،
ويخوفهم من النار، ويحببهم إلى الجنة، ويأمرهم بالمعروف،
ويدعوهم إلى عبادة الله وحده. وظل ذو النون -يونس عليه السلام-
ينصح قومه فلم يؤمن منهم أحد.
وجاء يوم عليه فأحس باليأس من قومه..


[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]


وامتلأ قلبه بالغضب عليهم لأنهم لا يؤمنون، وخرج غاضبا
وقرر هجرهم ووعدهم بحلول العذاب بهم بعد ثلاثة أيام.
ولا يذكر القرآن أين كان قوم يونس. ولكن المفهوم
أنهم كانوا في بقعة قريبة من البحر. وقال أهل التفسير:
بعث الله يونس عليه السلام إلى أهل (نينوى) من أرض الموصل.
فقاده الغضب إلى شاطىء البحر حيث ركب سفينة مشحونة.
ولم يكن الأمر الإلهي قد صدر له بأن يترك قومه أو ييأس منهم.



[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]


فلما خرج من قريته، وتأكد أهل القرية من نزول العذاب بهم
قذف الله في قلوبهم التوبة والإنابة وندموا على ما كان منهم
إلى نبيهم وصرخوا وتضرعوا إلى الله عز وجل،
وبكى الرجال والنساء والبنون والبنات والأمهات.
وكانوا مائة ألف يزيدون ولا ينقصون. وقد آمنوا
أجمعين. فكشف الله العظيم بحوله وقوته ورأفته ورحمته
عنهم العذاب الذي استحقوه بتكذيبهم.



[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]



أمر السفينة:


أما السفينة التي ركبها يونس، فقد هاج بها البحر،
وارتفع من حولها الموج. وكان هذا علامة عند القوم
بأن من بين الركاب راكباً مغضوباً عليه لأنه ارتكب خطيئة.
وأنه لا بد أن يلقى في الماء لتنجو السفينة من الغرق.
فاقترعوا على من يلقونه من السفينة . فخرج سهم يونس -
وكان معروفاً عندهم بالصلاح- فأعادوا القرعة، فخرج
سهمه ثانية،


[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]



فأعادواها ثالثة، ولكن سهمه خرج بشكل أكيد فألقوه
في البحر -أو ألقى هو نفسه. فالتقمه الحوت لأنه
تخلى عن المهمة التي أرسله الله بها, وترك قومه مغاضباً
قبل أن يأذن الله له. وأحى الله للحوت أن لا يخدش ليونس لحما
ولا يكسر له عظما. واختلف المفسرون في مدة بقاء
يونس في بطن الحوت،
فمنهم من قال أن الحوت التقمه عند الضحى، وأخرجه عند
العشاء. ومنهم من قال انه لبث في بطنه ثلاثة
أيام، ومنهم من قال سبعة.




[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]


يونس في بطن الحوت:

عندما أحس بالضيق في بطن الحوت، في الظلمات
-ظلمة الحوت، وظلمة البحر، وظلمة الليل-
سبح الله واستغفره وذكر أنه كان من الظالمين.
وقال: (لَّا إِلَهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ).
فسمع الله دعاءه واستجاب له. فلفظه الحوت.
(فلولا أنه كان من المسبحين للبث في بطنه إلى يوم يبعثون).
وقد خرج من بطن الحوت سقيماً عارياً على الشاطىء.



[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]



وأنبت الله عليه شجرة القرع. قال بعض العلماء في إنبات
القرع عليه حِكَم جمة. منها أن ورقه في غاية النعومة
وكثير وظليل ولا يقربه ذباب، ويؤكل ثمره من أول طلوعه
إلى آخره نياً ومطبوخاً، وبقشره وببزره أيضاً. وكان هذا
من تدبير الله ولطفه. وفيه نفع كثير وتقوية للدماغ
وغير ذلك. فلما استكمل عافيته رده الله إلى قومه الذين تركهم مغاضباً.



[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]



‏فضل يونس عليه السلام:

لقد وردت أحاديث كثيرة عن فضل يونس عليه السلام،
منها قول النبي‏ ‏صلى الله عليه وسلم: "‏لا ينبغي لعبد
أن يقول أنا خير من ‏‏ يونس بن متى" وقوله عليه
الصلاة والسلام: "من قال أنا خير من ‏‏ يونس بن
متى ‏ ‏فقد كذب".


[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]



ذنب يونس عليه السلام:


نريد الآن أن ننظر فيما يسميه العلماء ذنب يونس.
هل ارتكب يونس ذنبا بالمعنى الحقيقي للذنب؟
وهل يذنب الأنبياء. الجواب أن الأنبياء معصومون..
غير أن هذه العصمة لا تعني أنهم لا يرتكبون أشياء
هي عند الله أمور تستوجب العتاب. المسألة نسبية إذن.




[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]




يقول العارفون بالله: إن حسنات الأبرار سيئات المقربين..
وهذا صحيح. فلننظر إلى فرار يونس من قريته الجاحدة
المعاندة. لو صدر هذا التصرف من أي إنسان صالح غير يونس..
لكان ذلك منه حسنة يثاب عليها. فهو قد فر بدينه
من قوم مجرمين.



[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]



ولكن يونس نبي أرسله الله إليهم.. والمفروض أن يبلغ عن الله
ولا يعبأ بنهاية التبليغ أو ينتظر نتائج الدعوة..
ليس عليه إلا البلاغ.
خروجه من القرية إذن.. في ميزان الأنبياء..
أمر يستوجب تعليم الله تعالى له وعقابه.
إن الله يلقن يونس درسا في الدعوة إليه، ليدعو النبي
إلى الله فقط. هذه حدود مهمته وليس عليه أن يتجاوزها ببصره
أو قلبه ثم يحزن لأن قومه لا يؤمنون.




[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]




ولقد خرج يونس بغير إذن فانظر ماذا وقع لقومه. لقد آمنوا
به بعد خروجه.. ولو أنه مكث فيهم لأدرك ذلك وعرفه واطمأن
قلبه وذهب غضبه.. غير أنه كان متسرعا.. وليس تسرعه هذا
سوى فيض في رغبته أن يؤمن الناس، وإنما اندفع إلى الخروج
كراهية لهم لعدم إيمانهم.. فعاقبه الله وعلمه أن على النبي
أن يدعو لله فحسب. والله يهدي من يشاء






[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]

الماسـه 08-12-2011 02:50 PM

رد: سلسلـة˚◦◦˚◦◦قصص أنبياءالله ˚◦◦˚◦◦عليهـم السلام
 
[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]


الحلقـــة التانيـه عشـــر
من قصص الانبياء


إبراهيم عليه السلام
نبذة:

هو خليل الله، اصطفاه الله برسالته وفضله على كثير
من خلقه، كان إبراهيم يعيش في قوم يعبدون الكواكب،
فلم يكن يرضيه ذلك، وأحس بفطرته أن هناك إلها أعظم
حتى هداه الله واصطفاه برسالته، وأخذ إبراهيم يدعو قومه
لوحدانية الله وعبادته ولكنهم كذبوه وحاولوا إحراقه فأنجاه
الله من بين أيديهم، جعل الله الأنبياء من نسل إبراهيم فولد له
إسماعيل وإسحاق، قام إبراهيم ببناء الكعبة مع إسماعيل.


[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]


سيرته:

منزلة إبراهيم عليه السلام:
هو أحد أولي العزم الخمسة الكبار الذين اخذ الله
منهم ميثاقا غليظا، وهم: نوح وإبراهيم وموسى وعيسى
ومحمد.. بترتيب بعثهم. وهو النبي الذي ابتلاه الله ببلاء
مبين. بلاء فوق قدرة البشر وطاقة الأعصاب. ورغم حدة
الشدة، وعنت البلاء.. كان إبراهيم هو العبد الذي وفى.
وزاد على الوفاء بالإحسان.


[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]



وقد كرم الله تبارك وتعالى إبراهيم تكريما خاصا، فجعل
ملته هي التوحيد الخالص النقي من الشوائب. وجعل
العقل في جانب الذين يتبعون دينه.
وكان من فضل الله على إبراهيم أن جعله الله إماما للناس.
وجعل في ذريته النبوة والكتاب. فكل الأنبياء من بعد
إبراهيم هم من نسله فهم أولاده وأحفاده. حتى إذا جاء
آخر الأنبياء محمد صلى الله عليه وسلم، جاء تحقيقا واستجابة
لدعوة إبراهيم التي دعا الله فيها أن يبعث في الأميين رسولا منهم.



[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]



ولو مضينا نبحث في فضل إبراهيم وتكريم الله له فسوف نمتلئ
بالدهشة. نحن أمام بشر جاء ربه بقلب سليم. إنسان لم يكد
الله يقول له أسلم حتى قال أسلمت لرب العالمين. نبي هو
أول من سمانا المسلمين. نبي كان جدا وأبا لكل أنبياء الله
الذين جاءوا بعده. نبي هادئ متسامح حليم أواه منيب.
يذكر لنا ربنا ذو الجلال والإكرام أمرا آخر أفضل من كل ما سبق.
فيقول الله عز وجل في محكم آياته: (وَاتَّخَذَ اللّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلاً)
لم يرد في كتاب الله ذكر لنبي، اتخذه الله خليلا غير إبراهيم.



[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]




قال العلماء: الخُلَّة هي شدة المحبة. وبذلك تعني الآية:
واتخذ الله إبراهيم حبيبا. فوق هذه القمة الشامخة يجلس
إبراهيم عليه الصلاة والسلام. إن منتهى أمل السالكين،
وغاية هدف المحققين والعارفين بالله.. أن يحبوا الله عز وجل.
أما أن يحلم أحدهم أن يحبه الله، أن يفرده بالحب، أن يختصه
بالخُلَّة وهي شدة المحبة.. فذلك شيء وراء آفاق التصور.
كان إبراهيم هو هذا العبد الرباني الذي استحق أن
يتخذه الله خليلا.



[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]



حال المشركين قبل بعثة إبراهيم:
يتحدث القرآن عن ميلاده أو طفولته، ولا يتوقف عند عصره صراحة،
ولكنه يرسم صورة لجو الحياة في أيامه، فتدب الحياة
في عصره، وترى الناس قد انقسموا ثلاث فئات:
فئة تعبد الأصنام والتماثيل الخشبية والحجرية.
وفئة تعبد الكواكب والنجوم والشمس والقمر.
وفئة تعبد الملوك والحكام.



[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]




نشأة إبراهيم عليه السلام:
وفي هذا الجو ولد إبراهيم. ولد في أسرة من أسر ذلك
الزمان البعيد. لم يكن رب الأسرة كافرا عاديا من عبدة
الأصنام، كان كافرا متميزا يصنع بيديه تماثيل الآلهة.
وقيل أن أباه مات قبل ولادته فرباه عمه، وكان له بمثابة الأب،
وكان إبراهيم يدعوه بلفظ الأبوة، وقيل أن أباه لم يمت
وكان آزر هو والده حقا، وقيل أن آزر اسم صنم اشتهر أبوه
بصناعته.. ومهما يكن من أمر فقد ولد إبراهيم في هذه الأسرة.




[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]




رب الأسرة أعظم نحات يصنع تماثيل الآلهة. ومهنة الأب تضفي
عليه قداسة خاصة في قومه، وتجعل لأسرته كلها مكانا
ممتازا في المجتمع. هي أسرة مرموقة، أسرة من الصفوة الحاكمة.
من هذه الأسرة المقدسة، ولد طفل قدر له أن يقف ضد أسرته
وضد نظام مجتمعه وضد أوهام قومه وضد ظنون الكهنة وضد
العروش القائمة وضد عبدة النجوم والكواكب وضد كل أنواع
الشرك باختصار.



[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]




مرت الأيام.. وكبر إبراهيم.. كان قلبه يمتلأ من طفولته
بكراهية صادقة لهذه التماثيل التي يصنعها والده. لم
يكن يفهم كيف يمكن لإنسان عاقل أن يصنع بيديه تمثالا،
ثم يسجد بعد ذلك لما صنع بيديه. لاحظ إبراهيم إن هذه
التماثيل لا تشرب ولا تأكل ولا تتكلم ولا تستطيع أن تعتدل لو
قلبها أحد على جنبها. كيف يتصور الناس أن هذه
التماثيل تضر وتنفع؟!



[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]




مواجهة عبدة الكواكب والنجوم:
قرر إبراهيم عليه السلام مواجهة عبدة النجوم من قومه،
فأعلن عندما رأى أحد الكواكب في الليل، أن هذا
الكوكب ربه. ويبدو أن قومه اطمأنوا له، وحسبوا أنه
يرفض عبادة التماثيل ويهوى عبادة الكواكب. وكانت
الملاحة حرة بين الوثنيات الثلاث: عبادة التماثيل والنجوم
والملوك. غير أن إبراهيم كان يدخر لقومه مفاجأة مذهلة




[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]




في الصباح. لقد أفل الكوكب الذي التحق بديانته بالأمس.
وإبراهيم لا يحب الآفلين. فعاد إبراهيم في الليلة الثانية
يعلن لقومه أن القمر ربه. لم يكن قومه على درجة كافية
من الذكاء ليدركوا أنه يسخر منهم برفق ولطف وحب.
كيف يعبدون ربا يختفي ثم يظهر. يأفل ثم يشرق. لم يفهم
قومه هذا في المرة الأولى فكرره مع القمر. لكن القمر
كالزهرة كأي كوكب آخر.. يظهر ويختفي.




[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]



فقال إبراهيم عدما أفل القمر
(لَئِن لَّمْ يَهْدِنِي رَبِّي لأكُونَنَّ مِنَ الْقَوْمِ الضَّالِّينَ)
نلاحظ هنا أنه عندما يحدث قومه عن رفضه لألوهية القمر..
فإنه يمزق العقيدة القمرية بهدوء ولطف. كيف يعبد الناس
ربا يختفي ويأفل. (لَئِن لَّمْ يَهْدِنِي رَبِّي) يفهمهم أن له ربا
غير كل ما يعبدون. غير أن اللفتة لا تصل إليهم.
ويعاود إبراهيم محاولته في إقامة الحجة على الفئة
الأولى من قومه.. عبدة الكواكب والنجوم. فيعلن أن الشمس ربه،




[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]



لأنها أكبر من القمر. وما أن غابت الشمس، حتى أعلن براءته
من عبادة النجوم والكواكب. فكلها مغلوقات تأفل. وأنهى جولته
الأولى بتوجيهه وجهه للذي فطر السماوات والأرض حنيفا..
ليس مشركا مثلهم.
استطاعت حجة إبراهيم أن تظهر الحق. وبدأ صراع قومه معه.
لم يسكت عنه عبدة النجوم والكواكب. بدءوا جدالهم
وتخويفهم له وتهديده. ورد إبراهيم عليهم قال:
أَتُحَاجُّونِّي فِي اللّهِ وَقَدْ هَدَانِ وَلاَ أَخَافُ مَا تُشْرِكُونَ بِهِ إِلاَّ أَن يَشَاء
رَبِّي شَيْئًا وَسِعَ رَبِّي كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا أَفَلاَ تَتَذَكَّرُونَ (80) و
َكَيْفَ أَخَافُ مَا أَشْرَكْتُمْ وَلاَ تَخَافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُم بِاللّهِ مَا لَمْ
يُنَزِّلْ بِهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالأَمْنِ إِن كُنتُمْ
تَعْلَمُونَ (81) (الأنعام)



[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]




لا نعرف رهبة الهجوم عليه. ولا حدة الصراع ضده،
ولا أسلوب قومه الذي اتبعه معه لتخويفه. تجاوز
القرآن هذا كله إلى رده هو. كان جدالهم باطلا فأسقطه
القرآن من القصة، وذكر رد إبراهيم المنطقي العاقل.
كيف يخوفونه ولا يخافون هم؟ أي الفريقين أحق بالأمن؟
بعد أن بين إبراهيم عليه السلام حجته لفئة عبدة النجوم
والكواكب، استعد لتبيين حجته لعبدة الأصنام. آتاه الله
الحجة في المرة الأولى كما سيؤتيه الحجة في كل مرة.
سبحانه..




[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]



كان يؤيد إبراهيم ويريه ملكوت السماوات والأرض.
لم يكن معه غير إسلامه حين بدأ صراعه مع عبدة الأصنام.
هذه المرة يأخذ الصراع شكلا أعظم حدة. أبوه في الموضوع..
هذه مهنة الأب وسر مكانته وموضع تصديق القوم..
وهي العبادة التي تتبعها الأغلبية.






يتبــــع>>>>>

الماسـه 08-13-2011 03:05 PM

رد: سلسلـة˚◦◦˚◦◦قصص أنبياءالله ˚◦◦˚◦◦عليهـم السلام
 
مواجهة عبدة الأصنام:
خرج إبراهيم على قومه بدعوته. قال بحسم غاضب وغيرة على الحق:
إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَا هَذِهِ التَّمَاثِيلُ الَّتِي أَنتُمْ لَهَا عَاكِفُونَ (52)
قَالُوا وَجَدْنَا آبَاءنَا لَهَا عَابِدِينَ (53) قَالَ لَقَدْ كُنتُمْ أَنتُمْ
وَآبَاؤُكُمْ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ (54) قَالُوا أَجِئْتَنَا بِالْحَقِّ أَمْ
أَنتَ مِنَ اللَّاعِبِينَ (55) قَالَ بَل رَّبُّكُمْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الَّذِي
فَطَرَهُنَّ وَأَنَا عَلَى ذَلِكُم مِّنَ الشَّاهِدِينَ (الأنبياء)


[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]


انتهى الأمر وبدأ الصراع بين إبراهيم وقومه..
كان أشدهم ذهولا وغضبا هو أباه أو عمه الذي رباه كأب..
واشتبك الأب والابن في الصراع. فصلت بينهما المبادئ فاختلفا..
الابن يقف مع الله، والأب يقف مع الباطل.
قال الأب لابنه: مصيبتي فيك كبيرة يا إبراهيم..
لقد خذلتني وأسأت إلي.


[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]


قال إبراهيم:
يَا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لَا يَسْمَعُ وَلَا يُبْصِرُ وَلَا يُغْنِي عَنكَ شَيْئًا (42)
يَا أَبَتِ إِنِّي قَدْ جَاءنِي مِنَ الْعِلْمِ مَا لَمْ يَأْتِكَ فَاتَّبِعْنِي
أَهْدِكَ صِرَاطًا سَوِيًّا (43) يَا أَبَتِ لَا تَعْبُدِ الشَّيْطَانَ إِنَّ الشَّيْطَانَ
كَانَ لِلرَّحْمَنِ عَصِيًّا (44) يَا أَبَتِ إِنِّي أَخَافُ أَن يَمَسَّكَ عَذَابٌ مِّنَ
الرَّحْمَن فَتَكُونَ لِلشَّيْطَانِ وَلِيًّا (45) (مريم)
انتفض الأب واقفا وهو يرتعش من الغضب. قال لإبراهيم وهو
ثائر إذا لم تتوقف عن دعوتك هذه فسوف أرجمك، سأقتلك ضربا
بالحجارة. هذا جزاء من يقف ضد الآلهة.. اخرج من بيتي..
لا أريد أن أراك.. اخرج.


[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]


انتهى الأمر وأسفر الصراع عن طرد إبراهيم من بيته.
كما أسفر عن تهديده بالقتل رميا بالحجارة. رغم ذلك
تصرف إبراهيم كابن بار ونبي كريم. خاطب أباه بأدب
الأنبياء. قال لأبيه ردا على الإهانات والتجريح والطرد
والتهديد بالقتل:
قَالَ سَلَامٌ عَلَيْكَ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي إِنَّهُ كَانَ بِي حَفِيًّا (47)
وَأَعْتَزِلُكُمْ وَمَا تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ وَأَدْعُو رَبِّي عَسَى
أَلَّا أَكُونَ بِدُعَاء رَبِّي شَقِيًّا (48) (مريم)

[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]


وخرج إبراهيم من بيت أبيه. هجر قومه وما يعبدون
من دون الله. وقرر في نفسه أمرا. كان يعرف أن هناك
احتفالا عظيما يقام على الضفة الأخرى من النهر، وينصرف
الناس جميعا إليه. وانتظر حتى جاء الاحتفال وخلت
المدينة التي يعيش فيها من الناس.
وخرج إبراهيم حذرا وهو يقصد بخطاه المعبد.



[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]


كانت الشوارع المؤدية إلى المعبد خالية. وكان
المعبد نفسه مهجورا. انتقل كل الناس إلى الاحتفال.
دخل إبراهيم المعبد ومعه فأس حادة. نظر إلى تماثيل
الآلهة المنحوتة من الصخر والخشب. نظر إلى الطعام
الذي وضعه الناس أمامها كنذور وهدايا. اقترب إبراهيم
من التماثيل وسألهم: (أَلَا تَأْكُلُونَ) كان يسخر منهم
ويعرف أنهم لا يأكلون. وعاد يسأل التماثيل:
(مَا لَكُمْ لَا تَنطِقُونَ) ثم هوى بفأسه على الآلهة.



[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]


وتحولت الآلهة المعبودة إلى قطع صغيرة من الحجارة
والأخشاب المهشمة.. إلا كبير الأصنام فقد تركه إبراهيم
(لَّهُمْ لَعَلَّهُمْ إِلَيْهِ يَرْجِعُونَ) فيسألونه كيف وقعت الواقعة
وهو حاضر فلم يدفع عن صغار الآلهة! ولعلهم حينئذ
يراجعون القضية كلها، فيرجعون إلى صوابهم.
إلا أن قوم إبراهيم الذين عطّلت الخرافة عقولهم
عن التفكير، وغلّ التقليد أفكارهم عن التأمل والتدبر.
لم يسألوا أنفسهم:

[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]



إن كانت هذه آلهة فكيف وقع لها ما وقع دون أن
تدفع عن أنفسها شيئا؟! وهذا كبيرها كيف لم يدفع
عنها؟! وبدلا من ذلك
(قَالُوا مَن فَعَلَ هَذَا بِآلِهَتِنَا إِنَّهُ لَمِنَ الظَّالِمِينَ).
عندئذ تذكر الذين سمعوا إبراهيم ينكر على أبيه
ومن معه عبادة التماثيل، ويتوعدهم أن يكيد لآلهتهم
بعد انصرافهم عنها!


[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]


فأحضروا إبراهيم عليه السلام، وتجمّع الناس، وسألوه
(أَأَنتَ فَعَلْتَ هَذَا بِآلِهَتِنَا يَا إِبْرَاهِيمُ)؟ فأجابهم إبراهيم
(بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا فَاسْأَلُوهُمْ إِن كَانُوا يَنطِقُونَ)
والتهكم واضح في هذا الجواب الساخر. فلا داعي لتسمية
هذه كذبة من إبراهيم -عليه السلام- والبحث عن تعليلها
بشتى العلل التي اختلف عليها المفسرون. فالأمر
أيسر من هذا بكثير! إنما أراد أن يقول لهم:


[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]



إن هذه التماثيل لا تدري من حطمها إن كنت أنا أم
هذا الصنم الكبير الذي لا يملك مثلها حراكا.
فهي جماد لا إدراك له أصلا. وأنتم كذلك مثلها مسلوبو
الإدراك لا تميزون بين الجائز والمستحيل. فلا تعرفون
إن كنت أنا الذي حطمتها أم أن هذا التمثال هو الذي حطمها!
ويبدو أن هذا التهكم الساخر قد هزهم هزا، وردهم
إلى شيء من التدبر التفكر:
فَرَجَعُوا إِلَى أَنفُسِهِمْ فَقَالُوا إِنَّكُمْ أَنتُمُ الظَّالِمُونَ (64) (الأنبياء)
وكانت بادرة خير أن يستشعروا ما في موقفهم
من سخف، وما في عبادتهم لهذه التماثيل من ظلم.


[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]



وأن تتفتح بصيرتهم لأول مرة فيتدبروا ذلك السخف
الذي يأخذون به أنفسهم، وذلك الظلم الذي هم فيه سادرون.
ولكنها لم تكن إلا ومضة واحدة أعقبها الظلام،
وإلا خفقة واحدة عادت بعدها قلوبهم إلى الخمود:
ثُمَّ نُكِسُوا عَلَى رُؤُوسِهِمْ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا هَؤُلَاء يَنطِقُونَ (الأنبياء)
وحقا كانت الأولى رجعة إلى النفوس، وكانت الثانية
نكسة على الرؤوس؛ كما يقول التعبير القرآني المصور العجيب..

[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]



كانت الأولى حركة في النفس للنظر والتدبر. أما الثانية
فكانت انقلابا على الرأس فلا عقل ولا تفكير. وإلا فإن
قولهم هذا الأخير هو الحجة عليهم. وأية حجة
لإبراهيم أقوى من أن هؤلاء لا ينطقون؟
ومن ثم يجيبهم بعنف وضيق على غير عادته وهو الصبور
الحليم.

[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]



لأن السخف هنا يجاوز صبر الحليم:
قَالَ أَفَتَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنفَعُكُمْ شَيْئًا وَلَا يَضُرُّكُمْ (66)
أُفٍّ لَّكُمْ وَلِمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ (67) (الأنبياء)
وهي قولة يظهر فيها ضيق الصدرن وغيظ النفس، والعجب من
السخف الذي يتجاوز كل مألوف.
عند ذلك أخذتهم العزة بالإثم كما تأخذ الطغاة دائما
حين يفقدون الحجة ويعوزهم الدليل، فيلجأون إلى القوة
الغاشمة والعذاب الغليظ:
قَالُوا حَرِّقُوهُ وَانصُرُوا آلِهَتَكُمْ إِن كُنتُمْ فَاعِلِينَ (68) (الأنبياء)


[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]


نجاة إبراهيم عليه السلام من النار:


وفعلا.. بدأ الاستعداد لإحراق إبراهيم. انتشر النبأ
في المملكة كلها. وجاء الناس من القرى والجبال
والمدن ليشهدوا عقاب الذي تجرأ على الآلهة وحطمها
واعترف بذلك وسخر من الكهنة. وحفروا حفرة عظيمة
ملئوها بالحطب والخشب والأشجار. وأشعلوا فيها النار.
وأحضروا المنجنيق وهو آلة جبارة ليقذفوا إبراهيم
فيها فيسقط في حفرة النار.. ووضعوا إبراهيم بعد
أن قيدوا يديه وقدميه في المنجنيق. واشتعلت النار
في الحفرة وتصاعد اللهب إلى السماء. وكان الناس يقفون
بعيدا عن الحفرة من فرط الحرارة اللاهبة. وأصدر كبير
الكهنة أمره بإطلاق إبراهيم في النار.
جاء جبريل عليه السلام ووقف عند رأس إبراهيم


[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]

وسأله: يا إبراهيم.. ألك حاجة؟

قال إبراهيم: أما إليك فلا.

انطلق المنجنيق ملقيا إبراهيم في حفرة النار.
كانت النار موجودة في مكانها، ولكنها لم تكن
تمارس وظيفتها في الإحراق. فقد أصدر الله جل جلاله
إلى النار أمره بأن تكون (بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ).
أحرقت النار قيوده فقط. وجلس إبراهيم وسطها كأنه
يجلس وسط حديقة. كان يسبّح بحمد ربه ويمجّده.
لم يكن في قلبه مكان خال يمكن أن يمتلئ بالخوف أو
الرهبة أو الجزع.


[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]


كان القلب مليئا بالحب وحده. ومات الخوف. وتلاشت
الرهبة. واستحالت النار إلى سلام بارد يلطف عنه حرارة الجو.
جلس الكهنة والناس يرقبون النار من بعيد. كانت حرارتها
تصل إليهم على الرغم من بعدهم عنها. وظلت النار تشتعل
فترة طويلة حتى ظن الكافرون أنها لن تنطفئ أبدا.
فلما انطفأت فوجئوا بإبراهيم يخرج من الحفرة سليما كما دخل.
ووجهه يتلألأ بالنور والجلال. وثيابه كما هي لم تحترق.
وليس عليه أي أثر للدخان أو الحريق.


[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]


خرج إبراهيم من النار كما لو كان يخرج من حديقة.
وتصاعدت صيحات الدهشة الكافرة. خسروا جولتهم خسارة مريرة وساخرة.
وَأَرَادُوا بِهِ كَيْدًا فَجَعَلْنَاهُمُ الْأَخْسَرِينَ (70) (الأنبياء)
لا يحدثنا القرآن الكريم عن عمر إبراهيم حين حطم أصنام
قومه، لا يحدثنا عن السن التي كلف فيها بالدعوة إلى الله.
ويبدو من استقراء النصوص القديمة أن إبراهيم كان شابا
صغيرا حين فعل ذلك، بدليل قول قومه عنه:
(سَمِعْنَا فَتًى يَذْكُرُهُمْ يُقَالُ لَهُ إِبْرَاهِيمُ).
وكلمة الفتى تطلق على السن التي تسبق العشرين.

[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]


مواجهة عبدة الملوك:

إن زمن اصطفاء الله تعالى لإبراهيم غير محدد في القرآن.
وبالتالي فنحن لا نستطيع أن نقطع فيه بجواب نهائي.
كل ما نستطيع أن نقطع فيه برأي، أن إبراهيم أقام
الحجة على عبدة التماثيل بشكل قاطع، كما أقامها
على عبدة النجوم والكواكب من قبل بشكل حاسم، ولم يبق
إلا أن تقام الحجة على الملوك المتألهين وعبادهم..
وبذلك تقوم الحجة على جميع الكافرين.

[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]



فذهب إبراهيم عليه السلام لملك متألّه كان في زمانه.
وتجاوز القرآن اسم الملك لانعدام أهميته، لكن روي
أن الملك المعاصر لإبراهيم كان يلقب (بالنمرود) وهو ملك
الآراميين بالعراق. كما تجاوز حقيقة مشاعره، كما تجاوز
الحوار الطويل الذي دار بين إبراهيم وبينه. لكن الله تعالى
في كتابه الحكيم أخبرنا الحجة الأولى التي أقامها
إبراهيم عليه السلام على الملك الطاغية، فقال إبراهيم بهدوء:
(رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِـي وَيُمِيتُ)


[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]


قال الملك: (أَنَا أُحْيِـي وَأُمِيتُ) أستطيع أن أحضر رجلا
يسير في الشارع وأقتله، وأستطيع أن أعفو عن محكوم
عليه بالإعدام وأنجيه من الموت.. وبذلك أكون قادرا
على الحياة والموت.
لم يجادل إبراهيم الملك لسذاجة ما يقول. غير أنه
أراد أن يثبت للملك أنه يتوهم في نفسه القدرة وهو في
الحقيقة ليس قادرا. فقال إبراهيم:
(فَإِنَّ اللّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ)


[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]


استمع الملك إلى تحدي إبراهيم صامتا.. فلما انتهى كلام
النبي بهت الملك. أحس بالعجز ولم يستطع أن يجيب.
لقد أثبت له إبراهيم أنه كاذب.. قال له إن الله يأتي
بالشمس من المشرق، فهل يستطيع هو أن يأتي بها من المغرب..
إن للكون نظما وقوانين يمشي طبقا لها.. قوانين خلقها الله
ولا يستطيع أي مخلوق أن يتحكم فيها. ولو كان الملك صادقا
في ادعائه الألوهية فليغير نظام الكون وقوانينه..
ساعتها أحس الملك بالعجز.. وأخرسه التحدي. ولم يعرف ماذا
يقول، ولا كيف يتصرف. انصرف إبراهيم من قصر الملك،
بعد أن بهت الذي كفر.




يتبـــع>>>>>>

الماسـه 08-13-2011 03:21 PM

رد: سلسلـة˚◦◦˚◦◦قصص أنبياءالله ˚◦◦˚◦◦عليهـم السلام
 
هجرة إبراهيم عليه السلام:

انطلقت شهرة إبراهيم في المملكة كلها. تحدث الناس عن معجزته
ونجاته من النار، وتحدث الناس عن موقفه مع الملك وكيف
أخرس الملك فلم يعرف ماذا يقول. واستمر إبراهيم في دعوته
لله تعالى. بذل جهده ليهدي قومه، حاول إقناعهم بكل الوسائل،
ورغم حبه لهم وحرصه عليهم فقد غضب قومه وهجروه،
ولم يؤمن معه من قومه سوى امرأة ورجل واحد. امرأة تسمى سارة،
وقد صارت فيما بعد زوجته، ورجل هو لوط، وقد صار نبيا فيما بعد.
وحين أدرك إبراهيم أن أحدا لن يؤمن بدعوته. قرر الهجرة.
قبل أن يهاجر، دعا والده للإيمان، ثم تبين لإبراهيم أن والده عدو لله،
وأنه لا ينوي الإيمان، فتبرأ منه وقطع علاقته به.
للمرة الثانية في قصص الأنبياء نصادف هذه المفاجأة.



[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]


في قصة نوح كان الأب نبيا والابن كافرا، وفي قصة إبراهيم
كان الأب كافرا والابن نبيا، وفي القصتين نرى المؤمن يعلن
براءته من عدو الله رغم كونه ابنه أو والده، وكأن الله يفهمنا
من خلال القصة أن العلاقة الوحيدة التي ينبغي أن تقوم عليها
الروابط بين الناس، هي علاقة الإيمان لا علاقة الميلاد والدم.
خرج إبراهيم عليه السلام من بلده وبدأ هجرته. سافر إلى مدينة
تدعى أور. ومدينة تسمى حاران. ثم رحل إلى فلسطين ومعه زوجته،
المرأة الوحيدة التي آمنت به. وصحب معه لوطا.. الرجل
الوحيد الذي آمن به.


[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]

بعد فلسطين ذهب إبراهيم إلى مصر. وطوال هذا الوقت وخلال
هذه الرحلات كلها، كان يدعو الناس إلى عبادة الله، ويحارب
في سبيله، ويخدم الضعفاء والفقراء، ويعدل بين الناس،
ويهديهم إلى الحقيقة والحق.
وتأتي بعض الروايات لتبين قصة إبراهيم عليه السلام
وزوجته سارة وموقفهما مع ملك مصر. فتقول:
وصلت الأخبار لملك مصر بوصول رجل لمصر معه أمرأة هي أجمل نساء
الأرض. فطمع بها. وأرسل جنوده ليأتونه بهذه المرأة.
وأمرهم بأن يسألوا عن الرجل الذي معها،


[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]


فإن كان زوجها فليقتلوه. فجاء الوحي لإبراهيم عليه السلام
بذلك. فقال إبراهيم -عليه السلام- لسارة إن سألوك عني
فأنت أختي -أي أخته في الله-، وقال لها ما على هذه الأرض مؤمن
غيري وغيرك -فكل أهل مصر كفرة، ليس فيها موحد لله عز وجل.
فجاء الجنود وسألوا إبراهيم: ما تكون هذه منك؟ قال: أختي.
لنقف هنا قليلا.. قال إبراهيم حينما قال لقومه (إني سقيم)
و (بل فعله كبيرهم هذا فاسألوه) و (هي أختي). كلها كلمات
تحتمل التاويل. لكن مع هذا كان إبراهيم عليه السلام خائفا
جدا من حسابه على هذه الكلمات يوم القايمة. فعندما يذهب
البشر له يوقم القيامة ليدعوا الله أن يبدأ الحساب يقول لهم
لا إني كذب على ربي ثلاث مرات.



[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]

ونجد أن البشر الآن يكذبون أمام الناس من غير استحياء
ولا خوف من خالقهم.لما عرفت سارة أن ملك مصر فاجر ويريدها
له أخذت تدعوا الله قائلة: اللهم إن كنت تعلم أني آمنت بك
وبرسولك وأحصنت فرجي إلا على زوجي فلا تسلط علي الكافر.
فلما أدخلوها عليه. مد يده إليها ليلمسها فشلّ وتجمدت يده
في مكانها، فبدأ بالصراخ لأنه لم يعد يستطيع تحريكها،
وجاء أعوانه لمساعدته لكنهم لم يستطيعوا فعل شيء.
فخافت سارة على نفسها أن يقتلوها بسبب ما فعلته بالملك.
فقالت: يا رب اتركه لا يقتلوني به. فاستجاب الله لدعائها.


[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]


لكن الملك لم يتب وظن أن ما حدث كان أمرا عابرا وذهب.
فهجم عليها مرة أخرى. فشلّ مرة ثانية. فقال: فكيني.
فدعت الله تعالى فَفَكّه. فمد يده ثالثة فشلّ. فقال: فكيني
وأطلقك وأكرمك. فدعت الله سبحانه وتعالى فَفُك. فصرخ الملك
بأعوانه: أبعدوها عني فإنكم لم تأتوني بإنسان بل أتيتموني بشيطان.
فأطلقها وأعطاها شيئا من الذهب، كما أعطاها أَمَةً اسمها "هاجر".
هذه الرواية مشهورة عن دخول إبراهيم -عليه السلام- لمصر.

[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]


وكانت زوجته سارة لا تلد. وكان ملك مصر قد أهداها سيدة
مصرية لتكون في خدمتها، وكان إبراهيم قد صار شيخا،
وابيض شعره من خلال عمر أبيض أنفقه في الدعوة إلى الله،
وفكرت سارة إنها وإبراهيم وحيدان، وهي لا تنجب أولادا،
ماذا لو قدمت له السيدة المصرية لتكون زوجة لزوجها؟
وكان اسم المصرية "هاجر". وهكذا زوجت سارة سيدنا
إبراهيم من هاجر،

[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]



وولدت هاجر ابنها الأول فأطلق والده
عليه اسم "إسماعيل". كان إبراهيم شيخا حين ولدت له
هاجر أول أبنائه إسماعيل.
ولسنا نعرف أبعاد المسافات التي قطعها إبراهيم في رحلته
إلى الله. كان دائما هو المسافر إلى الله. سواء استقر به
المقام في بيته أو حملته خطواته سائحا في الأرض. مسافر
إلى الله يعلم إنها أيام على الأرض وبعدها يجيء الموت
ثم ينفخ في الصور وتقوم قيامة الأموات ويقع البعث.


[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]

إحياء الموتى:

ملأ اليوم الآخر قلب إبراهيم بالسلام والحب واليقين.
وأراد أن يرى يوما كيف يحيي الله عز وجل الموتى.
حكى الله هذا الموقف في سورة (البقرة).. قال تعالى:
وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِـي الْمَوْتَى قَالَ
أَوَلَمْ تُؤْمِن قَالَ بَلَى وَلَـكِن لِّيَطْمَئِنَّ قَلْبِي
لا تكون هذه الرغبة في طمأنينة القلب مع الإيمان
إلا درجة من درجات الحب لله.
قَالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِّنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ ثُمَّ اجْعَلْ عَلَى
كُلِّ جَبَلٍ مِّنْهُنَّ جُزْءًا ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْيًا وَاعْلَمْ أَنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ


[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]


فعل إبراهيم ما أمره به الله. ذبح أربعة من الطير وفرق
أجزاءها على الجبال. ودعاها باسم الله فنهض الريش يلحق
بجناحه، وبحثت الصدور عن رؤوسها، وتطايرت أجزاء
الطير مندفعة نحو الالتحام، والتقت الضلوع بالقلوب،
وسارعت الأجزاء الذبيحة للالتئام،


[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]


ودبت الحياة في الطير،
وجاءت طائرة مسرعة ترمي بنفسها في أحضان إبراهيم.
اعتقد بعض المفسرين إن هذه التجربة كانت حب استطلاع
من إبراهيم. واعتقد بعضهم أنه أراد أن يرى يد ذي
الجلال الخالق وهي تعمل، فلم ير الأسلوب وإن رأى النتيجة.
واعتقد بعض المفسرين أنه اكتفى بما قاله له الله ولم يذبح
الطير. ونعتقد أن هذه التجربة كانت درجة من درجات
الحب قطعها المسافر إلى الله. إبراهيم



[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]

رحلة إبراهيم مع هاجر وإسماعيل لوادي مكة:

استيقظ إبراهيم يوما فأمر زوجته هاجر أن تحمل ابنها
وتستعد لرحلة طويلة. وبعد أيام بدأت رحلة إبراهيم
مع زوجته هاجر ومعهما ابنهما إسماعيل. وكان الطفل
رضيعا لم يفطم بعد. وظل إبراهيم يسير وسط أرض مزروعة
تأتي بعدها صحراء تجيء بعدها جبال. حتى دخل إلى صحراء
الجزيرة العربية، وقصد إبراهيم واديا ليس فيه زرع
ولا ثمر ولا شجر ولا طعام ولا مياه ولا شراب. كان الوادي
يخلو تماما من علامات الحياة. وصل إبراهيم إلى الوادي،
وهبط من فوق ظهر دابته. وأنزل زوجته وابنه وتركهما هناك،
ترك معهما جرابا فيه بعض الطعام، وقليلا من الماء.
ثم استدار وتركهما وسار.


[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]



أسرعت خلفه زوجته وهي تقول له: يا إبراهيم أين
تذهب وتتركنا بهذا الوادي الذي ليس فيه شيء؟
لم يرد عليها سيدنا إبراهيم. ظل يسير. عادت تقول
له ما قالته وهو صامت. أخيرا فهمت أنه لا يتصرف هكذا
من نفسه. أدركت أن الله أمره بذلك وسألته: هل الله أمرك
بهذا؟ قال إبراهيم عليه السلام: نعم.
قالت زوجته المؤمنة العظيمة: لن نضيع ما دام الله معنا
وهو الذي أمرك بهذا. وسار إبراهيم حتى إذا أخفاه
جبل عنهما وقف ورفع يديه الكريمتين إلى السماء
وراح يدعو الله: (رَّبَّنَا إِنِّي أَسْكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ
غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِندَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ).


[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]


لم يكن بيت الله قد أعيد بناؤه بعد، لم تكن الكعبة قد
بنيت، وكانت هناك حكمة عليا في هذه التصرفات الغامضة،
فقد كان إسماعيل الطفل الذي ترك مع أمه في هذا المكان،
كان هذا الطفل هو الذي سيصير مسؤولا مع والده عن بناء
الكعبة فيما بعد. وكانت حكمة الله تقضي أن يمتد العمران
إلى هذا الوادي، وأن يقام فيه بيت الله الذي نتجه جميعا
إليه أثناء الصلاة بوجوهنا.


[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]


ترك إبراهيم زوجته وابنه الرضيع في الصحراء وعاد
راجعا إلى كفاحه في دعوة الله. أرضعت أم إسماعيل ابنها
وأحست بالعطش. كانت الشمس ملتهبة وساخنة وتثير الإحساس
بالعطش. بعد يومين انتهى الماء تماما، وجف لبن الأم.
وأحست هاجر وإسماعيل بالعطش.. كان الطعام قد انتهى
هو الآخر. وبدا الموقف صعبا وحرجا للغاية.

[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]



ماء زمزم:
بدأ إسماعيل يبكي من العطش. وتركته أمه وانطلقت تبحث
عن ماء. راحت تمشي مسرعة حتى وصلت إلى جبل اسمه "الصفا".
فصعدت إليه وراحت تبحث بهما عن بئر أو إنسان أو قافلة.
لم يكن هناك شيء. ونزلت مسرعة من الصفا حتى إذا وصلت
إلى الوادي راحت تسعى سعي الإنسان المجهد حتى جاوزت
الوادي ووصلت إلى جبل "المروة"، فصعدت إليه ونظرت لترى
أحدا لكنها لم تر أحدا. وعادت الأم إلى طفلها فوجدته
يبكي وقد اشتد عطشه. وأسرعت إلى الصفا فوقفت عليه،
وهرولت إلى المروة فنظرت من فوقه. وراحت تذهب وتجيء
سبع مرات بين الجبلين الصغيرين. سبع مرات وهي تذهب وتعود.


[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]


ولهذا يذهب الحجاج سبع مرات ويعودون بين الصفا والمروة
إحياء لذكريات أمهم الأولى ونبيهم العظيم إسماعيل.
عادت هاجر بعد المرة السابعة وهي مجهدة متعبة تلهث.
وجلست بجوار ابنها الذي كان صوته قد بح من البكاء والعطش.
وفي هذه اللحظة اليائسة أدركتها رحمة الله، وضرب إسماعيل
بقدمه الأرض وهو يبكي فانفجرت تحت قدمه بئر زمزم. وفار
الماء من البئر. أنقذت حياتا الطفل والأم. راحت الأم تغرف
بيدها وهي تشكر الله. وشربت وسقت طفلها وبدأت الحياة تدب
في المنطقة. صدق ظنها حين قالت: لن نضيع ما دام الله معنا.
وبدأت بعض القوافل تستقر في المنطقة. وجذب الماء
الذي انفجر من بئر زمزم عديدا من الناس. وبدأ
العمران يبسط أجنحته على المكان.


[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]


الأمر بذبح إسماعيل عليه السلام:

كبر إسماعيل.. وتعلق به قلب إبراهيم.. جاءه العقب
على كبر فأحبه.. وابتلى الله تعالى إبراهيم بلاء عظيما
بسبب هذا الحب. فقد رأى إبراهيم عليه السلام في
المنام أنه يذبح ابنه الوحيد إسماعيل. وإبراهيم
يعمل أن رؤيا الأنبياء وحي.
انظر كيف يختبر الله عباده. تأمل أي نوع من أنواع
الاختبار. نحن أمام نبي قلبه أرحم قلب في الأرض.
اتسع قلبه لحب الله وحب من خلق. جاءه ابن على كبر..
وقد طعن هو في السن ولا أمل هناك في أن ينجب. ثم ها
هو ذا يستسلم للنوم فيرى في المنام أنه يذبح ابنه
وبكره ووحيده الذي ليس له غيره.

[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]


أي نوع من الصراع نشب في نفسه. يخطئ من يظن أن صراعا
لم ينشأ قط. لا يكون بلاء مبينا هذا الموقف الذي يخلو
من الصراع. نشب الصراع في نفس إبراهيم.. صراع أثارته
عاطفة الأبوة الحانية. لكن إبراهيم لم يسأل عن السبب
وراء ذبح ابنه. فليس إبراهيم من يسأل ربه عن أوامره.
فكر إبراهيم في ولده.. ماذا يقول عنه إذا أرقده على
الأرض ليذبحه.. الأفضل أن يقول لولده ليكون ذلك أطيب
لقلبه وأهون عليه من أن يأخذه قهرا ويذبحه قهرا.


[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]


هذا أفضل.. انتهى الأمر وذهب إلى ولده
(قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانظُرْ
مَاذَا تَرَى). انظر إلى تلطفه في إبلاغ ولده، وترك
الأمر لينظر فيه الابن بالطاعة.. إن الأمر مقضي في نظر
إبراهيم لأنه وحي من ربه.. فماذا يرى الابن الكريم في ذلك؟
أجاب إسماعيل: هذا أمر يا أبي فبادر بتنفيذه
(يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِن شَاء اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ).

[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]


تأمل رد الابن.. إنسان يعرف أنه سيذبح فيمتثل للأمر
الإلهي ويقدم المشيئة ويطمئن والده أنه سيجده
(إِن شَاء اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ). هو الصبر على أي حال
وعلى كل حال.. وربما استعذب الابن أن يموت ذبحا بأمر
من الله.. ها هو ذا إبراهيم يكتشف أن ابنه ينافسه في
حب الله. لا نعرف أي مشاعر جاشت في نفس إبراهيم بعد
استسلام ابنه الصابر.


[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]


ينقلنا الحق نقلة خاطفة فإذا إسماعيل راقد على الأرض،
وجهه في الأرض رحمة به كيلا يرى نفسه وهو يذبح. وإذا
إبراهيم يرفع يده بالسكين.. وإذا أمر الله مطاع.
(فَلَمَّا أَسْلَمَا) استخدم القرآن هذا التعبير..
(فَلَمَّا أَسْلَمَا) هذا هو الإسلام الحقيقي.. تعطي كل
شيء، فلا يتبقى منك شيء.
عندئذ فقط.. وفي اللحظة التي كان السكين فيها يتهيأ
لإمضاء أمره.. نادى الله إبراهيم.. انتهى اختباره، وفدى الله
إسماعيل بذبح عظيم - وصار اليوم عيدا لقوم لم يولدوا
بعد، هم المسلمون.


[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]

صارت هذه اللحظات عيدا للمسلمين.
عيدا يذكرهم بمعنى الإسلام الحقيقي الذي كان عليه إبراهيم وإسماعيل.
ومضت قصة إبراهيم. ترك ولده إسماعيل وعاد يضرب في أرض الله
داعيا إليه، خليلا له وحده. ومرت الأيام. كان إبراهيم قد
هاجر من أرض الكلدانيين مسقط رأسه في العراق وعبر الأردن
وسكن في أرض كنعان في البادية. ولم يكن إبراهيم ينسى خلال
دعوته إلى الله أن يسأل عن أخبار لوط مع قومه، وكان لوط أول
من آمن به، وقد أثابه الله بأن بعثه نبيا إلى قوم من الفاجرين العصاة.


[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]

لبشرى بإسحاق:


كان إبراهيم جالس لوحده. في هذه اللحظة، هبطت على
الأرض أقدام ثلاثة من الملائكة: جبريل وإسرافيل وميكائيل.
يتشكلون في صور بشرية من الجمال الخارق. ساروا صامتين.
مهمتهم مزودجة. المرور على إبراهيم وتبشيره. ثم زيارة
قوم لوط ووضع حد لجرائمهم.
سار الملائكة الثلاثة قليلا. ألقى أحدهم حصاة أمام إبراهيم.
رفع إبراهيم رأسه.. تأمل وجوههم.. لا يعرف أحدا فيهم.
بادروه بالتحية. قالوا: سلاما. قال: سلام.

[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]


نهض إبراهيم ورحب بهم. أدخلهم بيته وهو يظن أنهم
ضيوف وغرباء. أجلسهم واطمأن أنهم قد اطمأنوا، ثم
استأذن وخرج. راغ إلى أهله.
نهضت زوجته سارة حين دخل عليها. كانت عجوزا قد ابيض
شعرها ولم يعد يتوهج بالشباب فيها غير وميض الإيمان
الذي يطل من عينيها.
قال إبراهيم لزوجته: زارنا ثلاثة غرباء.

[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]

سألته: من يكونون؟

قال: لا أعرف أحدا فيهم. وجوه غريبة على المكان.
لا ريب أنهم من مكان بعيد، غير أن ملابسهم لا تشي بالسفر
الطويل. أي طعام جاهز لدينا؟قالت: نصف شاة.
قال وهو يهم بالانصراف: نصف شاة.. اذبحي لهم عجلا سمينا.
هم ضيوف وغرباء. ليست معهم دواب أو أحمال أو طعام.
ربما كانوا جوعى وربما كانوا فقراء.


[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]

اختار إبراهيم عجلا سمينا وأمر بذبحه، فذكروا عليه
اسم الله وذبحوه. وبدأ شواء العجل على الحجارة الساخنة.
وأعدت المائدة. ودعا إبراهيم ضيوفه إلى الطعام. أشار
إبراهيم بيده أن يتفضلوا باسم الله، وبدأ هو يأكل ليشجعهم.
كان إبراهيم كريما يعرف أن الله لا يتخلى عن الكرماء وربما
لم يكن في بيته غير هذا العجل، وضيوفه ثلاثة ونصف شاة
يكفيهم ويزيد، غير أنه كان سيدا عظيم الكرم.


[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]


راح إبراهيم يأكل ثم استرق النظر إلى ضيوفه ليطمئن
أنهم يأكلون. لاحظ أن أحدا لا يمد يده إلى الطعام.
قرب إليهم الطعام وقال: ألا تأكلون؟ عاد إلى طعامه
ثم اختلس إليهم نظرة فوجدهم لا يأكلون.. رأى أيديهم
لا تصل إلى الطعام. عندئذ (أَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً). في تقاليد
البادية التي عاش فيها إبراهيم، كان معنى امتناع
الضيوف عن الأكل أنهم يقصدون شرا بصاحب البيت.


[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]

ولاحظ إبراهيم بينه وبين نفسه أكثر من ملاحظة تؤيد غرابة
ضيوفه. لاحظ أنهم دخلوا عليه فجأة. لم يرهم إلا وهم عند
رأسه. لم يكن معهم دواب تحملهم، لم تكن معهم أحمال.
وجوههم غريبة تماما عليه. كانوا مسافرين وليس عليهم
أثر لتراب السفر. ثم ها هو ذا يدعوهم إلى طعامه فيجلسون
إلى المائدة ولا يأكلون. ازداد خوف إبراهيم.


[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]


كان الملائكة يقرءون أفكاره التي تدور في نفسه،
دون أن يشي بها وجهه. قال له أحد الملائكة: (لاَ تَخَفْ).
رفع إبراهيم رأسه وقال بصدق عظيم وبراءة: اعترف
إنني خائف. لقد دعوتكم إلى الطعام ورحبت بكم، ولكنكم
لا تمدون أيديكم إليه.. هل تنوون بي شرا؟
ابتسم أحد الملائكة وقال: نحن لا نأكل يا إبراهيم..
نحن ملائكة الله.. وقد (أُرْسِلْنَا إِلَى قَوْمِ لُوطٍ)
ضحكت زوجة إبراهيم.. كانت قائمة تتابع الحوار بين
زوجها وبينهم، فضحكت.

[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]


التفت إليها أحد الملائكة وبشرها بإسحاق.
صكت العجوز وجهها تعجبا:
قَالَت يَا وَيْلَتَى أَأَلِدُ وَأَنَاْ عَجُوزٌ وَهَـذَا بَعْلِي شَيْخًا
إِنَّ هَـذَا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ (72) (هود)
عاد أحد الملائكة يقول لها:
وَمِن وَرَاء إِسْحَقَ يَعْقُوبَ جاشت المشاعر في قلب إبراهيم
وزوجته. شف جو الحجرة وانسحب خوف إبراهيم واحتل قلبه
نوع من أنواع الفرح الغريب المختلط. كانت زوجته
العاقر تقف هي الأخرى وهي ترتجف. إن بشارة الملائكة
تهز روحها هزا عميقا. إنها عجوز عقيم وزوجها شيخ
كبير. كيف؟! كيف يمكن؟!


[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]


وسط هذا الجو الندي المضطرب تساءل إبراهيم:

أَبَشَّرْتُمُونِي عَلَى أَن مَّسَّنِيَ الْكِبَرُ فَبِمَ تُبَشِّرُونَ (54) (الحجر)

أكان يريد أن يسمع البشارة مرة أخرى؟ أكان يريد
أن يطمئن قلبه ويسمع للمرة الثانية منة الله عليه؟
أكان ما بنفسه شعورا بشريا يريد أن يستوثق؟ ويهتز
بالفرح مرتين بدلا من مرة واحدة؟ أكد له الملائكة أنهم بشروه بالحق.
قَالُواْ بَشَّرْنَاكَ بِالْحَقِّ فَلاَ تَكُن مِّنَ الْقَانِطِينَ (55) (الحجر)
قَالَ وَمَن يَقْنَطُ مِن رَّحْمَةِ رَبِّهِ إِلاَّ الضَّآلُّونَ (الحجر)

[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]


لم يفهم الملائكة إحساسه البشري، فنوه عن أن يكون من
القانطين، وأفهمهم أنه ليس قانطا.. إنما هو الفرح.
لم تكن البشرى شيئا بسيطا في حياة إبراهيم وزوجته.
لم يكن لإبراهيم غير ولد واحد هو إسماعيل، تركه هناك
بعيدا في الجزيرة العربية. ولم تكن زوجته سارة قد
أنجبت خلال عشرتها الطويلة لإبراهيم، وهي التي زوجته
من جاريتها هاجر. ومن هاجر جاء إسماعيل. أما سارة،
فلم يكن لها ولد. وكان حنينها إلى الولد عظيما،

[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]


لم يطفئ مرور الأيام من توهجه. ثم دخلت شيخوختها واحتضر
حلمها ومات. كانت تقول: إنها مشيئة الله عز وجل.
هكذا أراد الله لها. وهكذا أراد لزوجها. ثم ها هي ذي في
مغيب العمر تتلقى البشارة. ستلد غلاما. ليس هذا فحسب،
بشرتها الملائكة بأن ابنها سيكون له ولد تشهد مولده
وتشهد حياته. لقد صبرت طويلا ثم يئست ثم نسيت. ثم
يجيء جزاء الله مفاجأة تمحو هذا كله في لحظة.

[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]


فاضت دموعها وهي تقف. وأحس إبراهيم عليه الصلاة والسلام
بإحساس محير. جاشت نفسه بمشاعر الرحمة والقرب، وعاد
يحس بأنه إزاء نعمة لا يعرف كيف يوفيها حقها من الشكر.
وخرّ إبراهيم ساجدا على وجهه.
انتهى الأمر واستقرت البشرى في ذهنيهما معا. نهض إبراهيم
من سجوده وقد ذهب عنه خوفه، واطمأنت حيرته، وغادره الروع،
وسكنت قلبه البشرى التي حملوها إليه. وتذكر أنهم أرسلوا
إلى قوم لوط. ولوط ابن أخيه النازح معه من مسقط رأسه،

[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]


والساكن على مقربة منه. وإبراهيم يعرف معنى إرسال
الملائكة إلى لوط وقومه. هذا معناه وقوع عذاب مروع.
وطبيعة إبراهيم الرحيمة الودودة لا تجعله يطيق هلاك قوم
في تسليم. ربما رجع قوم لوط وأقلعوا وأسلموا أجابوا رسولهم.
وبدأ إبراهيم يجادل الملائكة في قوم لوط. حدثهم عن احتمال
إيمانهم ورجوعهم عن طريق الفجور، وأفهمه الملائكة أن هؤلاء
قوم مجرمون.


[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]



وأن مهمتهم هي إرسال حجارة من طين مسومة من
عند ربك للمسرفين. وعاد إبراهيم، بعد أن سد الملائكة باب
هذا الحوار، عاد يحدثهم عن المؤمنين من قوم لوط. فقالت
الملائكة: نحن أعلم بمن فيها. ثم أفهموه أن الأمر قد قضي.
وإن مشيئة الله تبارك وتعالى قد اقتضت نفاذ الأمر وهلاك
قوم لوط. أفهموا إبراهيم أن عليه أن يعرض عن هذا الحوار.
ليوفر حلمه ورحمته. لقد جاء أمر ربه. وتقرر عليهم
(عَذَابٌ غَيْرُ مَرْدُودٍ) عذاب لن يرده جدال إبراهيم. كانت كلمة
الملائكة إيذانا بنهاية الجدال.. سكت إبراهيم. وتوجهت
الملائكة لقوم لوط عليه السلام.


سنورد قصة بناء بيت الله تعالى في قصة إسماعيل عليه السلام




[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]

الماسـه 08-14-2011 02:41 PM

رد: سلسلـة˚◦◦˚◦◦قصص أنبياءالله ˚◦◦˚◦◦عليهـم السلام
 

[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]


الحلقـــة التالتــه عشر
من قصص الأنبياء

إسماعيل عليه السلام
نبذة:


هو ابن إبراهيم البكر وولد السيدة هاجر،
سار إبراهيم بهاجر - بأمر من الله - حتى وضعها
وابنها في موضع مكة وتركهما ومعهما قليل من الماء
والتمر ولما نفد الزاد جعلت السيدة هاجر تطوف هنا
وهناك حتى هداها الله إلى ماء زمزم ووفد عليها كثير من
الناس حتى جاء أمر الله لسيدنا إبراهيم ببناء الكعبة ورفع
قواعد البيت، فجعل إسماعيل يأتي بالحجر وإبراهيم يبني
حتى أتما البناء ثم جاء أمر الله بذبح إسماعيل حيث رأى إبراهيم
في منامه أنه يذبح ابنه فعرض عليه ذلك فقال "يا أبت افعل
ما تؤمر ستجدني إن شاء الله من الصابرين" ففداه الله بذبح عظيم،
كان إسماعيل فارسا فهو أول من استأنس الخيل وكان صبورا حليما،
يقال إنه أول من تحدث بالعربية البينة وكان صادق الوعد،
وكان يأمر أهله بالصلاة والزكاة، وكان ينادي بعبادة الله ووحدانيته.



[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]


سيرته:

الاختبار الأول:
ذكر الله في كتابه الكريم، ثلاث مشاهد من حياة إسماعيل
عليه السلام. كل مشهد عبارة عن محنة واختبار لكل من
إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام. أول هذه المشاهد
هو أمر الله سبحانه وتعالى لإبراهيم بترك إسماعيل وأمه
في واد مقفر، لا ماء فيه ولا طعام. فما كان من إبراهيم
عليه السلام إلا الاستجابة لهذا الأمر الرباني. وهذا
بخلاف ما ورد في الإسرائيليات من أن إبراهيم حمل ابنه
وزوجته لوادي مكة لأن سارة -زوجة إبراهيم الأولى-
اضطرته لذلك من شدة غيرتها من هاجر. فالمتأمل لسيرة
إبراهيم عليه السلام، سيجد أنه لم يكن ليتلقّى
أوامره من أحد غير الله.



[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]



أنزل زوجته وابنه وتركهما هناك، ترك معهما جرابا فيه
بعض الطعام، وقليلا من الماء. ثم استدار وتركهما وسار.
أسرعت خلفه زوجته وهي تقول له: يا إبراهيم أين تذهب
وتتركنا بهذا الوادي الذي ليس فيه شيء؟
لم يرد عليها سيدنا إبراهيم وظل يسير.. عادت تقول له
ما قالته وهو صامت.. أخيرا فهمت أنه لا يتصرف هكذا
من نفسه.. أدركت أن الله أمره بذلك فسألته: هل الله أمرك بهذا؟
فقال إبراهيم عليه السلام: نعم.
قالت زوجته المؤمنة العظيمة: لن نضيع ما دام
الله معنا وهو الذي أمرك بهذا.


[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]



وسار إبراهيم حتى إذا
أخفاه جبل عنهما وقف ورفع يديه الكريمتين إلى السماء
وراح يدعو الله:َّبَّنَا إِنِّي أَسْكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ
عِندَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُواْ الصَّلاَةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِّنَ
النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُم مِّنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ (37) (إبراهيم)
لم يكن بيت الله قد أعيد بناؤه بعد، لم تكن الكعبة قد بنيت،
وكانت هناك حكمة عليا في أمر الله سبحانه لإبراهيم، فقد كان
إسماعيل -الطفل الذي تُرِكَ مع أمه في هذا المكان- ووالده من
سيكونان المسؤولان بناء الكعبة فيما بعد.. وكانت حكمة الله تقضي
أن يسكن أحد في هذا الوادي، لميتد إليه العمران.




[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]




بعد أن ترك إبراهيم زوجته وابنه الرضيع في الصحراء
بأيام نفد الماء وانتهى الطعام، وجف لبن الأم..
وأحست هاجر وإسماعيل بالعطش.بدأ إسماعيل يبكي من العطش..
فتركته أمه وانطلقت تبحث عن ماء.. راحت تمشي مسرعة
حتى وصلت إلى جبل اسمه "الصفا".. فصعدت إليه وراحت تبحث
به عن بئر أو إنسان أو قافلة.. لم يكن هناك شيء. ونزلت
مسرعة من الصفا حتى إذا وصلت إلى الوادي راحت تسعى سعي
الإنسان المجهد حتى جاوزت الوادي ووصلت إلى جبل "المروة"،
فصعدت إليه ونظرت لترى أحدا لكنها لم تر أحدا. وعادت الأم
إلى طفلها فوجدته يبكي وقد اشتد عطشه.. وأسرعت إلى الصفا
فوقفت عليه، وهرولت إلى المروة فنظرت من فوقه..




[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]




وراحت تذهب وتجيء سبع مرات بين الجبلين الصغيرين..
سبع مرات وهي تذهب وتعود - ولهذا يذهب الحجاج سبع مرات
ويعودون بين الصفا والمروة إحياء لذكريات أمهم الأولى
ونبيهم العظيم إسماعيل. عادت هاجر بعد المرة السابعة و
هي مجهدة متعبة تلهث.. وجلست بجوار ابنها الذي كان صوته
قد بح من البكاء والعطش.وفي هذه اللحظة اليائسة أدركتها
رحمة الله، وضرب إسماعيل بقدمه الأرض وهو يبكي فانفجرت تحت
قدمه بئر زمزم.. وفار الماء من البئر.. أنقذت حياتا
الطفل والأم.. راحت الأم تغرف بيدها وهي تشكر الله.. وشربت



[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]



وسقت طفلها وبدأت الحياة تدب في المنطقة.. صدق ظنها
حين قالت: لن نضيع ما دام الله معنا.وبدأت بعض القوافل
تستقر في المنطقة.. وجذب الماء الذي انفجر من بئر زمزم
عديدا من الناس.. وبدأ العمران يبسط أجنحته على المكان.
كانت هذه هي المحنة الاولى.. أما المحنة الثانية فهي الذبح.


[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]


الاختبار الثاني:
كبر إسماعيل.. وتعلق به قلب إبراهيم.. جاءه العقب على كبر
فأحبه.. وابتلى الله تعالى إبراهيم بلاء عظيما بسبب هذا الحب.
فقد رأى إبراهيم عليه السلام في المنام أنه يذبح ابنه الوحيد
إسماعيل. وإبراهيم يعمل أن رؤيا الأنبياء وحي.
انظر كيف يختبر الله عباده. تأمل أي نوع من أنواع الاختبار. نحن
أمام نبي قلبه أرحم قلب في الأرض. اتسع قلبه لحب الله وحب من خلق.
جاءه ابن على كبر.. وقد طعن هو في السن ولا أمل هناك في أن ينجب.
ثم ها هو ذا يستسلم للنوم فيرى في المنام أنه يذبح ابنه وبكره
ووحيده الذي ليس له غيره.



[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]


أي نوع من الصراع نشب في نفسه. يخطئ من يظن أن صراعا لم
ينشأ قط. لا يكون بلاء مبينا هذا الموقف الذي يخلو من الصراع.
نشب الصراع في نفس إبراهيم.. صراع أثارته عاطفة الأبوة
الحانية. لكن إبراهيم لم يسأل عن السبب وراء ذبح ابنه.
فليس إبراهيم من يسأل ربه عن أوامره.فكر إبراهيم في ولده..
ماذا يقول عنه إذا أرقده على الأرض ليذبحه.. الأفضل أن يقول
لولده ليكون ذلك أطيب لقلبه وأهون عليه من أن يأخذه قهرا
ويذبحه قهرا. هذا أفضل.. انتهى الأمر وذهب إلى ولده
(قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانظُرْ مَاذَا تَرَى).



[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]


انظر إلى تلطفه في إبلاغ ولده، وترك الأمر لينظر فيه الابن
بالطاعة.. إن الأمر مقضي في نظر إبراهيم لأنه وحي من ربه..
فماذا يرى الابن الكريم في ذلك؟ أجاب إسماعيل: هذا أمر يا
أبي فبادر بتنفيذه (يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِن شَاء
اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ). تأمل رد الابن.. إنسان يعرف أنه
سيذبح فيمتثل للأمر الإلهي ويقدم المشيئة ويطمئن والده أنه
سيجده (إِن شَاء اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ). هو الصبر على أي حال وعلى
كل حال.. وربما استعذب الابن أن يموت ذبحا بأمر من الله..
ها هو ذا إبراهيم يكتشف أن ابنه ينافسه في حب الله. لا نعرف
أي مشاعر جاشت في نفس إبراهيم بعد استسلام ابنه الصابر.
ينقلنا الحق نقلة خاطفة فإذا إسماعيل راقد على الأرض،
وجهه في الأرض رحمة به كيلا يرى نفسه وهو يذبح.


[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]



وإذا إبراهيم يرفع يده بالسكين.. وإذا أمر الله مطاع.
(فَلَمَّا أَسْلَمَا) استخدم القرآن هذا التعبير.. (فَلَمَّا أَسْلَمَا)
هذا هو الإسلام الحقيقي.. تعطي كل شيء، فلا يتبقى منك شيء.
عندئذ فقط.. وفي اللحظة التي كان السكين فيها يتهيأ لإمضاء
أمره.. نادى الله إبراهيم.. انتهى اختباره، وفدى الله إسماعيل
بذبح عظيم - وصار اليوم عيدا لقوم لم يولدوا بعد، هم
المسلمون. صارت هذه اللحظات عيدا للمسلمين. عيدا يذكرهم
بمعنى الإسلام الحقيقي الذي كان عليه إبراهيم وإسماعيل.



[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]



خبر زوجة إسماعيل:
عاش إسماعيل في شبه الجزيرة العربية ما شاء الله له أن يعيش..
روض الخيل واستأنسها واستخدمها، وساعدت مياه زمزم على سكنى
المنطقة وتعميرها. استقرت بها بعض القوافل.. وسكنتها القبائل..
وكبر إسماعيل وتزوج، وزاره إبراهيم فلم يجده في بيته ووجد
امرأته.. سألها عن عيشهم وحالهم، فشكت إليه من الضيق والشدة.
قال لها إبراهيم: إذا جاء زوجك مريه أن يغير عتبة بابه..
فلما جاء إسماعيل، ووصفت له زوجته الرجل.. قال: هذا أبي
وهو يأمرني بفراقك.. الحقي بأهلك.
وتزوج إسماعيل امرأة ثانية.. زارها إبراهيم، يسألها عن حالها،
فحدثته أنهم في نعمة وخير.. وطاب صدر إبراهيم بهذه الزوجة لابنه.


[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]


الاختبار الثالث:
وها نحن الآن أمام الاختبار الثالث.. اختبار لا يمس إبراهيم
وإسماعيل فقط. بل يمس ملايين البشر من بعدهم إلى يوم القيامة..
إنها مهمة أوكلها الله تعالى لهذين النبيين الكريمين.. مهمة بناء
بيت الله تعالى في الأرض.كبر إسماعيل.. وبلغ أشده.. وجاءه إبراهيم
وقال له: يا إسماعيل.. إن الله أمرني بأمر. قال إسماعيل: فاصنع
ما أمرك به ربك.. قال إبراهيم: وتعينني؟ قال: وأعينك. فقال
إبراهيم: فإن الله أمرني أن ابني هنا بيتا. أشار بيده لصحن منخفض هناك.
صدر الأمر ببناء بيت الله الحرام.. هو أول بيت وضع للناس في الأرض..
وهو أول بيت عبد فيه الإنسان ربه.. ولما كان آدم هو أول إنسان هبط
إلى الأرض.. فإليه يرجع فضل بنائه أول مرة.. قال العلماء:



[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]



إن آدم بناه وراح يطوف حوله مثلما يطوف الملائكة حول عرش الله تعالى.
بنى آدم خيمة يعبد فيها الله.. شيء طبيعي أن يبني آدم -بوصفه
نبيا- بيتا لعبادة ربه.. وحفت الرحمة بهذا المكان.. ثم مات
آدم ومرت القرون، وطال عليه العهد فضاع أثر البيت وخفي مكانه..
وها هو ذا إبراهيم يتلقى الأمر ببنائه مرة ثانية.. ليظل في المرة
الثانية قائما إلى يوم القيامة إن شاء الله. وبدأ بناء الكعبة..
هدمت الكعبة في التاريخ أكثر من مرة، وكان بناؤها يعاد في كل مرة..
فهي باقية منذ عهد إبراهيم إلى اليوم.. وحين بعث رسول الله،
صلى الله عليه وسلم، تحقيقا لدعوة إبراهيم.. وجد الرسول الكعبة
حيث بنيت آخر مرة، وقد قصر الجهد بمن بناها فلم يحفر أساسها
كما حفره إبراهيم.



[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]


نفهم من هذا إن إبراهيم وإسماعيل بذلا فيها وحدهما جهدا
استحالت -بعد ذلك- محاكاته على عدد كبير من الرجال..
ولقد صرح الرسول بأنه يحب هدمها وإعادتها إلى أساس إبراهيم،
لولا قرب عهد القوم بالجاهلية، وخشيته أن يفتن الناس هدمها
وبناؤها من جديد.. بناؤها بحيث تصل إلى قواعد إبراهيم وإسماعيل.
أي جهد شاق بذله النبيان الكريمان وحدهما؟ كان عليهما حفر
الأساس لعمق غائر في الأرض، وكان عليهما قطع الحجارة من الجبال
البعيدة والقريبة، ونقلها بعد ذلك، وتسويتها، وبناؤها
وتعليتها.. وكان الأمر يستوجب جهد جيل من الرجال،
ولكنهما بنياها معا.




[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]




لا نعرف كم هو الوقت الذي استغرقه بناء الكعبة، كما نجهل
الوقت الذي استغرقه بناء سفينة نوح، المهم أن سفينة نوح
والكعبة كانتا معا ملاذا للناس ومثوبة وأمنا.. والكعبة
هي سفينة نوح الثابتة على الأرض أبدا.. وهي تنتظر
الراغبين في النجاة من هول الطوفان دائما.
لم يحدثنا الله عن زمن بناء الكعبة.. حدثنا عن أمر أخطر وأجدى..
حدثنا عن تجرد نفسية من كان يبنيها.. ودعائه وهو يبنيها:
وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا
إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (127) رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِن
ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُّسْلِمَةً لَّكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنتَ
التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (128) رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ
آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنتَ العَزِيزُ
الحَكِيمُ (129) (البقرة)




[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]




إن أعظم مسلمين على وجه الأرض يومها يدعوان الله أن يتقبل عملهما،
وأن يجعلهما مسلمين له.. يعرفان أن القلوب بين إصبعين من
أصابع الرحمن. وتبلغ الرحمة بهما أن يسألا الله أن يخرج من
ذريتهما أمة مسلمة له سبحانه.. يريدان أن يزيد عدد العابدين
الموجودين والطائفين والركع السجود. إن دعوة إبراهيم وإسماعيل
تكشف عن اهتمامات القلب المؤمن.. إنه يبني لله بيته، ومع هذا
يشغله أمر العقيدة.. ذلك إيحاء بأن البيت رمز العقيدة. ثم
يدعوان الله أن يريهم أسلوب العبادة الذي يرضاه، وأن يتوب عليهم
فهو التواب الرحيم. بعدها يتجاوز اهتمامها هذا الزمن الذي يعيشان
فيه.. يجاوزانه ويدعوان الله أن يبث رسولا لهؤلاء البشر.



[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]




وتحققت هذه الدعوة الأخيرة.. حين بعث محمد بن عبد الله،
صلى الله عليه وسلم.. تحققت بعد أزمنة وأزمنة
انتهى بناء البيت، وأراد إبراهيم حجرا مميزا، يكون
علامة خاصة يبدأ منها الطواف حول الكعبة.. أمر إبراهيم
إسماعيل أن يأتيه بحجر مميز يختلف عن لون حجارة الكعبة.
سار إسماعيل ملبيا أمر والده.. حين عاد، كان إبراهيم
قد وضع الحجر الأسود في مكانه.. فسأله إسماعيل: من الذي
أحضره إليك يا أبت؟ فأجاب إبراهيم: أحضره جبريل عليه السلام.
انتهى بناء الكعبة.. وبدأ طواف الموحدين والمسلمين حولها..



[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]




ووقف إبراهيم يدعو ربه نفس دعائه من قبل.. أن يجعل أَفْئِدَةً
مِّنَ النَّاسِ تَهْوِي إلى المكان.. انظر إلى التعبير.. إن الهوى
يصور انحدارا لا يقاوم نحو شيء.. وقمة ذلك هوى الكعبة.
من هذه الدعوة ولد الهوى العميق في نفوس المسلمين، رغبة
في زيارة البيت الحرام وصار كل من يزور المسجد الحرام ويعود
إلى بلده..


[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]


يحس أنه يزداد عطشا كلما ازداد ريا منه،
ويعمق حنينه إليه كلما بعد منه، وتجيء أوقات الحج في كل عام..
فينشب الهوى الغامض أظافره في القلب نزوعا إلى رؤية البيت،
وعطشا إلى بئر زمزم.قال تعالى حين جادل المجادلون في إبراهيم وإسماعيل.
مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلاَ نَصْرَانِيًّا وَلَكِن كَانَ حَنِيفًا مُّسْلِمًا
وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (67) (آل عمران)
عليه الصلاة والسلام.. استجاب الله دعاءه.. وكان إبراهيم
أول من سمانا المسلمين.






[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]

الماسـه 08-15-2011 03:15 PM

رد: سلسلـة˚◦◦˚◦◦قصص أنبياءالله ˚◦◦˚◦◦عليهـم السلام
 
[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]

الحلقـــة الرابعة عشر
من قصص الانبيــاء


زكريا عليه السلام

نبذة:

عبد صالح تقي أخذ يدعو للدين الحنيف، كفل مريم العذراء،
دعا الله أن يرزقه ذرية صالحة فوهب له يحيى الذي خلفه
في الدعوة لعبادة الله الواحد القهار.


[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]

سيرته:

امرأة عمران:
في ذلك العصر القديم.. كان هناك نبي.. وعالم عظيم يصلي
بالناس.. كان اسم النبي زكريا عليه السلام.. أما العالم
العظيم الذي اختاره الله للصلاة بالناس، فكان اسمه عمران عليه السلام.
وكان لعمران زوجته لا تلد.. وذات يوم رأت طائرا يطعم ابنه
الطفل في فمه ويسقيه.. ويأخذه تحت جناحه خوفا عليه من البرد..
وذكرها هذا المشهد بنفسها فتمنت على الله أن تلد.. ورفعت يديها
وراحت تدعو خالقها أن يرزقها بطفل..


[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]


واستجابت لها رحمة الله فأحست ذات يوم أنها حامل.. وملأها
الفرح والشكر لله فنذرت ما في بطنها محررا لله.. كان معنى هذا
أنها نذرت لله أن يكون ابنها خادما للمسجد طوال حياته..
يتفرغ لعبادة الله وخدمة بيته.


[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]

ولادة مريم:
وجاء يوم الوضع ووضعت زوجة عمران بنتا، وفوجئت الأم! كانت
تريد ولدا ليكون في خدمة المسجد والعبادة، فلما جاء المولود
أنثى قررت الأم أن تفي بنذرها لله برغم أن الذكر ليس كالأنثى.
سمع الله سبحانه وتعالى دعاء زوجة عمران، والله يسمع ما نقوله،
وما نهمس به لأنفسنا، وما نتمنى أن نقوله ولا نفعله..
يسمع الله هذا كله ويعرفه.. سمع الله زوجة عمران وهي تخبره
أنها قد وضعت بنتا، والله أعلم بما وضعت، الله.. هو وحده الذي
يختار نوع المولود فيخلقه ذكرا أو يخلقه أنثى.. سمع الله زوجة
عمران تسأله أن يحفظ هذه الفتاة التي سمتها مريم، وأن يحفظ
ذريتها من الشيطان الرجيم.


[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]


ويروي الإمام مسلم في صحيحه: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ
حَدَّثَنَا عَبْدُ الأَعْلَى عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ أَبِى
هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ « مَا مِنْ مَوْلُودٍ
يُولَدُ إِلاَّ نَخَسَهُ الشَّيْطَانُ فَيَسْتَهِلُّ صَارِخاً مِنْ نَخْسَةِ الشَّيْطَانِ إِلاَّ
ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ ». ثُمَّ قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ اقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ
(وَإِنِّى أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ).


[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]


كفالة زكريا لمريم:

أثار ميلاد مريم بنت عمران مشكلة صغيرة في بداية الأمر..
كان عمران قد مات قبل ولادة مريم.. وأراد علماء ذلك الزمان
وشيوخه أن يربوا مريم.. كل واحد يتسابق لنيل هذا الشرف..
أن يربي ابنة شيخهم الجليل العالم وصاحب صلاتهم وإمامهم فيها.

قال زكريا: أكفلها أنا.. هي قريبتي.. زوجتي هي خالتها..
وأنا نبي هذه الأمة وأولاكم بها.


[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]

وقال العلماء والشيوخ: ولماذا لا يكفلها أحدنا..؟
لا نستطيع أن نتركك تحصل على هذا الفضل بغير اشتراكنا فيه.
ثم اتفقوا على إجراء قرعة. أي واحد يكسب القرعة هو الذي
يكفل مريم، ويربيها، ويكون له شرف خدمتها، حتى تكبر
هي وهي تخدم المسجد وتتفرغ لعبادة الله، وأجريت القرعة..
وضعت مريم وهي مولودة على الأرض، ووضعت إلى جوارها أقلام
الذين يرغبون في كفالتها، وأحضروا طفلا صغيرا، فأخرج قلم زكريا..
قال زكريا: حكم الله لي بأن أكفلها.


[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]

قال العلماء والشيوخ: لا.. القرعة ثلاث مرات.

وراحوا يفكرون في القرعة الثانية.. حفر كل واحد اسمه
على قلم خشبي، وقالوا: نلقي بأقلامنا في النهر.. من سار
قلمه ضد التيار وحده فهو الغالب.وألقوا أقلامهم في النهر،
فسارت أقلامهم جميعا مع التيار ما عدا قلم زكريا..
سار وحده ضد التيار.. وظن زكريا أنهم سيقتنعون، لكنهم
أصروا على أن تكون القرعة ثلاث مرات. قالوا: نلقي أقلامنا
في النهر.. القلم الذي يسير مع التيار وحده يأخذ مريم.
وألقوا أقلامهم فسارت جميعا ضد التيار ما عدا قلم زكريا.


[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]


وسلموا لزكريا، وأعطوه مريم ليكفلها.. وبدأ زكريا يخدم
مريم، ويربيها ويكرمها حتى كبرت..كان لها مكان خاص
تعيش فيه في المسجد.. كان لها محراب تتعبد فيه..
وكانت لا تغادر مكانها إلا قليلا.. يذهب وقتها كله في
الصلاة والعبادة.. والذكر والشكر والحب لله..
وكان زكريا يزورها أحيانا في المحراب.. وكان يفاجأه
كلما دخل عليها أنه أمام شيء مدهش.. يكون الوقت صيفا فيجد
عندها فاكهة الشتاء.. ويكون الوقت شتاء فيجد عندها فاكهة الصيف.
ويسألها زكريا من أين جاءها هذا الرزق..؟فتجيب مريم:
إنه من عند الله..وتكرر هذا المشهد أكثر من مرة.


[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]


دعاء زكريا ربه:

كان زكريا شيخا عجوزا ضعف عظمه، واشتعل رأسه بالشعر
الأبيض، وأحس أنه لن يعيش طويلا.. وكانت زوجته وهي خالة
مريم عجوزا مثله ولم تلد من قبل في حياتها لأنها عاقر..
وكان زكريا يتمنى أن يكون له ولد يرث علمه ويصير نبيا
ويستطيع أن يهدي قومه ويدعوهم إلى كتاب الله ومغفرته..
وكان زكريا لا يقول أفكاره هذه لأحد.. حتى لزوجته..
ولكن الله تعالى كان يعرفها قبل أن تقال.. ودخل زكريا ذلك
الصباح على مريم في المحراب.. فوجد عندها فاكهة ليس هذا أوانها.
سألها زكريا: (قَالَ يَا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَـذَا)؟!



[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]

مريم: (قَالَتْ هُوَ مِنْ عِندِ اللّهِ إنَّ اللّهَ يَرْزُقُ مَن يَشَاء بِغَيْرِ حِسَابٍ).
قال زكريا في نفسه: سبحان الله.. قادر على كل شيء.. وغرس
الحنين أعلامه في قلبه وتمنى الذرية.. فدعا ربه.
سأل زكريا خالقه بغير أن يرفع صوته أن يرزقه طفلا يرث
النبوة والحكمة والفضل والعلم.. وكان زكريا خائفا أن يضل
القوم من بعده ولم يبعث فيهم نبي.. فرحم الله تعالى زكريا
واستجاب له. فلم يكد زكريا يهمس في قلبه بدعائه لله حتى نادته
الملائكة وهو قائم يصلي في المحراب: (يَا زَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلَامٍ
اسْمُهُ يَحْيَى لَمْ نَجْعَل لَّهُ مِن قَبْلُ سَمِيًّا).


[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]


فوجئ زكريا بهذه البشرى.. أن يكون له ولد لا شبيه له
أو مثيل من قبل.. أحس زكريا من فرط الفرح باضطراب..
تسائل من موضع الدهشة: (قَالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَكَانَتِ
امْرَأَتِي عَاقِرًا وَقَدْ بَلَغْتُ مِنَ الْكِبَرِ عِتِيًّا)
أدهشه أن ينجب
وهو عجوز وامرأته لا تلد..(قَالَ كَذَلِكَ قَالَ رَبُّكَ هُوَ عَلَيَّ
هَيِّنٌ وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِن قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيْئًا)
أفهمته الملائكة أن هذه
مشيئة الله وليس أمام مشيئة الله إلا النفاذ.. وليس هناك شيء
يصعب على الله سبحانه وتعالى.. كل شيء يريده يأمره بالوجود
فيوجد.. وقد خلق الله زكريا نفسه من قبل ولم يكن له وجود..


[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]


وكل شيء يخلقه الله تعالى بمجرد المشيئة (إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا
أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ).امتلأ قلب زكريا بالشكر لله
وحمده وتمجيده.. وسأل ربه أن يجعل له آية أو علامة. فأخبره الله
أنه ستجيء عليه ثلاثة أيام لا يستطيع فيها النطق.. سيجد نفسه
غير قادر على الكلام.. سيكون صحيح المزاج غير معتل.. إذا
حدث له هذا أيقن أن امرأته حامل، وأن معجزة الله قد تحققت..
وعليه ساعتها أن يتحدث إلى الناس عن طريق الإشارة..
وأن يسبح الله كثيرا في الصباح والمساء..


[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]



وخرج زكريا يوما على الناس وقلبه مليء بالشكر..
وأراد أن يكلمهم فاكتشف أن لسانه لا ينطق.. وعرف أن
معجزة الله قد تحققت.. فأومأ إلى قومه أن يسبحوا الله في
الفجر والعشاء.. وراح هو يسبح الله في قلبه.. صلى لله شكرا
على استجابته لدعوته ومنحه يحيي..
ظل زكريا عليه السلام يدعوا إلى ربه حتى جاءت وفاته.
ولم ترد روايات صحيحة عن وفاته عليه السلام. لكن ورايات
كثير -ضعيفة- أوردت قتله على يد جنود الملك الذي قتل يحيى من قبل



[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]

الموت رحمة 08-16-2011 07:23 AM

رد: سلسلـة˚◦◦˚◦◦قصص أنبياءالله ˚◦◦˚◦◦عليهـم السلام
 
السلام عليكم
جزاكي الله كل خير وفي ميزوان حسناتك

الماسـه 08-16-2011 03:33 PM

رد: سلسلـة˚◦◦˚◦◦قصص أنبياءالله ˚◦◦˚◦◦عليهـم السلام
 
[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]



الحلقــة الخامسة عشـر
من قصص الانبياء


يحيى عليه السلام

نبذة:
ابن نبي الله زكريا، ولد استجابة لدعاء زكريا لله
أن يرزقه الذرية الصالحة فجعل آية مولده أن لا يكلم
الناس ثلاث ليال سويا، وقد كان يحيى نبيا وحصورا ومن
الصالحين ، كما كان بارا تقيا ورعا منذ صباه.


[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]



سيرته:
ذكر خبر ولادة يحيى عليه السلام في قصة نبي الله زكريا.
وقد شهد الحق عز وجل له أنه لم يجعل له من قبل شبيها
ولا مثيلا، وهو النبي الذي قال الحق عنه: (وَحَنَانًا مِّن لَّدُنَّا)..
ومثلما أوتي الخضر علما من لدن الله، أوتي يحيي حنانا من
لدن الله، والعلم مفهوم، والحنان هو العلم الشمولي الذي يشيع
في نسيجه حب عميق للكائنات ورحمة بها، كأن الحنان درجة
من درجات الحب الذي ينبع من العلم.
ولقد كان يحيي في الأنبياء نموذجا لا مثيل له في النسك
والزهد والحب الإلهي.. هو النبي الناسك. كان يضيء حبا لكل
الكائنات، وأحبه الناس وأحبته الطيور والوحوش والصحاري
والجبال، ثم أهدرت دمه كلمة حق قالها في بلاط ملك ظالم،
بشأن أمر يتصل براقصة بغي.



[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]



فضل يحيى عليه السلام:
يذكر العلماء فضل يحيي ويوردون لذلك أمثلة كثيرة.
كان يحيي معاصرا لعيسى وقريبه من جهة الأم (ابن خالة أمه)..
وتروي السنة أن يحيي وعيسى التقيا يوما.
فقال عيسى ليحيي: استغفر لي يا يحيي.. أنت خير مني.
قال يحيي: استغفر لي يا عيسى. أنت خير مني.
قال عيسى: بل أنت خير مني.. سلمت على نفسي وسلم الله عليك.
تشير القصة إلى فضل يحيي حين سلم الله عليه يوم ولد ويوم
يموت ويوم يبعث حيا.





[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]




ويقال إن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج على أصحابه يوما
فوجدهم يتذاكرون فضل الأنبياء.
قال قائل: موسى كليم الله.
وقال قائل: عيسى روح الله وكلمته.
وقال قائل: إبراهيم خليل الله.
ومضى الصحابة يتحدثون عن الأنبياء، فتدخل الرسول عليه
الصلاة والسلام حين رآهم لا يذكرون يحيي. أين الشهيد
ابن الشهيد؟ يلبس الوبر ويأكل الشجر مخافة الذنب.
أين يحيي بن زكريا؟



[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]




نشأته:
ولد يحيي عليه السلام.. كان ميلاده معجزة.. فقد جاء
لأبيه زكريا بعد عمر طال حتى يئس الشيخ من الذرية..
وجاء بعد دعوة نقية تحرك بها قلب النبي زكريا.
ولد يحيي عليه السلام فجاءت طفولته غريبة عن دنيا الأطفال..
كان معظم الأطفال يمارسون اللهو، أما هو فكان جادا طوال
الوقت.. كان بعض الأطفال يتسلى بتعذيب الحيوانات، وكان
يحيي يطعم الحيوانات والطيور من طعامه رحمة بها، وحنانا
عليها، ويبقى هو بغير طعام.. أو يأكل من أوراق الشجر أو ثمارها.
وكلما كبر يحيي في السن زاد النور في وجهه وامتلأ قلبه
بالحكمة وحب الله والمعرفة والسلام. وكان يحيي يحب القراءة،




[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]




وكان يقرأ في العلم من طفولته.. فلما صار صبيا نادته
رحمة ربه: (يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا).
صدر الأمر ليحيي وهو صبي أن يأخذ الكتاب بقوة، بمعنى أن
يدرس الكتاب بإحكام، كتاب الشريعة.. رزقه الله الإقبال على
معرفة الشريعة والقضاء بين الناس وهو صبي.. كان أعلم
الناس وأشدهم حكمة في زمانه درس الشريعة دراسة كاملة،
ولهذا السبب آتاه الله الحكم وهو صبي.. كان يحكم بين الناس،
ويبين لهم أسرار الدين، ويعرفهم طريق الصواب ويحذرهم من طريق الخطأ.
وكبر يحيي فزاد علمه، وزادت رحمته، وزاد حنانه بوالديه،
والناس، والمخلوقات، والطيور، والأشجار..






[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]





حتى عم حنانه الدنيا وملأها بالرحمة.. كان يدعو
الناس إلى التوبة من الذنوب، وكان يدعو الله لهم..
ولم يكن هناك إنسان يكره يحيي أو يتمنى له الضرر.
كان محبوبا لحنانه وزكاته وتقواه وعلمه وفضله..
ثم زاد يحيي على ذلك بالتنسك.
وكان يحيي إذا وقف بين الناس ليدعوهم إلى الله أبكاهم
من الحب والخشوع.. وأثر في قلوبهم بصدق الكلمات
وكونها قريبة العهد من الله وعلى عهد الله..
وجاء صباح خرج فيه يحيي على الناس.. امتلأ المسجد
بالناس، ووقف يحيي بن زكريا




[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]





وبدأ يتحدث.. قال:
إن الله عز وجل أمرني بكلمات أعمل بها، وآمركم أن
تعملوا بها.. أن تعبدوا الله وحده بلا شريك.. فمن
أشرك بالله وعبد غيره فهو مثل عبد اشتراه سيده فراح
يعمل ويؤدي ثمن عمله لسيد غير سيده.. أيكم يحب أن
يكون عبده كذلك..؟ وآمركم بالصلاة لأن الله ينظر إلى عبده
وهو يصلي، ما لم يلتفت عن صلاته.. فإذا صليتم فاخشعوا..
وآمركم بالصيام.. فان مثل ذلك كمثل رجل معه صرة من
مسك جميل الرائحة، كلما سار هذا الرجل فاحت منه رائحة
المسك المعطر. وآمركم بذكر الله عز وجل كثيرا، فان مثل
ذلك كمثل رجل طلبه أعداؤه فأسرع لحصن حصين فأغلقه عليه.
. وأعظم الحصون ذكر الله.. ولا نجاة بغير هذا الحصن.



[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]

مواجهة الملك:
كان أحد ملوك ذلك الزمان طاغية ضيق العقل غبي القلب
يستبد برأيه، وكان الفساد منتشرا في بلاطه.. وكان
يسمع أنباء متفرقة عن يحيي فيدهش لأن الناس يحبون
أحدا بهذا القدر، وهو ملك ورغم ذلك لا يحبه أحد.
وكان الملك يريد الزواج من ابنة أخيه، حيث أعجبه جمالها،
وهي أيضا طمعت بالملك، وشجعتها أمها على ذلك. وكانوا
يعلمون أن هذا حرام في دينهم. فأرد الملك أن يأخذ الإذن
من يحيى عليه السلام. فذهبوا يستفتون يحيى ويغرونه
بالأموال ليستثني الملك.



[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]



لم يكن لدى الفتاة أي حرج من الزواج بالحرام،
فلقد كانت بغيّ فاجرة. لكن يحيى عليه السلام أعلن
أمام الناس تحريم زواج البنت من عمّها. حتى يعلم
الناس –إن فعلها الملك- أن هذا انحراف. فغضب
الملك وأسقط في يده، فامتنع عن الزواج.
لكن الفتاة كانت لا تزال طامعة في الملك.



[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]


وفي إحدى
الليالي الفاجرة أخذت البنت تغني وترقص فأرادها
الملك لنفسهن فأبت وقالت: إلا أن تتزوجني. قال:
كيف أتزوجك وقد نهانا يحيى. قالت: ائتني برأس
يحيى مهرا لي. وأغرته إغراء شديدا فأمر في حينه
بإحضار رأس يحيى له.
فذهب الجنود ودخلوا على يحيى وهو يصلي في المحراب.
وقتلوه، وقدموا رأسه على صحن للملك، فقدّم الصحن
إلى هذه البغيّ وتزوجها بالحرام
.

الماسـه 08-17-2011 02:47 PM

رد: سلسلـة˚◦◦˚◦◦قصص أنبياءالله ˚◦◦˚◦◦عليهـم السلام
 
[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]


الحلقــة السادســة عشــر
من قصص الأنبياء


داود عليه السلام

نبذة:

‏‏آتاه الله العلم والحكمة وسخر له الجبال والطير يسبحن معه
وألان له الحديد، كان عبدا خالصا لله شكورا يصوم يوما
ويفطر يوما يقوم نصف الليل وينام ثلثه ويقوم سدسه
وأنزل الله عليه الزبور وقد أوتي ملكا عظيما وأمره
الله أن يحكم بالعدل.



[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]


سيرته:
حال بنو إسرائيل قبل داود:
قبل البدء بقصة داود عليه السلام، لنرى الأوضاع
التي عاشها بنو إسرائل في تلك الفترة.

لقد انفصل الحكم عن الدين..فآخر نبي ملك كان
يوشع بن نون.. أما من بعده فكانت الملوك تسوس بني
إسرائيل وكانت الأنبياء تهديهم. وزاد طغيان بني
إسرائيل، فكانوا يقتلون الأنبياء، نبيا تلو نبي،
فسلط الله عليهم ملوكا منهم ظلمة جبارين، ألوهم وطغوا عليهم.



[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]



وتتالت الهزائم على بني إسرائيل، حتى انهم أضاعوا
التابوت. وكان في التابوت بقية مما ترك آل موسى
وهارون، فقيل أن فيها بقية من الألواح التي أنزلها
الله على موسى، وعصاه، وأمورا آخرى. كان بنو إسرائيل
يأخذون التابوت معهم في معاركهم لتحل عليهم السكينة
ويحققوا النصر. فتشروا وساءت حالهم.



[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]



في هذه الظروف الصعبة، كانت هنالك امرأة حامل تدعو
الله كثيرا أن يرزقها ولدا ذكرا. فولدت غلاما فسمته
أشموئيل.. ومعناه بالعبرانية إسماعيل.. أي سمع الله
دعائي.. فلما ترعرع بعثته إلى المسجد وأسلمته لرجل
صالح ليتعلم منه الخير والعبادة. فكان عنده، فلما
بلغ أشده، بينما هو ذات ليلة نائم: إذا صوت يأتيه
من ناحية المسجد فانتبه مذعورا ظانا أن الشيخ يدعوه.
فهرع أشموئيل إلى يسأله: أدعوتني..؟ فكره الشيخ أن
يفزعه فقال: نعم.. نم.. فنام..
ثم ناداه الصوت مرة ثانية.. وثالثة. وانتبه إلى
جبريل عليه السلام يدعوه: إن ربك بعثك إلى قومك.



[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]



اختيار طالوت ملكا:
ذهب بنو إسرائيل لنبيهم يوما.. سألوه: ألسنا مظلومين؟
قال: بلى..
قالوا: ألسنا مشردين؟
قال: بلى..
قالوا: ابعث لنا ملكا يجمعنا تحت رايته كي نقاتل
في سبيل الله ونستعيد أرضنا ومجدنا.
قال نبيهم وكان أعلم بهم: هل أنتم واثقون من
القتال لو كتب عليكم القتال؟
قالوا: ولماذا لا نقاتل في سبيل الله، وقد طردنا
من ديارنا، وتشرد أبناؤنا، وساء حالنا؟



[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]



قال نبيهم: إن الله اختار لكم طالوت ملكا عليكم.
قالوا: كيف يكون ملكا علينا وهو ليس من أبناء
الأسرة التي يخرج منها الملوك -أبناء يهوذا-
كما أنه ليس غنيا وفينا من هو أغنى منه؟
قال نبيهم: إن الله اختاره، وفضله عليكم بعلمه وقوة جسمه.
قالوا: ما هي آية ملكه؟
قال لهم نبيهم: يسرجع لكم التابوت تجمله الملائكة.



[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]



ووقعت هذه المعجزة.. وعادت إليهم التوراة يوما..
ثم تجهز جيش طالوت، وسار الجيش طويلا حتى أحس
الجنود بالعطش.. قال الملك طالوت لجنوده: سنصادف
نهرا في الطريق، فمن شرب منه فليخرج من الجيش،
ومن لم يذقه وإنما بل ريقه فقط فليبق معي في الجيش..
وجاء النهر فشرب معظم الجنود، وخرجوا من الجيش، وكان
طالوت قد أعد هذا الامتحان ليعرف من يطيعه من الجنود
ومن يعصاه، وليعرف أيهم قوي الإرادة ويتحمل العطش،
وأيهم ضعيف الإرادة ويستسلم بسرعة. لم يبق إلا ثلاثمئة
وثلاثة عشر رجلا، لكن جميعهم من الشجعان.




[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]



كان عدد أفراد جيش طالوت قليلا، وكان جيش العدو
كبيرا وقويا.. فشعر بعض -هؤلاء الصفوة- أنهم أضعف
من جالوت وجيشه وقالوا: كيف نهزم هذا الجيش الجبار..؟
قال المؤمنون من جيش طالوت: النصر ليس بالعدة والعتاد،
إنما النصر من عند الله.. (كَم مِّن فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللّهِ)..
فثبّتوهم
.


[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]


وبرز جالوت في دروعه الحديدية وسلاحه، وهو يطلب أحدا
يبارزه.. وخاف منه جنود طالوت جميعا.. وهنا برز من
جيش طالوت راعي غنم صغير هو داود.. كان داود مؤمنا
بالله، وكان يعلم أن الإيمان بالله هو القوة الحقيقية في
هذا الكون، وأن العبرة ليست بكثرة السلاح، ولا ضخامة
الجسم ومظهر الباطل.



[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]



وكان الملك، قد قال: من يقتل جالوت يصير قائدا
على الجيش ويتزوج ابنتي.. ولم يكن داود يهتم كثيرا
لهذا الإغراء.. كان يريد أن يقتل جالوت لأن جالوت
رجل جبار وظالم ولا يؤمن بالله.. وسمح الملك لداود
أن يبارز جالوت..
وتقدم داود بعصاه وخمسة أحجار ومقلاعه
(وهو نبلة يستخدمها الرعاة).. تقدم جالوت المدجج
بالسلاح والدروع.. وسخر جالوت من داود وأهانه
وضحك منه، ووضع داود حجرا قويا في مقلاعه وطوح به
في الهواء وأطلق الحجر. فأصاب جالوت فقتله. وبدأت
المعركة وانتصر جيش طالوت على جيش جالوت.


[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]



جمع الله الملك والنبوة لداود:
بعد فترة أصبح داود -عليه السلم- ملكا لبني إسرائيل،
فجمع الله على يديه النبوة والملك مرة أخرى.

وتأتي بعض الروايات لتخبرنا بأن طالوت بعد أن اشتهر نجم
داوود أكلت الغيرة قلبه، وحاول قتله، وتستمر الروايات
في نسج مثل هذه الأمور. لكننا لا نود الخوض فيها فليس
لدينا دليل قوي عليها. ما يهمنا هو انتقال الملك بعد
فترة من الزمن إلى داود.


[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]


لقد أكرم الله نبيه الكريم بعدة معجزات. لقد أنزل عليه
الزبور (وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا)، وآتاه جمال الصوت،
فكان عندما يسبّح، تسبح الجبال والطيور معه،
والناس ينظرون. وألان الله في يديه الحديد، حتى قيل أنه
كان يتعامل مع الحديد كما كان الناس يتعاملون مع
الطين والشمع،


[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]


وقد تكون هذه الإلانة بمعنى أنه أول من
عرف أن الحديد ينصهر بالحرارة. فكان يصنع منه الدروع.
كانت الدروع الحديدية التي يصنعها صناع الدروع ثقيلة
ولا تجعل المحارب حرا يستطيع أن يتحرك كما يشاء أو يقاتل
كما يريد. فقام داوود بصناعة نوعية جديدة من الدروع.
درع يتكون من حلقات حديدية تسمح للمحارب بحرية الحركة،
وتحمي جسده من السيوف والفئوس والخناجر.. أفضل من
الدروع الموجودة أيامها..


[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]


وشد الله ملك داود، جعله الله منصورا على أعدائه دائما..
وجعل ملكه قويا عظيما يخيف الأعداء حتى بغير حرب،
وزاد الله من نعمه على داود فأعطاه الحكمة وفصل الخطاب،
أعطاه الله مع النبوة والملك حكمة وقدرة على تمييز الحق
من الباطل ومعرفة الحق ومساندته.. فأصبح نبيا ملكا قاضيا.



[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]



القضايا التي عرضت على داود:
يروي لنا القرآن الكريم بعضا من القضايا التي وردت
على داود -عليه السلام.فلقد جلس داود كعادته يوما يحكم
بين الناس في مشكلاتهم.. وجاءه رجل صاحب حقل ومعه رجل آخر..
وقال له صاحب الحقل: سيدي النبي.. إن غنم هذا الرجل نزلت
حقلي أثناء الليل، وأكلت كل عناقيد العنب التي كانت فيه..
وقد جئت إليك لتحكم لي بالتعويض..
قال داود لصاحب الغنم: هل صحيح أن غنمك أكلت حقل هذا الرجل؟



[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]



قال صاحب الغنم: نعم يا سيدي..
قال داود: لقد حكمت بأن تعطيه غنمك بدلا من الحقل الذي أكلته.
قال سليمان.. وكان الله قد علمه حكمة تضاف إلى ما ورث من
والده: عندي حكم آخر يا أبي..
قال داود: قله يا سليمان..


[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]



قال سليمان: أحكم بأن يأخذ صاحب الغنم حقل هذا الرجل
الذي أكلته الغنم.. ويصلحه له ويزرعه حتى تنمو أشجار
العنب، وأحكم لصاحب الحقل أن يأخذ الغنم ليستفيد من صوفها
ولبنها ويأكل منه، فإذا كبرت عناقيد الغنم وعاد الحقل سليما
كما كان أخذ صاحب الحقل حقله وأعطى صاحب الغنم غنمه..
قال داود: هذا حكم عظيم يا سليمان.. الحمد لله الذي وهبك الحكمة..





[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]


وقد ورد في الصحيح قصة أخرى:
حَدَّثَنِى زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنِى شَبَابَةُ حَدَّثَنِى وَرْقَاءُ عَنْ أ
َبِى الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ صلى الله عليه
وسلم قَالَ « بَيْنَمَا امْرَأَتَانِ مَعَهُمَا ابْنَاهُمَا جَاءَ الذِّئْبُ فَذَهَبَ
بِابْنِ إِحْدَاهُمَا . فَقَالَتْ هَذِهِ لِصَاحِبَتِهَا إِنَّمَا ذَهَبَ بِابْنِكِ أَنْتِ .
وَقَالَتِ الأُخْرَى إِنَّما ذَهَبَ بِابْنِكِ . فَتَحَاكَمَتَا إِلَى دَاوُدَ فَقَضَى بِهِ
لِلْكُبْرَى فَخَرَجَتَا عَلَى سُلَيْمَانَ بْنِ دَاوُدَ عَلَيْهِمَا السَّلاَمُ فَأَخْبَرَتَاهُ
فَقَالَ ائْتُونِى بِالسِّكِّينِ أَشُقُّهُ بَيْنَكُمَا . فَقَالَتِ الصُّغْرَى لاَ يَرْحَمُكَ اللَّهُ
هُوَ ابْنُهَا . فَقَضَى بِهِ لِلصُّغْرَى ». قَالَ قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ وَاللَّهِ إِنْ سَمِعْتُ
بِالسِّكِّينِ قَطُّ إِلاَّ يَوْمَئِذٍ مَا كُنَّا نَقُولُ إِلاَّ الْمُدْيَةَ.



[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]


فتنة داود:
وكان داود رغم قربه من الله وحب الله له، يتعلم دائما من الله،
وقد علمه الله يوما ألا يحكم أبدا إلا إذا استمع لأقوال
الطرفين المتخاصمين.. فيذكر لنا المولى في كتابه الكريم
قضية أخرى عرضت على داود عليه السلام.
جلس داود يوما في محرابه الذي يصلي لله ويتعبد فيه، وكان
إذا دخل حجرته أمر حراسه ألا يسمحوا لأحد بالدخول عليه
أو إزعاجه وهو يصلي.. ثم فوجئ يوما في محرابه بأنه أمام
اثنين من الرجال.. وخاف منهما داود لأنهما دخلا رغم أنه
أمر ألا يدخل عليه أحد. سألهما داود: من أنتما؟



[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]


قال أحد الرجلين: لا تخف يا سيدي.. بيني وبين هذا
الرجل خصومة وقد جئناك لتحكم بيننا بالحق.
سأل داود: ما هي القضية؟ قال الرجل الأول: (إِنَّ هَذَا
أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً وَلِيَ نَعْجَةٌ وَاحِدَةٌ). وقد أخذها
مني. قال أعطها لي وأخذها مني..
وقال داود بغير أن يسمع رأي الطرف الآخر وحجته:
(لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤَالِ نَعْجَتِكَ إِلَى نِعَاجِهِ).. وإن كثيرا
من الشركاء يظلم بعضهم بعضا إلا الذين آمنوا..



[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]



وفوجئ داود باختفاء الرجلين من أمامه.. اختفى الرجلان
كما لو كانا سحابة تبخرت في الجو وأدرك داود أن
الرجلين ملكان أرسلهما الله إليه ليعلماه درسا.. فلا يحكم
بين المتخاصمين من الناس إلا إذا سمع أقوالهم جميعا،
فربما كان صاحب التسع والتسعين نعجة معه الحق..
وخر داود راكعا، وسجد لله، واستغفر ربه..


[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]


نسجت أساطير اليهود قصصا مريبة حول فتنة داود عليه
السلام، وقيل أنه اشتهى امرأة أحد قواد جيشه فأرسله
في معركة يعرف من البداية نهايتها، واستولى على امرأته..
وليس أبعد عن تصرفات داود من هذه القصة المختلقة..
إن إنسانا يتصل قلبه بالله، ويتصل تسبيحه بتسبيح الكائنات
والجمادات، يستحيل عليه أن يرى أو يلاحظ جمالا بشريا محصورا
في وجه امرأة أو جسدها..




[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]



وفاته عليه السلام:
عاد داود يعبد الله ويسبحه حتى مات… كان داود يصوم يوما
ويفطر يوما.. قال رسول الله محمد بن عبد الله صلى الله عليه
وسلم عن داود: "أفضل الصيام صيام داود. كان يصوم يوما
ويفطر يوما. وكان يقرأ الزبور بسبعين صوتا، وكانت له
ركعة من الليل يبكي فيها نفسه ويبكي ببكائه كل شيء
ويشفي بصوته المهموم والمحموم"..




[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]



جاء في الحديث الصحيح أن داود عليه السلام كان شديد
الغيرة على نساءه، فكانت نساءه في قصر، وحول القصر
أسوار، حتى لا يقترب أحد من نساءه. وفي أحد الأيام رأى
النسوة رجلا في صحن القصر، فقالوا: من هذا والله لن رآه
داود ليبطشنّ به. فبلغ الخبر داود -عليه السلام- فقال
للرجل: من أنت؟ وكيف دخلت؟ قال: أنا من لا يقف أمامه
حاجز. قال: أنت ملك الموت. فأذن له فأخذ ملك الموت روحه.


[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]


مات داود عليه السلام وعمره مئة سنة. وشيع جنازته
عشرات الآلاف، فكان محبوبا جدا بين الناس، حتى قيل لم
يمت في بني إسرائيل بعد موسى وهارون أحد كان بنو
إسرائيل أشد جزعا عليه.. منهم على داود.. وآذت الشمس
الناس فدعا سليمان الطير قال: أظلي على داود. فأظلته
حتى أظلمت عليه الأرض. وسكنت الريح. وقال سليمان للطير:
أظلي الناس من ناحية الشمس وتنحي من ناحية الريح.
وأطاعت الطير. فكان ذلك أول ما رآه الناس من ملك سليمان





[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]

الماسـه 08-18-2011 06:06 PM

رد: سلسلـة˚◦◦˚◦◦قصص أنبياءالله ˚◦◦˚◦◦عليهـم السلام
 
[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]


الحلقــة السابعة عشر
من قصص الأنبياء


عيسى عليه السلام

نبذة:

مثل عيسى مثل آدم خلقه الله من تراب وقال
له كن فيكون، هو عيسى بن مريم رسول الله
وكلمته ألقاها إلى مريم، وهو الذي بشر
بالنبي محمد، آتاه الله البينات وأيده
بروح القدس وكان وجيها في الدنيا والآخرة
ومن المقربين، كلم الناس في المهد وكهلا
وكان يخلق من الطين كهيئة الطير فينفخ
فيها فتكون طيرا، ويبرئ الأكمه والأبرص
ويخرج الموتى كل بإذن الله، دعا المسيح قومه
لعبادة الله الواحد الأحد ولكنهم أبوا
واستكبروا وعارضوه، ولم يؤمن به سوى بسطاء
قومه، رفعه الله إلى السماء وسيهبط حينما يشاء
الله إلى الأرض ليكون شهيدا على الناس.


[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]



سيرته:
الحديث عن نبي الله عيسى عليه السلام،
يستدعي الحديث عن أمه مريم، بل وعن
ذرية آل عمران هذه الذرية التي اصطفاها
الله تعالى واختارها، كما اختار آدم ونوحا
وآل إبراهيم على العالمين.
آل عمران أسرة كريمة مكونة من عمران
والد مريم، وامرأة عمران أم مريم، ومريم،
وعيسى عليه السلام؛ فعمران جد عيسى لأمه،
وامرأة عمران جدته لأمه،




[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]




وكان عمران صاحب
صلاة بني إسرائيل في زمانه، وكانت زوجته
امرأة عمران امرأة صالحة كذلك، وكانت لا تلد،
فدعت الله تعالى أن يرزقها ولدا، ونذرت أن
تجعله مفرغا للعبادة ولخدمة بيت المقدس،
فاستجاب الله دعاءها، ولكن شاء الله أن تلد أنثى
هي مريم، وجعل الله تعالى كفالتها ورعايتها إلى
زكريا عليه السلام، وهو زوج خالتها، وإنما
قدر الله ذلك لتقتبس منه علما نافعا، وعملا صالحا.




[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]



كانت مريم مثالا للعبادة والتقوى، وأسبغ
الله تعالى عليها فضله ونعمه مما لفت أنظار
الآخرين، فكان زكريا عليه السلام كلما دخل
عليها المحراب وجد عندها رزقا، فيسألها
من أين لك هذا، فتجيب: (قَالَتْ هُوَ مِنْ عِندِ
اللّهِ إنَّ اللّهَ يَرْزُقُ مَن يَشَاء بِغَيْرِ حِسَابٍ).



[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]



كل ذلك إنما كان تمهيدا للمعجزة العظمى؛
حيث ولد عيسى عليه السلام من هذه المرأة
الطاهرة النقية، دون أن يكون له
أب كسائر الخلق، واستمع إلى بداية القصة
كما أوردها القرآن الكريم، قال تعالى:
وَإِذْ قَالَتِ الْمَلاَئِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللّهَ اصْطَفَاكِ
وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاء الْعَالَمِينَ (42)
(آل عمران)


[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]


بهذه الكلمات البسيطة فهمت مريم أن الله
يختارها، ويطهرها ويختارها ويجعلها على
رأس نساء الوجود.. هذا الوجود، والوجود
الذي لم يخلق بعد.. هي أعظم فتاة في
الدنيا وبعد قيامة الأموات وخلق الآخرة..
وعادت الملائكة تتحدث:
يَا مَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَاسْجُدِي وَارْكَعِي
مَعَ الرَّاكِعِينَ (43) (آل عمران)



[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]


ولادة عيسى عليه السلام:
كان الأمر الصادر بعد البشارة أن تزيد
من خشوعها، وسجودها وركوعها لله.. وملأ قلب
مريم إحساس مفاجئ بأن شيئا عظيما يوشك
أن يقع.. ويروي الله تعالى في القرآن الكريم
قصة ولادة عيسى عليه السلام فيقول:
وَاذكُر فِى الكِتَابِ مَريَمَ إِذِ انتَبَذَت مِن أَهلِهَا
مَكَاناً شَرقِياً (16) فَاتخَذَت مِن دُونِهِم حِجَاباً
فَأَرسَلنَا إِلَيهَا رُوحَنَا فَتَمَثلَ لَهَا بَشَراً سَوِياً
(17) قَالَت إِني أَعُوذُ بِالرحمَـنِ مِنكَ إِن كُنتَ تَقِياً
(18) قَالَ إِنمَا أَنَا رَسُولُ رَبكِ لأهَبَ لَكِ غُلاماً زَكِياً
(19) قَالَت أنى يَكُونُ لِى غُلامٌ وَلَم يَمسَسنِى بَشَرٌ
وَلَم أَكُ بَغِياً (20) قَالَ كَذلِكَ قَالَ رَبكَ هُوَ عَلَى
هَينٌ وَلِنَجعَلَهُ ءايَةً للناسِ وَرَحمَةً منا وَكَانَ
أَمراً مقضِياً (21) (مريم)


[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]


جاء جبريل –عليه السلام- لمريم وهي في
المحراب على صورة بشر في غاية الجمال.
فخافت مريم وقالت: (إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَن
مِنكَ إِن كُنتَ تَقِيًّا) أرادت أن تحتمي في الله..
وسألته هل هو إنسان طيب يعرف الله ويتقيه.
فجاء جوابه ليطمئنها بأنه يخاف الله ويتقيه:
(قَالَ إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلَامًا زَكِيًّا)


[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]


اطمئنت مريم للغريب، لكن سرعان ما تذكّرت
ما قاله (لِأَهَبَ لَكِ غُلَامًا زَكِيًّا) استغربت
مريم العذراء من ذلك.. فلم يمسسها بشر
من قبل.. ولم تتزوج، ولم يخطبها أحد،
كيف تنجب بغير زواج!! فقالت لرسول ربّها:
(أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا)


[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]


قال الروح الأمين: (كَذَلِكِ قَالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَيَّ
هَيِّنٌ وَلِنَجْعَلَهُ آيَةً لِلنَّاسِ وَرَحْمَةً مِّنَّا وَكَانَ
أَمْرًا مَّقْضِيًّا)
استقبل عقل مريم كلمات الروح الأمين..
ألم يقل لها إن هذا هو أمر الله ..؟ وكل شيء
ينفذ إذا أمر الله.. ثم أي غرابة في أن تلد
بغير أن يمسسها بشر..؟ لقد خلق الله سبحانه
وتعالى آدم من غير أب أو أم، لم يكن هناك
ذكر وأنثى قبل خلق آدم. وخلقت حواء من
آدم فهي قد خلقت من ذكر بغير أنثى..



[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]



ويخلق ابنها من غير أب.. يخلق من أنثى
بغير ذكر.. والعادة أن يخلق الإنسان من ذكر
وأنثى.. العادة أن يكون له أب وأم..
لكن المعجزة تقع عندما يريد الله تعالى أن تقع..
عاد جبريل عليه السلام يتحدث:
(إِنَّ اللّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِّنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى
ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهًا فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ
(45) وَيُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلاً وَمِنَ الصَّالِحِينَ)


[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]



زادت دهشة مريم.. قبل أن تحمله في بطنها
تعرف اسمه.. وتعرف أنه سيكون وجيها عند
الله وعند الناس، وتعرف أنه سيكلم الناس
وهو طفل وهو كبير.. وقبل أن يتحرك فم
مريم بسؤال آخر.. نفخ جبريل عليه السلام
في جيب مريم –الجيب هو شق الثوب الذي يكون
في الصدر- فحملت فورا.
ومرت الأيام.. كان حملها يختلف عن حمل النساء..


[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]



لم تمرض ولم تشعر بثقل ولا أحست أن شيئا
زاد عليها ولا ارتفع بطنها كعادة النساء..
كان حملها به نعمة طيبة. وجاء الشهر
التاسع.. وفي العلماء من يقول إن الفاء
تفيد التعقيب السريع.. بمعنى أن مريم لم
تحمل بعيسى تسعة أشهر، وإنما ولدته
مباشرة كمعجزة..



[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]



خرجت مريم ذات يوم إلى مكان بعيد.. إنها
تحس أن شيئا سيقع اليوم.. لكنها لا تعرف
حقيقة هذا الشيء.. قادتها قدماها إلى مكان
يمتلئ بالشجر.. والنخل، مكان لا يقصده
أحد لبعده.. مكان لا يعرفه غيرها.. لم يكن
الناس يعرفون أن مريم حامل.. وإنها ستلد..
كان المحراب مغلقا عليها، والناس يعرفون
أنها تتعبد فلا يقترب منها أحد..



[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]



جلست مريم تستريح تحت جذع نخلة؛ لم تكن نخلة
كاملة، إنما جذع فقط، لتظهر معجزات الله سبحانه
وتعالى لمريم عند ولادة عيسى فيطمئن قلبها..
وراحت تفكر في نفسها.. كانت تشعر بألم..
وراح الألم يتزايد ويجيء في مراحل متقاربة..
وبدأت مريم تلد..


[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]



فَأَجَاءهَا الْمَخَاضُ إِلَى جِذْعِ النَّخْلَةِ قَالَتْ يَا
لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَذَا وَكُنتُ نَسْيًا مَّنسِيًّا (23) (مريم)
إن ألم الميلاد يحمل لنفس العذراء الطاهرة
آلاما أخرى تتوقعها ولم تقع بعد.. كيف يستقبل
الناس طفلها هذا..؟ وماذا يقولون عنها..؟
إنهم يعرفون أنها عذراء.. فكيف تلد العذراء..؟
هل يصدق الناس أنها ولدته بغير أن يمسسها بشر..؟



[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]




وتصورت نظرات الشك.. وكلمات الفضول..
وتعليقات الناس.. وامتلأ قلبها بالحزن..
وولدت في نفس اللحظة من قدر عليه أن يحمل
في قلبه أحزان البشرية.. لم تكد مريم
تنتهي من تمنيها الموت والنسيان، حتى
نادها الطفل الذي ولد:


[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]



فَنَادَاهَا مِن تَحْتِهَا أَلَّا تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ
تَحْتَكِ سَرِيًّا (24) وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ
تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا (25) فَكُلِي وَاشْرَبِي
وَقَرِّي عَيْنًا فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَدًا فَقُولِي
إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنسِيًّا
(26) (مريم)



[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]




نظرت مريم إلى المسيح.. سمعته يطلب منها
أن تكف عن حزنها.. ويطلب منها أن تهز جذع
النخلة لتسقط عليها بعض ثمارها الشهية..
فلتأكل، ولتشرب، ولتمتلئ بالسلام والفرح
ولا تفكر في شيء.. فإذا رأت من البشر أحدا
فلتقل لهم أنها نذرت للرحمن صوما فلن تكلم
اليوم إنسانا.. ولتدع له الباقي..



[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]


لم تكد تلمس جذعها حتى تساقط عليها
رطب شهي.. فأكلت وشربت ولفت الطفل في
ملابسها.. كان تفكير مريم العذراء كله
يدور حول مركز واحد.. هو عيسى، وهي تتساءل
بينها وبين نفسها: كيف يستقبله اليهود..؟
ماذا يقولون فيه..؟ هل يصدق أحد من كهنة
اليهود الذين يعيشون على الغش والخديعة
والسرقة..؟ هل يصدق أحدهم وهو بعيد عن الله
أن الله هو الذي رزقها هذا الطفل؟ إن موعد خلوتها
ينتهي، ولا بد أن تعود إلى قومها..
فماذا يقولون الناس؟



[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]



مواجهة القوم:
كان الوقت عصرا حين عادت مريم.. وكان
السوق الكبير الذي يقع في طريقها إلى
المسجد يمتلئ بالناس الذي فرغوا من البيع
والشراء وجلسوا يثرثرون. لم تكد مريم
تتوسط السوق حتى لاحظ الناس أنها تحمل طفلا،
وتضمه لصدرها وتمشي به في جلال وبطئ..
تسائل أحد الفضوليين: أليست هذه مريم العذراء..؟
طفل من هذا الذي تحمله على صدرها..؟
قال أحدهم: هو طفلها.. ترى أي قصة ستخرج
بها علينا..؟



[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]



وجاء كهنة اليهود يسألونها.. ابن من هذا
يا مريم؟ لماذا لا تردين؟ هو ابنك قطعا..
كيف جاءك ولد وأنت عذراء؟
يَا أُخْتَ هَارُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا
كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا (28) (مريم)
الكلمة ترمي مريم بالبغاء.. هكذا مباشرة
دون استماع أو تحقيق أو تثبت.. ترميها
بالبغاء وتعيرها بأنها من بيت طيب وليست
أمها بغيا.. فكيف صارت هي كذلك؟ راحت الاتهامات
تسقط عليها



[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]



وهي مرفوعة الرأس.. تومض عيناها بالكبرياء
والأمومة.. ويشع من وجهها نور يفيض بالثقة..
فلما زادت الأسئلة، وضاق الحال، وانحصر المجال،
وامتنع المقال، اشتد توكلها على ذي
الجلال وأشارت إليه..




[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]




أشارت بيدها لعيسى.. واندهش الناس..
فهموا أنها صائمة عن الكلام وترجو منهم
أن يسألوه هو كيف جاء.. تساءل الكهنة ورؤساء
اليهود كيف يوجهون السؤال لطفل ولد منذ أيام..
هل يتكلم طفل في لفافته..؟!
قالوا لمريم: (كَيْفَ نُكَلِّمُ مَن كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا).
قال عيسى:
قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا (30)
وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنتُ وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ
وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا (31) وَبَرًّا بِوَالِدَتِي وَلَمْ
يَجْعَلْنِي جَبَّارًا شَقِيًّا (32) وَالسَّلَامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدتُّ
وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا (33) (مريم)


[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]



لم يكد عيسى ينتهي من كلامه حتى كانت
وجوه الكهنة والأحبار ممتقعة وشاحبة..
كانوا يشهدون معجزة تقع أمامهم مباشرة..
هذا طفل يتكلم في مهده.. طفل جاء بغير أب..
طفل يقول أن الله قد آتاه الكتاب وجعله نبيا..
هذا يعني إن سلطتهم في طريقها إلى الانهيار..
سيصبح كل واحد فيهم بلا قيمة عندما يكبر هذا
الطفل.. لن يستطيع أن يبيع الغفران للناس،
أو يحكمهم عن طريق ادعائه أنه ظل السماء
على الأرض، أو باعتباره الوحيد العارف في
الشريعة..




[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]




شعر كهنة اليهود بالمأساة الشخصية
التي جاءتهم بميلاد هذا الطفل.. إن مجرد مجيء
المسيح يعني إعادة الناس إلى عبادة الله وحده..
وهذا معناه إعدام الديانة اليهودية الحالية..
فالفرق بين تعاليم موسى وتصرفات اليهود كان
يشبه الفرق بين نجوم السماء ووحل الطرقات..
وتكتم رهبان اليهود قصة ميلاد عيسى وكلامه في
المهد.. واتهموا مريم العذراء ببهتان عظيم..
اتهموها بالبغاء.. رغم أنهم عاينوا بأنفسهم
معجزة كلام ابنها في المهد.




[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]




وتخبرنا بعض الروايات أن مريم هاجرت بعيسى
إلى مصر، بينما تخبرنا روايات أخرى بأن
هجرتها كانت من بيت لحم لبيت المقدس. إلا
أن المعروف لدينا هو أن هذه الهجرة كانت
قبل بعثته.


[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]


معجزاته:
كبر عيسى.. ونزل عليه الوحي، وأعطاه الله
الإنجيل. وكان عمره آنذاك -كما يرى الكثير من
العلماء- ثلاثون سنة. وأظهر الله على يديه
المعجزات. يقول المولى عزّ وجل في كتابه عن


[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]


معجزات عيسى عليه السلام:
وَيُعَلمُهُ الكِتَابَ وَالحِكمَةَ وَالتورَاةَ وَالإِنجِيلَ (48)
وَرَسُولاً إِلَى بَنِي إِسرائيلَ أني قَد جِئتُكُم بِآيَةٍ من
ربكُم أَنِي أَخلُقُ لَكُم منَ الطينِ كَهَيئَةِ الطيرِ فَأَنفُخُ
فِيهِ فَيَكُونُ طَيرًا بِإِذنِ اللهِ وَأُبرِىْ الأكمَهَ والأبرَصَ
وَأُحي المَوتَى بِإِذنِ اللهِ وَأُنَبئُكُم بِمَا تَأكُلُونَ وَمَا
تَدخِرُونَ فِى بُيُوتِكُم إِن فِي ذلِكَ لآيَةً لكُم إِن كُنتُم
مؤمِنِينَ (49) وَمُصَدقًا لمَا بَينَ يَدَي مِنَ التورَاةِ
وَلأحِل لَكُم بَعضَ الذِي حُرمَ عَلَيكُم وَجِئتُكُم بِآيَةٍ من
ربكُم فَاتقُوا اللهَ وَأَطِيعُونِ (50) إِن اللهَ رَبي وَرَبكُم
فَاعبُدُوهُ هَـذَا صِراطٌ مستَقِيمٌ (آل عمران)



[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]


فكان عيسى –عليه السلام- رسولا لبني
إسرائيل فقط. ومعجزاته هي:
علّمه الله التوراة.
يصنع من الطين شكل الطير ثم ينفخ فيه
فيصبح طيرا حيّا يطير أمام أعينهم.
يعالج الأكمه (وهو من ولد أعمى)، فيمسح
على عينيه أمامهم فيبصر.


[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]


يعالج الأبرص (وهو المرض الذي يصيب الجلد
فيجعل لونه أبيضا)، فيسمح على جسمه فيعود سليما.
يخبرهم بما يخبئون في بيوتهم، وما أعدّت
لهم زوجاتهم من طعام.
وكان –عليه السلام- يحيي الموتى. باذن الله


[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]



إيمان الحواريون:
جاء عيسى ليخفف عن بني إسرائيل بإباحة بعض
الأمور التي حرمتها التوراة عليهم عقابا لهم.
إلا أن بني إسرائيل –مع كل هذه الآيات-
كفروا. قال تعالى:
فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسَى مِنْهُمُ الْكُفْرَ قَالَ مَنْ أَنصَارِي
إِلَى اللّهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنصَارُ اللّهِ آمَنَّا بِاللّهِ
وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ (52) رَبَّنَا آمَنَّا بِمَا أَنزَلَتْ
وَاتَّبَعْنَا الرَّسُولَ فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ (53)
(آل عمران)


[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]



وقال تعالى:
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُونوا أَنصَارَ اللَّهِ كَمَا
قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ لِلْحَوَارِيِّينَ مَنْ أَنصَارِي
إِلَى اللَّهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنصَارُ اللَّهِ فَآَمَنَت
طَّائِفَةٌ مِّن بَنِي إِسْرَائِيلَ وَكَفَرَت طَّائِفَةٌ فَأَيَّدْنَا
الَّذِينَ آَمَنُوا عَلَى عَدُوِّهِمْ فَأَصْبَحُوا ظَاهِرِينَ
(14) (الصف)

قيل أن عدد الحواريين كان سبعة عشر رجلا،
لكن الروايات الأرجح أنهم كانوا اثني عشر رجلا.


[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]


آمن الحواريون، لكن التردد لا يزال موجودا
في نفوسهم. قال الله تعالى قصة هذا التردد:
إِذْ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ هَلْ
يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ أَن يُنَزِّلَ عَلَيْنَا مَآئِدَةً مِّنَ السَّمَاء
قَالَ اتَّقُواْ اللّهَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ (112) قَالُواْ
نُرِيدُ أَن نَّأْكُلَ مِنْهَا وَتَطْمَئِنَّ قُلُوبُنَا وَنَعْلَمَ أَن
قَدْ صَدَقْتَنَا وَنَكُونَ عَلَيْهَا مِنَ الشَّاهِدِينَ (113)
قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا أَنزِلْ عَلَيْنَا

مَآئِدَةً مِّنَ السَّمَاء تَكُونُ لَنَا عِيداً لِّأَوَّلِنَا وَآخِرِنَا
وَآيَةً مِّنكَ وَارْزُقْنَا وَأَنتَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ (114)
قَالَ اللّهُ إِنِّي مُنَزِّلُهَا عَلَيْكُمْ فَمَن يَكْفُرْ بَعْدُ مِنكُمْ
فَإِنِّي أُعَذِّبُهُ عَذَابًا لاَّ أُعَذِّبُهُ أَحَدًا مِّنَ الْعَالَمِينَ
(115) (المائدة)


[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]


استجاب الله عز وجل، لكنه حذّرهم من الكفر
بعد هذه الآية التي جاءت تلبية لطلبهم.
نزلت المائدة، وأكل الحواريون منها،
وظلوا على إيمانهم وتصديقهم لعيسى
–عليه السلام- إلا رجل واحد كفر بعد
رفع عيسى عليه السلام.


[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]


رفع عيسى عليه السلام:
لما بدأ الناس يتحدثون عن معجزات عيسى
عليه السلام، خاف رهبان اليهود أن يتبع
الناس الدين الجديد فيضيع سلطانهم. فذهبوا
لمَلك تلك المناطق وكان تابعا للروم.
وقالوا له أن عيسى يزعم أنه مَلك اليهود،
وسيأخذ المُلك منك. فخاف المَلك وأمر بالبحث
عن عيسى –عليه السلام- ليقتله.


[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]




جاءت روايات كثيرة جدا عن رفع عيسى –عليه السلام-
إلى السماء، معظمها من الإسرائيليات أو نقلا
عن الإنجيل. وسنشير إلى أرجح رواية هنا.
عندما بلغ عيسى عليه السلام أنهم يريدون قتله،
خرج على أصحابه وسألهم من منهم مستعد أن يلقي
الله عليه شبهه فيصلب بدلا منه ويكون معه في الجنة.
فقام شاب، فحنّ عليه عيسى عليه السلام لأنه
لا يزال شابا. فسألهم مرة ثانية، فقام نفس الشاب.


[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]



فنزل عليه شبه عيسى عليه السلام، ورفع الله
عيسى أمام أعين الحواريين إلى السماء.
وجاء اليهود وأخذوا الشبه وقتلوه ثم صلبوه.
ثم أمسك اليهود الحواريين فكفر واحد منهم.
ثم أطلقوهم خشية أن يغضب الناس. فظل الحواريون
يدعون بالسر. وظل النصارى على التوحيد أكثر
من مئتين سنة. ثم آمن أحد ملوك الروم واسمه
قسطنطين، وأدخل الشركيات في دين النصارى.


[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]


يقول ابن عباس: افترق النصارى ثلاث فرق.
فقالت طائفة: كان الله فينا ما شاء ثم صعد
إلى السماء. وقالت طائفة: كان فينا ابن الله
ما شاء ثم رفعه الله إليه. وقلت طائفة:
كان فينا عبد الله ورسوله ما شاء ثم رفعه الله
إليه. فتظاهرت الكافرتان على المسلمة فقتلوها
فلم يزل الإسلام طامسا حتى بعث الله محمدا
–صلى الله عليه وسلم- فذلك قول الله تعالى:
(فَأَيَّدْنَا الَّذِينَ آَمَنُوا عَلَى عَدُوِّهِمْ فَأَصْبَحُوا ظَاهِرِينَ).


[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]



وقال تعالى عن رفعه:
وَقَولِهِم إِنا قَتَلنَا المَسِيحَ عِيسَى ابنَ مَريَمَ
رَسُولَ اللهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَـكِن شُبهَ لَهُم
وَإِن الذِينَ اختَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَك منهُ مَا لَهُم
بِهِ مِن عِلمٍ إِلا اتبَاعَ الظن وَمَا قَتَلُوهُ يَقِيناً
(157) بَل رفَعَهُ اللهُ إِلَيهِ وَكَانَ اللهُ عَزِيزاً حَكِيماً (158)
وَإِن من أَهلِ الكِتَابِ إِلا لَيُؤمِنَن بِهِ قَبلَ مَوتِهِ
وَيَومَ القِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيهِم شَهِيداً (159) (النساء)
لا يزال عيسى –عليه السلام- حيا. ويدل على ذلك
أحاديث صحيحة كثيرة. والحديث الجامع لها في
مسند الإمام أحمد:



[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]


حدثنا عبد الله، حدثني أبي، ثنا يحيى، عن
ابن أبي عروبة قال: ثنا قتادة، عن عبد
الرحمن بن آدم، عن أبي هريرة،:
(عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: الأنبياء
إخوة لعلات، دينهم واحد وأمهاتهم شتى،
وأنا أولى الناس بعيسى ابن مريم لأنه لم
يكن بيني وبينه نبي، وأنه نازل فإذا
رأيتموه فاعرفوه، فإنه رجل مربوع إلى
الحمرة والبياض، سبط كأن رأسه يقطر
وإن لم يصبه بلل بين ممصرتين، فيكسر الصليب
ويقتل الخنزير، ويضع الجزية، و يعطل
الملل



[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]


حتى يهلك الله في زمانه الملل كلها غير
الإسلام، ويهلك الله في زمانه المسيح الدجال الكذاب،
وتقع الأمنة في الأرض حتى ترتع الإبل مع
الأسد جميعاً، والنمور مع البقر، والذئاب مع
الغنم، ويلعب الصبيان بالحيات لا يضر بعضهم
بعضاً، فيمكث ما شاء الله أن يمكث ثم يتوفى،
فيصلي عليه المسلمون و يدفنونه.)
(مربوع) ليس بالطويل وليس بالقصير،
(إلى الحمرة والبياض) وجهه أبيض فيه
احمرار، (سبط) شعره ناعم، (ممصرتين)
عصاتين أو منارتين



[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]


وفي الحديث الآخر ينزل
عند المنارة البيضاء من مسجد دمشق.
وفي الحديث الصحيح الآخر يحدد لنا رسولنا
الكريم مدة مكوثه في الأرض فيقول:
(فيمكث أربعين سنة ثم يتوفى، و يصلي
عليه المسلمون).
لا بد أن يذوق الإنسان الموت. عيسى لم
يمت وإنما رفع إلى السماء، لذلك سيذوق
الموت في نهاية الزمان.
ويخبرنا المولى عز وجل بحوار لم يقع بعد،



[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]


هو حواره مع عيسى عليه السلام يوم القيامة
فيقول:
وَإِذ قَالَ اللهُ يا عِيسَى ابنَ مَريَمَ أَءنتَ قُلتَ
لِلناسِ اتخِذُونِي وَأُميَ إِلَـهَينِ مِن دُونِ اللهِ قَالَ
سُبحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَن أَقُولَ مَا لَيسَ لِي بِحَق
إِن كُنتُ قُلتُهُ فَقَد عَلِمتَهُ تَعلَمُ مَا فِى نَفسِي
وَلاَ أَعلَمُ مَا فِى نَفسِكَ إِنكَ أَنتَ عَلامُ الغُيُوبِ
(116) مَا قُلتُ لَهُم إِلا مَا أَمَرتَنِي بِهِ أَنِ
اعبُدُوا اللهَ رَبي وَرَبكُم وَكُنتُ عَلَيهِم شَهِيداً
ما دُمتُ فِيهِم فَلَما تَوَفيتَنِي كُنتَ أَنتَ الرقِيبَ
عَلَيهِم وَأَنتَ عَلَى كُل شَىء شَهِيدٌ (117)
إِن تُعَذبهُم فَإِنهُم عِبَادُكَ وَإِن تَغفِر لَهُم
فَإِنكَ أَنتَ العَزِيزُ الحَكِيمُ (118) (المائدة)


[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]



هذا هو عيسى بن مريم عليه السلام،
آخر الرسل قبل سيدنا
محمد صلى الله عليه وسلم.

الماسـه 08-19-2011 02:35 PM

رد: سلسلـة˚◦◦˚◦◦قصص أنبياءالله ˚◦◦˚◦◦عليهـم السلام
 
[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]

الحلقــة التامنــه عشــر
من قصص الأنبيــاء

محمد عليه الصلاة والسلام


المــولــد:

ولد سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم
بشعب بني هاشم بمكة في صبيحة يوم الإثنين
التاسع من شهر ربيع الأول، لأول عام من حادثة
الفيل، ولأربعين سنة خلت من ملك كسرى
أنو شروان، ويوافق ذلك العشرين أو اثنين وعشرين
من شهر أبريل سنة 571م حسبما حققه العالم
الكبير محمد سليمان المنصور فورى والمحقق
الفلكي محمود باشا.


[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]


وروى ابن سعد أن أم رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم
قالت: لما ولدته خرج من فرجي نور أضاءت له
قصور الشام. وروى أحمد عن العرباض بن
سارية ما يقارب ذلك.



[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]


وقد روي أن إرهاصات بالبعثة وقعت عند الميلاد،
فسقطت أربع عشرة شرفة من إيوان كسرى،
وخمدت النار التي يعبدها المجوس، وانهدمت
الكنائس حول بحيرة ساوة بعد أن غاضت، روى
ذلك البيهقي ولا يقره محمد الغزالي.


[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]


في بني سعد:
وكانت العادة عند الحاضرين من العرب
أن يلتمسوا المراضع لأولادهم ابتعاداً لهم
عن أمراض الحواضر؛ لتقوى أجسامهم، وتشتد
أعصابهم، ويتقنوا اللسان العربي في مهدهم،
فالتمس عبد المطلب لرسول اللَّه صلى الله عليه وسلم
الرضعاء، واسترضع له امرأة من بني سعد بن بكر -
وهي حليمة بنت أبي ذؤيب - وزوجها الحارث
بن عبد العزى المكنى بأبي كبشة،
من نفس القبيلة.


[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]


وإخوته صلى الله عليه وسلم هناك من الرضاعة
عبد اللَّه بن الحارث، وأنيسة بنت الحارث،
وحذافة أو جذامة بنت الحارث
(وهي الشيماء - لقب غلب على اسمها)
وكانت تحضن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وأبا
سفيان بن الحارث بن عبد المطلب، ابن عم
رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم .


[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]


وكان عمه حمزة بن عبد المطلب مسترضعاً
في بني سعد بن بكر، فأرضعت أمه
رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يوماً وهو عند
أمه حليمة، فكان حمزة رضيع رسول اللَّه
صلى الله عليه وسلم من وجهين، من جهة ثويبة،
ومن جهة السعدية.


[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]



ورأت حليمة من بركته صلى الله عليه وسلم
ما قضت منه العجب، ولنتركها تروي ذلك مفصلاً
قال ابن إسحاق كانت حليمة تحدث أنها
خرجت من بلدها مع زوجها وابن لها صغير ترضعه،
في نسوة من بني سعد بن بكر، تلتمس الرضعاء
قالت: وذلك في سنة شهباء لم تبق لنا شيئاً،
قالت: فخرجت على أتان لي قمراء، معنا
شارف لنا، واللَّه ما تبض بقطرة،



[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]



وما ننام ليلنا أجمع من صبينا الذي معنا،
من بكائه من الجوع، ما في ثديي ما يغنيه،
وما في شارفنا ما يغذيه، ولكن كنا نرجو
الغيث والفرج، فخرجت على أتاني تلك فلقد
أدمت بالركب حتى شق ذلك عليهم ضعفاً وعجفاً،
حتى قدمنا مكة نلتمس الرضعاء، فما منا
امرأة إلا وقد عرض عليها رسول اللَّه صلى الله عليه
وسلم فتأباه،


[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]


إذا قيل لها إنه يتيم.
وذلك أنا كنا نرجو المعروف من أبي الصبي
فكنا نقول يتيم وما عسى أن تصنع أمه وجده
فكنا نكره لذلك فما بقيت امرأة قدمت معي
إلا أخذت رضيعاً غيري. فلما أجمعنا الانطلاق
قلت لصاحبي واللَّه إني لأكره أن أرجع من بين
صواحبي ولم آخذ رضيعاً، واللَّه لأذهبن إلى ذلك
اليتيم فلآخذنه، قال: لا عليك أن تفعلي،
عسى اللَّه أن يجعل لنا بركة، قالت: فذهبت إليه،
فأخذته وما حملني على أخذه إلا أني لم أجد غيره،
قالت:


[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]


فلما أخذته رجعت به إلى رحلي،
فلما وضعته في حجري أقبل عليه ثدياي بما
شاء من لبن، فشرب حتى روى، وشرب معه أخوه
حتى روى، ثم ناما، وما كنا ننام معه قبل
ذلك، وقام زوجي إلى شارفنا تلك، فإذا
هي حافل، فحلب منها ما شرب وشربت معه حتى
انتهينا رياً وشبعاً، فبتنا بخير ليلة، قالت:
يقول صاحبي حين أصبحنا تعلمي واللَّه يا حليمة
لقد أخذت نسمة مباركة،


[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]


قالت: فقلت واللَّه إني
لأرجو ذلك، قالت: ثم خرجنا وركبت أنا أتاني،
وحملته عليها معي، فواللَّه لقطعت بالركب ما
لا يقدر عليه شيء من حمرهم، حتى إن صواحبي
ليقلن لي يا ابنة أبي ذؤيب، ويحك أربعي علينا،
أليست هذه أتانك التي كنت خرجت عليها؟
فأقول لهن بلى واللَّه إنها لهي هي، فيقلن:


[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]

واللَّه إن لها شأناً، قالت: ثم قدمنا منازلنا
من بلاد بني سعد وما أعلم أرضاً من أرض اللَّه
أجدب منها، فكانت غنمي تروح على حين قدمنا
به معنا شباعاً لبناً، فنحلب ونشرب،
وما يحلب إنسان قطرة لبن، ولا يجدها في
ضرع حتى كان الحاضرون من قومنا يقولون
لرعيانهم ويلكم اسرحوا حيث يسرح راعي بنت
أبي ذؤيب، فتروح أغنامهم جياعاً ما تبض
بقطرة لبن، وتروح غنمي شباعاً لبناً،


[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]


فلم نزل نتعرف من اللَّه الزيادة والخير حتى
مضت سنتاه وفصلته، وكان يشب شباباً لا يشبه
الغلمان، فلم يبلغ سنتيه حتى كان غلاماً
جفراً، قالت: فقدمنا به على أمه ونحن
أحرص على مكثه فينا، لما كنا نرى
من بركته، فكلمنا أمه،


[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]


وقلت لها لو تركت ابني عندي حتى يغلظ،
فإني أخشى عليه وباء مكة، قالت: فلم
نزل بها حتى ردته معنا.
وهكذا بقي رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم في
بني سعد، حتى إذا كانت السنة الرابعة
أو الخامسة من مولده وقع حادث شق صدره،
روى مسلم عن أنس: "أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم
أتاه جبريل، وهو يلعب مع الغلمان، فأخذه
فصرعه، فشق عن قلبه، فاستخرج القلب،


[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]


فاستخرج منه علقة، فقال: هذا حظ الشيطان
منك، ثم غسله في طست من ذهب بماء زمزم،
ثم لأمه، ثم أعاده إلى مكانه، وجاء الغلمان
يسعون إلى أمه - يعني ظئره - فقالوا:
إن محمداً قد قتل، فاستقبلوه وهو منتقع اللون.


[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]


إلى أمه الحنون:
وخشيت عليه حليمة بعد هذه الوقعة حتى
ردته إلى أمه، فكان عند أمه إلى أن
بلغ ست سنين.
ورأت آمنة وفاء لذكرى زوجها الراحل
أن تزور قبره بيثرب، فخرجت من مكة قاطعة
رحلة تبلغ خمسمائة كيلو متراً ومعها ولدها
اليتيم - محمد صلى الله عليه وسلم -
وخادمتها أم أيمن، وقيمها عبد المطلب،
فمكثت شهراً ثم قفلت، وبينما هي راجعة
إذ يلاحقها المرض، يلح عليها في أوائل
الطريق، فماتت بالأبواء بين مكة والمدينة.


[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]


إلى جده العطوف:
وعاد به عبد المطلب إلى مكة، وكانت
مشاعر الحنان في فؤاده تربو نحو حفيده
اليتيم الذي أصيب بمصاب جديد نكأ الجروح
القديمة، فرق عليه رقة لم يرقها على
أحد من أولاده، فكان لا يدعه لوحدته المفروضة،
بل يؤثره على أولاده، قال ابن هشام كان
يوضع لعبد المطلب فراش في ظل الكعبة،
فكان بنوه يجلسون حول فراشه ذلك حتى يخرج
إليه، لا يجلس عليه أحد من بنيه إجلالاً له،


[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]


فكان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يأتي وهو
غلام جفر حتى يجلس عليه، فيأخذه أعمامه
ليؤخروه عنه، فيقول عبد المطلب إذا رأى
ذلك منهم دعوا ابني هذا فواللَّه إن له لشأناً،
ثم يجلس معه على فراشه، ويمسح ظهره بيده
ويسره ما يراه ويصنع.


[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]


ولثماني سنوات وشهرين وعشرة أيام من
عمره صلى الله عليه وسلم توفى جده عبد
المطلب بمكة، ورأى قبل وفاته أن يعهد
بكفالة حفيده إلى عمه أبي طالب شقيق أبيه.



[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]


إلى عمه الشفيق:
ونهض أبو طالب بحق ابن أخيه على أكمل
وجه، وضمه إلى ولده، وقدمه عليهم
واختصه بفضل احترام وتقدير، وظل فوق
أربعين سنة يعز جانبه، ويبسط عليه حمايته،
ويصادق ويخاصم من أجله، وستأتي نبذ
من ذلك في مواضعها.


>>>>>
<<<<<<

الماسـه 08-20-2011 04:31 PM

رد: سلسلـة˚◦◦˚◦◦قصص أنبياءالله ˚◦◦˚◦◦عليهـم السلام
 

في ظلال النبوة والرسالة


في غار حراء:
ولما تقاربت سنه صلى الله عليه وسلم الأربعين،
وكانت تأملاته الماضية قد وسعت الشقة العقلية
بينه وبين قومه، حبب إليه الخلاء، فكان يأخذ
السويق والماء ويذهب إلى غار حراء في جبل
النور على مبعدة نحو ميلين من مكة - وهو غار
لطيف طوله أربع أذرع، وعرضة ذراع وثلاثة أرباع
ذراع من ذراع الحديد


[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]


ومعه أهله قريباً منه،
فيقيم فيه شهر رمضان، يطعم من جاءه من
المساكين، ويقضي وقته في العبادة والتفكير
فيما حوله من مشاهد الكون، وفيما وراءها
من قدرة مبدعة وهو غير مطمئن لما عليه قومه
من عقائد الشرك المهلهلة، وتصوراتها الواهية،
ولكن ليس بين يديه طريق واضح، ولا منهج محدد،
ولا طريق قاصد يطمئن إليه ويرضاه.



[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]


وكان اختياره صلى الله عليه وسلم لهذه العزلة
طرفاً من تدبير اللَّه له وليعده لما ينتظره من
الأمر العظيم. ولا بد لأي روح يراد لها أن تؤثر
في واقع الحياة البشرية فتحولها وجهة أخرى...
لا بد لهذه الروح من خلوة وعزلة بعض الوقت،
وانقطاع عن شواغل الأرض وضجة الحياة،
وهموم الناس الصغيرة التي تشغل الحياة.



[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]




وهكذا دبر اللَّه لمحمد صلى الله عليه وسلم
وهو يعده لحمل الأمانة الكبرى، وتغيير وجه
الأرض، وتعديل خط التاريخ... دبر له هذه
العزلة قبل تكليفه بالرسالة بثلاث سنوات،
ينطلق في هذه العزلة شهراً من الزمان،
مع روح الوجود الطليقة، ويتدبر ما وراء
الوجود من غيب مكنون، حتى يحين موعد
التعامل مع هذا الغيب عندما يأذن اللَّه.



[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]



جبريل ينزل بالوحي:
ولما تكامل له أربعون سنة - وهي رأس الكمال،
وقيل: ولها تبعث الرسل - بدأت آثار النبوة
تتلوح وتتلمع له من وراء آفاق الحياة،
وتلك الآثار هي الرؤيا، فكان لا يرى رؤيا
إلا جاءت مثل فلق الصبح، حتى مضت على ذلك ستة
أشهر - ومدة النبوة ثلاث وعشرون سنة فهذه
الرؤيا جزء من ستة وأربعين جزءاً من النبوة




[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]




- فلما كان رمضان من السنة الثالثة من
عزلته صلى الله عليه وسلم بحراء شاء اللَّه أن يفيض
من رحمته على أهل الأرض، فأكرمه بالنبوة،
وأنزل إليه جبريل بآيات من القرآن.
وبعد النظر والتأمل في القرائن والدلائل يمكن
لنا أن نحدد ذلك اليوم بأنه كان يوم الاثنين
لإحدى وعشرين مضت من شهر رمضان ليلاً،
ويوافق 10 أغسطس سنة 610م، وكان عمره
صلى الله عليه وسلم إذ ذاك بالضبط أربعين سنة
قمرية، وستة أشهر، و 12 يوماً، وذلك
نحو 39 سنة شمسية وثلاثة أشهر و12 يوماً.




[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]



ولنستمع إلى عائشة الصديقة رضي اللَّه تعالى عنها
تروي لنا قصة هذه الوقعة التي كانت شعلة
من نور اللاهوت أخذت تفتح دياجير ظلمات الكفر
والضلال حتى غيرت مجرى الحياة، وعدلت خط
التاريخ، قالت عائشة رضي اللَّه عنها:
أول ما بدىء به رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم
من الوحي هي الرؤيا الصادقة في النوم،




[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]



فكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح،
ثم حبب إليه الخلاء، وكان يخلو بغار حراء،
فيتحنث فيه - وهو التعبد - الليالي ذوات
العدد قبل أن ينزع إلى أهله، ويتزود لذلك،
ثم يرجع إلى خديجة فيتزود لمثلها،
حتى جاءه الحق وهو في غار حراء فجاءه
الملك فقال: اقرأ فقلت ما أنا بقارىء،



[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]



قال: فأخذني فغطني حتى بلغ مني الجهد،
ثم أرسلني فقال: اقرأ، فقلت ما أنا بقارىء،
فأخذني فغطني الثالثة، ثم أرسلني فقال:
{اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ * خَلَقَ الإِنسَانَ
مِنْ عَلَقٍ * اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأَكْرَمُ} [العلق: 1-3].
فرجع بها رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يرجف فؤاده
فدخل على خديجة بنت خويلد فقال:
زملوني زملوني، فزملوه حتى ذهب عنه الروع،



[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]



فقال لخديجة ما لي وأخبرها الخبر، لقد خشيت
على نفسي، فقالت خديجة كلا، واللَّه ما يخزيك اللَّه
أبداً، إنك لتصل الرحم، وتحمل الكل، وتكسب
المعدوم وتقري الضيف، وتعين على نوائب الحق،
فانطلقت به خديجة حتى أتت به ورقة بن نوفل
بن أسد بن عبد العزى ابن عم خديجة وكان امرءاً
تنصر في الجاهلية، وكان يكتب الكتاب العبراني،
فيكتب من الإنجيل بالعبرانية ما شاء اللَّه أن يكتب،



[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]



وكان شيخاً كبيراً قد عمي - فقالت له خديجة
يا ابن عم اسمع من ابن أخيك، فقال له ورقة
يا ابن أخي ماذا ترى؟ فأخبره رسول اللَّه
صلى الله عليه وسلم خبر ما رأى، فقال له ورقة
هذا الناموس الذي نزله اللَّه على موسى، يا ليتني
فيها جذعا، ليتني أكون حياً إذ يخرجك قومك
فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أو مخرجي هم؟
قال: نعم، لم يأت رجل قط بمثل ما جئت به
إلا عودي،


[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]



وإن يدركني يومك أنصرك نصراً مؤزراً، ثم لم
ينشب ورقة أن توفي وفتر الوحي.
وروى الطبري وابن هشام ما يفيد أنه خرج من
غار حراء بعد ما فوجيء بالوحي ثم رجع وأتم
جواره، وبعد ذلك رجع إلى مكة، ورواية الطبري
تلقي ضوءاً على سبب خروجه وهذا نصها:




[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]



"قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بعد ذكر مجيء
الوحي ولم يكن من خلق اللَّه أبغض علي من شاعر
أو مجنون كنت لا أطيق ان انظر إليهما قال:
قلت إن الابعد يعني نفسه شاعر أو مجنون إلا
تحدث بها عني قريش أبداً لأعمدن إلى حالق من
الجبل فلأطرحن نفسي منه فلأقتلنها، فلأستريحن
قال: فخرجت أريد ذلك، حتى إذا كنت في وسط
الجبل سمعت صوتاً من السماء يقول يا محمد
أنت رسول اللَّه، وأنا جبريل، قال: فرفعت رأسي
إلى السماء، فإذا جبريل في صورة رجل صاف
قدميه في أفق السماء يقول يا محمد أنت رسول
اللَّه وأنا جبريل،



[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]



قال: فوقفت أنظر إليه،
وشغلني ذلك عما أردت، فما أتقدم وما أتأخر،
وجعلت أصرف وجهي عنه في آفاق السماء فلا
أنظر في ناحية منها إلا رأيته كذلك، فما
زلت واقفاً ما أتقدم أمامي، ولا أرجع ورائي،
حتى بعثت خديجة رسلها في طلبي، حتى بلغوا
مكة ورجعوا إليها وأنا واقف في مقامي،
ثم انصرف عني وانصرفت راجعاً إلى أهلي حتى
أتيت خديجة فجلست إلى فخذها مضيفاً إليها
(ملتصقاً بها مائلاً إليها) فقالت: يا أبا
القاسم أين كنت؟



[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]



فواللَّه لقد بعثت في طلبك
حتى بلغوا مكة ورجعوا إلي، ثم حدثتها بالذي
رأيت، فقالت: أبشر يا ابن عم، واثبت،
فوالذي نفس خديجة بيده إني لأرجو أن تكون
نبي هذه الأمة، ثم قامت فانطلقت إلى ورقة
وأخبرته. فقال: قدوس قدوس، والذي نفس ورقة
بيده لقد جاءه الناموس الأكبر الذي كان
يأتي موسى، وإنه لنبي هذه الأمة فقولي له
فليثبت، فرجعت خديجة وأخبرته بقول ورقة،
فلما قضى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم جواره
وانصرف إلى مكة لقيه ورقة وقال بعد ان
سمع فيه خبره والذي نفسي بيده، إنك لنبي
هذه الأمة، ولقد جاءك الناموس الأكبر الذي جاء موسى".


[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]



فترة الوحي:
أما مدة فترة الوحي فروى ابن سعد عن ابن
عباس ما يفيد أنها كانت أياماً وهذا الذي
يترجح بل يتعين بعد إدارة النظر في جميع
الجوانب. وأما ما اشتهر من أنها دامت طيلة
ثلاث سنين أو سنتين ونصف فلا يصح بحال،
وليس هذا موضع التفصيل في رده.
وقد بقي رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم في أيام
الفترة كئيباً محزوناً تعتريه الحيرة والدهشة،
فقد روى البخاري في كتاب التعبير ما نصه
"وفتر الوحي فترة حتى حزن النبي صلى الله
عليه وسلم فيما بلغنا حزناً عدا منه مراراً
كي يتردى من رؤوس شواهق الجبال،



[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]



فكلماأوفى بذروة جبل لكي يلقي نفسه منه
تبدى له جبريل فقال: يا محمد إنك رسول اللَّه
حقاً، فيسكن لذلك جأشه، وتقر نفسه، فيرجع،
فإذا طالت عليه فترة الوحي غدا لمثل ذلك،
فإذا أوفى بذروة الجبل تبدى له جبريل
فقال له مثل ذلك".



[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]




جبريل ينزل بالوحي مرة ثانية:
قال ابن حجر: وكان ذلك
(أي انقطاع الوحي أياماً)، ليذهب
ما كان صلى الله عليه وسلم وجده من الروع،
وليحصل له التشوف إلى العود، فلما
تقلصت ظلال الحيرة، وثبتت أعلام الحقيقة،
وعرف صلى الله عليه وسلم معرفة اليقين أنه
أضحى نبياً للَّه الكبير المتعال، وأن ما جاءه
سفير الوحي ينقل إليه خبر السماء
وصار تشوفه وارتقابه لمجيء الوحي سبباً
في ثباته واحتماله عندما يعود، جاءه
جبريل للمرة الثانية.




[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]




روى البخاري عن جابر بن عبد اللَّه أنه سمع
رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يحدث عن فترة
الوحي، (قال):
"فبينا أنا أمشي سمعت صوتاً من السماء،
فرفعت بصري قبل السماء، فإذا الملك
الذي جاءني بحراء قاعد على كرسي بين
السماء والأرض، فجشثت منه حتى هويت إلى
الأرض، فجئت أهلي فقلت زملوني زملوني،
فزملوني، فأنزل اللَّه تعالى: "يأيها المدثر"
إلى قوله: "فاهجر"، ثم حمى الوحي وتتابع".



[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]




استطراد في بيان أقسام الوحي:
قبل أن نأخذ في تفصيل حياة الرسالة
والنبوة، نرى أن نتعرف أقسام الوحي الذي
هو مصدر الرسالة ومدد الدعوة. قال ابن
القيم - وهو يذكر مراتب الوحي
إلاولي: الرؤيا الصادقة وكانت مبدأ وحيه
صلى الله عليه وسلم .
الثانية: ما كان يلقيه الملك في روعه
وقلبه من غير أن يراه، كما قال النبي
صلى الله عليه وسلم إن روح القدس نفث في روعي
أنه لن تموت نفس حتى تستكمل رزقها،
فاتقوا للَّه، وأجملوا في الطلب، ولا يحملنكم
استبطاء الرزق على أن تطلبوه بمعصي اللَّه،
فإن ما عند اللَّه لا ينال إلا بطاعته.



[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]



الثالثة: أنه صلى الله عليه وسلم كان يتمثل
له الملك رجلاً فيخاطبه حتى يعي عنه ما
يقول له، وفي هذه المرتبة كان يراه
الصحابة أحياناً.
الرابعة: أنه كان يأتيه في مثل صلصلة الجرس،
وكان أشده عليه فيلتبس به الملك، حتى أن
جبينه ليتفصد عرقاً في اليوم الشديد البرد،
وحتى أن راحلته لتبرك به إلى الأرض إذا
كان راكبها، ولقد جاء الوحي مرة كذلك وفخذه
على فخذ زيد بن ثابت، فثقلت عليه حتى كادت ترضها.



[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]




الخامسة: أنه يرى الملك في صورته التي خلق
عليها، فيوحي إليه ما شاء اللَّه أن يوحيه، وهذا
وقع له مرتين كما ذكر اللَّه ذلك في سورة النجم.
السادسة: ما أوحاه اللَّه إليه، وهو فوق السماوات
ليلة المعراج من فرض الصلاة وغيرها.
السابعة: كلام اللَّه له منه إليه بلا واسطة ملك
كما كلم اللَّه موسى بن عمران، وهذه المرتبة
هي ثابتة لموسى قطعاً بنص القرآن. وثبوتها
لنبينا صلى الله عليه وسلم هو في حديث الإسراء.
وقد زاد بعضهم مرتبة ثامنة وهي تكليم اللَّه له
كفاحاً من غير حجاب، وهي مسألة خلاف بين
السلف والخلف. انتهى مع تلخيص يسير في بيان
المرتبة الأولى والثامنة.




[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]



أمر القيام بالدعوة إلى اللَّه، وموادها:
تلقى النبي صلى الله عليه وسلم أوامر عديدة
في قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ *
قُمْ فَأَنذِرْ * وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ * وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ *
وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ * وَلا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ * وَلِرَبِّكَ
فَاصْبِرْ} [المدثر: 1 - 7] أوامر بسيطة
ساذجة في الظاهر، بعيدة المدى والغاية،
قوية الأثر والفعل في الحقيقة ونفس الأمر.



[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]



فغاية القيام بالإنذار أن لا يترك أحداً
ممن يخالف مرضاة اللَّه في عالم الوجود إلا
وينذره بعواقبه الوخيمة حتى تقع رجفة
وزلزال في قلبه وروعه.
وغاية تكبير الرب أن لا يترك لأحد كبرياء
في الأرض إلا وتكسر شوكتها، وتقلب ظهراً
لبطن، حتى لا يبقى في الأرض إلا كبرياء اللَّه تعالى.



[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]



وغاية تطهير الثياب وهجران الرجز أن
يبلغ في تطهير الظاهر والباطن وفي تزكية
النفس من جميع الشوائب والألواث إلى حد
وكمال يمكن لنفس بشرية تحت ظلال رحمة اللَّه
الوارفة وحفظه وكلئه وهدايته ونوره،
حتى يكون أعلى مثل في المجتمع البشري،
تجتذب إليه القلوب السليمة، وتحس بهيبته
وفخامته القلوب الزائغة، حتى ترتكز إليه
الدنيا بأسرها وفاقاً أو خلافاً.



[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]



وغاية عدم الاستكثار بالمنة أن لا يعد
فعالاته وجهوده فخيمة عظيمة، بل لا يزال
يجتهد في عمل بعد عمل، ويبذل الكثير من
الجهد والتضحية والفناء، ثم ينسى كل ذلك،
بل يفنى في الشعور باللَّه بحيث لا يحس
ولا يشعر بما بذل وقدم.


[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]




وفي الآية الأخيرة إشارة إلى ما سيلقاه
من أذى المعاندين من المخالفة والاستهزاء
والسخرية إلى الجد والاجتهاد في قتله
وقتل أصحابه، وإبادة كل من التف حوله
من المؤمنين، يأمر اللَّه تعالى أن يصبر على
كل من ذلك بقوة وجلادة، لا لينال حظاً من
حظوظ نفسه، بل لمجرد مرضاة ربه.



[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]



اللَّه أكبر ما أبسط هذه الأوامر في صورتها
الظاهرة، وما أروعها في إيقاعاتها الهادئة
الخلابة، ولكن ما أكبرها وأفخمها وأشدها
في العمل، وما أعظمها إثارة لعاصفة هوجاء
تحضر جوانب العالم كله، وتتركها يتلاحم
بعضها في بعض.




[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]




والآيات نفسها تشتمل على مواد الدعوة
والتبليغ، فالإنذار نفسه يقتضي أن هناك
أعمالاً لها عاقبة سوآى يلقاها أصحابها،
ونظراً لما يعرفه كل أحد أن الدنيا
لا يجازي فيها بكل ما يعمل الناس، بل
ربما لا يمكن المجازاة بجميع الأعمال.
فالإنذار يقتضي يوماً للمجازاة غير أيام
الدنيا، وهو الذي يسمى بيوم القيامة
ويوم الجزاء والدين، وهذا يستلزم حياة
أخرى غير الحياة التي نعيشها في الدنيا.




[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]



وسائر الآيات تطلب من العباد التوحيد
الصريح، وتفويض الأمور كلها إلى اللَّه تعالى،
وترك مرضاة النفس، ومرضاة العباد إلى
مرضاة اللَّه تعالى.
فإذن تتلخص هذه المواد في:


أ - التوحيد.

ب - الإيمان بيوم الآخرة.

ج - القيام بتزكية النفس بأن تتناهى
عن المنكرات والفواحش التي تفضي إلى سوء
العاقبة، وبأن تقوم باكتساب الفضائل
والكمالات وأعمال الخير.





[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]





د - تفويض الأمور كلها إلى اللَّه تعالى.

هـ - وكل ذلك بعد الإيمان برسالة
محمد صلى الله عليه وسلم وتحت قيادته
النبيلة وتوجيهاته الرشيدة.
ثم إن مطلع الآيات تضمنت النداء العلوي
- في صوت الكبير المتعال - بانتداب
النبي صلى الله عليه وسلم لهذا الأمر الجلل،





[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]




وانتزاعه من النوم، والتدثر والدفء إلى
الجهاد والكفاح والمشقة: {يَا أَيُّهَا
الْمُدَّثِّرُ * قُمْ فَأَنذِرْ} ... كأنه قيل: إن
الذي يعيش لنفسه قد يعيش مستريحاً، أما أنت
الذي تحمل هذا العبء الكبير فما لك والنوم؟
وما لك والراحة؟ وما لك والفراش الدافيء؟
والعيش الهادىء؟ والمتاع المريح قم للأمر
العظيم الذي ينتظرك، والعبء الثقيل المهيأ
لك، قم للجهد والنصب، والكد والتعب،






[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]




قم فقد مضى وقت النوم والراحة، وما عاد
منذ اليوم إلا السهر المتواصل، والجهاد
الطويل الشاق، قم فتهيأ لهذا الأمر واستعد.
إنها لكلمة عظيمة رهيبة تنزعه من دفء
الفراش في البيت الهادىء والحضن الدافىء
لتدفع به في الخضم، بين الزعازع والأنواء،
وبين الشد والجذب في ضمائر الناس وفي
واقع الحياة سواء.



[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]




وقام رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ، فظل قائماً
بعدها أكثر من عشرين عاماً لم يسترح ولم
يسكن، ولم يعش لنفسه ولا لأهله. قام وظل
قائماً على دعوة اللَّه يحمل رسول اللَّه صلى الله عليه
وسلم على عاتقه العبء الثقيل الباهظ
ولا ينوء به، عبء الأمانة الكبرى في هذه الأرض،
عبء البشرية كلها، عبء العقيدة كلها، وعبء
الكفاح والجهاد في ميادين شتى،




[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]




عاش في
المعركة الدائبة المستمرة أكثر من عشرين
عاماً لا يلهيه شأن عن شأن في خلال هذا الأمد،
منذ أن سمع النداء العلوي الجليل، وتلقى
منه التكليف الرهيب جزاه اللَّه عنا وعن البشرية
كلها خير الجزاء.
وليست الأوراق الآتية إلاَّ صورة مصغرة
بسيطة من هذا الجهاد الطويل الشاق
الذي قام به رسول اللَّه صلى الله عليه
وسلم خلال هذا الأمد.[



الماسـه 08-21-2011 02:46 PM

رد: سلسلـة˚◦◦˚◦◦قصص أنبياءالله ˚◦◦˚◦◦عليهـم السلام
 
أدوار الدعوة ومراحلها:

يمكن أن نقسم عهد الدعوة المحمدية - على صاحبها الصلاة
والسلام والتحية - إلى دورين يمتاز أحدهما عن الآخر تمام الامتياز وهما
الدور المكي، ثلاث عشرة سنة تقريباً.
الدور المدني، عشر سنوات كاملة.
ثم يشتمل كل من الدورين على مراحل لكل منها خصائص تمتاز بها
عن غيرها، ويظهر ذلك جلياً بعد النظر الدقيق في الظروف التي
مرت بها الدعوة خلال الدورين.


[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]

ويمكن تقسيم الدور المكي إلى ثلاث مراحل:
مرحلة الدعوة السرية، ثلاث سنين.
مرحلة إعلان الدعوة في أهل مكة، من بداية السنة الرابعة
من النبوة إلى أواخر السنة العاشرة.
مرحلة الدعوة خارج مكة، وفشوها فيهم، من أواخر السنة العاشرة
من النبوة إلى هجرته صلى الله عليه وسلم إلى المدينة.

أما مراحل الدور المدني فسيجيء تفصيلها في موضعه.


[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]



المرحلة الأولى
جهاد الدعوة
ثلاث سنوات من الدعوة السرية:
معلوم أن مكة كانت مركز دين العرب، وكان بها سدنة الكعبة،
والقوام على الأوثان والأصنام المقدسة عند سائر العرب،
فالوصول إلى المقصود من الإصلاح فيها يزداد عسراً وشدةً
عما لو كان بعيداً عنها، فالأمر يحتاج إلى عزيمة لا تزلزلها
المصائب والكوارث، لذا كان من الحكمة أن تكون الدعوة في بدء
أمرها سرية، لئلا يفاجأ أهل مكة بما يهيجهم.



[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]


الرعيل الأول:
وكان من الطبيعي أن يعرض الرسول صلى الله عليه وسلم
الإسلام أولاً على ألصق الناس به وآل بيته، وأصدقائه،
فدعاهم إلى الإسلام، ودعا إليه كل من توسم فيه خيراً
ممن يعرفهم ويعرفونه، يعرفهم بحب الحق والخير ويعرفونه
بتحري الصدق والصلاح، فأجابه من هؤلاء - الذين لم تخالجهم
ريبة قط في عظمة الرسول صلى الله عليه وسلم وجلالة نفسه
وصدق خبره - جمع عرفوا في التاريخ الإسلامي بالسابقين
الأولين، وفي مقدمتهم زوجة النبي صلى الله عليه وسلم أم
المؤمنين خديجة بنت خويلد، ومولاه زيد ابن ثابت بن شرحبيل الكلبي،
وابن عمه علي بن أبي طالب - وكان صبياً يعيش في كفالة الرسول
- وصديقه الحميم أبو بكر الصديق. أسلم هؤلاء في أول يوم من أيام الدعوة.


[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]


ثم نشط أبو بكر في الدعوة إلى الإسلام، وكان رجلاً مألفاً محبباً سهلاً،
ذا خلق ومعروف، وكان رجال قومه يأتونه ويألفونه، لعلمه وتجارته،
وحسن مجالسته، فجعل يدعو من يثق به من قومه ممن يغشاه ويجلس
إليه، فأسلم بدعائه عثمان بن عفان الأموي، والزبير بن العوام الأسدي،
وعبد الرحمن بن عوف، وسعد بن أبي وقاص الزهريان، وطلحة بن
عبيد اللَّه التيمي، فكان هؤلاء النفر الثمانية الذين سبقوا الناس
هم الرعيل الأول وطليعة الإسلام.



[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]

ومن أوائل المسلمين بلال بن رباح الحبشي، ثم تلاهم أمين هذه
الأمة أبو عبيدة عامر بن الجراح من بني الحارث بن فهر وأبو
سلمة بن عبد الأسد، والأرقم ابن أبي الأرقم المخزوميان، وعثمان
بن مظعون وأخواه قدامة وعبد اللَّه، وعبيدة بن الحارث بن المطلب
بن عبد مناف، وسعيد بن زيد العدوي، وامرأته فاطمة بنت الخطاب
العدوية أخت عمر بن الخطاب، وخباب بن الأرت وعبد اللَّه بن مسعود
الهذلي وخلق سواهم، وأولئك هم السابقون الأولون، وهم من جميع
بطون قريش وعدهم ابن هشام أكثر من أربعين نفراً، وفي ذكر
بعضهم في السابقين الأولين نظر.

[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]


قال ابن إسحاق ثم دخل الناس في الإسلام أرسالاً من الرجال والنساء
حتى فشا ذكر الإسلام بمكة، وتحدث به.
أسلم هؤلاء سراً، وكان الرسول صلى الله عليه وسلم يجتمع بهم ويرشدهم
إلى الدين متخفياً لأن الدعوة كانت لا تزال فردية وسرية، وكان الوحي
قد تتابع وحمى نزوله بعد نزول أوائل المدثر، وكانت الآيات وقطع السور
التي تنزل في هذا الزمان آيات قصيرة، ذات فواصل رائعة منيعة،
وإيقاعات هادئة خلابة تتناسق مع ذلك الجو الهامس الرقيق،
تشتمل على تحسين تزكية النفوس، وتقبيح تلويثها برغائم الدنيا،
تصف الجنة والنار كأنهما رأي عين، تسير بالمؤمنين في جو آخر
غير الذي فيه المجتمع البشري آنذاك.


[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]


الصــلاة:
وكان في أوائل ما نزل الأمر بالصلاة، قال مقاتل بن سليمان:
فرض اللَّه أول الإسلام الصلاة ركعتين بالغداة وركعتين بالعشي،
لقوله تعالى: {وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ بِالْعَشِيِّ وَالإِبْكَارِ} [غافر: 55]
وقال ابن حجر: كان صلى الله عليه وسلم قبل الإسراء يصلي قطعاً،
وكذلك أصحابه، ولكن اختلف هل فرض شيء قبل الصلوات الخمس
من الصلوات أم لا؟ فقيل إن الفرض كانت صلاة قبل طلوع الشمس
وقبل غروبها. انتهى. وروى الحارث بن أسامة من طريق ابن لهيعة
موصولاً عن زيد بن حارثة أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم في أول
ما أوحى إليه أتاه جبريل، فعلمه الوضوء، فلما فرغ من الوضوء أخذ
غرفة من ماء فنضح بها فرجه. وقد روى ابن ماجه بمعناه. وروي نحوه
عن البراء بن عازب وابن عباس وفي حديث ابن عباس وكان ذلك من أول الفريضة.

[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]


وقد ذكر ابن هشام أن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه
كانوا إذا حضرت الصلاة ذهبوا في الشعاب فاستخفوا بصلاتهم
من قومهم، وقد رأى أبو طالب النبي صلى الله عليه وسلم وعلياً
يصليان مرة، فكلمهما في ذلك، ولما عرف جلية الأمر أمرهما بالثبات.


[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]

الخبر يبلغ إلى قريش إجمالاً:
يبدو بعد النظر في نواح شتى من الوقائع أن الدعوة - في هذه
المرحلة - وإن كانت سرية وفردية لكن بلغت أنباءها إلى قريش،
بيد أنها لم تكترث بها.
قال الشيخ محمد الغزالي: "وترامتهذه الأنباء إلى قريش فلم تعرها
اهتماماً، ولعلها حسبت محمداً أحد أولئك الديانين، الذي يتكلمون في
الألوهية وحقوقها، كما صنع أمية بن أبي الصلت وقس بن ساعدة،
وعمرو بن نفيل وأشباههم، إلا أنها توجست خيفة من ذيوع خبره
وامتداد أثره، وأخذت ترقب على الأيام مصيره ودعوته".


[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]



مرت ثلاث سنين والدعوة لم تزل سرية وفردية، وخلال هذه الفترة
تكونت جماعة من المؤمنين تقوم على الأخوة والتعاون، وتبليغ
الرسالة وتمكينها من مقامها ثم تنزل الوحي يكلف رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم
بمعالنته قومه، ومجابهة باطلهم ومهاجمة أصنامهم.




<<<<<
>>>>>

الماسـه 08-21-2011 02:53 PM

رد: سلسلـة˚◦◦˚◦◦قصص أنبياءالله ˚◦◦˚◦◦عليهـم السلام
 
المرحَلة الثانية
الدعوة جهاراً
أول أمر بإظهار الدعوة:
أول ما نزل بهذا الصدد قوله تعالى: {وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ}
[الشعراء: 214] والسورة التي وقعت فيها الآية -
وهي سورة الشعراء - ذكرت فيها أولاً قصة موسى عليه السلام
من بداية نبوته إلى هجرته مع بني إسرائيل، ونجاتهم من فرعون وقومه،
وإغراق آل فرعون معه، وقد اشتملت هذه القصة على جميع المراحل
التي مر بها موسى عليه السلام خلال دعوة فرعون وقومه إلى اللَّه.


[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]

مع العلم أن هذا التفصيل إنما جيء به حين أمر الرسول صلى الله عليه وسلم
بدعوة قومه إلى اللَّه، ليكون أمامه وأمام أصحابه نموذجاً لما سيلقونه
من التكذيب والاضطهاد حينما يجهرون بالدعوة، وليكونوا على بصيرة
من أمرهم منذ بداية دعوتهم.
ومن ناحية أخرى تشتمل هذه السورة على ذكر مآل المكذبين للرسل،
من قوم نوح، وعاد، وثمود، وقوم إبراهيم، وقوم لوط، وأصحاب الأيكة -
علاوة على ما ذكر من أمر فرعون وقومه - ليعلم الذين سيقومون بالتكذيب
بما يؤول إليه أمرهم وبما سيلقون من مؤاخذة اللَّه إن استمروا على التكذيب،
وليعرف المؤمنون أن حسن العاقبة لهم لا للمكذبين.


[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]



الدعوة في الأقربين:
وأول ما فعل رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بعد نزول هذه الآية أنه
دعا بني هاشم فحضروا، ومعهم نفر من بني المطلب بن عبد مناف،
فكانوا خمسة وأربعين رجلاً. فبادره أبو لهب وقال: وهؤلاء هم عمومتك
وبنو عمك فتكلم ودع الصُّباة. واعلم أنه ليس لقومك بالعرب قاطبة طاقة،
وأنا أحق من أخذك، فحسبك بنو أبيك، وإن أقمت على ما أنت عليه فهو
أيسر عليهم من أن يثب بك بطون قريش، وتمدهم العرب، فما رأيت أحداً جاء
على بني أبيه بشر مما جئت به، فسكت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ،


[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]



ولم يتكلم في ذلك المجلس.
ثم دعاهم ثانية وقال: الحمد للَّه أحمده، وأستعينه، وأومن به، وأتوكل عليه.
وأشهد أن لا إله إلا اللَّه وحده لا شريك له. ثم قال: إن الرائد لا يكذب أهله
واللَّه الذي لا إله إلا هو، إني رسول اللَّه إليكم خاصة، وإلى الناس عامة،
واللَّه لتموتن كما تنامون، ولتبعثن كما تستيقظون، ولتحاسبن بما تعملون
، وإنها الجنة أبداً أو النار أبداً. فقال أبو طالب ما أحب إلينا معاونتك،
وأقبلنا لنصيحتك، وأشد تصديقاً لحديثك. وهؤلاء بنو أبيك مجتمع
ون،
وإنما أنا أحدهم غير أني أسرعهم إلى ما تحب، فامض لما أمرت به،
فواللَّه لا أزال أحوطك وأمنعك، غير أن نفسي لا تطاوعني على فراق
دين عبد المطلب.
فقال أبو لهب هذه واللَّه السوأة، خذوا على يديه قبل أن يأخذ غيركم،
فقال أبو طالب واللَّه لنمنعه ما بقينا.



[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]



على جبل الصفا:
وبعد ما تأكد النبي صلى الله عليه وسلم من تعهد أبي طالب بحمايته،
وهو يبلغ عن ربه، قام يوماً على الصفا فصرخ: يا صباحاه، فاجتمع
إليه بطون قريش، فدعاهم إلى التوحيد والإيمان برسالته وباليوم الآخر.
وقد روى البخاري طرفاً من هذه القصة عن ابن عباس، قال:
لما نزلت {وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ} صعد النبي صلى الله عليه وسلم
على الصفا، فجعل ينادي يا بني فهر...! يا بني عدي لبطون قريش،
حتى اجتمعوا، فجعل الرجل إذا لم يستطع أن يخرج أرسل رسولاً لينظر ما هو؟


[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]

فجاء أبو لهب وقريش، فقال: أرأيتكم لو أخبرتكم أن خيلاً بالوادي
تريد أن تغير عليكم، أكنتم مصدقي؟ قالوا: نعم، ما جربنا عليك
إلا صدقاً، قال: فإني نذير لكم بين يدي عذاب شديد، فقال أبو لهب:
تباً لك سائر اليوم، ألهذا جمعتنا؟ فنزلت {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ} [المسد: 1].
وروى مسلم طرفاً آخر من هذه القصة عن أبي هريرة رضي اللَّه عنه. قال:
لما نزلت هذه الآية: {وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ} دعا رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم
فعم وخص. فقال: يا معشر قريش أنقذوا أنفسكم من النار، يا معشر بني كعب
أنقذوا أنفسكم من النار، يا فاطمة بنت محمد أنقذي نفسك من النار، فإني واللَّه
لا أملك لكم من اللَّه شيئاً، إلا أن لكم رحماً سأبلها ببلالها.



[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]


هذه الصيحة العالية هي غاية البلاغ، فقد أوضح الرسول صلى الله عليه وسلم
لأقرب الناس إليه أن التصديق بهذه الرسالة هو حياة الصلات بينه وبينهم.
وأن عصبية القرابة التي يقوم عليها العرب ذابت في حرارة
هذا الإنذار الآتي من عند اللَّه.




[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]

الصدع بالحق وردود فعل المشركين:
ولم يزل هذا الصوت يرتج دويه في أرجاء مكة حتى نزل قوله تعالى:
{فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنْ الْمُشْرِكِينَ} [الحجر: 94]
فقام رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يعكر على خرافات الشرك وترهاته
، ويذكر حقائق الأصنام وما لها من قيمة في الحقيقة، يضرب بعجزها الأمثال،
ويبين بالبينات أن من عبدها وجعلها وسيلة بينه وبين اللَّه فهو في ضلال مبين.
انفجرت مكة بمشاعر الغضب وماجت بالغرابة والاستنكار حين سمعت صوتاً
يجهر بتضليل المشركين وعباد الأصنام، كأنه صاعقة قصفت السحاب فرعدت
وبرقت وزلزلت الجو الهادىء، وقامت قريش تستعد لحسم هذه الثورة التي
اندلعت بغتة، ويخشى أن تأتي على تقاليدها وموروثاتها.


[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]


قامت لأنها عرفت أن معنى الإيمان بنفي الألوهية عما سوى اللَّه،
ومعنى الإيمان بالرسالة وباليوم الآخر هو الانقياد التام والتفويض
المطلق، بحيث لا يبقى لهم خيار في أنفسهم وأموالهم فضلاً عن غيرهم،
ومعنى ذلك انتفاء سيادتهم وكبريائهم على العرب، التي كانت بالصبغة الدينية
، وامتناعهم عن تنفيذ مرضاتهم أمام مرضاة اللَّه ورسوله، وامتناعهم
عن المظالم التي كانوا يفترونها على الأوساط السافلة، وعن السيئات
التي كانوا يجترحونها صباح مساء، عرفوا هذا المعنى فكانت نفوسهم
تأبى عن قبول هذا الوضع المخزي لا لكرامة وخير {بَلْ يُرِيدُ الإِنسَانُ لِيَفْجُرَ أَمَامَهُ}
[القيامة: 5

[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]


عرفوا كل ذلك جيداً، ولكن ماذا سيفعلون أمام رجل صادق أمين،
أعلى مثل للقيم البشرية ولمكارم الأخلاق، لم يعرفوا له نظيراً ولا
مثيلاً خلال فترة طويلة من تاريخ الآباء والأقوام؟ ماذا سيفعلون؟
تحيروا في ذلك، وحق لهم أن يتحيروا.
وبعد إدارة فكرتهم لم يجدوا سبيلاً إلا أن يأتوا إلى عمه أبي طالب،
فيطلبوا منه أن يكف ابن أخيه عما هو فيه، ورأوا لإلباس طلبهم لباس
الجد والحقيقة أن يقولوا: إن الدعوة إلى ترك آلهتهم، والقول بعدم نفعها
وقدرتها سبة قبيحة وإهانة شديدة لها، وفيه تسفيه وتضليل لآبائهم الذين كانوا
على هذا الدين، وجدوا هذا السبيل فتسارعوا إلى سلوكها.

الماسـه 08-21-2011 03:02 PM

رد: سلسلـة˚◦◦˚◦◦قصص أنبياءالله ˚◦◦˚◦◦عليهـم السلام
 
وفد قريش إلى أبي طالب:
قال ابن إسحاق مشى رجال من أشراف قريش إلى أبي طالب،
فقالوا: يا أبا طالب إن ابن أخيك قد سب آلهتنا، وعاب ديننا،
وسفه أحلامنا، وضلل آباءنا فإما أن تكفه عنا، وإما أن تخلي بيننا وبينه،
فإنك على مثل ما نحن عليه من خلافه، فنكفيكه. فقال لهم أبو طالب
قولاً رقيقاً، وردهم رداً جميلاً فانصرفوا عنه ومضى رسول اللَّه
صلى الله عليه وسلم على ما هو عليه، يظهر دين اللَّه ويدعو إليه.


[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]


المجلس الاستشاري لكف الحجاج عن استماع الدعوة:
وخلال هذه الأيام أهم قريشاً أمر آخر، وذلك أن الجهر بالدعوة
لم يمض عليه إلا أشهر معدودة حتى قرب موسم الحج، وعرفت
قريش أن وفود العرب ستقدم عليهم، فرأت أنه لا بد من كلمة
يقولونها للعرب في شأن محمد صلى الله عليه وسلم حتى لا يكون
لدعوته أثر في نفوس العرب، فاجتمعوا إلى الوليد بن المغيرة يتداولون
في تلك الكلمة، فقال لهم الوليد أجمعوا فيه رأياً واحداً، ولا تختلفوا


[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]


فيكذب بعضكم بعضاً، ويرد قولكم بعضه بعضاً، قالوا: فأنت فقل، قال:
بل أنتم فقولوا أسمع. قالوا: نقول كاهن. قال: لا واللَّه ما هو بكاهن لقد
رأينا الكهان فما هو بزمزمة الكاهن ولا سجعه، قالوا: فنقول مجنون قال:
ما هو بمجنون، لقد رأينا الجنون وعرفناه، ما هو بخنقه ولا تخالجه
ولا وسوسته، قالوا: فنقول شاعر، قال: ما هو بشاعر، لقد عرفنا الشعر كله
رجزه وهجزه وقريضه ومقبوضه ومبسوطه، فما هو بالشعر، قالوا:
فنقول ساحر، قال ما هو بساحر، لقد رأينا السحار وسحرهم، فما
هو بنفثهم ولا عقدهم، قالوا: فما نقول؟ قال: واللَّه إن لقوله لحلاوة،
وإن أصله لعذق، وإن فرعه لجناة، وما أنتم بقائلين من هذا شيئاً
إلا عرف أنه باطل،


[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]



وإن أقرب القول فيه لأن تقولوا ساحر، جاء بقول هو سحر يفرق
به بين المرء وأبيه، وبين المرء وأخيه، وبين المرء وزوجته،
وبين المرء وعشيرته، فتفرقوا عنه بذلك.
وتفيد بعض الروايات أن الوليد لما رد عليهم كل ما عرضوا له،
قالوا: أرنا رأيك الذي لا غضاضة فيه، فقال لهم أمهلوني حتى
أفكر في ذلك، فظل الوليد يفكر ويفكر حتى أبدى لهم رأيه الذي ذكر آنفاً.
وفي الوليد أنزل اللَّه تعالى ست عشرة آية من سور المدثر وفي خلالها
صور كيفية تفكيره، فقال: {إِنَّهُ فَكَّرَ وَقَدَّرَ * فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ * ثُمَّ قُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ
* ثُمَّ نَظَرَ * ثُمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ * ثُمَّ أَدْبَرَ وَاسْتَكْبَرَ * فَقَالَ إِنْ هَذَا إِلا سِحْرٌ يُؤْثَرُ
* إِنْ هَذَا إِلا قَوْلُ الْبَشَرِ} [المدثر: 18-25].

[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]


وبعد أن اتفق المجلس على هذا القرار أخذوا في تنفيذه فجلسوا بسبل
الناس حين قدموا الموسم، لا يمر بهم أحد إلا حذروه إياه وذكروا لهم أمره.
والذي تولى كبر ذلك هو أبو لهب، فقد كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم
يتبع الناس إذا وافى الموسم في منازلهم وفي عكاظ ومجنة وذي المجاز
، يدعوهم إلى اللَّه، وأبو لهب وراءه يقول لا تطيعوه فإنه صابىء كذاب.
وأدى ذلك إلى أن صدرت العرب من ذلك الموسم بأمر رسول اللَّه صلى الله
عليه وسلم ، وانتشر ذكره في بلاد العرب كلها.



[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]


أساليب شتى لمجابهة الدعوة:
ولما رأت قريش أن محمداً صلى الله عليه وسلم لا يصرفه عن
دعوته هذا ولا ذاك، فكروا مرة أخرى واختاروا لقمع هذه الدعوة
أساليب تتلخص فيما يأتي:
السخرية والتحقير، والاستهزاء والتكذيب والتضحيك، قصدوا بها
تخذيل المسلمين، وتوهين قواهم المعنوية، فرموا النبي
صلى الله عليه وسلم بتهم هازلة، وشتائم سفيهة، فكانوا ينادونه
بالجنون


[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]

{وَقَالُوا يَا أَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ}
[الحجر: 6] ويصمونه بالسحر والكذب {وَعَجِبُوا أَنْ جَاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ
وَقَالَ الْكَافِرُونَ هَذَا سَاحِرٌ كَذَّابٌ} [ص: 4] وكانوا يشيعونه ويستقبلونه
بنظرات متلهمة ناقمة، وعواطف منفعلة هائجة {وَإِنْ يَكَادُ الَّذِينَ كَفَرُوا
لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَارِهِمْ لَمَّا سَمِعُوا الذِّكْرَ وَيَقُولُونَ إِنَّهُ لَمَجْنُونٌ} [القلم: 51]
وكان إذا جلس وحوله المستضعفون من أصحابه استهزأوا بهم وقال
{أَهَؤُلاءِ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنْ بَيْنِنَا} [الأنعام: 53] قال تعالى:
{أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَعْلَمَ بِالشَّاكِرِينَ} [الأنعام: 53] وكانوا كما قص اللَّه علينا
{إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كَانُوا مِنْ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ * وَإِذَا مَرُّوا بِهِمْ يَتَغَامَزُونَ
* وَإِذَا انقَلَبُوا إِلَى أَهْلِهِمْ انقَلَبُوا فَكِهِينَ * وَإِذَا رَأَوْهُمْ قَالُوا إِنَّ هَؤُلاءِ لَضَالُّونَ
* وَمَا أُرْسِلُوا عَلَيْهِمْ حَافِظِينَ} [المطففين: 29- 33].



[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]


تشويه تعاليمه وإثارة الشبهات، وبث الدعايات الكاذبة، ونشر الإيرادات
الواهية حول هذه التعاليم، وحول ذاته وشخصيته، والإكثار من كل ذلك
بحيث لا يبقى للعامة مجال في تدبر دعوته، فكانوا يقولون عن القرآن
{أَسَاطِيرُ الأَوَّلِينَ اكْتَتَبَهَا فَهِيَ تُمْلَى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلا} [الفرقان: 5]
{إِنْ هَذَا إِلا إِفْكٌ افْتَرَاهُ وَأَعَانَهُ عَلَيْهِ قَوْمٌ آخَرُونَ} [الفرقان: 4]
وكانوا يقولون: {إنما يعلمه بشر} [النحل: 16] وكانوا يقولون
عن الرسول صلى الله عليه وسلم : {مَالِ هَذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعَامَ
وَيَمْشِي فِي الأَسْوَاقِ} [الفرقان: 7] وفي القرآن نماذج كثيرة للردود
على إيراداتهم بعد نقلها أو من غير نقلها




[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]


معارضة القرآن بأساطير الأولين، وإشغال الناس بها عنه. فقد ذكروا
أن النضربن الحارث قال مرة لقريش يا معشر قريش واللَّه لقد نزل بكم
أمر ما أوتيتم له بحيلة بعد، قد كان محمد فيكم غلاماً حدثاً أرضاكم فيكم،
وأصدقكم حديثاً، وأعظمكم أمانة، حتى إذا رأيتم في صدغيه الشيب،
وجاءكم بما جاءكم به، قلتم ساحر، لا واللَّه ما هو بساحر، لقد رأينا
السحرة ونفثهم وعقدهم، قلتم كاهن، لا واللَّه ما هو بكاهن، قد رأينا
الكهنة وتخالجهم وسمعنا سجعهم، وقلتم شاعر، لا واللَّه ما هو بشاعر
، قد رأينا الشعر وسمعنا أوصافه كلها هزجه ورجزه، وقلتم مجنون،
لا واللَّه ما هو بمجنون لقد رأينا الجنون فما هو بخنقه، ولا وسوسته،
ولا تخليطه، يا معشر قريش فانظروا في شأنكم، فإنه واللَّه لقد نزل بكم أمر عظيم.


[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]


ثم ذهب النضر إلى الحيرة، وتعلم بها أحاديث ملوك الفرس، وأحاديث
رستم وأسفنديار، فكان إذا جلس رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم
مجلساً للتذكير باللَّه والتحذير من نقمته خلفه النضر، ويقول واللَّه
ما محمد بأحسن حديثاً مني، ثم يحدثهم عن ملوك فارس ورستم وأسفنديار،
ثم يقول بماذا محمد أحسن حديثاً مني.
وتفيد رواية ابن عباس أن النضر كان قد اشترى قينات، فكان لا يسمع
برجل مال إلى النبي صلى الله عليه وسلم إلا سلط عليه واحدة منها تطعمه
وتسقيه وتغني له حتى لا يبقى له ميل إلى الإسلام وفيه نزل قوله تعالى:
ومن الناس من يشتري لهو الحديث ليضل عن سبيل اللَّه.



[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]

مساومات حاولوا بها أن يلتقي الإسلام والجاهلية في منتصف
الطريق بأن يترك المشركون بعض ما هم عليه، ويترك النبي صلى
الله عليه وسلم بعض ما هو عليه {وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ}
[القلم: 9] فهناك رواية رواها ابن جرير والطبراني تفيد أن المشركين
عرضوا على رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أن يعبد آلهتهم عاماً
ويعبدون ربه عاماً، ورواية أخرى لعبد بن حميد تفيد أنهم قالوا:
لو قبلت آلهتنا نعبد إلهك.

[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]


وروى ابن إسحاق بسنده، قال: اعترض رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم -
وهو يطوف بالكعبة - الأسود، المطلب بن أسد بن عبد العزى والوليد
بن المغيرة وأمية بن خلف والعاص بن وائل السهمي - وكانوا ذوي
أسنان في قومهم - فقالوا: يا محمد هلم فلنعبد ما تعبد، وتعبد ما نعبد،
فنشترك نحن وأنت في الأمر، فإن كان الذي تعبد خيراً مما نعبد كنا
قد أخذنا بحظنا منه، وإن كان ما نعبد خيراً مما تعبد كنت قد أخذت بحظك منه،
فأنزل اللَّه تعالى فيهم: {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ * لا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ}... السورة كلها.
وحسم اللَّه مفاوضتهم المضحكة بهذه المفاصلة الجازمة.
ولعل اختلاف الروايات لأجل أنهم حاولوا هذه المساومة مرة بعد أخرى.

الماسـه 08-22-2011 04:55 PM

رد: سلسلـة˚◦◦˚◦◦قصص أنبياءالله ˚◦◦˚◦◦عليهـم السلام
 
لاضطهادات:
أعمل المشركون الأساليب التي ذكرناها شيئاً فشيئاً لكف الدعوة
بعد ظهورها في بداية السنة الرابعة من النبوة، ومضت على ذلك
أسابيع وشهور وهم مقتصرون على هذه الأساليب، لا يتجاوزونها
إلى طريق الاضطهاد والتعذيب، ولكنهم لما رأوا أن هذه الأساليب
لا تجدي لهم نفعاً في كف الدعوة الإسلامية اجتمعوا مرة أخرى
وكونوا منهم لجنة أعضاؤها خمسة وعشرون رجلاً من سادات قريش،
رئيسها أبو لهب عم رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم . وبعد التشاور
والتفكر اتخذت هذه اللجنة قراراً حاسماً ضد رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ،


[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]


وضد أصحابه. فقررت أن لا تألو جهداً في محاربة الإسلام، وإيذاء
رسوله، وتعذيب الداخلين فيه، والتعرض لهم بألوان من النكال والإيلام.
اتخذوا هذا القرار وصمموا على تنفيذه. أما بالنسبة إلى المسلمين -
ولا سيما المستضعفين منهم - فكان ذلك سهلاً جداً. وأما بالنسبة إلى
رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فإنه كان رجلاً شهماً وقوراً ذا شخصية
فذة تتعاظمه نفوس الأعداء والأصدقاء بحيث لا يقابل مثلها إلا بالإجلال
والتشريف، ولا يجترىء على اقتراف الدنايا والرذائل ضده إلا أرذال الناس
وسفهاؤهم، ومع ذلك كان في منعة أبي طالب، وأبو طالب من رجال مكة
المعدودين كان معظماً في أصله، معظماً بين الناس، فما يجسر أحد على
إخفار ذمته واستباحة بيضته، إن هذا الوضع أقلق قريشاً وأقامهم وأقعدهم،
ولكن إلام هذا الصبر الطويل أمام دعوة تتشوف إلى القضاء على زعامتهم الدينية،
وصدارتهم الدنيوية.


[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]

وبدأوا الاعتداءات ضد النبي صلى الله عليه وسلم ، وعلى رأسهم أبو لهب
، فقد اتخذ موقفه هذا من رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم منذ اليوم الأول
قبل أن تهم قريش بذلك. وقد أسلفنا ما فعل بالنبي صلى الله عليه وسلم في
مجلس بني هاشم، وما فعل على الصفا، وقد ورد في بعض الروايات أنه -
حينما كان على الصفا - أخذ حجراً ليضرب به النبي صلى الله عليه وسلم .
وكان أبو لهب قد زوج ولديه عتبة وعتيبة بنتي رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم
رقية وأم كلثوم قبل البعثة، فلما كانت البعثة أمرهما بتطليقهما بعنف وشدة حتى طلقاهما.
ولما مات عبد اللَّه - الابن الثاني لرسول اللَّه صلى الله عليه وسلم - استبشر
أبو لهب، وهرول إلى رفقائه يبشرهم بأن محمداً صار أبتر.

[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]


وقد أسلفنا أن أبا لهب كان يجول خلف النبي صلى الله عليه وسلم في موسم
الحج والأسواق لتكذيبه، قد روى طارق بن عبد اللَّه المحاربي ما يفيد أنه كان
لا يقتصر على التكذيب بل كان يضربه بالحجر حتى يدمي عقباه.


[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]



وكانت امرأة أبي لهب - أم جميل أروى بنت حرب بن أمية أخت أبي سفيان -
لا تقل عن زوجها في عداوة النبي صلى الله عليه وسلم فقد كانت تحمل
الشوك وتضعه في طريق النبي صلى الله عليه وسلم وعلى بابه ليلاً،
وكانت امرأة سليطة تبسط فيه لسانها، وتطيل عليه الافتراء والدس،
وتؤجج نار الفتنة، وتثير حرباً شعواء على النبي صلى الله عليه وسلم
ولذلك وصفها القرآن بحمالة الحطب.
ولما سمعت ما نزل فيها وفي زوجها من القرآن أتت رسول اللَّه صلى
الله عليه وسلم وهو جالس في المسجد عند الكعبة، ومعه أبو بكر الصديق
وفي يدها فهر أي بمقدار ملء الكف من حجارة، فلما وقفت عليهما أخذ اللَّه
ببصرها عن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ، فلا ترى إلا أبا بكر، فقالت
: يا أبا بكر أين صاحبك؟ قد بلغني أنه يهجوني، واللَّه لو وجدته لضربت بهذا
الفهر فاه، أما واللَّه إني لشاعرة. ثم قالت:
مذمماً عصينا وأمره أبينا ودينه قلينا


[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]

ثم انصرفت، فقال أبو بكر يا رسول اللَّه أما تراها رأتك؟ فقال: ما رأتني،
لقد أخذ اللَّه ببصرها عني.
وروى أبو بكر البزار هذه القصة. وفيها أنها لما وقفت على أبي بكر قالت:
أبا بكر هجانا صاحبك، فقال أبو بكر لا ورب هذه البنية، ما ينطق بالشعر
ولا يتفوّه به، فقالت: إنك لمصدق.
كان أبو لهب يفعل كل ذلك وهو عم رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وجاره
كان بيته ملصقاً ببيته كما كان غيره من جيران رسول اللَّه صلى الله عليه
وسلم يؤذونه وهو في بيته.


[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]



قال ابن إسحاق كان النفر الذين يؤذون رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم في
بيته أبا لهب، والحكم بن أبي العاص بن أمية وعقبة بن أبي معيط، وعدي
بن حمراء الثقفي، وابن الأصداء الهذلي - وكانوا جيرانه - لم يسلم منهم أحد
إلا الحكم بن أبي العاص فكان أحدهم يطرح عليه صلى الله عليه وسلم حجراً
ليستتر به منهم إذا صلى، فكان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم إذا طرحوا
عليه ذلك الأذى يخرج به على العود فيقف به على بابه، ثم يقول يا بني
عبد مناف أي جوار هذا؟ ثم يلقيه في الطريق.

[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]


وازداد عقبة بن أبي معيط في شقاوته وخبثه، فقد روى البخاري عن
عبد اللَّه بن مسعود رضي اللَّه عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان
يصلي عند البيت وأبو جهل وأصحاب له جلوس إذ قال بعضهم لبعض
أيكم يجيء بسلا جزور بني فلان فيضعه على ظهر محمد إذا سجد.
فانبعث أشقى القوم (وهو عقبة بن أبي معيط) فجاء به فنظر، حتى
إذا سجد النبي صلى الله عليه وسلم وضع على ظهرهبين كتفيه،
وأنا أنظر لا أغني شيئاً لو كانت لي منعة، قال: فجعلوا يضحكون
ويحيل بعضهم على بعض (أي يتمايل بعضهم على بعض مرحاً وبطراً)
ورسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ساجد، لا يرفع رأسه حتى جاءته فاطمة،


[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]


فطرحته عن ظهره، فرفع رأسه، ثم قال: اللهم عليك بقريش ثلاث مرات،
فشق ذلك عليهم إذ دعا عليهم، وقال: وكانوا يرون أن الدعوة في ذلك البلد
مستجابة، ثم سمى اللهم عليك بأبي جهل، وعليك بعتبة بن ربيعة وشيبة
بن ربيعة والوليد بن عتبة. وأمية بن خلف وعقبة بن أبي معيط - وعد
السابع فلم يحفظه - فوالذي نفسي بيده لقد رأيت الذين عدّ رسول اللَّه صلى
الله عليه وسلم صرعى في القليب، قليب بدر.
وكان أمية بن خلف إذا رأى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم همزه ولمزه.
وفيه نزل: {ويل لكل همزة لمزة} قال ابن هشام: الهمزة: الذي يشتم الرج
ل علانية، ويكسر عينيه، ويغمز به، واللمزة: الذي يعيب الناس سراً ويؤذيهم.

[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]



أما أخوه أبي بن خلف فكان هو وعقبة بن أبي معيط متصافيين. وجلس
عقبة مرة إلى النبي صلى الله عليه وسلم وسمع منه، فلما بلغ ذلك أبياً
أنبه وعاتبه وطلب منه أن يتفل في وجه رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ففعل.
وأبى بن خلف نفسه فت عظماً رميماً ثم نفخه في الريح نحو رسول اللَّه
صلى الله عليه وسلم .
وكان الأخنس بن شريق الثقفي ممن ينال من رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ،
وقد وصفه القرآن بتسع صفات تدل على ما كان عليه، وهي في قوله تعالى:
{وَلا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَهِينٍ * هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ * مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ *
عُتُلٍّ بَعْدَ ذَلِكَ زَنِيمٍ} [القلم: 10-13].

[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]


وكان أبو جهل يجيء أحياناً إلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يسمع
منه القرآن ثم يذهب عنه فلا يؤمن ولا يطيع، ولا يتأدب ولا يخشى ويؤذي
رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بالقول، ويصد عن سبيل اللَّه، ثم يذهب
مختالاً بما يفعل، فخوراً بما ارتكب من الشر، كأنما فعل شيئاً يذكر، وفيه نزل:
{فلا صدَّق ولا صلى}...الخ وكان يمنع النبي صلى الله عليه وسلم عن الصلاة
منذ أول يوم رآه يصلي في الحرم، ومرة مر به وهو يصلي عند المقام فقال:
يا محمد ألن أنهك عن هذا، وتوعده فأغلظ له رسول اللَّه صلى الله عليه
وسلم وانتهره. فقال: يا محمد بأي شيءٍ تهددني؟ أما واللَّه إني لأكثر هذا
الوادي نادياً. فأنزل فليدع ناديه وفي رواية أن النبي صلى الله عليه وسلم
أخذ بخناقه وهزه وهو يقول له: {أولى لك فأولى *



[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]

ثم أولى لك فأولى} فقال عدو اللَّه أتوعدني يا محمد؟ واللَّه
لا تستطيع أنت ولا ربك شيئاً، وإني لأعز من مشى بين جبليها.
ولم يكن أبو جهل ليفيق من غباوته بعد هذا الانتهار، بل ازداد شقاوة
فيما بعد. أخرج مسلم عن أبي هريرة قال: قال أبو جهل يعفر محمد
وجهه بين أظهركم؟ فقيل: نعم فقال: واللات والعزى، لئن رأيته لأطأن
على رقبته ولأعفرن وجهه، فأتى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم
وهو يصلي، زعم ليطأ رقبته، فما فجأهم إلا وهو ينكص على عقبيه
ويتقي بيديه، فقالوا: ما لك يا أبا الحكم؟ قال: إن بيني وبينه لخندقاً
من نار وهؤلاء أجنحة، فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم لو دنا
مني لاختطفته الملائكة عضواً عضواً.


[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]



كانت هذه الاعتداءات بالنسبة إلى النبي صلى الله عليه وسلم
مع ما لشخصيته الفذة من وقار وجلال في نفوس العامة والخاصة،
ومع ما له من منعة أبي طالب أعظم رجل محترم في مكة، أما بالنسبة
إلى المسلمين - ولا سيما الضعفاء منهم - فإن الإجراءات كانت أقسى
من ذلك وأمر، ففي نفس الوقت قامت كل قبيلة تعذب من دان منها بالإسلام
أنواعاً من التعذيب، ومن لم يكن له قبيلة فأجرت عليهم الأوباش والسادات
ألواناً من الاضطهاد يفزع من ذكرها قلب الحليم.
كان أبو جهل إذا سمع برجل قد أسلم له شرف ومنعة أنبه وأخزاه،
وأوعده بإبلاغ الخسارة الفادحة في المال والجاه، وإن كان ضعيفاً ضربه وأغرى به.
وكان عم عثمان بن عفان يلفه في حصير من أوراق النخيل ثم يدخنه من تحته.


[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]


ولما علمت أم مصعب بن عمير بإسلامه أجاعته وأخرجته من بيته، وكان
من أنعم الناس عيشاً فتخشف جلده تخشف الحية.
وكن بلال مولى أمية بن خلف الجمحي، فكان أمية يضع في عنقه حبلاً،
ثم يسلمه إلى الصبيان، يطوفون به في جبال مكة، حتى كان يظهر أثر
الحبل في عنقه، وكان أمية يشده شداً ثم يضربه بالعصا، وكان يلجئه
إلى الجلوس في حر الشمس، كما كان يكرهه على الجوع وأشد من ذلك
كله أنه كان يخرجه إذا حميت الظهيرة فيطرحه في بطحاء مكة، ثم يأمر بالصخرة
العظيمة فتوضع على صدره، ثم يقول لا واللَّه لا تزال هكذا حتى تموت أو تكفر
بمحمد، وتعبد اللات والعزى فيقول وهو في ذلك أحد، أحد، حتى مر به أبو
بكر يوماً وهم يصنعون ذلك به فاشتراه بغلام أسود، وقيل بسبع أواق
أو بخمس من الفضة وأعتقه.
وكان عمار بن ياسر رضي اللَّه عنه مولى لبني مخزوم، أسلم هو وأبوه وأمه


[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]



، فكان المشركون - وعلى رأسهم أبو جهل - يخرجونهم إلى الأبطح إذا
حميت الرمضاء فيعذبونهم بحرها. ومر بهم النبي صلى الله عليه وسلم
وهم يعذبون فقال: صبراً آل ياسر فإن موعدكم الجنة، فمات ياسر في العذاب،
وطعن أبو جهل سمية - أم عمار - في قبلها بحربة فماتت، وهي أول شهيدة
في الإسلام، وشددوا العذاب على عمار بالحر تارة، وبوضع الصخر أحمر
على صدره أخرى، وبالتغريق أخرى. وقالوا: لا نتركك حتى تسب محمداً،
أو تقول في اللات والعزى خيراً فوافقهم على ذلك مكرهاً، وجاء باكياً
معتذراً إلى النبي صلى الله عليه وسلم . فأنزل اللَّه {مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ
إِيمَانِهِ إِلا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ} [النحل: 106].
وكان أبو فكيهة - واسمه أفلح - مولى لبني عبد الدار، فكانوا يشدون
برجله الحبل، ثم يجرونه على الأرض.



[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]


وكان خباب بن الأرت مولى لأم أنمار بنت سباع الخزاعية،
فكان المشركون يذيقونه أنواعاً من التنكيل، يأخذون بشعر رأسه
فيجذبونه جذباً، يلوون عنقه تلوية عنيفة وأضجعوه مرات عديدة
على فحام ملتهبة، ثم وضعوا عليه حجراً حتى لا يستطيع أن يقوم.
وكانت زنيرة والنهدية وابنتها وأم عبيس إماء أسلمن، وكان المشركون
يسومونهن من العذاب أمثال ما ذكرنا. وأسلمت جارية لبني مؤمل -
وهم حي من بني عدي - فكان عمر بن الخطاب - وهو يومئذ مشرك -
يضربها، حتى إذا مل قال: إني لم أترك إلا ملالة.
وابتاع أبو بكر هذه الجواري فأعتقهن، كما أعتق بلالاً وعامر بن فهيرة.
وكان المشركون يلفون بعض الصحابة في إهاب الإبل والبقر، ثم يلقونه
في حر الرمضاء، ويلبسون بعضاً آخر درعاً من الحديد ثم يلقونه على
صخرة ملتهبة.
وقائمة المعذبين في اللَّه طويلة ومؤلمة جداً، فما من أحد علموا بإسلامه
إلا تصدوا له وآذوه.



الماسـه 08-22-2011 06:37 PM

رد: سلسلـة˚◦◦˚◦◦قصص أنبياءالله ˚◦◦˚◦◦عليهـم السلام
 
دار الأرقم:
كان من الحكمة تلقاء هذه الاضطهادات أن يمنع رسول اللَّه صلى الله عليه
وسلم المسلمين عن إعلان إسلامهم قولاً أو فعلاً، وأن لا يجتمع بهم إلا سراً،
لأنه إذا اجتمع بهم علناً فلا شك أن المشركين يحولون بينه وبين ما يريد
من تزكية المسلمين وتعليمهم الكتاب والحكمة، وربما يفضي ذلك إلى
مصادمة الفريقين، بل وقع ذلك فعلاً في السنة الرابعة من النبوة، وذلك
أن أصحاب رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم كانوا يجتمعون في الشعاب،
فيصلون فيها سراً، فرآهم نفر من كفار قريش، فسبوهم وقاتلوهم، فضرب
سعد بن أبي وقاص رجلاً فسال دمه، وكان أول دم هريق في الإسلام.


[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]

ومعلوم أن المصادمة لو تعددت وطالت لأفضت إلى تدمير المسلمين
وإبادتهم فكان من الحكمة الاختفاء، فكان عامة الصحابة يخفون إسلامهم
وعبادتهم ودعوتهم واجتماعهم، أما رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فكان
يجهر بالدعوة والعبادة بين ظهراني المشركين، لا يصرفه عن ذلك شيء،
ولكن كان يجتمع مع المسلمين سراً؛ نظراً لصالحهم وصالح الإسلام،
وكانت دار الأرقم بن أبي الأرقم المخزومي على الصفا. وكانت بمعزل عن
أعين الطغاة ومجالسهم، فكان اتخذها مركزاً لدعوته، ولاجتماعه بالمسلمين
من السنة الخامسة من النبوة.


[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]


الهجرة الأولى إلى الحبشة:
كانت بداية الاضطهادات في أواسط أو أواخر السنة الرابعة من النبوة،
بدأت ضعيفة ثم لم تزل يوماً فيوماً وشهراً فشهراً حتى اشتدت وتفاقمت
في أواسط السنة الخامسة، حتى نبا بهم المقام في مكة، وأوعزتهم
أن يفكروا في حيلة تنجيهم من هذا العذاب الأليم، وفي هذه الساعة
الضنكة الحالكة نزلت سورة الكهف ردوداً على أسئلة أدلى بها المشركون
إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، ولكنها اشتملت على ثلاث قصص،
فيها إشارات بليغة من اللَّه تعالى إلى عباده المؤمنين، فقصة أصحاب الكهف
ترشد إلى الهجرة من مراكز الكفر والعدوان حين مخافة الفتنة على الدين،
متوكلاً على اللَّه {وَإِذْ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ إِلا اللَّهَ فَأْوُوا إِلَى الْكَهْفِ
يَنشُرْ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيُهَيِّئْ لَكُمْ مِنْ أَمْرِكُمْ مِرفَقًا} [الكهف: 16].


[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]


وقصة الخضر وموسى تفيد أن الظروف لا تجري ولا تنتج حسب
الظاهر دائماً. بل ربما يكون الأمر على عكس كامل بالنسبة إلى الظاهر
، ففيها إشارة لطيفة إلى أن الحرب القائمة ضد المسلمين ستنعكس تماماً
، وسيصادر هؤلاء الطغاة المشركون - إن لم يؤمنوا - أمام هؤلاء الضعفاء
المدحورين من المسلمين.
وقصة ذي القرنين تفيد أن الأرض للَّه يورثها من عباده من يشاء.
وأن الفلاح إنما هو في سبيل الإيمان دون الكفر، وأن اللَّه لا يزال يبعث
من عباده - بين آونة وأخرى من يقوم بإنجاء الضعفاء من يأجوج ذلك الزمان
ومأجوجه. وأن الأحق بإرث الأرض إنما هو عباد اللَّه الصالحون


[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]


ثم نزلت سورة الزمر تشير إلى الهجرة، وتعلن بأن أرض اللَّه ليست
ضيقة {لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ وَأَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةٌ إِنَّمَا يُوَفَّى
الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ} [الزمر: 10] وكان رسول اللَّه صلى الله
عليه وسلم قد علم أن أصحمة النجاشي ملك الحبشة ملك عادل. لا يظلم
عنده أحد، فأمر المسلمين أن يهاجروا إلى الحبشة فراراً بدينهم من الفتن.
وفي رجب سنة خمس من النبوة هاجر أول فوج من الصحابة إلى الحبشة،
كان مكوناً من اثني عشر رجلاً وأربع نسوة، رئيسهم عثمان بن عفان،
ومعه السيدة رقية بنت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ، وقد قال النبي
صلى الله عليه وسلم فيهما إنهما أول بيت هاجر في سبيل اللَّه
بعد إبراهيم ولوط عليهما السلام.


[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]

كان رحيل هؤلاء تسلالاً في ظلمة الليل - حتى لا تفطن لهم قريش -
خرجوا إلى البحر يمموا ميناء شعيبة، وقيضت لهم الأقدار سفينتين
تجاريتين أبحرتا بهم إلى الحبشة، وفطنت لهم قريش، فخرجت في آثارهم،
لكن لما بلغت إلى الشاطىء كانوا قد انطلقوا آمنين، وأقام المسلمون
في الحبشة في أحسن جوار.
وفي رمضان من نفس السنة خرج النبي صلى الله عليه وسلم إلى الحرم،
وهناك جمع كبير من قريش، كان فيه ساداتها وكبراؤها، فقام فيهم،
وأخذ يتلو سورة النجم بغتة، إن أولئك الكفار لم يكونوا سمعوا
كلام اللَّه قبل ذلك، لأن أسلوبهم المتواصل كان هو العمل بما تواصى
به بعضهم بعضاً، من قولهم {لا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ}
[فصلت: 26] فلما باغتهم بتلاوة هذه السورة،



[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]


وقرع آذانهم كلام إلهي رائع خلاب - لا يحيط بروعته وجلالته البيان -
تفانوا عما هم فيه، وبقي كل واحد مصغياً إليه، لا يخطر بباله شيء سواه.
حتى إذا تلا في خواتيم هذه السورة قوارع تطير لها القلوب، ثم قرأ
{فَاسْجُدُوا لِلَّهِ وَاعْبُدُوا} [النجم: 62] ثم سجد. لم يتمالك أحد نفسه حتى
خر ساجداً. وفي الحقيقة كانت روعة الحق قد صدعت العناد في نفوس
المستكبرين والمستهزئين، فما تمالكوا أن يخروا للَّه ساجدين.


[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]


وسقط في أيديهم لما أحسوا أن جلال كلام اللَّه لوى زمامهم، فارتكبوا
عين ما كانوا يبذلون قصارى جهده في محوه وإفنائه، وقد توالى
عليهم اللوم والعتاب من كل جانب، ممن لم يحضر هذا المشهد من
المشركين، وعند ذلك كذبوا على رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وافتروا
عليه أنه عطف على أصنامهم بكلمة تقدير، وأنه قال عنها: "تلك الغرانيق
العلى، وإن شفاعتهن لترتجى" جاءوا بهذا الإفك المبين، ليعتذروا عن
سجودهم مع النبي صلى الله عليه وسلم ، وليس يستغرب هذا من قوم كانوا
يؤلفون الكذب، ويطيلون الدس والافتراء.



[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]


بلغ هذا الخبر إلى مهاجري الحبشة، ولكن في صورة تختلف تماماً
عن صورته الحقيقية، بلغهم أن قريشاً أسلمت، فرجعوا إلى مكة في
شوال من نفس السنة، فلما كانوا دون مكة ساعة من نهار، وعرفوا
جلية الأمر رجع منهم من رجع إلى الحبشة، ولم يدخل في مكة من
سائرهم أحد إلا مستخفياً، أو في جوار رجل من قريش.
ثم اشتد عليهم وعلى المسلمين البلاء والعذاب من قريش، وسطت بهم
عشائرهم، فقد كان صعباً على قريش ما بلغها عن النجاشي من حسن
الجوار، ولم ير رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بداً من أن يشير على
أصحابه بالهجرة إلى الحبشة مرة أخرى، وكانت هذه الهجرة الثانية
أشق من سابقتها،


[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]


فقد تيقظت لها قريش وقررت إحباطها، بيد أن
المسلمين كانوا أسرع، ويسر اللَّه لهم السفر، فانحازوا إلى نجاشي
الحبشة قبل أن يدركوا.
وفي هذه المرة هاجر من الرجال ثلاثة وثمانون رجلاً إن كان
فيهم عمار، فإنه يشك فيه، وثمان عشرة أو تسع عشرة امرأة.
وبالأول جزم العلامة محمد سليمان المنصور فوري.

الماسـه 08-22-2011 06:49 PM

رد: سلسلـة˚◦◦˚◦◦قصص أنبياءالله ˚◦◦˚◦◦عليهـم السلام
 
مكيدة قريش بمهاجري الحبشة:
عز على المشركين أن يجد المهاجرون مأمناً لأنفسهم ودينهم.
فاختاروا رجلين جلدين لبيبين، وهما عمرو بن العاص، وعبد اللَّه بن
أبي ربيعة - قبل أن يسلما - وأرسلوا معهما الهدايا المستطرفة للنجاشي
ولبطارقته، وبعد أن ساق الرجلان تلك الهدايا إلى البطارقة، وزوداهم
بالحجج التي يطرد بها أولئك المسلمون، وبعد أن اتفقت البطارقة أن يشيروا
على النجاشي بإقصائهم، حضرا إلى النجاشي، وقدما له الهدايا كما كلماه، فقالا له

[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]


أيها الملك، إنه قد ضوى إلى بلدك غلمان سفهاء، فارقوا دين قومهم، لم يدخلوا
في دينك، وجاؤوا بدين ابتدعوه، لا نعرفه نحن ولا أنت، وقد بعثنا إليك فيهم أشراف
قومهم من آبائهم وأعمامهم وعشائرهم، لتردهم إليهم، فهم أعلى بهم عيناً،
وأعلم بما عابوا عليهم، وعاتبوهم فيه.
وقالت البطارقة: صدقاً أيها الملك، فأسلمهم إليهما، فليرداهم إلى قومهم وبلادهم.
ولكن رأى النجاشي أنه لا بد من تمحيص القضية، وسماع أطرافها جميعاً.
فأرسل إلى المسلمين، ودعاهم، فحضروا، وكانوا قد أجمعوا على الصدق
كائناً ما كان. فقال لهم النجاشي: ما هذا الدين الذي فارقتم فيه قومكم،
ولم تدخلوا به في ديني ولا دين أحد من هذه الملل؟

[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]


قال جعفر بن أبي طالب - وكان هو المتكلم عن المسلمين -: أيها الملك
كنا قوماً أهل جاهلية، نعبد الأصنام ونأكل الميتة، ونأتي الفواحش، ونقطع
الأرحام ونسيء الجوار، ويأكل منا القوي الضعيف، فكنا على ذلك، حتى
بعث اللَّه إلينا رسولاً منا، نعرف نسبه وصدقه وأمانته وعفافه، فدعانا إلى
اللَّه لنوحده ونعبده، ونخلع ما كنا نعبد نحن وآباؤنا من دونه من الحجارة
والأوثان، وأمرنا بصدق الحديث وأداء الأمانة، وصلة الرحم، وحسن الجوار،
والكف عن المحارم والدماء، ونهانا عن الفواحش، وقول الزور، وأكل مال
اليتيم، وقذف المحصنات، وأمرنا أن نعبد اللَّه وحده، لا نشرك به شيئاً،



[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]

وأمرنا بالصلاة والزكاة والصيام - فعدد عليه أمور الإسلام - فصدقناه،
وآمنا به، واتبعناه على ما جاءنا به من دين اللَّه، فعبدنا اللَّه وحده، فلم
نشرك به شيئاً، وحرمنا ما حرم علينا، وأحللنا ما أحل لنا، فعدا علينا قومنا،
فعذبونا، وفتنونا عن ديننا، ليردونا إلى عبادة الأوثان من عبادة اللَّه تعالى
، وأن نستحل ما كنا نستحل من الخبائث، فلما قهرونا وظلمونا وضيقوا علينا،
وحالوا بيننا وبين ديننا، خرجنا إلى بلادك، واخترناك على من سواك،
ورغبنا في جوارك، ورجونا أن لا نظلم عندك أيها الملك.
فقال له النجاشي: هل معك مما جاء به عن اللَّه من شيء؟ فقال له جعفر:
نعم! فقال له النجاشي: فاقرأه عليّ فقرأ عليه صدراً من {كهيعص}


[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]


فبكى واللَّه النجاشي حتى اخضلت لحيته، وبكت أساقفته حتى أخضلوا
مصاحفهم حين سمعوا ما تلا عليهم، ثم قال لهم النجاشي: إن هذا
والذي جاء به عيسى ليخرج من مشكاة واحدة، انطلقا، فلا واللَّه لا أسلمهم
إليكما ولا يكادون - يخاطب عمرو بن العاص وصاحبه - فخرجا، وقال
عمرو بن العاص لعبد اللَّه بن ربيعة واللَّه لآتينهم غداً عنهم بما أستأصل
به خضراءهم. فقال له عبد اللَّه بن ربيعة لا تفعل، فإن لهم أرحاماً
وإن كانوا قد خالفونا، ولكن أصر عمرو على رأيه.
فلما كان الغد قال للنجاشي أيها الملك إنهم يقولون في عيسى ابن مريم
قولاً عظيماً، فأرسل إليهم النجاشي يسألهم عن قولهم في المسيح، ففزعوا،



[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]

ولكن أجمعوا على الصدق، كائناً ما كان، فلما دخلوا عليه، وسألهم،
قال له جعفر نقول فيه الذي جاءنا به نبينا صلى الله عليه وسلم هو
عبد اللَّه ورسوله وروحه وكلمته ألقاها إلى مريم العذراء البتول.
فأخذ النجاشي عوداً من الأرض، ثم قال: واللَّه ما عدا عيسى ابن مريم
ما قلت هذا العود، فتناخرت بطارقته، فقال: وإن نخرتم واللَّه.
ثم قال للمسلمين: اذهبوا فأنتم شيوم بأرضي - والشيوم الآمنون بلسان
الحبشة - من سبكم غرم، من سبكم غرم، من سبكم غرم، ما أحب أن لي
دبراً من ذهب وأني آذيت رجلاً منكم - والدبر الجبل بلسان الحبشة.
ثم قال لحاشيته: ردّوا عليهما هداياهما، فلا حاجة لي بها، فواللَّه ما أخذ
اللَّه مني الرشوة حين رد علي ملكي، فأخذ الرشوة فيه، وما أطاع الناس
في فأطيعهم فيه.


[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]


قالت أم سلمة التي تروي هذه القصة فخرجا من عنده مقبوحين مردودا
عليهما ما جاءا به، وأقمنا عنده بخير دار مع خير جار.
هذه رواية ابن إسحاق، وذكر غيره أن وفادة عمرو بن العاص إلى
النجاشي كانت بعد بدر، وجمع بعضهم بأن الوفادة كانت مرتين لكن
الأسئلة والأجوبة التي ذكروا أنها دارت بين النجاشي وجعفر في الوفادة
الثانية هي نفس الأسئلة والأجوبة التي ذكرها ابن إسحاق تقريباً،
ثم إن تلك الأسئلة يدل



[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]


فحواها أنها كانت في أول مرافعة قدمت إلى النجاشي.
أخفقت حيلة المشركين، وفشلت مكيدتهم، وعرفوا أنهم لا يشيعون
ضغينتهم إلا في حدود سلطانهم، ونشأت فيهم من أجل ذلك فكرة رهيبة.
رأوا أن التفصي عن هذه "الداهية" لا يمكن إلا بكف رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم
عن دعوته تماماً، وإلا فبإعدامه، ولكن كيف السبيل إلى ذلك وأبو طالب يحوطه
ويحول بينه وبينهم؟ رأوا أن يواجهوا أبا طالب في هذا الصدد.


[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]


قريش تهدِّد أبا طالب:
جاءت سادات قريش إلى أبي طالب فقالوا له: يا أبا طالب إن لك
سناً وشرفاً ومنزلة فينا. وإنا قد استنهيناك من ابن أخيك فلم تنهه،
وإنا واللَّه لا نصبر على هذا من شتم آبائنا وتسفيه أحلامنا وعيب آلهتنا،
حتى تكفه عنا، أو ننازله وإياك في ذلك، حتى يهلك أحد الفريقين.
عظم على أبي طالب هذا الوعيد والتهديد الشديد، فبعث إلى رسول اللَّه
صلى الله عليه وسلم وقال له يا ابن أخي إن قومك قد جاؤوني فقالوا
لي كذا وكذا فأبق علي وعلى نفسك، ولا تحملني من الأمر ما لا أطيق،
فظن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أن عمه خاذله، وأنه ضعُف عن نصرته،


[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]

فقال: يا عم واللَّه لو وضعوا الشمس في يميني والقمر في يساري على
أن أترك هذا الأمر - حتى يظهره اللَّه أو أهلك فيه - ما تركته، ثم استعبر
وبكى، وقام، فلما ولى ناداه أبو طالب فلما أقبل قال له اذهب يا ابن أخي
فقل ما أحببت، فواللَّه لا أسلمك لشيء أبداً
وأنشد:
واللَّه لن يصلوا إليك بجمعهم حتى أوسد في التراب دفينا
فاصدع بأمرك ما عليك غضاضة وأبشر وقر بذاك منك عيونا


[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]


قريش بين يدي أبي طالب مرة أخرى:
ولما رأت قريش أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ماض في عمله
عرفت أن أبا طالب قد أبى خذلان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ،
وأنه مجمع لفراقهم وعداوتهم في ذلك، فذهبوا إليه بعمارة بن الوليد
بن المغيرة وقالوا له يا أبا طالب إن هذا الفتى أنهد فتى في قريش
وأجمله، فخذه فلك عقله ونصره، واتخذه ولداً فهو لك، وأسلم إلينا
ابن أخيك هذا الذي خالف دينك ودين آبائك، وفرق جماعة قومك وسفه
أحلامهم، فنقتله، فإنما هو رجل برجل، فقال: واللَّه لبئس ما تسومونني
أتعطوني ابنكم أغذوه لكم، وأعطيكم ابني تقتلونه. هذا واللَّه ما لا يكونأبداً.


[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]


فقال المطعم بن عدي بن نوفل بن عبد مناف واللَّه يا أبا طالب لقد أنصفك قومك،
وجهدوا على التخلص مما تركه، فما أراك تريد أن تقبل منهم شيئاً، فقال:
واللَّه ما أنصفتموني، ولكنك قد أجمعت خذلاني ومظاهرة القوم علي فاصنع ما بدا لك.
لا تذكر المصادر التاريخية زمن هاتين الوفادتين لكن يبدو بعد التأمل في
القرائن والشواهد أنهما كانتا في أواسط السنة السادسة من النبوة،
وأن الفصل بين الوفادتين لم يكن إلا يسيراً.
فكرة الطغاة في إعدام النبي صلى الله عليه وسلم :
وبعد فشل قريش وخيبتهم في الوفادتين عادوا إلى ضراوتهم وتنكيلهم
بأشد مما كان قبل ذلك، وخلال هذه الأيام نشأت في طغاتهم فكرة إعدامه
صلى الله عليه وسلم بطريق أخرى، وكانت هذه الفكرة وتلك الضراوة



[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]

هي التي سببت في تقوية الإسلام ببطلين جليلين من أبطال مكة،
وهما حمزة بن عبد المطلب، وعمر بن الخطاب رضي اللَّه عنهما.
فمن تلك الضراوة أن عتيبة بن أبي لهب أتى يوماً إلى رسول اللَّه
صلى الله عليه وسلم فقال: أنا أكفر بـ: {النجم إذا هوى} و {بالذي دنا فتدلى}
ثم تسلط عليه بالأذى، وشق قميصه، وتفل في وجهه صلى الله عليه وسلم
، إلا أن البزاق لميقع عليه، وحينئذ دعا عليه النبي صلى الله عليه وسلم وقال:
اللهم سلط عليه كلباً من كلابك، وقد استجيب دعاؤه صلى الله عليه وسلم ،
فقد خرج عتيبة مرة في نفر من قريش، حتى نزلوا في مكان من
الشام يقال له الزرقاء، فطاف بهم الأسد تلك الليلة، فجعل عتيبة
يقول يا ويل أخي هو واللَّه آكلي كما دعا محمد عليّ، قتلني وهو بمكة،


[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]

وأنا بالشام فعدا عليه الأسد من بين القوم وأخذ برأسه فذبحه.
ومنها ما ذكر أن عقبة بن أبي معيط وطىء على رقبته الشريفة
وهو ساجد حتى كادت عيناه تبرزان.
ومما يدل على أن طغاتهم كانوا يريدون قتله صلى الله عليه وسلم
ما رواه ابن إسحاق في حديث طويل، قال: قال أبو جهل
يا معشر قريش إن محمداً قد أبى إلا ما ترون من عيب ديننا وشتم آبائنا،
وتسفيه أحلامنا، وشتم آلهتنا، وإني أعاهد اللَّه لأجلس له بحجر ما أطيق حمله
، فإذا سجد في صلاته فضخت به رأسه، فأسلموني عند ذلك أو امنعوني،
بعد ذلك بنو عبد مناف ما بدا لهم، قالوا: واللَّه لا نسلمك لشيء أبداً، فامض لما تريد.
فلما أصبح أبو جهل، أخذ حجراً كما وصف، ثم جلس لرسول اللَّه صلى الله عليه
وسلم ينتظره، وغدا رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم كما كان يغدو، فقام يصلي
، وقد غدت قريش فجلسوا في أنديتهم ينتظرون ما أبو جهل فاعل،


[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]

فلما سجد رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ، احتمل أبو جهل الحجر
، ثم أقبل نحوه، حتى إذا دنا منه رجع منهزماً منتقعاً لونه، مرعوباً
قد يبست يداه على حجره، حتى قذف الحجر من يده، وقامت إليه رجال
قريش فقالوا له ما لك يا أبا الحكم؟ قال: قمت إليه لأفعل به ما قلت لكم
البارحة، فلما دنوت منه عرض لي دونه فحل من الإبل، لا واللَّه ما رأيت
مثل هامته، ولا مثل قصرته ولا أنيابه لفحل قط، فهم بي أن يأكلني.
قال ابن إسحاق فذكر لي أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال:
ذلك جبريل عليه السلام لو دنا لأخذه.
وبعد ذلك فعل أبو جهل برسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ما أدى إلى
إسلام حمزة رضي اللَّه عنه وسيأتي.


[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]

أما طغاة قريش فلم تزل فكرة الإعدام تنضج في قلوبهم، روى ابن إسحاق
عن عبد اللَّه بن عمرو بن العاص قال: حضرتهم وقد اجتمعوا في الحجر،
فذكر رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ، فقالوا: ما رأينا مثل ما صبرنا
عليه من أمر هذا الرجل، لقد صبرنا منه على أمر عظيم، فبينا هم كذلك
إذ طلع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ، فأقبل يمشي حتى استلم الركن،
ثم مر بهم طائفاً بالبيت، فغمزوه ببعض القول، فعرفت ذلك في وجه رسول
اللَّه صلى الله عليه وسلم ، فلما مر بهم الثانية غمزوه بمثلها، فعرفت ذلك
في وجهه،

[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]


ثم مر بهم الثالثة فغمزوه بمثلها.فوقف ثم قال: أتسمعون
يا مشعر قريش، أما والذي نفسي بيده، لقد جئتكم بالذبح، فأخذت القوم كلمته،
حتى ما منهم رجل إلا كأنما على رأسه طائر واقع حتى إن أشدهم
فيه ليرفؤه بأحسن ما يجد، ويقول انصرف يا أبا القاسم، فواللَّه
ما كنت جهولاً.
فلما كان الغد اجتمعوا

[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]


كذلك يذكرون أمره إذ طلع عليهم، فوثبوا إليه وثبة رجل واحد، وأحاطوا به،
فلقد رأيت رجلاً منهم أخذ بمجمع ردائه، وقام أبو بكر دونه، وهو يبكي
ويقول أتقتلون رجلاً أن يقول ربي اللَّه؟ ثم انصرفوا عنه، قال ابن عمرو
فإن ذلك لأشد ما رأيت قريشاً نالوا منه قط. انتهى ملخصاً.
وفي رواية البخاري عن عروة بن الزبير قال: سألت ابن عمرو بن العاص
أخبرني بأشد شيء صنعه المشركون بالنبي صلى الله عليه وسلم . قال:
بينما النبي صلى الله عليه وسلم يصلي في حجر الكعبة إذ أقبل عقبة بن
أبي معيط، فوضع ثوبه في عنقه فخنقه خنقاً شديداً. فأقبل أبو بكر حتى
أخذ بمنكبيه، ودفعه عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وقال: أتقتلون

[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]

رجلاً أن يقول ربي اللَّه؟.
وفي حديث أسماء فأتى الصريخ إلى أبي بكر فقال: أدرك صاحبك، فخرج
من عندنا، وعليه غدائر أربع، فخرج وهو يقول أتقتلون رجلاً أن يقول ربي اللَّه؟
فلهوا عنه وأقبلوا على أبي بكر، فرجع إلينا لا نمس شيئاً من غدائره
إلا رجع معنا.

الماسـه 08-22-2011 06:58 PM

رد: سلسلـة˚◦◦˚◦◦قصص أنبياءالله ˚◦◦˚◦◦عليهـم السلام
 
إسلام حمزة رضي اللَّه عنه:
خلال هذا الجو الملبد بسحائب الظلم والطغيان أضاء برق نور
للمقهورين طريقهم ألا وهو إسلام حمزة بن عبد المطلب رضي اللَّه عنه،
أسلم في أواخر السنة السادسة من النبوة، والأغلب أنه أسلم في شهر ذي الحجة.
وسبب إسلامه أن أبا جهل مر برسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يوماً عند
الصفا فآذاه ونال منه، ورسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ساكت لا يكلمه،
ثم ضربه أبو جهل بحجر في رأسه فشجه حتى نزف منه الدم، ثم انصرف
عنه إلى نادي قريش عند الكعبة، فجلس معهم، وكانت مولاة لعبد اللَّه بن
جدعان في مسكن لها على الصفا ترى ذلك، وأقبل حمزة من القنص متوشحاً
قوسه، فأخبرته المولاة بما رأت من أبي جهل، فغضب حمزة - وكان أعز فتى
في قريش وأشده شكيمة -


[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]


فخرج يسعى. لم يقف لأحد، معداً لأبي جهل إذا لقيه
أن يوقع به، فلما دخل المسجد قام على رأسه وقال له يا مصفر استه، تشتم ابن
أخي وأنا على دينه؟ ثم ضربه بالقوس فشجه شجة منكرة، فثار رجال من بني
مخزوم - حي أبي جهل - وثار بنو هاشم - حي حمزة - فقال أبو جهل: دعوا أبا
عمارة، فإني سببت ابن أخيه سباً قبيحاً.
وكان إسلام حمزة أول الأمر أنفة رجل أبى أن يهان مولاه. ثم شرح اللَّه صدره،
فاستمسك بالعروة الوثقى، واعتز به المسلمون أيما اعتزاز.


[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]



إسلام عمر بن الخطاب رضي اللَّه عنه:
وخلال هذا الجو الملبد بسحائب الظلم والطغيان أضاء برق آخر أشد بريقاً
وإضاءة من الأول، ألا وهو إسلام عمر بن الخطاب، أسلم في ذي الحجة
سنة ست من النبوة. بعد ثلاثة أيام من إسلام حمزة رضي اللَّه عنه. وكان
النبي صلى الله عليه وسلم قد دعا اللَّه تعالى لإسلامه. فقد أخرج الترمذي
عن ابن عمر، وصححه، وأخرج الطبراني عن ابن مسعود وأنس أن النبي
صلى الله عليه وسلم قال: اللهم أعز الإسلام بأحب الرجلين إليك بعمر
بن الخطاب أو بأبي جهل بن هشام فكان أحبهما إلى اللَّه عمر رضي اللَّه عنه.
وبعد إدارة النظر في جميع الروايات التي رويت في إسلامه يبدو أن نزول
الإسلام في قلبه كان تدريجاً، ولكن قبل أن نسوق خلاصتها نرى أن نشير إلى
ما كان يتمتع به رضي اللَّه عنه من العواطف والمشاعر.
كان رضي اللَّه عنه معروفاً بحدة الطبع وقوة الشكيمة، وطالما لقي المسلمون
منه ألوان الأذى، والظاهر أنه كانت تصطرع في نفسه مشاعر متناقضة،
احترامه للتقاليد التي سنها الآباء والأجداد،



[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]


واسترساله مع شهوات السكر
واللهو التي ألفها، ثم إعجابه بصلابة المسلمين واحتمالهم البلاء في سبيل
عقيدتهم، ثم الشكوك التي كانت تساوره - كأي عاقل - في أن ما يدعو إليه
الإسلام قد يكون أجل وأزكى من غيره، ولهذا ما إن يثور حتى يخور.
وخلاصة الروايات مع الجمع بينها - في إسلامه رضي اللَّه عنه أنه التجأ ليلة
إلى المبيت خارج بيته، فجاء إلى الحرم، ودخل في ستر الكعبة، والنبي صلى
الله عليه وسلم قائم يصلي وقد استفتح سورة "الحاقة" فجعل عمر يستمع
إلى القرآن ويعجب من تأليفه، قال: فقلت أي في نفسي هذا واللَّه شاعر كما
قالت قريش، قال: فقرأ {إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ * وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَاعِرٍ قَلِيلا مَا تُؤْمِنُونَ}
[الحاقة: 40-41] قال: قلت: كاهن. قال: {وَلا بِقَوْلِ كَاهِنٍ قَلِيلا مَا تَذَكَّرُونَ
* تَنزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الحاقة: 42-43] إلى آخر السورة.
قال فوقع الإسلام في قلبي.


[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]


كان هذا أول وقوع نواة الإسلام في قلبه، لكن كانت قشرة النزعات الجاهلية،
والعصبية التقليدية، والتعاظم بدين الآباء غالبة على مخ الحقيقة التي كانت
يتهمس بها قلبه، فبقي مجداً في عمله ضد الإسلام غير مكترث بالشعور الذي
يكمن وراء هذه القشرة.
وكان من حدة طبعه وفرط عداوته لرسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أنه خرج
يوماً متوشحاً سيفه يريد القضاء على النبي صلى الله عليه وسلم ، فلقيه نعيم
بن عبد اللَّه النحام العدوي، أو رجل من بني زهرة، أو رجل من بني مخزوم
فقال: أين تعمد يا عمر؟ قال: أريد أن أقتل محمداً. قال: كيف تأمن من بني
هاشم ومن بني زهرة وقد قتلت محمداً؟ فقال له عمر ما أراك إلا قد صبوت


[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]


وتركت دينك الذي كنت عليه، قال أفلا أدلك على العجب يا عمر إن أختك
وختنك قد صبوا وتركا دينك الذي أنت عليه، فمشى عمر دامراً حتى أتاهما،
وعندهما خباب بن الأرت، معه صحيفة فيه {طه} يقرئهما إياها - وكان يختلف
إليهما ويقرئهما القرآن - فلما سمع خباب حس عمر توارى في البيت،
وسترت فاطمة - أخت عمر - الصحيفة، وكان قد سمع عمر حين دنا من
البيت قراءة خباب إليهما، فلما دخل عليهما قال: ما هذه الهينمة التي
سمعتها عندكم؟ فقالا ما عدا حديثاً تحدثناه بيننا. قال: فلعلكما قد صبوتما.
فقال له ختنه يا عمر أرأيت إن كان الحق في غير دينك؟ فوثب عمر على
ختنه فوطئه وطأً شديداً. فجاءت أخته فرفعته عن زوجها فنفحها نفحة بيده
، فدمى وجهها - وفي رواية ابن إسحاق أنه ضربها فشجها - فقالت، وهي
غضبى يا عمر إن كان الحق في غير دينك، أشهد أن لا إله إلا اللَّه، وأشهد
أن محمداً رسول اللَّه.
فلما يئس عمر، ورأى ما بأخته من الدم ندم واستحى، وقال: أعطوني هذا
الكتاب الذي عندكم فأقرؤه، فقالت أخته إنك رجس، ولا يمسه إلا المطهرون،
فقم فاعتسل، فقام فاغتسل، ثم أخذ الكتاب، فقرأ {بسم اللَّه الرحمن الرحيم}


[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]


فقال: أسماء طيبة طاهرة. ثم قرأ {طه} حتى انتهى إلى قوله:
{إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لا إِلَهَ إِلا أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمْ الصَّلاةَ لِذِكْرِي} [طه: 14]
فقال: ما أحسن هذا الكلام وأكرمه؟ دلوني على محمد.
فلما سمع خباب قول عمر خرج من البيت، فقال: أبشر يا عمر، فإني أرجو
أن تكون دعوة الرسول اللَّه صلى الله عليه وسلم لك ليلة الخميس
(اللهم أعز الإسلام بعمر بن الخطاب أو بأبي جهل بن هشام)
ورسول اللَّه صلى الله عليه وسلم في الدار التي في أصل الصفا.
فأخذ عمر سيفه فتوشحه، ثم انطلق حتى أتى الدار. فضرب الباب، فقام
رجل ينظر من خلل الباب فرآه متوشحاً السيف، فأخبر رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم .
واستجمع القوم، فقال لهم حمزة ما لكم؟ قالوا: عمر، فقال: وعمر
افتحوا له الباب، فإن كان جاء يريد خيراً بذلناه له، وإن كان جاء يريد شراً
قتلناه بسيفه، ورسول اللَّه صلى الله عليه وسلم داخل يوحى إليه فخرج إلى
عمر حتى لقيه فيالحجرة، فأخذ بمجامع ثوبه وحمائل السيف، ثم جذبهُ جذبةً فقال:


[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]

أما أنت منتهياً يا عمر حتى ينزل اللَّه بك من الخزي والنكال ما نزل بالوليد بن المغيرة؟
اللهم هذا عمر بن الخطاب، اللهم أعز الإسلام بعمر بن الخطاب، فقال عمر:
أشهد أن لا إله إلا اللَّه، وأنك رسول اللَّه. وأسلم فكبر أهل الدار تكبيرة سمعها أهل المسجد.
كان عمر رضي اللَّه عنه ذا شكيمة لا يرام، وقد أثار إسلامه ضجة بين
المشركين بالذلة، والهوان، وكسا المسلمين عزة وشرفاً وسروراً.
روى ابن إسحاق بسنده عن عمر قال: لما أسلمت تذكرت أي أهل مكة أشد
لرسول اللَّه صلى الله عليه وسلم عداوة، قال: قلت أبو جهل، فأتيت حتى ضربت
عليه بابه فخرج إلي، وقال: أهلاً وسهلاً، ما جاء بك؟ قال: جئت لأخبرك أني
قد آمنت باللَّه وبرسوله محمد، وصدقت بما جاء به قال: فضرب الباب في وجهي.
وقال: قبحك اللَّه، وقبح ما جئت به.


[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]

وذكر ابن الجوزي أن عمر رضي اللَّه عنه قال: كان الرجل إذا أسلم تعلق به الرجال يضربونه ويضربهم، فجئت أي حين أسلمت إلى خالي وهو العاصي بن هاشم فأعلمته
فدخل البيت. قال: وذهبت إلى رجل من كبراء قريش، لعله أبو جهل، فأعلمته فدخل البيت.
وذكر ابن هشام وكذا ابن الجوزي مختصراً. أنه لما أسلم أتى إلى جميل بن
معمر الجمحي - وكان أنقل قريش لحديث - فأخبره أنه أسلم، فنادى جميل
بأعلى صوته أن ابن الخطاب قد صبأ فقال عمر - وهو خلفه - كذب، ولكني
قد أسلمت، فثاروا إليه فما زال يقاتلهم ويقاتلونه حتى قامت الشمس على
رؤوسهم، وطلح أي أعيا عمر، فقعد، وقاموا على رأسه، وهو يقول افعلوا
ما بدا لكم، فأحلف باللَّه أن لو كنا ثلاث مائة رجل لقد تركناها لكم أو تركتموها لنا.


[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]


وبعد ذلك زحف المشركون إلى بيته يريدون قتله. روى البخاري عن
عبد اللَّه بن عمر قال: بينما هو - أي عمر - في الدار خائفاً إذ جاءه العاص
بن وائل السهمي أبو عمرو، وعليه حلة سبرة وقميص مكفوف بحرير،
وهو من بني سهم وهم حلفاؤنا في الجاهلية، فقال له ما لك؟ قال: زعم قومك
أنهم سيقتلوني أن أسلمت، قال لا سبيل إليك - بعد أن قالها أمنت - فخرج العاص،
فلقي الناس قد سال بهم الوادي، فقال أين تريدون؟ فقالوا: هذا ابن الخطاب
الذي قد صبأ، قال: لا سبيل إليه، فكر الناس وفي لفظ، في رواية ابن إسحاق
واللَّه لكأنما كانوا ثوباً كشط عنه.
هذا بالنسبة إلى المشركين، أما بالنسبة إلى المسلمين فروى مجاهد
عن ابن عباس قال: سألت عمر بن الخطاب، لأي شيء سميت الفاروق


[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]


؟ قال: أسلم حمزة قبلي بثلاثة أيام - ثم قص عليه قصة إسلامه وقال في
آخره - قلت - أي حين أسلمت - يا رسول اللَّه ألسنا على الحق إن متنا
وإن حيينا؟ قال: بلى والذي نفسي بيده، إنكم على الحق وإن متم وإن حييتم،
قال: قلت ففيم الاختفاء؟ والذي بعثك بالحق لنخرجن، فأخرجاه في صفين،
حمزة في أحدهما، وأنا في الآخر، له كديد ككديد الطحين، حتى دخلنا المسجد،
قال: فنظرت إلي قريش وإلى حمزة، فأصابتهم كآبة لم يصبهم مثلها، فسماني
رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم الفاروق يومئذ.
وكان ابن مسعود رضي اللَّه عنه يقول ما كنا نقدر أن نصلي عند الكعبة
حتى أسلم عمر.

[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]

وعن صهيب بن سنان الرومي رضي اللَّه عنه، قال: لما أسلم عمر ظهر
الإسلام، ودعي إليه علانية، وجلسنا حول البيت حِلقاً، وطفنا بالبيت،
وانتصفنا ممن غلظ علينا، ورددنا عليه بعض ما يأتي به.
وعن عبد اللَّه بن مسعود قال: ما زلنا أعزة منذ أسلم عمر.

الماسـه 08-22-2011 07:03 PM

رد: سلسلـة˚◦◦˚◦◦قصص أنبياءالله ˚◦◦˚◦◦عليهـم السلام
 
ممثل قريش بين يدي الرسول اللَّه صلى الله عليه وسلم :
وبعد إسلام هذين البطلين الجليلين - حمزة بن عبد المطلب وعمر بن الخطاب
رضي اللَّه عنهما - أخذت السحائب تتقشع، وأفاق المشركون عن سكرهم
في إدلاء العذاب والنكال إلى المسلمين، وحاولوا مساومة مع النبي صلى
الله عليه وسلم بإغداق كل ما يمكن أن يكون مطلوباً له؛ ليكفوه عن دعوته.
ولم يكن يدري هؤلاء المساكين أن كل ما تطلع عليه الشمس لا يساوي
جناح بعوضة أمام دعوته، فخابوا وفشلوا فيما أرادو

[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]


قال ابن إسحاق حدثني يزيد، زياد عن محمد بن كعب القرظي قال:
حدثت أن عتبة بن ربيعة، وكان سيداً، قال يوماً، وهو في نادي قريش،
ورسول اللَّه صلى الله عليه وسلم جالس في المسجد وحده يا معشر
قريش ألا أقوم إلى محمد؟ فأكلمه وأعرض عليه أموراً لعله يقبل
بعضها، فنعطيه أيها شاء ويكف عنا؟ وذلك حين أسلم حمزة رضي
اللَّه عنه ورأوا أصحاب رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يكثرون ويزيدون،


[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]


فقالوا: بلى، يا أبا الوليد قم إليه، فكلمه، فقام إليه عتبة، حتى جلس
إلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم . فقال: يا ابن أخي إنك منا حيث قد
علمت من السطة في العشيرة، والمكان في النسب، وإنك قد أتيت قومك
بأمر عظيم فرقت به جماعتهم، وسفهت به أحلامهم، وعبت به آلهتهم
ودينهم وكفرت به من مضى من آبائهم، فاسمع مني أعرض عليك أموراً
تنظر فيها، لعلك تقبل منها بعضها. قال: فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم
قل يا أبا الوليد أسمع، قال: يا ابن أخي، إن كنت إنما تريد بما جئت به
من هذا الأمر مالاً جمعنا لك من أموالنا كيْ تكون أكثرنا مالاً، وإن كنت تريد به شرفاً سودناك علينا

[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]


حتى لا نقطع أمراً دونك، وإن كنت تريد به ملكاً ملكناك علينا، وإن كان
هذا الذي يأتيك رئيا تراه لا تستطيع رده عن نفسك طلبنا لك الطب،
وبذلنا فيه أموالنا حتى نبرئك منه، فإنه ربما غلب التابع على الرجل
حتى يداوى منه - أو كما قال له - حتى إذا فرغ عتبة ورسول اللَّه صلى الله عليه
وسلم يستمع منه، قال: أقد فرغت يا أبا الوليد؟ قال: نعم، قال: فاسمع مني،
قال: أفعل، فقال: {بسم اللَّه الرحمن الرحيم حم * تَنزِيلٌ مِنْ الرَّحْمَانِ الرَّحِيمِ *
كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ * بَشِيرًا وَنَذِيرًا فَأَعْرَضَ
أَكْثَرُهُمْ فَهُمْ لا يَسْمَعُونَ * وَقَالُوا قُلُوبُنَا فِي أَكِنَّةٍ مِمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ} [فصلت: 1 - 5]


[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]


ثم مضى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فيها يقرؤها عليه. فلما سمعها
منه عتبة أنصت لها، وألقى يديه خلف ظهره معتمداً عليهما يسمع منه،
ثم انتهى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم إلى السجدة منها فسجد ثم قال:
قد سمعت يا أبا الوليد ما سمعت فأنت وذاك. فقام عتبة إلى أصحابه،
فقال بعضهم لبعض نحلف باللَّه لقد جاءكم أبو الوليد بغير الوجه
الذي ذهب به. فلما جلس إليهم قالوا: ما وراءك يا أبا الوليد؟ قال:
ورائي أني سمعت قولاً واللَّه ما سمعت مثله قط، واللَّه ما هو بالشعر،
ولا بالسحر، ولا بالكهانة، يا معشر قريش أطيعوني واجعلوها بي،
خلوا بين هذا الرجل وبين ما هو فيه فاعتزلوه، فواللَّه ليكونن لقوله
الذي سمعت منه نبأ عظيم، فإن تصبه العرب فقد كفيتموه بغيركم،


[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]



وإن يظهر على العرب فملكه ملككم، وعزه عزكم، وكنتم أسعد الناس
به. قالوا: سحرك واللَّه يا أبا الوليد بلسانه، قال: هذا رأيي فيه، فاصنعوا ما بدا لكم.
وفي رواية أخرى أن عتبة استمع حتى جاء رسول اللَّه صلى الله
عليه وسلم، إلى قوله تعالى: {فَإِنْ أَعْرَضُوا فَقُلْ أَنذَرْتُكُمْ صَاعِقَةً
مِثْلَ صَاعِقَةِ عَادٍ وَثَمُودَ} [فصلت: 13] فقام مذعوراً، فوضع يده على فم
رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ، يقول أنشدك اللَّه والرحم وذلك مخافة
أن يقع النذير، وقام إلى القوم فقال ما قال.


[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]


أبو طالب يجمع بني هاشم وبني عبد المطلب:
تغيّرت مجرى الظروف وتبدلت الأوضاع والأحوال، ولكن أبا طالب
لم يزل يتوجس من المشركين خيفة على ابن أخيه، إنه كان ينظر في
الحوادث الماضية - إن المشركين هددوه بالمنازلة، ثم حاولوا مساومة
ابن أخيه بعمارة بن الوليد ليقتلوه، إن أبا جهل ذهب إلى ابن أخيه بحجر يرضخه،
إن عقبة بن أبي معيط خنق ابن أخيه بردائه وكاد يقتله، إن ابن الخطاب
كان قد خرج بالسيف
ليقضي على ابن أخيه - كان أبو طالب يتدبر في هذه الحوادث ويشم منها
رائحة شر يرجف له فؤاده، وتأكد عنده أن المشركين عازمون على
إخفار ذمته، عازمون على قتل ابن أخيه، وما يغني حمزة أو عمر أو
غيرهما إن انقض أحد من المشركين على ابن أخيه بغتة.


[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]

تأكد ذلك عند أبي طالب، ولم يكن إلا حقاً، فإنهم كانوا قد أجمعوا على أن يقتلوا
رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم علانية، وإلى هذا الإجماع إشارة في قوله تعالى:
{أَمْ أَبْرَمُوا أَمْرًا فَإِنَّا مُبْرِمُونَ} [الزخرف: 79] فماذا يفعل أبو طالب إذن.
إنه لما رأى تألب قريش على ابن أخيه قام في أهل بيته من بني هاشم وبني
المطلب ولدى عبد مناف، ودعاهم إلى ما هو عليه من منع ابن أخيه
والقيام دونه، فأجابوه إلى ذلك مسلمهم وكافرهم، حمية للجوار العربي،
إلا ما كان من أخيه أبي لهب، فإنه فارقهم، وكان مع قريش .

الماسـه 08-23-2011 04:59 PM

رد: سلسلـة˚◦◦˚◦◦قصص أنبياءالله ˚◦◦˚◦◦عليهـم السلام
 
آخر وفد قريش إلى أبي طالب
خرج رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم من الشعب، وجعل يعمل على شاكلته
وقريش وإن كانوا قد تركوا القطيعة، لكنهم لم يزالوا عاملين على شاكلتهم
من الضغط على المسلمين، والصد عن سبيل اللَّه، أما أبو طالب فهو لم يزل
يحوط ابن أخيه، لكنه كان قد جاوز الثمانين من سنه، وكانت الآلام
والحوادث الضخمة المتوالية منذ سنوات لا سيما حصار الشعب -
قد وهنت وضعفت مفاصله، وكسرت صلبه، فلم يمض على خروجه
من الشعب إلا أشهر معدودات، وإذا هو يلاحقه المرض ويلح به -
وحينئذ خاف المشركون سوء سمعتهم في العرب إن أتوا بعد
وفاته بمنكر على ابن أخيه، فحاولوا مرة أخرى أن يفاوضوا
النبي صلى الله عليه وسلم بين يديه،



[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]


ويعطوا بعض ما لم يرضوا إعطاءه قبل ذلك، فقاموا بوفادة هي آخر
وفادتهم إلى أبي طالب.
قال ابن إسحاق وغيره لما اشتكى أبو طالب، وبلغ قريشاً ثقله،
قالت قريش بعضها لبعض إن حمزة وعمر قد أسلما، وقد فشا أمر
محمد في قبائل قريش كلها، فانطلقوا بنا إلى أبي طالب، فليأخذ على
ابن أخيه، وليعطه منا، واللَّه ما نأمن أن يبتزونا أمرنا، وفي لفظ فإنا
نخاف أن يموت هذا الشيخ فيكون إليه شيء فتعيرنا به العرب،
يقولون تركوه حتى إذا مات عمه تناولوه.


[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]


مشوا إلى أبي طالب فكلموه، وهم أشراف قومه عتبة بن ربيعة،
وشيبة بن ربيعة، وأبو جهل بن هشام، وأمية بن خلف، وأبو سفيان
بن حرب، في رجال من أشرافهم - وهم خمس وعشرون تقريباً -
فقالوا: يا أبا طالب إنك منا حيث قد علمت، وقد حضرك ما ترى،
وتخوفنا عليك، وقد علمت الذي بيننا وبين ابن أخيك، فادعه، فخذ له منا،
وخذ لنا منه، ليكف عنا ونكف عنه، وليدعنا وديننا، وندعه ودينه، فبعث
إليه أبو طالب، فجاءه فقال: يا ابن أخي، هؤلاء أشراف قومك، قد اجتمعوا لك،
ليعطوك، وليأخذوا منك ثم أخبره بالذي قالوا له وعرضوا عليه من عدم تعرض
كل فريق للآخر، فقال لهم رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم



[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]


أرأيتم إن أعطيتكم كلمة تكلمتم بها، ملكتم بها العرب، ودانت لكم بها العجم،
وفي لفظ أنه قال مخاطباً لأبي طالب أريدهم على كلمة واحدة يقولونها تدين
لهم بها العرب، وتؤدي إليهم بها العجم الجزية، وفي لفظ آخر، قال: يا عم،
أفلا تدعوهم إلى ما هو خير لهم؟ قال: وإلى ما تدعوهم؟ قال: أدعوهم إلى
أن يتكلموا بكلمة تدين لهم بها العرب، ويملكون بها العجم، ولفظ رواية ابن
إسحاق كلمة واحدة تعطونها تملكون بها العرب، وتدين لكم بها العجم،
فلما قال هذه المقالة، توقفوا وتحيروا ولم يعرفوا كيف يرفضون هذه
الكلمة الواحدة النافعة إلى هذه الغاية والحد. ثم قال أبو جهل ما هي؟
وأبيك لنعطيكها وعشر أمثالها، قال: تقولون لا إله إلا اللَّه، وتخلعون
ما تعبدون من دونه، فصفقوا بأيديهم، ثم قالوا: أتريد يا محمد أن تجعل
الآلهة إلهاً واحداً؟ إن أمرك لعجب.



[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]



ثم قال بعضهم لبعض إنه واللَّه ما هذا الرجل بمعطيكم شيئاً مما تريدون
فانطلقوا وامضوا على دين آبائكم، حتى يحكم اللَّه بينكم وبينه. ثم تفرقوا.
وفي هؤلاء نزل قوله تعالى: {ص وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ * بَلْ الَّذِينَ كَفَرُوا
فِي عِزَّةٍ وَشِقَاقٍ * كَمْ أَهْلَكْنَا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ قَرْنٍ فَنَادَوْا وَلاتَ حِينَ مَنَاصٍ
* وَعَجِبُوا أَنْ جَاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ وَقَالَ الْكَافِرُونَ هَذَا سَاحِرٌ كَذَّابٌ *
أَجَعَلَ الآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ * وَانطَلَقَ الْمَلأُ مِنْهُمْ أَنْ
امْشُوا وَاصْبِرُوا عَلَى آلِهَتِكُمْ إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ يُرَادُ * مَا سَمِعْنَا بِهَذَا فِي
الْمِلَّةِ الآخِرَةِ إِنْ هَذَا إِلا اخْتِلاقٌ} [ص: 1- 7].



[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]



[COLOR="Red"]عام الحزن[/COLOR]
وفاة أبي طالب:

ألح المرض بأبي طالب، فلم يلبث أن وافته المنية، وكانت وفاته في
رجب سنة عشر من النبوة، بعد الخروج من الشعب بستة أشهر. وقيل:
توفي في شهر رمضان قبل وفاة خديجة رضي اللَّه عنها بثلاثة أيام.

وفي الصحيح عن المسيب أن أبا طالب لما حضرته الوفاة دخل عليه النبي
صلى الله عليه وسلم وعنده أبو جهل، فقال: أي عم، قل لا إله إلا اللَّه، كلمة
أحاج لك بها عند اللَّه، فقال أبو جهل وعبد اللَّه بن أبي أمية يا أبا طالب، ترغب
عن ملة عبد المطلب؟ فلم يزالا يكلمانه حتى قال آخر شيء كلمهم به على
ملة عبد المطلب. فقال النبي صلى الله عليه وسلم : لأستغفرن لك ما لم أنه
عنك، فنزلت: {مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا
أُوْلِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ} [التوبة: 113] ونزلت
{إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ} [القصص: 56].


[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]


ولا حاجة إلى بيان ما كان عليه أبو طالب من الحياطة والمنع،
فقد كان الحصن الذي تحتمي به الدعوة الإسلامية من هجمات الكبراء
والسفهاء، ولكنه بقي على ملة الأشياخ من أجداده، فلم يفلح كل الفلاح.
ففي الصحيح عن العباس بن عبد المطلب، قال للنبي صلى الله عليه وسلم
ما أغنيت عن عمك، فإنه كان يحوطك ويغضب لك؟ قال: هو في ضحضاح من نار
، ولولا أنا لكان في الدرك الأسفل من النار.
وعن أبي سعيد الخدري أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم -
وذكر عنده عمه - فقال: لعله تنفعه شفاعتي يوم القيامة فيجعل في
ضحضاح من النار تبلغ كعبيه.
__________________

الماسـه 08-24-2011 04:02 PM

رد: سلسلـة˚◦◦˚◦◦قصص أنبياءالله ˚◦◦˚◦◦عليهـم السلام
 
بعد وفاة خديجه رضي الله عنها..



الإسراء والمعراج
وبينا النبي صلى الله عليه وسلم في هذه المرحلة
التي كانت دعوته تشق فيها طريقاً بين النجاح
والاضطهاد، وكانت تتراءى نجوماً ضئيلة تتلمح في
آفاق بعيدة، وقع حادث الإسراء والمعراج.
واختلف في تعيين زمنه على أقوال شتى:
فقيل: كان الإسراء في السنة التي أكرمه اللَّه فيها
بالنبوة، اختاره الطبري.


[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]

وقيل: كان بعد المبعث بخمس سنين، رجح ذلك
النووي والقرطبي.
وقيل: كان ليلة السابع والعشرين من شهر
رجب سنة 10 من النبوة، واختاره العلامة
المنصور فوري.
وقيل: قبل الهجرة بستة عشر شهراً، أي في شهر
رمضان سنة 12 من النبوة.


[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]

وقيل: قبل الهجرة بسنة وشهرين، أي في
المحرم سنة 13 من النبوة.
وقيل: قبل الهجرة بسنة، أي في ربيع الأول
سنة 13 من النبوة.
وردت الأقوال الثلاثة الأولى بأن خديجة رضي اللَّه
عنها توفيت في رمضان سنة عشر من النبوة،
وكانت وفاتها قبل أن تفرض الصلوات الخمس،
ولا خلاف أن فرض الصلوات الخمس كان ليلة الإسراء.
أما الأقوال الثلاثة الباقية فلم أجد ما أرجح به
واحداً منها، غير أن سياق سورة الإسراء يدل على
أن الإسراء متأخر جداً.



[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]



وروى أئمة الحديث تفاصيل هذه الوقعة. وفيما
يلي نسردها بإيجاز:
قال ابن القيم: أسري برسول اللَّه صلى الله عليه وسلم
بجسده على الصحيح من المسجد الحرام إلى البيت
المقدس، راكباً على البراق، صحبة جبريل عليهما
الصلاة والسلام، فنزل هناك، وصلى بالأنبياء إماماً،
وربط البراق بحلقة باب المسجد.


[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]


ثم عرج به تلك الليلة من بيت المقدس إلى السماء
الدنيا، فاستفتح له جبريل ففتح له، فرأى هنالك
آدم أبا البشر، فسلم عليه، فرحب به، ورد
عليه السلام، وأقر بنبوته، وأراه اللَّه أرواح الشهداء
عن يمينه، وأرواح الأشقياء عن يساره.
ثم عرج به إلى السماء الثانية، فاستفتح له،
فرأى فيها يحيى بن زكريا وعيسى ابن مريم،
فلقيهما وسلم عليهما، فردا عليه، ورحبا به،
وأقرا بنبوته.



[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]


ثم عرج به إلى السماء الثالثة، فرأى فيها يوسف،
فسلم عليه، فرد عليه ورحب به، وأقر بنبوته.
ثم عرج به إلى السماء الرابعة، فرأى فيها إدريس،
فسلم عليه، ورحب به وأقر بنبوته.
ثم عرج به إلى السماء الخامسة، فرأى فيها هارون
بن عمران، فسلم عليه، ورحب به، وأقر بنبوته.
ثم عرج به إلى السماء السادسة فلقي فيها موسى
بن عمران، فسلم عليه، ورحب به، وأقر بنبوته.


[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]



فلما جاوزه بكى موسى، فقيل له ما يبكيك؟
فقال: أبكي لأن غلاماً بعث من بعدي يدخل
الجنة من أمته أكثر مما يدخلها من أمتي.
ثم عرج به إلى السماء السابعة، فلقي فيها
إبراهيم عليه السلام، فسلم عليه ورحب به،
وأقر بنبوته.
ثم رفع إلى سدرة المنتهى، ثم رفع له البيت
المعمور.



[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]


ثم عرج به إلى الجبار جل جلاله، فدنا منه حتى
كان قاب قوسين أو أدنى، فأوحى إلى عبده ما
أوحى، وفرض عليه خمسين صلاة، فرجع حتى مرّ على
موسى، فقال له بم أمرك؟ قال بخمسين صلاة. قال:
إن أمتك لا تطيق ذلك، ارجع إلى ربك فاسأله
التخفيف لأمتك، فالتفت إلى جبريل، كأنه يستشيره
في ذلك، فأشار أن نعم، إن شئت، فعلا به جبريل
حتى أتى به الجبار تبارك وتعالى، وهو في مكانه
هذا لفظ البخاري في بعض الطرق فوضع عنه عشراً،
ثم أنزل حتى مر بموسى، فأخبره، فقال: ارجع
إلى ربك، فاسأله التخفيف، فلم يزل يتردد بين
موسى وبين اللَّه عز وجل، حتى جعلها خمساً، فأمره
موسى بالرجوع وسؤال التخفيف، فقال:




[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]


قد استحييت من ربي، ولكني أرضى وأسلم،
فلما بعد نادى مناد قد أمضيت فريضتي وخففت
عن عبادي، انتهى.
ثم ذكر ابن القيم خلافاً في رؤيته صلى الله عليه
وسلم ربه تبارك وتعالى، ثم ذكر كلاماً لابن
تيمية بهذا الصدد، وحاصل البحث أن الرؤية
بالعين لم تثبت أصلاً وهو قول لم يقله أحد من
الصحابة. وما نقل عن ابن عباس من رؤيته مطلقاً
ورؤيته بالفؤاد فالأول لا ينافي الثاني.



[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]


ثم قال: وأما قوله تعالى في سورة النجم:
{ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى} [النجم: 8] فهو غير الدنو
الذي في قصة الإسراء، فإن الذي في سورة النجم
هو دنو جبريل وتدليه، كما قالت عائشة وابن
مسعود، والسياق يدل عليه، وأما الدنو والتدلي
في حديث الإسراء فذلك صريح في أنه دنو الرب
تبارك وتعالى وتدليه، ولا تعرض في سورة النجم
لذلك،


[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]



بل فيه أنه رآه نزلة أخرى عند سدرة المنتهى.
وهذا هو جبريل، رآه محمد صلى الله عليه وسلم على
صورته مرتين مرة في الأرض، ومرة عند سدرة
المنتهى. واللَّه أعلم انتهى.
وقد وقع حادث شق صدره صلى الله عليه وسلم هذه
المرة أيضاً، وقد رأى ضمن هذه الرحلة أموراً
عديدة عرض عليه اللبن والخمر، فاختار اللبن،
فقيل: هديت الفطرة أو أصبت الفطرة، أما
إنك لو أخذت الخمر غوت أمتك.


[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]



ورأى أربعة أنهار في الجنة نهران ظاهران،
ونهران باطنان، والظاهران هما النيل والفرات،
ومعنى ذلك أن رسالته ستتوطن الأودية الخصبة
في النيل والفرات، وسيكون أهلها حملة الإسلام
جيلاً بعد جيل، وليس معناه أن مياه النهرين
تنبع من الجنة.

ورأى مالك خازن النار، وهو لا يضحك، وليس
على وجهه بشر وبشاشة وكذلك رأى الجنة والنار.


[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]



ورأى أكلة أموال اليتامى ظلماً لهم مشافر
كمشافر الإبل، يقذفون في أفواههم قطعاً من
نار كالأفهار، فتخرج من أدبارهم.
ورأى أكلة الربا لهم بطون كبيرة لا يقدرون
لأجلها أن يتحولوا عن مكانهم، ويمر بهم آل فرعون
حين يعرضون على النار فيطأونهم.
ورأى الزناة بين أيديهم لحم سمين طيب إلى جنبه
لحم غث منتن، يأكلون من الغث المنتن، ويتركون
الطيب السمين.



[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]

ورأى النساء اللاتي يدخلن على الرجال من ليس
من أولادهم، رآهن معلقات بثديهن.

ورأى عيراً من أهل مكة في الإياب والذهاب، وقد
دلهم على بعير ندّ لهم، وشرب ماءهم من إناء مغطى
وهم نائمون، ثم ترك الإناء مغطى، وقد صار ذلك
دليلاً على صدق دعواه في صباح ليلة الإسراء.

قال ابن القيم فلما أصبح رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم
في قومه أخبرهم بما أراه اللَّه عز وجل من آياته الكبرى،
فاشتد تكذيبهم له وأذاهم واستضرارهم عليه، وسألوه
أن يصف لهم بيت المقدس، فجلاه اللَّه له، حتى عاينه،


[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]


فطفق يخبرهم عن آياته، ولا يستطيعون أن يردوا
عليه شيئاً، وأخبرهم عن عيرهم في مسراه ورجوعه،
وأخبرهم عن وقت قدومها، وأخبرهم عن البعير
الذي يقدمها وكان الأمر كما قال، فلم يزدهم ذلك
إلا نفوراً، وأبى الظالمون إلا كفوراً.
يقال سمى أبو بكر رضي اللَّه عنه صديقاً؛ لتصديقه هذه
الوقعة حين كذبها الناس.
وأوجز وأعظم ما ورد في تعليل هذه الرحلة هو قوله
تعالى: {لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا} [الإسراء: 1]


[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]


وهذه سنة اللَّه في الأنبياء، قال: {وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ
مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنْ الْمُوقِنِينَ}
[الأنعام: 75]، وقال لموسى: {لِنُرِيَكَ مِنْ آيَاتِنَا الْكُبْرَى}
[طه: 23] وقد بين مقصود هذه الإرادة بقوله:
{وليكون من الموقنين} فبعد استناد علوم الأنبياء

إلى رؤية الآيات يحصل لهم من عين اليقين
ما لا يقادر قدره، وليس الخبر كالمعاينة،


[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]



فيتحملون في سبيل اللَّه ما لا يتحمل غيرهم، وتصير
جميع قوات الدنيا عندهم كجناح بعوضة لا يعبأون
بها إذا ما تدول عليهم بالمحن والعذاب.

والحكم والأسرار التي تكمن وراء جزئيات هذه
الرحلة إنما محل بحثها كتب أسرار الشريعة،
ولكن هنا حقائق بسيطة تتفجر من ينابيع هذه
الرحلة المباركة وتتدفق إلى حدائق أزهار السير
ة
النبوية على صاحبها الصلاة والسلام والتحية،



[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]



أرى أن نسجّل بعضاً منها بالإيجاز يرى القارىء
في سورة الإسراء أن اللَّه ذكر قصة الإسراء في آية
واحدة فقط، ثم أخذ في ذكر فضائح اليهود وجرائمهم،
ثم نبههم بأن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم،
فربما يظن القارىء أن الآيتين ليس بينهما ارتباط،



[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]



والأمر ليس كذلك، فإن اللَّه تعالى يشير بهذا الأسلوب
إلى أن الإسراء إنما وقع إلى بيت المقدس لأن اليهود
سيعزلون عن منصب قيادة الأمة الإنسانية؛ لما
ارتكبوا من الجرائم التي لم يبق معها مجال لبقائهم
على هذا المنصب، وأن اللَّه سينقل هذا المنصب فعلاً إلى
رسوله صلى الله عليه وسلم ، ويجمع له مركزي الدعوة
الإبراهيمية كليهما، فقد آن أوان انتقال القيادة
الروحية من أمة إلى أمة، من أمة ملأت تاريخها
بالغدر والخيانة والإثم والعدوان، إلى أمة تتدفق
بالبر والخيرات، ولا يزال رسولها يتمتع بوحي
القرآن الذي يهدي للتي هي أقوم.




[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]



ولكن كيف تنتقل هذه القيادة، والرسول يطوف في
جبال مكة مطروداً بين الناس؟ هذا السؤال يكشف
الغطاء عن حقيقة أخرى، وهي أن دوراً من هذه الدعوة
الإسلامية قد أوشك إلى النهاية والتمام، وسيبدأ
دور آخر يختلف عن الأول في مجراه، ولذلك نرى بعض
الآيات تشتمل على إنذار سافر ووعيد شديد بالنسبة
إلى المشركين {وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا
مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا
تَدْمِيرًا} [الإسراء: 16]، {وَكَمْ أَهْلَكْنَا مِنْ الْقُرُونِ
مِنْ بَعْدِ نُوحٍ وَكَفَى بِرَبِّكَ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خَبِيرًا بَصِيرًا}
[الإسراء: 17]


[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]



إلى جانب هذه الآيات آيات أخرى تبين
للمسلمين قواعد الحضارة وبنودها ومبادئها التي
يبتنى عليها مجتمعهم الإسلامي كأنهم قد أووا إلى
الأرض تملكوا فيها أمورهم من جميع النواحي، وكونوا
وحدة متماسكة تدور عليها رحى المجتمع، ففيه إشارة
إلى أن الرسول صلى الله عليه وسلم سيجد ملجأ ومأمناً
يستقر فيه أمره، ويصير مركزاً لبث دعوته في أرجاء
الدنيا. هذا سر من أسرار هذه الرحلة المباركة،
يتصل ببحثنا، فآثرنا ذكره.

[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]

ولأجل هذه الحكمة وأمثالها نرى أن الإسراء
إنما وقع إما قبيل بيعة العقبة الأولى أو بين
العقبتين، واللَّه أعلم


الساعة الآن 02:06 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
HêĽм √ 3.1 BY: ! ωαнαм ! © 2010

1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59 60 61 62 63 64 65 66 67 68 69