![]() |
![]() |
![]() |
|
|
#23 | |||||||||||
|
ابن تيمية وأسلمة العلوم هذه عبارة عصرية حادثة ، ولكنك إذا نقلتها إلى عصر ابن تيمية تجده يؤسلم المعرفة ، يأتي بالعلوم الداخلة والنون الوافدة عل المسلمين فيضعها في ميزان الكتاب والسنة فيقبل الصحيح منها ويترك المخالف ويطرح المرذول ، وهذا ما يطلق عليه أسلمة المعرفة ، فكلما سمع بفن قرأه وأبحر فيه ثم عرضه على منهج الوحي ، وحاكمة في محكمة الرسالة الخالدة ، وعلى ميراث محمد صلى الله عليه وسلم ، فإن وافق رضية وقبله وقال هذا تحصيل حاصل فهو لدينا ، وإن خالف رده مهما كان قائلة كانت قوة هذا القول . ابن تيمية ومشروعه الإصلاحي ابن تيمية ليس كغيره من العلماء الذين همهم – فقط – التحصيل والنفع في محيطهم وبني عصرهم ، بل له مشروع إصلاحي يهمه ويؤرقه؛ وهو إعادة الناس إلى الكتاب والسنة وهو ما يسمى ( بالتجديد ) ، إذ تلحظ عليه التقعيد لهذا الباب ، والنظرة العامة الشاملة للأمة ، والهم ، لإعادتها إلى كناب الله –عز وجل – وسنة صلى الله عليه وسلم ، وتصحيح مسارها ، وتوضيح الطريق الذي صار ملتبساً على كثير من الناس ، فليس همه فقط أن يتخصص في الفقه ليكون مفتياً أو قاضياً أو خطيباً أو معلماً ، لكن همه أن يجدد للأمة ما درس من دينها ، وأن يعيدها إلى الجادة الأولى التي كان عليها أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم والتابعون بإحسان ، وهذا المشروع الذي ترك أثره ونفعه في الأجيال . وإني أقول كلمة حق : لو أن علوم هذا الإمام انتشرت في الجامعات الإسلامية والمدارس وقامت بها الجماعات الإسلامية والحركات الإصلاحية ، لكان فيها من النفع العظيم والإصلاح والتجديد ما كفانا وشفى غليلنا وأروى عليلنا في هذا الباب ، لما وجد – بإذن الله – هذا التخبط والالتباس في بعض المدارس الفكرية وبعض الدعوات الإصلاحية ، من غبش في مسألة المعتقد ، ومن انحراف ، ومن بدع عند البعض ؛ لأن هذا الرجل – مع ما أوتي من نظرة شاملة ومن تجديد وإصلاح – فيه من الصفات والصواب والتسديد ما الله به عليم . ![]() ابن تيمية ونظرته الربانية علم هذا الإمام علم مبارك ، يقول المعاصرين : ومن كرامات الأولياء ما وهبه الله عز وجل ابن تيمية من علم ، فتجد غيره أعطي علماً على حسب ما حصل وما حفظ ، وعلى حسب ما وجد من الكتب والمشايخ ، إلا هذا الإمام وأمثاله فإن علمه علم مبارك غزير ، لا يمكن أن يكون بجهد بشري فقط ، لكن بموهبة إلهية ربانية ، وكذلك كان نشره للعلم ، فقد كان نشراً ربانياً لا يريد من ورائه سمعة ولا ، بل نشره خالصاً لوجه الله – سبحانه وتعالى – مبتغياً ما عنده من ثواب جزي في الدار الآخرة . فبارك الله بأنفاسه وبكتبه وبرسائله وبدروسه ؛ إذ كان لها من الأثر والنفع ما تلقته الأجيال بعد الأجيال ، وتشاغل به الناس ، واهتم الكثير ، واستفاد منه العامة والخاصة ، وما زالت في ازدياد وانتشار ، وفي بركة وزيادة ، وهذا من الفضل الذي وهبه الله هذا الإمام ، فإنك تجد في كلامه من النور ، ومن النفع والبركة ما لا تجد في كلام غيره ، فإنه يغذيك بصفحات مما يكتب ، ويزيد من معرفتك ،ويزيد من إيمانك ؛ لصحة نيته ولصدقه مع الله عز وجل ، وإخلاصه فيما يقول وفينا يكتب ، وهذا هو العلم المبارك النافع المفيد . ابن تيمية والرسوخ العلمي ابن تيمية لا يجتزئ المسالة اجتزاء ولا يأخذ بطرفها ، وليس بالذي يريد الإشارة غليها مجرد إشارة لكنه العالم الذي يقتل المسالة بحثاً ، فيستولي على أطرافها ، ويفصلها تفصيلاً ، ويشرحها شرحاً كافياً ، بعد الإيمان بها دراسة وبحثاً وتحصيلاً ، وهذا الرسوخ في العلم ، وإذا لم يكن ابن تيمية راسخاً في العلم فمن هو الراسخ إذا ؟ والرسوخ هو العمق والاستيلاء على المسائل ، والفهم كل الفهم فيها ، والتفقه كل التفقه في دلالتها ، وكذلك كان ابن تيمية ، فإنه يتكلم عن المسالة لواحدة كلام بصير بها عاف بوجوه الاعتراض عليها ، مبيناً أطرافها ، كلمة كلمة ، وفصلا فصلا ، وبابا بابا . ![]()
|
|||||||||||
|
|
|
|
| الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
| أدوات الموضوع | |
| انواع عرض الموضوع | |
|
|
