بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد . مَنْ منكم له ميول شعريه ويطمح ان يكون شاعر ؟ , هناك مواهب كامنه لم يتم الكشف عنها من قِبَل اصحابها والسبب يعود الى عدم
المعرفه أو الخوف من الفشل أو قلة الثقه .
كل منا شاعر , شاء أم أبى .
كونك تشعر بما يدور حولك , فأنت شاعر .
ولكن لكل منا طريقة تعبير تخصه , ويستطيع من خلالها البوح عن مايشعربه .
ولكل منا أيضا مدى شعور بالإحساس ،أعني أنّ هناك تفاوت في مدى قرب الإنسان من ملامسة شعوره وأحاسيسه ، وكل ماكان أقرب من شعوره , كان أقرب في التعبير عنها .
كما يخدم الشاعر ايضا , إلمامه باللغه أو اللهجه التي يعبر بها ,فمتى كان ملما ضليعا خبيرا فاهما مطلعا , كان أقرب للفصاحه من غيره , وأفضل في استقطاب القارئ , من
خلال صياغته التي تحتوي على الفن اللغوي للكلمه , من سلامة معنى , وسلاسة لفظ , وصحة اسلوب , ودقة تصوير , وتنسيق محسنات , وغيرها من الجماليات اللغويه ,
التي تضفي على النص رونقا بديعيا , قد يكون خاصا به أحيانا , كما هو معروف من نصوص بعض الشعراء , الذين تركوا بصماتهم عليها واضحة جليه .
كما يلزم الشاعر اذن موسيقيه , مرهفة الإحساس السماعي , دقيقه في تتبعها للألحان الوزنيه , ذات استشفاف للجرس الموسيقي الشعري , كي يستطيع أن يضع قصيدته
في البحر الذي أراده لها , دون زياده أو نقصان .
وهنا أيضا يوجد تفاوت في تدقيق الوزن , فهناك من يستنبط خلل الوزن في القصيده , حال قراءته أو سماعه لها , دو ن اللجوء الى علم العروض أو غيرها من الطرق .
وأكثر من ذلك فهو يستطيع معرفة أدق الهفوات الوزنيه _ كالثقل مثلا _ من الوهلة الأولى .
لاننسى العنصر الفعّال وهو عنصر الخيال , فمتى كان الشاعر يملك خيالا واسعا , استطاع الربط بين الأشياء المتباعده , بتصوير بلاغي جميل .
الثقافه . وهنا لابد أن نشير للثقافه المستحبه للشاعر , من الثقافه التي تؤثر سلبا على شعره .
مطلوب من الشاعر معرفته بعلم الاجتماع , كالتاريخ والجغرافيا ومعرفة بعض الأمور العامه والهامه في الحياه , طبعا بعد إلمامه بأمور دينه . وعليه الابتعاد عن الفلسفه
العلميه في شتى المجالات , لأن ذلك يؤثر سلبا على شعره , كونه ينقله من المطبوع الى المصنوع , وبالتالي يعاب على شعره الصناعه والتكلف , وانعدام العفويه . واذا
استعرضنا التاريخ أتانا بمثال نموذجي عن هؤلاء الشعراء , الا وهو أبو العلاء المعري .
وأخيرا ينبغي للشاعر , أن تكون له عاطفه جياّشه , تتفاعل مع الأحداث بشكل صادق وسريع , والتي بدورها تقدح زناد الفكر , الذي بدوره بطلق العنان للخيال , الذي بدوره
يهيئ الصور من مجرى الأحداث . ومن ثم يأتي دور اللغه في ولادة نص شعري مستوفي شروط الإبداع .
بقي أن نذكر انه ينبغي على الشاعر , أن يراعي الأوقات المناسبه في كتابة القصيده , فلا يكتب الا من دافع عاطفي من تأثير الحدث, وأن يبحث عن اللحظه الذهنيه
المناسبه , التي يتم فيها التفرّغ الذهني عن مايشغل التفكير , عدا النص الذي هو بصدد كتابته .
وأن لايكتب كيف مااتفق في أي وقت وفي أي موضوع ,
وأن يبتعد عن المجاملات , أو المدح والذم في غير موضعه .
وليعلم الشاعر أن كلمه في بيت , أوبيت في قصيده , أو قصيده في ديوان . كفيله بالتأثير على مسيرته الشعريه , وسيرته التاريخيه .
