سعودي كام شات حبي شات صوتي شات غزل شات بنت ابوي شات غرور كام شات سعودي كام صيف كام شات دقات قلبي
الملتقى الجماهيري للشاعر محمد بن فطيس المري - عرض مشاركة واحدة - موطن كلمات المنفى
عرض مشاركة واحدة
قديم 03-19-2013, 08:57 PM   #47
قـاصد كـريم
عضو مجلس الادارة


قـاصد كـريم غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 2703
 تاريخ التسجيل :  Apr 2011
 المشاركات : 3,722 [ + ]
 التقييم :  3340
 الدولهـ
Saudi Arabia
 الجنس ~
Male
لوني المفضل : Lightsteelblue

الاوسمة

افتراضي رد: موطن كلمات المنفى




[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]


على حقيقة امري أني ولد امي ولا شك في ذلك
فقد ولدتني لسنين خلين من عقدٍ منصرم وبذلك تكون قد اختتمت مرحلة الانجاب .

ولدت خديجا على اشهر اقوال الرواة ، أو بالأصح أقرب الى الخديج من النضيج .
وأيا كان ذلك فأنا قد استغرقت مرحلة نمو الجنين المكتمل ، ولكني عاجلت ولا أعلم سببا لتلك العجله .

كانت قد أخبرتني بمنام رأته قبل ولادتي ومازالت تخبرني به حتى سنينها الأخيره ، ولكني لن
اخوض في ذلك ، لأني لاأرى ضروره يقتضيها الحال للعروج الى الرؤى والمنامات .

رحماك الله بأمي فقد حملتني ثقلا ووضعتني كرها وفصلتني في ادنى من الحولين على أغلب الروايات .
وذلك الفصل كان مني إذ لم أكن حريصا على اتمام الحولين ، فأنا الذي فطمت نفسي
وكفيت امي عناء ذلك في مثل ماتجده الامهات من فطام الرضّع .

كان لأبي رحمه الله في حياتي أدوار وأطوار غاية الأهمية ، في تكويني وتلويني , ولأنني لست
بصدد الحديث عنه فلن أتطرق اليه مكتفيا بالترحم عليه كلما جاء بشير ذكراه الى قلبي .

تعلمت كل حركات المهاد الأول بمفردي ، حتى المشي ، الذي جاهدت في تعلمه على شنئان
أخي الأوسط ، الذي كان يتربص لأولى خطواتي ، ثم يهوي بي أرضا ، ويثخن في الضحك علي .

لابأس فتلك عادة في الأطفال ، لايضحكون الا عندما يثيرون انتباه الآخرين على حساب المستضعفين .

في سنيني الاولى الثلاث ، حل بي مرضٌ جلل ، أقلق والدتي وأتعبها ، وجعلها تلازمني السرير
الأبيض في المستشفى الأسود ، الذي حار أطباؤه في تشخيص مرضي ، وأخذوا يتكهنون لي
الوصفات ويقيمون التجارب ، حتى كدت أن أكون حرضا ، من شر ماوجدته .

لم تكن امي تعرف طعما لنوم أو راحة ، فكانت قلقه على ابناءها الصغار في البيت الذين هم
بأمس الحاجة لها ،وفي الوقت عينه لاتستطيع أن تتركني ، وقد ساء حالي وتغيرت ملامحي
وهي ترى الموت يفتك بالاطفال من حولي ويبقيني ، فتشبثت في آخر أمل للحياة وأمّلت بالله
ولم تكترث لتلك الصيحات المنادية بالتخلي عني ، إذ أني في نظرهم هالكٌ لامحاله .

إيــــه . أراد الله لي الشفاء ، ورأتني أمي أتحسن يوما بعد يوم ، والسبب يعود الى طبيب
اكتشف علتي وصرف الدواء الناجع ، وماهي الا أيام حتى أذن لي بالخروج من المستشفى
بين يدي أمي التي اعترتها نشوة الفرح والانتصار ولم يسعها الا ان حمدت الله على سلامتي .

إنني أحرص وأنا أكتب كتابي هذا ، ألا تصيبني معرّة البُلهاء ، لذلك سوف أكون فطناً حريصاً
لكل حرف ، يكون في كلمه ، تتضمن جملة مفيدة ، غير قابله للتأويل والتمثيل ، كي لايختلط
حابلٌ بنابل ، ويراود سياقٌ سياقاً مشابه .

تلقيت الركبان من اخوتي ، وانا في الرابعة من عمري ، علّي أجد مايجلبونه معهم من طرائف
وهم في طريق عودتهم من المدرسة ، مترادفين الحمار _ أعزكم الله _ بعد أن يردوا ماء السبيل
وقد عدلوا على ظهره قربتين أو راويتين فيصدرون بها الينا كل يومٍ تقريبا , فنحن في أول الأمر
كنا بدوا رحّل ، لايقرّبنا الى القرى الا المدرسة والماء ، وما عدا ذلك فنحن نطرد العشب الآبق ربيعا ، والحصيد اليابس شتاءاً ، غير مكترثين بمدرسة الا في الصيف ، ففيه يكون الحضور الى المدرسة فرض عين وما عداه فرض كفاية .

كنت أجد مع أخوتي شيئا من السكاكر ، ماأتلذذ فيه غاية التلذذ ، وأكاد أجد طعمه على لساني كل
ماتذكرته . ثم ينتصف الحديث بيني وبين اخوتي في منتصف الطريق ، وعلى عجاله كانوا
يستعرضون لي يومهم المدرسي ، وكنت أوافيهم بأهم الحداث في غيابهم . ثم ننقلب قافلين الى
أهلنا وأمنا في الانتظار ، فقد أعدّت لنا طعام الغداء ، وقد أطلّت من شارع البيت تترقّب مجيئنا
بفارغ الصبر .

أنا وبكل تأكيد سبب التأخير اليومي ، فمشاغباتي لاتهدأ ابدا ، قد أهشّ على الحمار ليسقطوا ،
فتسقط القرب ، وعندها أُعنّف وأُوبّخ وقد أنال ماأنال من الضرب الذي أستحقه وأبكي .
أخوتي لايلامون بضربي فإعادة القرب المملوءة على ظهر الحمار ليس بالأمر الهيّن على
أطفال منهكين ، وقد أعياهم التعب ، وأزهقتهم حماقاتي المستمره .

ولدى وصولنا البيت نجتمع على الطعام ونأكله كله تنفيذا لوصية أمنا كي نكون أقوياء بين الأطفال
وقد نجعل شيئا يسيرا من الطعام نطعمه لكلابنا .
فأخي الاكبر له الكلب الكبير ، والأوسط للأوسط ، أما الجرو الصغير فإنه لي ، فإذا وضعنا الطعام
دفعة واحدة ، انفرد به الكلب الكبير ، ولم يبقي لكلبينا شيء ، فأرى أنا وأخي الأوسط ، أن نطعم
كل كلب على حده ،ليأخذ كل كلب نصيبه ، ويرى أخونا الكبير أن ذلك من التكلف الغير مبرر فلا
يجيبنا اليه .


ايـــه . وفي العام الذي يليه ، توجب علي أن أذهب مع اخوتي الى المدرسه كطالب مستمع ، وأنا
في سن الخامسه ، ولكن هناك مشكله ، فالحمار لايحملنا معاً ، فتبرع أخي الكبير بالذهاب الى
الى المدرسة ماشيا ويعود كذلك ، كي يتسنى لي الذهاب راكبا الى المدرسه ، بقيادة الأخ الأوسط .

وصلنا أول يوم الى المدرسة الابتدائية ، التي كانت عبارة عن صف واحد لجميع الطلاب ، وفناء
كبير مفتوح وآخر مغلق ، وغرفة للمدرس والمدير . كان عدد الدارسين آنذاك حوالي العشره
اثنان في الصف الخامس واثنان في الصف الرابع وثلاثة في الصف الثاني ومثلهم في الصف
الأول وأنا الطالب المستمع ، وبالطبع لم أكن محسوبا على المدرسة .

أمي غفر الله لها لم تبخل علينا بشيء ، فكانت تجهز لنا الفطور في الصباح وايضا كانت تحمّلنا
الفطور الى المدرسه من خبز مدهون وأطعمه أخرى ، إذ كانت تنوع لنا الطعام خشية السئامه .
وتزودنا ببعض الريالات . اما الخبز فلا نأكله فيكون من نصيب المدرس لأننا نرغب في الحلويات
أكثر .
ذكرت أن هناك فصلا واحدا لجميع الطلاب وهناك أيضا مراحل ليس بها طلاب هي الثالث والسادس
فكان المدرس يدرس جميع المراحل معاً ، وكنت بما منّ الله علي به ، استوعب شيئا من ذلك
كل يوم ، واذا انصرفنا من المدرسة توجهنا الى دكان الحج درويش ، واشترينا بما معنا من
ريالات بعض السكاكر ، وذهبنا الى البيت .واخي الكبير كان يعود الى البيت راجلا ، وكنا راكبين
فنسبقه الى السبيل ونملأ القرب ونصل سويا الى البيت ، وكان السباق على أشّده دائما .

هناك شيء أود أن أشير اليه فقد نسيته ،وهو اننا اذا وصلنا المدرسة من كل صباح ، علقنا القرب
على غصن طلحة ، ونقيد الحمار بقيد قصير جدا ونتركه في الوادي المجاور للمدرسة ، فهكذا
كانت التعليمات ، واذا انصرفنا قد لانجد الحمار الا بعد مشقه ، واحيانا يستعصي علينا مسكه
وهكذا الحال الى أن جاءنا الفرج ، فقد كلفت الحكومة للطلاب ، ناقل رسمي من والى المدرسة
كما كلفت لقاطني القرية ساقياً يسقي البيوت وبذللك تنفسنا الصعداء وارتحنا ، الا ان شيئا عكر
صفونا ، فقد توفي الحج درويش ، واقفلت دكانه وحرمنا السكاكر .

هذه بعض من صور حياتنا في القرية ، التي مالبثنا بعدها وانتقلنا الى المدينة وما أدراك ماالمدينه؟!

في المدينه حياة سهله جدا ، فكل شيء متوفر ، الا أمرين السعاده وحسن الجوار ، فضاقت علينا
المدينه بما رحبت ، وانكفئنا حزناً على ماضي حياتنا ، وكم تمنينا العوده ، ولكن ليس لنا من
الأمر شيئا ، فاضطررنا الى تقبّل الحياة ومعايشتها بما فيها . أما أخواي فقد تركا المدرسه
واتجها الى العمل . أما انا فقد صبرت على صعوبة التكيف مع مدارس المدينه حبا للعلم ليس الا .


وكأن السنين مرت سريعه ، وانفرط عقد العائلة الجميله . فأبي انتقل الى رحمة الله ، واخوتي استقلا بعد الزواج ، ولم يبقى في البيت الا امي وأنا .
لاأدري مااقول في وصف تلك الفتره ، على مامر بها من صعوبات ، الا انها كانت جميله وحسب .
فأنا مذ أن عرفت أبواي ، وهما كبار في السن ، ولم ألمس منهم الا الجدية في التعامل ، بما
يناسب السن الذي كانا فيه .

وأعود للحديث عن امي رحمة الله عليها ، فقد تكفلت بكل شيء تقريبا ، فكانت توقظني للصلوات
وللمدرسة وكانت تطبخ وتغسل وما الى ذلك ، ويتقلص دوري في أني سائق مطيع فقط ، فكنت
احملها الى الوجهه التي أرادتها , فكنا نصل الرحم ونعود المرضى ونجلب مانحتاجه من السوق
و و و .

قد نتعاون في بعض الأمور ، ونختلف على بعض الأراء ، ولكن التفاهم كان سيد الموقف دائما .
فرغم تقصيري واخلالي بكثير مما يوكل اليّ فعله . كنت أنظم لها الأبره مثلا ، وأغسل الصحون
في حالات المزاج العالي ، وأرمي بالقمامة خارج البيت ، وماعدا ذلك فكان كل شيءيقع على
كاهلها .


كانت تصوم التطوع وكنت أفطر ، ولكن مع هذا كانت تعد طعام الغداء لي ، وكنت آكله على مضض
لأني أعلم بأن هذا الشيء يسعدها ، وأبلغها في كل مره أنه يتوجب عليها اذا صامت أن لاتفعل
ذلك ، ولكن لاحياة لمن تنادي ، مما اضطرني الى الهرب نهار صومها أحيانا الى بيت أخوتي .


انها امي الأميه العابده الناسكه التقية ، لاتزال كل يوم تقدم التضحيات لنا ، وكأنها لم تقدم شيء.

زاد في سنينها الاخيره تنسكها وورعها ، فلم يثنها برد الشتاء ولا حر الصيف ولا الأمراض
المصاحبه لها ، عن تقربها الى الله بالطاعات من صلاة وصوم وذكر وتسبيح ، فسبحتها
الخشبية الكبيره ، ومذياعها الموجّه الى اذاعة القرآن الكريم كل مايشغلها بالحياة ، فهي لاتعرف
تتعامل حتى مع الجوال الا في حالة الرد فقط .

الى أن توفاها الله وهي على هذه الحال البسيطه في كل شيء ، لاتعرف المراء والجدال والغيبه
والحقد ، دائمة التسامح ، عفوية التجاوز ، سمحة اللقاء ، طيبة لخلق ، حسنة المعشر .

أسأل الله أن يغفر لها مغفرة من عنده ، ويتغمدها بواسع رحمته ، وعظيم كرمه ومنّه وجوده
واحسانه انه هو الغفور الرحيم .


وخلفتني بعدها وكأني لم أعرف أحدا من البشر غيرها أأنس به .

فمالي أنتظرها على الطعام فلا تأتي واناديها فلا تجيب ، وانتظرها أن توقظني فلا تفعل واظل
الساعات الطوال في فراشي ، علّ صوت أو رجع صدى يأتي من بعيد قائلاً : أما زلت نائماً أيها
المدثر ؟!!!

أذكر انها قالت لي انك أنت من فطمت نفسك ، ولكنها أصرّت أن يكون لها دور في الفطام كباقي
الامهات ، ففطمتني رؤيتها مجدداً .


















 

رد مع اقتباس
 
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59 60 61 62 63 64 65 66 67 68 69