03-19-2013, 08:38 PM
|
#45
|
عضو مجلس الادارة
بيانات اضافيه [
+
]
|
رقم العضوية : 2703
|
تاريخ التسجيل : Apr 2011
|
المشاركات :
3,722 [
+
] |
التقييم : 3340
|
الدولهـ
|
الجنس ~
|
|
لوني المفضل : Lightsteelblue
|
|
رد: موطن كلمات المنفى
كنت جالسا في إحدى المقاهي الواقعة على طريق الركبان ، أطلب الراحة لنفسي واستجمع قواي لمراحل السفر المتبقية ، وكان يجلس بجانبي
(شخص) يثير الدهشة بالرغم من أن عليه علامات الوقار .
كان مستلقياً على ظهره مسنداً رأسه الى متّكىء ورافع إحدى قدميه بمحاذاة التلفاز ويقلّب القنوات بأصابع قدمه!!!
الأعجب من ذلك أنه كان يمسك بيده جهاز التحكم عن بعد ( ريموت كنترول )
دفعني الفضول كعادتي فقلت له ماالذي بيدك ؟ جوال مثلاً . فأشار اليه قائلاً : هذا ؟ قلت : نعم .
فنهض كالفهد وضربني به ضربةً كادت أن تلحق الضرر بي لو أصابتني .
تمالكت أعصابي قليلا ثم سألته ( الفضول مرة أخرى ) أأنت من أهل هذه القرية ؟ فلم يجبني .
أخذت قليلا ثم مضيت لحاجتي ولما عدت وجدته قد أطرق رأسه على يديه التي كانت على ركبتيه بعد أن ثناهما وانفجر بالبكاء !!!
بكاء كبكاء الفطيم ليلة فطامه ، أقل مايوصف به أنه بكاء مرير .
هرعت اليه مسرعا ولما اقتربت منه سألته _ وأنا بكامل حذري خوفا من أن يوافيني بضربةٍ لاتخطئني كسابقتها _ ماخطبك يارجل ؟!
فلم يجب . أخذت أكرّر عليه هذا السؤال مراراً الى أن سكت عن البكاء والتفت الي بنظرة تنذر بالبؤس وقال بصوت يدعو للشفقة : ومادخلك بي ؟!!
أدركت أنه يعيش حالة من الحزن فاستلطفت له الى أن أجابني لدعوتي . انضم الى جلستي وأخذنا نحتسي الشاي معاً الى أن هدأت نفسه قليلاً ثم عرّفته بنفسي
واخبرته بأني عابر سبيل حططت رحالي بهذا الخان طلباً للراحة وقد أتيت من كذا وكذا قاصداً كذا وكذا وشرحت له القصة .
كان يمعن النظر بي كالمتأمّل وأجزم أنه لم يتلّقى كلمة مما قلت .
بعدها سألته تحت تأثير الفضول ماالذي أبكاك ؟!
فسكت مليّاً حتى ظننت أنه لم يسمعني فهممت بإعادة السؤال إلاّ أنه بادرني قائلاً : إليك عني ، إني قد أخّرت البكاء عدة مناسبات حتى أتت ساعة استأذنني فأذنت له على مضض
وهذا مارأيته مني الساعة ولم يره أحد سواك فإذا مضيت لحاجتك فاكتم الذي بيني وبينك .
ثم قام وانصرف لشأنه . أخذ الفضول مني مأخذه وأصبح لايقاوم فاتجهت الى سيارتي لاحقا به فوجدته يسير على قدميه فعمدته ونجحت بانتزاع الموافقة منه أن أوصله بيته ولكن
بعد جهدٍ مضني . لما وصلنا البيت _ الذي لاتبدو عليه مظاهر الفرح _ نزل مستأذناً ومضى بعد أن دعاني فاعتذرت له .
تقدمت قليلا عن البيت فوجدت شيخاً كبير السن _ قد استغربته الدنيا واستوحشها _ يستظل شجرة بقرب بيت صاحبي فسألته عن حاله فقال : يابني إن صاحبك هذا قد توفي أصغر ابنائه هذا
الصباح إثر حادث مروري . قلت أولديه أبناءٌ غيره ؟ قال : سبعة من الأبناء قضوا نحبهم في ثلاث سنوات لاحول ولا قوة الاّ بالله .
استأذنت الشيخ وأكملت سفري وأنا أفكر بحال هذا الرجل !!! لله دره ماأحلمه .
|
|
|