تـأمـلات عـلـى ضـفـاف الـمـوت

أيجهلني الدرب الذي حفظ خطاي
أم تفرق الرفاق من حولي
يفضحني غالباً حرفي .. الذي كـ البصمة يدلُّ عليَّ
وأقول
يخمدُ كل ما كنا غرسناه في البدء
لينهض من بعد تضرجنا بالموت زمانٌ آخر
دمي في إرتشافه ينور المكان
نحو الحقول أسير مبتهجاً ويسبقني غناي
أجمع الأزهار في كلِّ السلال
وأجوب السطور مستظلاً بعناقيد الأعناب
أكحل العيون هنا وتتأوه القلوب هناكـ
وأنسجُ من ضياء الشمس أغنية للنهار
ترفُّ حشودٌ من السنا
وأشعل الحروف قناديلاً تسحرُ الأعيان
كـ النحلة أجوب كلُّ الحدائق
تنشدُ الأشهى وتحيا للبهاء
أصعدُ سلم الإرتقاء لأنتشر مسافراً في العروق
تعتلي الرايات في القرون
ومن القراءة أبتسم وأنتشي حدَّ الإعياء
برجٌ أطلت الإستفهام عنه ..؟!
برجٌ يبشرني بميلاد البشاشة في جبيني
يحررني من الأوهام يعتقني من الوسواس
يدمرُّ غابة الجمود في مدني
برجٌ يهدهدني ويغسل مهجتي من الفراغ القاحل
برجٌ يخالجُ خلجات روحي
لأصعده وفي أعلى ناصيته
أعلن له الإنتماء
بين الأفياء الخضر ونبض الأغصان
بين سحائب الورد وأعشاش طيور البنفسج
بين عرائس الأعناب وكؤوس المحتفلين
يصطبُّ حرفاً في موكبٍ مستضاء
كان يخطُّ أبجدية الشموس يملأ سطوره بالإشراقات
غرقتُ في بحيرةٍ من الأريج وتعرشت مع حروفه بالياسمين
وهبته كل الخطى وأمدت له مراكز الجفون
أجيئه شابكاً يداي بأنوار البهيج
أطير على شذاه .. لألوح له بكفٍ من النجم
ومن الوميض أتأفق لزهوه بالرياحيين
أمتطيتُ هواه وأُتيتُ هواي من هواه
لأهواه .. وأستلذه .. وأعلن له الإنتماء
فأهديته نبات العمر عشب الروح
تاج الحب وأخبرته بأني عاشق لا يسأم النجوى
ولا يخشى عذابات الصدود
يعصرني الشوق في كلِّ وريد
فأعرش حروفي بالأشواق في رحم التطلع إلى الحنين
أحددُ ألوان المسيرات وأصافحُ كل دليل
وأوزع روائح الندى لتتعرف عليها الخياشيم
وتدلني على من ..!
أهدتها الليالي زنابق اللحظات
يطيل الإنتظار لأعيش تخبطاً يخنق لي الهواء
أدثر سنامي الهزيل .. وأحرق السطر بالشعر
وأرتعش في رحاب الأصيل وأعالج النكهات في أسطري
أفكرُ قليلاً
أفصلُ الظنون
أعانق القلق
معادلة من التفاؤل والتشاؤم أكون الصعب فيها
أدخن كثيراً .. أحرق أناملي .. تجتاحني الفوضى
وأخطُّ حروفاً أنهكها طول الإنتظار
لماذا ؟
ولما ؟
وكيف ؟
لماذا غادرني الحلم منحدراً ؟
كنت على وشكـ أن أجني الرحيق
غاب الرحيق وآتاني الحريق
آهٍ .. ياقلبي بل آهٍ ياجسدي
خشبيةٌ أحلام ليلي وحجريةٌ ألحان عمري
لا أقمارٌ تنسكب في طريقي ولا بشارةٌ تقطرُ من فوقي
إرتطمُ بالجدران يشتعلُ راسي لأطفأه بسعيرٍ في يداي
أرضٌ لاتدور
وتوقفٌ لمسيرة عصور
أنينٌ ينتشرُ ودماءٌ تتجمد وأغبرةٌ تجول في الأصداح
حلمٌ يفز ... ورسولٌ يحملُ بغتة أنباء
تحدقُ إليه المقلتين وتتجسسُ على لفظه طبلة الأذنين
فجرَّ سمعي بلحظة ومنحني مساحةً من السواد
تجمدَّ الدم في أوردتي لأصرخ مشتلاً الأطراف
صفعني بريحه وسلب بفجائعه نشواتي
هرولت بي أسطري المثقلة بالفقدان
دافعةً كياني بإتجاه المنافي البعيدة
بقايا تعبي ودمعة أودعت في كلِّ منحنى
أنحسرت جمجمتي في قبعة العزلة
تنزف ماتبقى من الجسد وتتلاشى أحماضاً وثروات
أجلبٌ السطر في متصفحي
كـ الصحراء الساخنة التي يهسهس فيها الهجير
نحيل جسدي
يغزل من نولِ أضلاعه مركباً للضياع
أسيرُ بلا حواس .. بلا خرائط .. بلا أحباب
أندفع نحو المنفى مرتقباً هودج الفناء
تجلدني الرياح ... ينهشني الجوع .. يقضمني الخوف
ويصفعني الموج لأهبط في قيعان اليباس
أخمدت كلُّ رنين الإيقاعات ولم تعد تجدي نجدات القلب
وإستغاثة الأنات وصيحات الروح .. فكل شئٍ قد إنقرض
وسلاسل الألم طوقت دوالي الجسد كـ الثعبان
فلا مهرب لي من التيه والضياع
شيعت جثماني في مدارات الأفل
وجنازتي أوحيت بالفوضى والجنون
وضريحي ينفثُ رائحة
هي رائحة ..!
بقايا روح مسلوقة بجحيم الحياة
فآهٍ يا أنا ..!