عجباّ لنا نستصغره بحجمه ولم نعظمه بفعله

عجباّ لنا نستصغره بحجمه ولم نعظمه بفعله

بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

اللسان ,سجين يخرج متى شاء ,ويدخل متى شاء,ظلم وقهر وذل ولغى وكذب وخدع ومستمر بإفعاله انه اللسان,التي ستشهد



عليه يوم القيامة,قال تعالى(اليوم نختم على أفواههم وتكلمنا أيديهم وتشهد أرجلهم بما كانوا يكسبون)نعم اللسان الذي أوردنا



المهالك,فرب كلمة تورد صاحبها النار,ورب كلمة تدخل صاحبها الجنان,قال الحبيب صلى الله عليه وسلم(إن العبد ليتكلم



بالكلمة من رضوان الله مايلقى لها بالاً يرفعه الله بها درجات وإن العبد ليتكلم بالكلمة من سخط الله لايلقى لها بالاّ يهوي بها



في جهنم)أخرجه البخاري,وُنذكر موقف ابو بكرالصديق رضي الله عنه,عندما دخل عليه عمررضي الله عنه,وهو ماسك



لسانه,ويقول,هذا أوردني الموارد,أي,المهالك,فهذا أبو بكر المبشر بالجنة,صاحب الحبيب صلى الله عليه وسلم,يقول هذا



الكلام ويشتكي من لسانه,فماذا نقول نحن أصحاب الألسن,والمعاصي الكثيرة,وقد نصح الحبيب صلى الله عليه



وسلم,معاذ فقال له,كف عليك هذا وأشار إلى لسانه,قلت,يارسول الله,وإنا لمؤاخذون بما نتكلم به,فقال ثكلتك



أمك يا معاذ,وهل يكب الناس في النارعلى وجوههم إلا حصائد ألسنتهم,رواه الترمذي,فبدل من أن نشكر الله ونستعمل هذا




الجهاز الصغير بقول الحق نكرنا وجحدنا وأستعملناه بقول الباطل,لو تذكرنا قبل أن نتكلم قول الله تعالى(مايلفظ من قول إلا



لديه رقيب عتيد)كم من قبائل تفرقت وأسر تشتت شملها,وكم من شرف ضاع, والسبب اللسان,كم وكم من قصص يندى لها



الجبين,وتدمع لها العيون, والسبب اللسان الذي أجرى الويلات وأحدث النكبات,فلنحذر من فلتاته,ولنعلم أن الكلمة إن خرجت



ملكتك ولم تملكها, فالصمت هو الحل,وإن كان لابد من الكلام فلنقل خيراً,قال الحبيب صلى الله عليه وسلم(من كان يؤمن بالله



واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت)وأن من أصول النجاة وقواعد السلامة،حبس اللسان من الفحش والعصيان,فهو أعظم


آله يستخدمها الشيطان ضد الإنسان نفسه,فالعين تنظر والأذن تسمع واليد تلمس والقدم تسعى,واللسان يتناول كل شئ الحق



والباطل,النفي والاثبات,الطاعة والمعصية ,الكفر والايمان,فعجباّ لنا نستصغره بحجمه ولم نعظمه بفعله,يقول



الإمام ابن القيم(أن الإنسان يهون عليه التحفظ والاحتراز من أكل الحرام,والظلم والزنى والسرقة وشرب الخمر ومن النظر


المحرم,ويصعب عليه التحفظ من حركة لسانه,حتى ترى الرجل يشار إليه بالدين والزهد والعبادة,وهو يتكلم بالكلمات من سخط



الله لا يلقى لها بالاّ,يزل بالكلمة الواحدة منها أبعد مما بين المشرق والمغرب)إن أردت أن تعرف شخص أعرفه



بلسانه,أنظر إلى حكمته ,صمته,حديثه بما ينفع أو بعكس ذلك,فإن كان كريماً طيباً فاح البخور من لسانه, وإن كان خبيثاً



خرج النتن على لسانه,لنتواصى ونعمر هذا اللسان بذكر الله وشكره,قبل أن نندم على إطلاقنا لهذا اللسان, وجعلناه يتكلم بما



يخطر به البال,منه ماجلب لنا الوبال ورأينا نتائجه في دار الفناء,ومن أقول الامام الشافعي,أحفظ لسانك أيها الإنسان,لا



يلدغنك,إنه ثعبان,كم في المقابر من قتيل لسانه,كانت تهاب لقائه الأقران,واخرج البخاري والبيهقي عن سهل بن سعد ‏,ان


رسول الله صلى الله عليه وسلم قال‏(من يضمن لي ما بين لحييه وما بين رجليه اضمن له الجنة‏)واخرج البخاري في الادب


والبيهقي عن سهل بن سعد عن ابي هريرة قال‏,قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏(ان اكثر ما يدخل الناس النار,الاجوفان‏,الفم والفرج)‏‏



اللهم أرزقنا ألسنه ناطقه للخير تدعو بالمعروف,وتنهى عن كل منكر.

المصدر: الملتقى الجماهيري للشاعر محمد بن فطيس المري