بسم الله الرحمن الرحيم
ضمير متصل
علي سعد الموسى
و إذا ما انتظرتم من كاتبكم أن يعطي رأيه في (فاجعة الخميس) في قلب الغالية الرياض
فإن الهزيمة الأولى ليست في إجراءات الأمن و السلامة لآلآف قنابل الغاز المتحركة في
شوارعنا على هيئة حاويات , بل هي في الهزيمة الأهم و هي السقوط الأخلاقي
على أطلال و هوامش كل حادث أو كارثة.
ومن المُخجل بمكان أن تكون مقاطع صور اللصوص و حرامية الكوارث هي الصورة
الأكثر تداولاً من صور الفاجعة نفسها وهم يسرقون كل شئ في محيط الحادث
المُؤلم , و من العيب أيضاً و بأرقام المشاهدة على اليوتيوب أن يتناقل ذات المجتمع
مقاطع اللصوص بضِعف تداوله لمقاطع الكارثة.
هؤلاء المجرمون أخطر من ألف حاوية غاز و أدهى من ألف حادث سير لأنهم يكشفون
عن غطاء إجتماعي منزوع من الحد الأدنى لمفهوم الإنسانية.
هم وصلوا بالعلن و الجهر و حتى بالوجه الواضح المكشوف إلى الحديث عن مكان
الخزانة المالية للشركة المجاورة لموقع الكارثة , و سأشعر بالخجل الشديد حين
أكتب أن زوار هذا الموقع لذات المقطع وصل البارحة لما يقترب من المئة ألف مشاهد
و نحن على هذه الحالة مع كل حادث سير منذ عقد من الزمن ..!!
سأعود بالذاكرة إلى بكاء أب مكلوم جاء لمكتبي الجامعي قبل أشهر يطلب الكتابة
عن ابنه الراحل الذي سرقوا منه كل شئ في حادث سير : كل أوراقه و بطاقاته و أجهزته
و من جيوب جثة ميتة تركوها تنزف على الطريق المهجور وهو يُنازع النفس الأخير
حين كان حياً (بشهادة المُنقذ) الذي لم يستطع وحده أن يوقف الوحشية , و من يستمع
إلى كلام الشاهد المُنقذ الذي كان معه سيشعر فعلاً أننا بلا غطاء إنـــســانــي !!!!
و من المُخجل أننا لم نستطع القبض على حادثة واحدة من لصوص الحوادث و الكوارث
كي يكون عبرة لمئات المنتفعين من هذا البزنس الحيواني المتوحش ....
هذا جزء من مقال في جريدة اليوم ...
صدقاً شئ مُؤلم .. كيف يقدر إنسان يشوف قتلى و جرحى و أُناس مُتفحمين
و أمام هذه المناظر يفكر بالمال ؟؟!!!! يفكر بالسرقة ؟؟!!
يالله .. يالله خلاص ضاعت معاني الإنسانية ما عاد فيه رحمة ما عاد فيه أخوة .....
و لا ... و المشاهدات لهذا المقطع تفُووق مشاهدة مقاطع الكارثة !!!
صــــراحة كلمة ودّي أقولها >> أصبحنا شعب مُتـــفــرج بكل معنى الكلمة
سلمت يدااك أستاذ/ علي الموسى ..
الله يرحم الموتى و يشفي المرضى و يصبّر المكلومين على فجيعتهم ..

المصدر: الملتقى الجماهيري للشاعر محمد بن فطيس المري