الملتقى الجماهيري للشاعر محمد بن فطيس المري

الملتقى الجماهيري للشاعر محمد بن فطيس المري (http://www.m-f6es.com/vb/index.php)
-   منتدى إسلاميات (http://www.m-f6es.com/vb/forumdisplay.php?f=35)
-   -   إن الرجوع إلى الحق خير من التمادي في الباطل (http://www.m-f6es.com/vb/showthread.php?t=16318)

امـ حمد 07-27-2012 06:04 PM

إن الرجوع إلى الحق خير من التمادي في الباطل
 
بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


كان القاضي،عبيد الله بن الحسن العنبري،من كبار الحفاظ للسنة النبوية،فجاءه بعض تلاميذه ببعض الأدلة التي تبيّن خطأ رأيه،وصواب رأي الذين خالفوه،فأطرق الرجل ساعة ثم رفع رأسه،وأطلق عبارة ينبغي أن تكتب بحروف النور،قال،إذن




أرجِع وأنا صاغر،إذن أرجِع وأنا صاغر، لأَن أكون ذنباّ (أي ذيلاً) في الحق أحب إِلي من أن أكون رأساّ في الباطل ويتبعني الناس،هذه العبارة لخصت سلوكاّ حضارياّ وأدباّ في غاية الأهمية يجب أن يتأدب به العقلاء،وأن يحافظوا عليه،وهو ألا





يتكبر الإنسان على الحق،وألا يعتقد أن ما رآه يكون دائماّ هو الصواب، إنما يقبل النقاش، وينشد الحق، ويكون لديه الاستعداد النفسي للتسليم بالخطأ وقبول الحق متى ظهر له، بل يفرح بظهور الصواب، ويشكر لمن أرشده إليه،وهذا يحتاج





إلى تجرد لله وصدق وإخلاص، وقوة نفس وشجاعة،فالكبر والإعجاب بالرأي أشد ما يمنع النفس من الاعتراف بالخطأ،وفي الحديث الذي أخرجه الطبراني وغيره(ثلاث مهلكات،شح مطاع،وهوى متبع،وإعجاب كل ذي رأى برأيه)وقال




عمر رضي الله عنه،إن أخوف ما أتخوف عليكم شح مطاع، وهوى متبع، وإعجاب المرء برأيه، وهي أشدهن،وقال في رسالته لأبي موسى الأشعري(لا يمنعك قضاء قضيته بالأمس،ثم راجعت نفسك فيه اليوم،فهديت لرشدك،أن تراجع فيه





الحق،فإن الرجوع إلى الحق،خير من التمادي في الباطل،وقال يوماّ،أيها الناس،ما هذه الصداقات (يعني المهور) التي أحدثتم،لا يبلغني أن أحدًا تجاوز صداق النبي صلى الله عليه وسلم،إلا استرجعته منه،فقامت إليه امرأة فقالت،ما جعل الله




ذلك إليك يا ابن الخطاب، إن الله تعالى يقول(وأتيتم إحداهن قنطاراّ فلا تأخذوا منه شيئاّ)النساء، فقال عمر،أما تعجبون من إمام أخطأ،وامرأة أصابت،وعلى عكس هذا المستوى الحضاري الراقي،كان بعضهم يمضي على خطئه،أنفاّ من




الرجوع،ويقول،نقض وإبرام في ساعة واحدة،الخطأ أهون من هذا،أو يصر على المضي في الخطأ تعصباّ لقومه أو حزبه ويعيد مقولة أحد رجال مسيلمة الكذاب له،أشهد أنك الكاذب، وأن محمداّ صادق،والذين رجعوا إلى الحق وهم صاغرون،




وإلى الذي أعلن أنه يفضل أن يكون ذيلاً في الحق عن أن يكون رأساّ في الباطل، ثم انظر إلى أولئك السفهاء الذين عموا وصموا عن الحق بعد ظهوره، ثم ارجع البصر كرتين لتدرك أن سلوك الأولين كان في وقت ازدهار الحضارة والعلم




يرجعون إلى الحق، فيما عاش الآخرون في إبان انتشار الجهل،يتمادون في الباطل،فهذا كبر على الحق، وإصرار على التمادي في الباطل،بل إعلان ذميم بعداوة الحق والداعي إليه مع وضوحه وظهوره، وهو خلق ذميم يهدم ويدمر،ولا يبني




أو يعمر،وعاقبته خسران،لا على الشخص فحسب، بل على الأمة بأسرها، وخصوصاّ إذا صدر عن أشخاص مؤثرين من أصحاب الرأي أو قادة الفكر،أو ما اصطلح على تسميتهم بالنخبة، وقد أمرنا الله تبارك وتعالى أن نكون أسلس انقياداّ للحق





في تناول أي مسألة، مادية أو علمية أو شرعية أو اجتماعية،فإذا ظهر لك أن ما تعتقده أو ما تؤمن به أو ما تفعله أو ما تمارسه خطأ، فلا تستكبر عن الرجوع،فلأن تكون واحداّ من عامة الناس الذين يسيرون في الحق، أفضل من أن تنفرد





باتخاذ المواقف الخاطئة كبراّ أو غروراّ، أو كي يقال،فلان صاحب كلمة، أو صاحب رأي،أو كي تكون محط أنظار المجتمع، أو موضع اهتمام الصحافة والإعلام،دون اعتبار لمدى صحة المواقف التي يتخذونها أو الآراء التي يعلنونها، ويمنعهم





الإعجاب بآرائهم والإغترار بأنفسهم من الرجوع إلى الحق والصواب،إن الذي يفعل هذا ويرفض الاستسلام للحق،يكون عبد نفسه وهواه،وأسوأ ما يكون ذلك حين يرى نفسه فوق الخطأ ويرفض مجرد المراجعة، وغالباّ ما يكون ذلك من قلة





علمه وفساد دخيلته، وإن الحرية الحقيقية التي يبني أصحابها حضارة ويحققون نهضة لا تتحقق إلا بأن يكون المرء عبداّ للحق يدور معه حيث دار، ويرجع إليه متى ظهر له،ولذلك قال الحكماء،من كان عبد الحق فهو حر.




الساعة الآن 04:10 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
HêĽм √ 3.1 BY: ! ωαнαм ! © 2010

1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59 60 61 62 63 64 65 66 67 68 69